نواكشوط – إفكو محمد الأمين شاب ثلاثيني يقيم مع أبيه (عامل حراسة) في منزل متواضع في الجزء الشمالي الغربي من العاصمة نواكشوط، بجوار مؤسسات الدولة والإدارات ذات الطابع الخدمي والمطاعم الشهيرة والمتاجر الكبيرة والمنتزهات، والتي تعد وجهة الآلاف من سكان العاصمة.

يعمل إفكو سائقا للتوكتوك منذ 4 سنوات، ويمارس مهنة النقل وتوصيل الطلبات بين الخطوط القصيرة في مقاطعة "تفرق زينة" أحد الأحياء التي تسكنها الطبقات العليا ماديّا، حيث كان دخله اليومي يفوق 1300 أوقية (36 دولارا وفقا للعملة الموريتانية الجديدة)، ورغم الهشاشة كانت هذه الظروف مثالية بالنسبة له.

لكن وزارة النقل تقدمت مؤخرا بخطة جديدة لتنظيم النقل الحضري في نواكشوط، من ضمنها منع العربات ثلاثية العجلات من دخول وسط العاصمة نهائيا، حيث تقع الأسواق المركزية والبنوك والوزارات، وبعد تنفيذ هذا القرار الأسبوع الماضي، وجد إفكو نفسه معزولا عن مصدر دخله الرئيسي في المناطق الحيوية، وانقلبت أحواله، حيث تراجع دخله الآن إلى 100 أو 200 أوقية (ما بين 3 دولارات و6 دولارات).

وفي حديثه للجزيرة نت، يقول إفكو بعد القرار الأخير توقف عملي ولم أعد أرد على اتصالات العملاء المتكررة "تضررنا كثيرا، طالبنا الدولة بالتراجع عن القرار ولم تفعل، لا يمكننا أن نعاند السلطات، لذلك ما زلنا في حيرة ننتظر".

وليس حال إفكو بأحسن من مئات الشباب الكادحين الذين أصبحوا تائهين بعد أن حشرتهم السلطات في أحياء هامشية وحرمتهم من الأحياء الحيوية، وتطاردهم في كل مكان، حتى ترك كثير منهم العمل وخلد للراحة.

‎⁨وزارة النقل: الفوضى عطلت وسط المدينة، بعد أن أصبح وجهة مفضلة لجميع التكاتك البالغ عددها أكثر من 2600 (الجزيرة) ظلم وتضييق

إجراءات اعتبرتها بعض المنظمات المدنية ظلما وتضييقا على الفئات العمالية الضعيفة التي تعاني أصلا من شح الفرص وضعف القوة الشرائية وارتفاع الأسعار، واعتبره السائقون قرارا جائرا يدفعهم إلى التشرد في أوطانهم وممارسة الأعمال غير الشريفة، ويحبب إليهم الهجرة، مناشدين الدولة التراجع عن القرار.

وفي حديثه للجزيرة نت، يقول إبراهيم بلال رمضان رئيس هيئة الساحل لحقوق الإنسان، إن القرار ظالم ومجحف بأصحاب العربات التي تؤمن العيش لعدد كبير من المواطنين الضعاف، وتسهل للمواطنين التنقل، معتبرا أن الحد من حركتها سيؤدي إلى ارتفاع نسبة البطالة، كما يفاقم من مشكلات النقل الحضري، التي ساهمت هذه العربات بشكل كبير في تخفيفها.

منع هذه العربات من دخول الأحياء الحيوية -وفق ولد رمضان- خطوة تمييزية غير مستساغة، وبنيت على أساس لم يتضح بعد، خاصة أن الدولة لم تقدم بديلا لأصحاب العربات الذين تضرروا من هذا القرار.

سائق توك توك صمبه: لم أستطع دفع ألف أوقية (28 دولارا) إيجار لمسكني وأصبحت مهددا بالطرد (الجزيرة) تبرير رسمي

في المقابل، تقول وزارة النقل إن هذا القرار جاء في إطار مخطط شامل لمختلف وسائل النقل ليكون هناك دور تكاملي بينها، حيث تكون العربات ثلاثية العجلات في الأطراف، والتاكسي في الوسط، في حين تكون الباصات في الخطوط الرئيسية.

وعللت الوزارة قرارها بأن وسط المدينة تعطلت فيه المصالح بسبب الفوضى والاختناق المروري الذي تزايد بعد أن أصبح وجهة مفضلة لجميع التكاتك البالغ عددها أكثر من 2600، إضافة إلى وسائل النقل الأخرى.

وأكد الناطق باسم الحكومة الناني ولد اشروقة، أن سبب القرار هو أن هذه المركبات لا تتوفر فيها شروط السلامة، ولا يحمل سائقوها رخصة قيادة ولا يعرفون قوانين المرور، ويتسببون في كثير من الحوادث.

