تحتفي الأوساط الفنية، اليوم الجمعة، بذكرى وفاة المخرج هنري بركات، الذي يعد أحد رواد السينما المصرية، والموهبة الفنية التي يصعب تكرارها في عالم الإخراج، فهو رحلة استثنائية لواحد من كبار المخرجين المبدعين وأغزرهم إنتاجا، إلى أن لقب بـ"شيخ المُخرجين".

وفي الحادي عشر من يونيو 1914، ولد هنري بركات في حي شبرا بمحافظة القاهرة، فبدأ حياته الفنية كمساعد مخرج، وقدمته الفنانة والمنتجة آسيا داغر للساحة الفنية، عندما كانت تبحث عن مخرجا لفيلمها الجديد "الشريد" عام1942  بعد أن تركها المخرج أحمد جلال، فأتعبه عدة أعمال فنية أخرى.

 

صُنّفت أعمال هنري بركات ضمن أفضل الأعمال الفنية في تاريخ السينما المصرية، حيث قدم خلال مشواره الفني عدد كبير من الأفلام التي تركت بصمة مميزة وعلامة فارقة في تاريخ الفن المصري منها على سبيل المثال وليس الحصر: "حسن ونعيمة، ودعاء الكروان، والخيط الرفيع، وأفواه ورانب، وعفريته هانم، وشاطئ الغرام، وفي بيتنا رجل، والباب المفتوح، وغيرها من الأعمال الناجحة، إلى جانب أعماله الإنتاجية، والأدبية.

فيلم دعاء الكروان 

ويُشير المخرج هنري بركات في إحدى لقاءاته التليفزيونية، إلى أن الفنان فريد الأطرش عرض عليه تقديم رواية "دعاء الكروان"، لكن نصحه بركات بأن الدور لا يناسب فريد، فعندما قرأ "بركات" الرواية أعجب بها وظلت في ذاكرته نظرا لأجوائها المرتبطة بالريف المصري، فأهاب تقديمها وخاصة أنها رواية لعميد الأدب العربي الدكتور طه حسين، فخاض أولى تجاربه عن الفلاحين من خلال تقديم فيلم "حسن ونعيمة" عام 1959، فقد ساعدته أجواء "الفلاحين" داخل الفيلم في خلق حالة من التفاهم والترابط معه. 

وأثناء جولته لاختيار أماكن التصوير في الريف اجتذبه مكان في إحدى القري الريفية يتفق مع أجواء رواية "دعاء الكروان"، ومن هنا جاءت المجازفة بإنتاج وإخراج الفيلم، فذهب لمقابلة الدكتور طه حسين في منزله، وتنتابه حالة من الخوف والقلق الشديد نظرا للمكانة الأدبية الذي يحتلها عميد الأدب العربي، فتحدث حسين قائلا: "إن الرواية تخلو من الصور"، لكن كان لـ"بركات" رأي آخر، وهو أن أسلوب كتابة الرواية يوحي بالصور، وطالبه بتقديم الرواية للسينما.

وتساءل طه حسين عن كاتب الحوار، فأجابه "بركات" أن السيناريست يوسف جوهر هو من يقوم بعملية المعالجة الدرامية للحوار، وعلى الفور وافق الدكتور طه حسين بمعاونة نجله الدكتور مؤنس، وتم عرض سيناريو الفيلم عليه، مع تغيير نهاية الرواية الأصلية، وقد تم الاتفاق بينمها وأنتج العمل في حالة من الحماس الشديد لصناع العمل بداية من إعداد الرواية مرورا بالشخصيات ومنتهيا بالتصوير والإخراج في عام 1959.

ويحتل فيلم "دعاء الكروان" المركز رقم 14 بقائمة أفضل 100 فيلم في ذاكرة السينما المصرية، وذلك حسب إستفتاء النقاد بمناسبة مرور 100 عام على أول عرض سينمائى بمدينة الإسكندرية "1896 - 1996"، وكان الإختيار بداية من عام 1927 حيث تم عرض أول فيلم مصري بعنوان "ليلي 1927" وحتى عام 1996م. 

المخرج هنري بركات

شارك هنري بركات في العديد من المهرجانات الفنية منها: برلين السينمائي الدولي عن فيلمين "حسن ونعيمة"، و"دعاء الكروان"، وكان السينمائي عن فيلم "الحرام"، ونيودلهي عن فيلم "في بيتنا رجل"، وجاكرتا عن فيلم الباب المفتوح"، وفالنسيا عن فيلم "ليلة القبض على فاطمة"، وغيرها من المهرجانات التي نال عنها العديد من الجوائز والتكريمات، وفي الثالث والعشرين من فراير رحل المخرج هنري بركات تاركا إرثا فنيا ضخما، وتظل أعماله باقية رغم رحيله.
 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: السينما المصرية محافظة القاهرة حسن ونعيمة الباب المفتوح طه حسين السینما المصریة طه حسین عن فیلم

إقرأ أيضاً:

من الصداقة إلى السينما.. سعيد شيمي يستعرض مشوار محمد خان بمعرض الكتاب

شهدت "القاعة الدولية" في ثان ندواتها اليوم، لقاء مع مدير التصوير السينمائي، سعيد شيمي، وذلك ضمن محور "كاتب وجوائز"، حيث حاوره الكاتب والناقد الفني محمود عبد الشكور.
في البداية، وجه "عبد الشكور" الشكر لإدارة المعرض على دعوتها له لحضور هذه الندوةد وللتحدث مع قامة كبيرة مثل المصور السينمائي سعيد شيمي.

