رئيس الحكومة الإسبانية: سياسة المغرب في مجال الهجرة إيجابية للغاية
تاريخ النشر: 23rd, February 2024 GMT
أخبارنا المغربية ــ الرباط
شكلت الزيارة التي قام بها بيدرو سانشيز، رئيس الحكومة الإسبانية، الأربعاء 21 فبراير 2024 إلى المغرب، فرصة للتأكيد على استمرارية الدينامية التي أطلقها خلال زيارته السابقة للرباط في أبريل 2022.
وهذه الدينامية التي بعثت حيوية جديدة في العلاقات الثنائية، تعززت بفضل الزيارات الأخيرة التي قام بها ثلة من أعضاء الحكومة الإسبانية، مما يؤكد بالتالي على متانة الشراكة الاستراتيجية الطويلة المدى بين البلدين والتي تتجاوز مختلف الأوضاع الطارئة.
وتستند العلاقات الممتازة بين المغرب وإسبانيا على ركائز الاحترام المتبادل والثقة المشتركة والتشاور المنتظم حول المواضيع ذات الاهتمام المشترك في مكوناتها السياسية والاقتصادية والأمنية والثقافية والإقليمية والدولية.
وتدل هذه العلاقات على تقارب المصالح الوطنية بين المملكتين والوضوح المشترك في مواجهة القضايا والتحديات المتبادلة.
وبروح التعاون الصريح والوفي، واحترام الالتزامات المتبادلة التي تم اعتمادها خلال الإعلان المشترك الصادر في 7 أبريل 2022، مكنت هذه المرحلة النوعية الجديدة في العلاقات الثنائية من الانتقال من الأزمات الدورية إلى التفاهم الاستراتيجي، وبالتالي التأشير على قواعد تحالف قوي ودائم.
كما تعكس العلاقات الثنائية بين المغرب وإسبانيا انسجاما قويا، حيث أقام البلدين علاقة متينة ومتبادلة، تتجاوز أي خلاف وتمضي قدما نحو آفاق مشتركة.
ولا أدل على ذلك الموقف الإسباني البناء بشأن قضية الصحراء الذي يعكس أهمية مزدوجة، لكونه يبرز من جهة الدينامية الدولية الساعية إلى حل نهائي ودائم لهذا المشكل المفتعل، ولكونه ينبثق من جهة أخرى من قبل جهة فاعلة قريبة من الموضوع وواعية بحساسياته.
ويعرب المغرب وإسبانيا عن إرادة سياسية مشتركة ويحققان تقدما إيجابيا في العديد من المواضيع ذات الاهتمام المشترك، حيث ينعكس الالتزام المتبادل بتعزيز السلام والاستقرار الإقليمي في المبادرات المشتركة في مكافحة الإرهاب والجريمة العابرة للحدود، فضلا عن الجهود المنسقة في إدارة تدفقات الهجرة.
وفي هذا الشأن، وصف رئيس الحكومة الإسبانية، الأربعاء، سياسة المغرب في مجال الهجرة بأنها "إيجابية للغاية"، معربا عن "ارتياح بلاده التام" للتعاون مع المغرب في مجال مكافحة الهجرة غير النظامية، ومؤكدا عزم بلاده على المضي قدما في تعزيز هذا التعاون.
كما أبرز بالمناسبة أن تدبير تدفقات الهجرة يعتبر مجالا يستأثر بأهمية كبرى في التعاون بين المملكتين، واصفا نتائج العمل المشترك في مجال سياسة الهجرة ب"الممتازة"، ومستحضرا، في هذا الصدد، بعض البرامج الرائدة التي تم تفعيلها بشكل مشترك في هذا المجال، لا سيما البرنامج الرامي إلى النهوض بالهجرة النظامية، الذي شدد على طبيعته "الرائدة" على المستوى الأوروبي.
أما من الجانب الاقتصادي، فستعزز هذه الزيارة الشراكة التجارية بين البلدين، بما يضع إسبانيا في مرتبة الشريك التجاري الأول للمغرب، بحجم مبادلات عرف نموا سنويا قدر ب7%. وهو النمو الذي يسلط الضوء على الدور البارز للمملكة المغربية باعتبارها الوجهة الرئيسية الاستثمارات الإسبانية المباشرة الموجهة نحو القارة الإفريقية.
وفي هذا السياق، ستتعزز حتما مكانة إسبانيا في أفريقيا، بالنظر إلى الاهتمام الكبير الذي يوليه جلالة الملك محمد السادس للقضايا الإقليمية، ولا سيما في أفريقيا والشرق الأوسط ومنطقة البحر الأبيض المتوسط، التي تمثل مجالات رئيسية في العلاقة بين المملكتين، ولا سيما من خلال المشاريع الكبرى مثل خط الغاز بين المغرب ونيجيريا ومبادرة تسهيل ولوج دول الساحل إلى المحيط الأطلسي.