احتجاج بدون جدوى

وفي الوقت الذي أثار فيه القرار جدلا واسعا في موريتانيا وانقسم الناس بين مؤيد ومعارض، نظم مئات من سائقي توك توك احتجاجات طالبوا فيها السلطات بالتراجع عن القرار، لكن بدون جدوى، فما زالت حتى الآن السلطات تحتجز أكثر من 300 عربة خالفت القرار، وتقول إن غرامة استرجاعها ألفا أوقية (56 دولارا).

لذلك يقول محمد محمود سائق توك توك متضرر، إن عشرات السائقين المستأجرين وحتى الملاك تركوا العمل نهائيا وجلسوا في ديارهم حيث لا توجد بدائل أمامهم.

ويبلغ عدد العربات المستهدفة بهذا القرار ما يقارب 3 آلاف تنشط في نواكشوط، أكثر من نصفها يملكه تجار ورجال أعمال يؤجرونها لسائقين بنحو 500 أوقية يوميا، لكن المستأجرين اليوم يرفضون العمل بالتسعيرة القديمة ما دام القرار ساريا، مطالبين من الملاك التخفيض لأن العمل أصبح ضعيفا جدا.

ورغم أن السلطات عازمة على أن لا تتراجع عن القرار، فإن سائقي توك توك لم يفقدوا الأمل بعد ، وما زالوا يعبرون بشكل متكرر عن معاناتهم وتضررهم البالغ ويناشدون الدولة بالتراجع عن القرار.

‎⁨ السلطات الموريتانية تحتجز أكثر من 300 عربة خالفت القرار، وتقول إن غرامة استرجاعها 20 ألف أوقية (56 دولارا) (الجزيرة) تفاقم المعاناة

بعد أن سرد معاناته، رافقت الجزيرة نت سائق توك توك صمبه (35 عاما) إلى مقر إقامته بمقاطعة "لكصر" في نواكشوط الغربية.

وأوضح أن زوجته وأطفاله الثلاث يهددهم الجوع وقد أصبحوا عرضة للخطر، وقد يكون الشارع مصير صغيرته وأخويها عما قريب؛ إذ لم يستطيع صمبه هذا الشهر دفع إيجار "الحائط" الذي استأجره منذ أشهر وبنى فيه عريشا متواضعا، ليستظل به صغاره من حر شمس الصيف وبرد الشتاء.

يقول صمبه "الديون بدأت تتراكم بعد أن أفسد هذا القرار عملي، أسرتي لا تدخر شيئا، ويوم أمس لم أستطع دفع ألف أوقية (28 دولارا) إيجار الحائط الذي أسكن فيه، وأمهلني صاحبه شهرا واحدا آخر، وإذا لم أدفع سيطردني.

وأضاف صمبه -الذي أصبح في حيرة من أمره- أنه لم يعد يحصل على أجرة عربته اليومية في بعض الأيام، وأصبح يفكر في ترك العمل ورد العربة إلى مالكها، مضيفا بتأسف أنه لم يجد هذه الأيام مالا يرسله لوالدته التي تركها في البادية ضواحي "لبراكنة" على بعد نحو 300 كيلو من نواكشوط، وهو وحيدها وليس عندها معيل غيره.

ورغم أن مالك عربة صمبه خفّض عنه الأجرة اليومية إلى 300 أوقية، فإن ذلك لم يغير شيئا، لأن العمل -وفق قوله- أصبح مرهقا مع هذه الخطوط الطويلة وضعيفا إلى أقصى درجة.

لذلك يُجمع سائقو توك توك الذين قابلتهم الجزيرة أنه إذا لم تتراجع الدولة عن هذا القرار، سيتركون العمل حتى ولو لم يجدوا بديلا، فالجلوس -وفق قولهم- أفضل من السير في عبث.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: هذا القرار عن القرار توک توک أکثر من بعد أن

إقرأ أيضاً:

مؤتمر فلسطين 3 يستكمل جلسات اليوم الثالث في العاصمة صنعاء



تضمنت الجلسة الثامنة التي رأسها الدكتور أحمد الجنيد خمسة أبحاث وورقة عمل، الأولى سلطت الضوء على جرائم العدوان الصهيوني في تدمير مستشفيات غزة، قدمها الدكتور محمد حميد الدين، وتناولت الورقة الثانية التي قدّمها عبدالفتاح الآنسي، معركة "طوفان الأقصى" وتداعياتها بعيدة المدى على الكيان الصهيوني.

وتطرقت ورقة العمل الثالثة المقدمة من الباحث علي نديش، إلى وحشية العدوان الإسرائيلي الغاصب على الشعب الفلسطيني، في حين استعرضت الورقة الرابعة المقدمة من الباحث توفيق الخزانن، آثار العدوان الصهيوني على القطاع التعليمي في قطاع غزة.

وأبرزت الورقة الخامسة المقدمة من الباحث علي الداودي، دور اليمنيين في دعم القضية الفلسطينية وتأثير ذلك على الاحتلال الإسرائيلي".