كما عبر عن سعادته، بالحديث عن كتاب "رسائل محمد خان إلى سعيد شيمي: مشوار حياة"، الذي حصل على جائزة المعرض في عام 2019، مشيرًا إلى أن هذا الكتاب يعكس حضور محمد خاند في أعماله وروحه، ويؤرخ أحلام جيل كامل عاش في الخمسينيات والستينيات.

من جانبه، تحدث سعيد شيمي عن علاقته بالمخرج الراحل محمد خان، وقال: "بدأت علاقتي بمحمد خان منذ الطفولة، حيث كنا نشترك في صداقة قوية وعشق مشترك للسينما، وكنا دائمًا نقلد الفنانين، في عمر السادسة عشر، واضطر خان للسفر مع والده إلى لندن وترك مصر، ومن هنا بدأت بيننا مراسلات استمرت لمدة 19 عامًا، من عام 1959 حتى 1977".
وأوضح شيمي أن هذه الرسائل توثق حياة محمد خان، وكفاحه خارج مصر، وتكشف عن حبه للسينما وكيف كانت تشغل قلبه وروحه، وأضاف: "في عام 1959، افتتح أول معهد سينما في مصر، والتحقت به بعد انتهائي من الثانوية العامة، وفي نفس الوقت كان خان يدرس الإخراج في إحدى المعاهد في إنجلترا، في عام 1962، بدأت العمل في مجال الأفلام التسجيلية، بينما التحق خان بشركة 'سنيما مصر' لمدة 9 أشهر، وبعد أن تم الاستغناء عنه، ذهب إلى بيروت ثم عاد إلى لندن محبطًا، لكنه كان مصممًا على العمل هناك".
وتابع شيمي: "في عام 1972، تعاوننا في عمل فيلم قصير مدته 9 دقائق بعنوان 'البطيخة'، وهو أول عمل سينمائي لنا، وفي عام 1977، قرر خان العودة إلى مصر نهائيًا، وأخرج فيلم 'ضربة شمس' وأقنع نور الشريف بالتمثيل فيه".
وحول كيفية تحويل تلك الرسائل إلى كتاب من ثلاثة أجزاء، قال شيمي: "بعد وفاة محمد خان، شعرت بمسؤولية كبيرة تجاه صديق عمري، لذا أرسلت تلك الرسائل للناقد والكاتب محمود عبد الشكور ليطلع عليها، ثم قام بترتيبها وتبويبها على مدار خمسة أشهر".
من جانبه، قال محمود عبد الشكور: "كان لمحمد خان حضورًا قويًا، وكان رحيله مؤثرًا على كل من حوله، وخاصة سعيد شيمي، الذي عانى كثيرًا من الحزن أثناء كتابة شروح هذه الرسائل وتبويبها"، وأوضح أن هناك علاقة خاصة كانت تجمعهم أيضًا مع الكاتب بشير الديك، الذي رحل عن عالمنا منذ أسابيع قليلة.
وعلق المخرج سعيد شيمي قائلًا: "عندما فكرت في جمع هذه الرسائل في ثلاثة أجزاء هي "مشوار حياة، انتصار السينما، مصري للنخاع"، لم أتخيل أن هذه الرسائل ستؤثر على الأجيال الجديدة، ولكنها فعلت، حتى أن صحفية صغيرة طلبت مشاهدتها بشغف وحب".
واختتم شيمي حديثه موضحًا: "كان محمد خان مصريًا حتى النخاع، رغم أن والده كان باكستاني الأصل، وعندما حصل على الجنسية المصرية قبل وفاته بثلاث سنوات، شعر بالراحة، وكان دائمًا يردد: "أنا بحب مصر، وهعيش في مصر، وهاموت فيها".
جدير بالذكر، أن معرض القاهرة الدولي للكتاب يقام في الفترة من 23 يناير وحتى 5 فبراير تحت شعار "اقرأ.. في البدء كانت الكلمة"، بمشاركة 1345 ناشرًا من 80 دولة، بالإضافة إلى 600 فعالية متنوعة.

مقالات مشابهة

  • نائب وزير الصحة يتفقد المخازن الاستراتيجية ووحدة بساتين بركات ببلبيس
  • “اللجنة” لصنع الله إبراهيم: كيف تسائل الرواية أنظمة القهر؟
  • “الحريفة 2 – الريمونتادا” يحطم الأرقام ويتخطى “كيرة والجن” في تاريخ السينما المصرية
  • بعد زيارة اليوم.. تعرف على تاريخ العلاقات المصرية الكينية
  • تفاصيل اجتماع حسين الشيخ مع وزير المخابرات المصرية
  • هنري علاق.. يهودي فرنسي دافع عن الجزائر وعُذّب من أجلها
  • "من الصداقة إلى السينما".. سعيد شيمي يستعرض مشوار "محمد خان" بمعرض الكتاب
  • من الصداقة إلى السينما.. سعيد شيمي يستعرض مشوار محمد خان بمعرض الكتاب
  • مدبولي: مصر حققت في 2023 أعلى رقم في تاريخ السياحة المصرية (فيديو)
  • رئيس الوزراء: حقننا 15.7 مليون سائح وهو أعلي في تاريخ السياحة المصرية