وتناولت الجلسة التاسعة التي رأسها الدكتور خالد الحسيني، عشرة أبحاث وورقة علمية، تمحورت الورقة الأولى التي قدّمها الباحث فيروز حول فظاعة الجرائم الوحشية التي ارتكبها الكيان الصهيوني بحق سكان غزة، فيما عرضت الورقة الثانية المقدمة من الدكتور حكيم عثمان، انتفاضات الجامعات في الغرب ودورها في تشكيل الخطاب العالمي حول القضية الفلسطينية بين النضال الطلابي وتحديات الهيمنة ".

وقدّم الدكتور عمران الجداري الورقة الثالثة، بعنوان "الكيان الإسرائيلي جدلية الديمومة والاستمرار"، فيما استعرضت الباحثة أحلام عبدالكافي في الورقة الرابعة، دور الإعلام في مواجهة التضليل الصهيوني، وركزت الباحثة أمة الكريم الذارحي في الورقة الخامسة، على دور الجمهورية الإسلامية الإيرانية الفاعل في الدفاع عن قضايا الأمة الإسلامية نموذجاً".

واستعرضت ورقة العمل السادسة المقدمة من فهمي فارع، الاستراتيجيات والطموحات الصهيونية، في حين تناول الباحث أحمد الرخمي ورقة العمل السابعة، بعنوان "فلسطين ووعد الآخرة".

وتطرقت الباحثة سبأ الأكوع في الورقة الثامنة، إلى السياسات الصهيونية نحو تحقيق إسرائيل الكبرى وأطماعها في اليمن، بينما عرّجت الباحثة إيناس الحدي على دور المقاطعة الاقتصادية وأثرها على الاقتصاد الإسرائيلي في ورقة العمل التاسعة.

وركزت الورقة العاشرة للباحث عمار السماوي على "أهمية انتفاضة الجامعات الأمريكية والأوروبية لمساندة القضية الفلسطينية".

وناقشت الجلسة الختامية التي رأسها الدكتور أحمد أبو لحوم، سبعة أبحاث وورقة عمل، أبرزت الأولى المقدمة من ضيف الله الشامي، والدكتور يوسف جبار، موقف اليمن المساند للمقاومة في عملية "طوفان الأقصى .. الحصار الاقتصادي للاحتلال الصهيوني"، فيما أكد الباحث فهمي الشامي، في ورقة العمل الثانية أهمية الوعي والمسؤولية في مواجهة الخطر الإسرائيلي.

وعرضت الورقة الثالثة المقدمة من الباحث محمد حميدالدين، رؤية الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي للصراع مع اليهود في فلسطين، وتناولت الورقة الرابعة التي قدّمها جمال البحري، "أبعاد الاستهداف الصهيوني للقطاع الزراعي في فلسطين، وأثره على السيادة والهوية والأمن الغذائي"، فيما تطرقت الخامسة إلى دور الشعوب الغربية في مساندة القضية الفلسطينية، مقدمة من الباحثين، لميس عبدالله، ورشاد الحيدري.

واستعرضت الورقة السادسة للباحثين رؤوف الجبر، وراضي الجبر، وحشية العدوان الإسرائيلي للقطاع الصحي في قطاع غزة، بينما تناولت الورقة الأخيرة المقدمة من الباحث حميد الحميدي، تأثيرات حراك الجامعات الأمريكية والأوروبية على العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.

يذكر أن المؤتمر الذي يستمر أربعة أيام يناقش 173 بحثاً وورقة عمل، موزعة على سبعة محاور، قدمها نخبة من الأكاديميين والباحثين والناشطين من "اليمن، فلسطين، لبنان، تونس، ليبيا، مصر، الهند، ماليزيا" وناشطين من عدة دول أجنبية.

مقالات مشابهة

  • مؤتمر فلسطين 3 يستكمل جلسات اليوم الثالث في العاصمة صنعاء
  • 150 ألف مستفيد من خدمة التحلل من النسك منذ بداية شهر رمضان
  • السلطات التونسية تتهم شركات تاكسي بالفساد وغسل الأموال
  • ماذا يريد الاحتلال من الاغتيالات الممنهجة لقادة حماس في غزة؟
  • فنزويلا: الجفاف يجبر السلطات على خفض أيام العمل في القطاع العام
  • مأدبة أفطار رمضانية تجمع أسرة بناء الأجسام..عبدالله الشرقي: العمل بالاستدامة سر عام الإنجازات
  • ماذا بعد تحرير القصر الجمهوري في الخرطوم؟
  • سكرتير بني سويف يبحث تسريع وتيرة العمل بمشروع كوبري الشاملة
  • ماذا وراء تصريحات مبعوث ترامب للشرق الأوسط التي قال فيها إن مصر مفلسة والنظام مهدد بالسقوط؟
  • تفعيل العمل بخطة الطوارئ الفنية والتشغيلية في مطار صنعاء الدولي