هذا وشكلت هذه الزيارة أيضا فرصة للتأكيد على الأهمية الاستراتيجية التي يكتسيها الفضاء المتوسطي بالنسبة للمغرب وإسبانيا، بصفته نقطة التقاء بين إفريقيا وأوروبا والشرق الأوسط، وتنبني هذه النظرة المشتركة على تعزيز الشراكة في مجال الأمن البحري وحماية البيئة ومواجهة التغير المناخي، وكذا تعزيز التبادلات الاقتصادية والثقافية لمواجهة التحديات المشتركة واستغلال فرص التنمية، بما يجعل من المغرب وإسبانيا تحالفا جيو-استراتيجيا جديدا بمنطقة غرب المتوسط، وما يضمن الازدهار والأمن بضفتي البحر الأبيض المتوسط.
وتعد في هذا السياق الشراكة بين المغرب وإسبانيا غير مسبوقة بين شمال وجنوب البحر الأبيض المتوسط، وتسلط الضوء على التفاهم الاستراتيجي والتنسيق العملياتي بين ضفتي المتوسط.
كما مثلت هذه الزيارة فرصة للتأكيد على ما سيشكله التنظيم المشترك لكأس العالم 2030 بين المغرب وإسبانيا – مع البرتغال – من فرص استثنائية لتوطيد العلاقة بين البلدين وصياغة نموذج يحتذى به على الصعيد الدولي في التنسيق والتعاون والانسجام بين ثقافتين وقارتين، عبر مجموعة من المكتسبات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
المصدر: أخبارنا
كلمات دلالية: بین المغرب وإسبانیا الحکومة الإسبانیة فی مجال فی هذا
إقرأ أيضاً:
ما الأجندة التي يحملها بزشكيان خلال زيارته إلى القاهرة؟
طهران- في زيارة هي الثانية من نوعها لرئيس إيراني إلى مصر منذ انتصار الثورة الإسلامية التي تسببت بقطع العلاقات بين البلدين، شارك الرئيس مسعود بزشكيان في قمة مجموعة الثماني الإسلامية النامية (دي-8) بالقاهرة، في حين تصف الأوساط السياسية في طهران الزيارة بأنها خطوة مهمة في سبيل تعزيز العلاقات الثنائية، والتنسيق بشأن التطورات الإقليمية.
وقبيل مغادرته طهران، مساء أمس الأربعاء، اعتبر بزشكيان أن قمة القاهرة "تمثل فرصة للدبلوماسية النشطة والتقارب أكثر فأكثر في المنطقة"، مؤكدا أنه "كلما استطعنا تحسين العلاقات مع الدول الإسلامية سنتمكن من إحباط مؤامرات الأعداء".
يأتي ذلك، عقب تكثيف الجانبين الاتصالات الدبلوماسية بينهما منذ أحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، إذ سبق وسافر وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي إلى طهران في يوليو/تموز الماضي لحضور حفل تنصيب بزشكيان، قبل أن يقوم نظيره الإيراني عباس عراقجي بزيارة القاهرة في أكتوبر/تشرين الأول الماضي لمناقشة القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك.
وزير الخارجية المصري (وسط) شارك في حفل تنصيب بزشكيان (المتحدث الرسمي لوزارة الخارجية المصرية) أهمية الزيارةوعلّق المستشار السياسي للرئاسة الإيرانية مهدي سنائي، على زيارة بزشكيان إلى مصر، وكتب على منصة إكس، أنها "تحظى بأهمية على مستوى المعادلات الإقليمية والعالمية، وتعزيز التعاون الاقتصادي بين الدول الإسلامية المنضوية في مجموعة الثماني النامية، وكذلك التمهيد لإقامة العلاقات بين إيران ومصر".
من ناحيته، يستهدف وزير الاقتصاد والمالية الإيراني، عبد الناصر همتي، زيادة أنشطة بلاده في التكتل، مذكرا بمرور نحو 3 عقود على تأسيس مجموعة دي-8 "من دون الاستفادة من هذه الفرصة كما يجب لأسباب مختلفة"، دون الخوض في التفاصيل.
ومن على متن الطائرة التي أقلته إلى القاهرة، نشر همتي شريطا مصورا شرح فيه الحجم الحالي للتجارة بين أعضاء المجموعة، مؤكدا أنه لم يبلغ المستوى المنشود بعد، مستدركا أن حوالي 7 إلى 8 بالمئة من التجارة بين الدول الأعضاء تتم بالعملة الوطنية، وأنه يتوقع ارتفاعها إلى 10% مستقبلا، وأوضح أن حجم التجارة بين دول المجموعة سيصل إلى 500 مليار دولار بنهاية 2030.
إعلانوفضلا عن طموحات إيران لتطبيع علاقاتها مع مصر وتفعيل الطاقات الاقتصادية للدول الإسلامية النامية، فإن قمة القاهرة عقدت في ظروف إقليمية دقيقة بدأت تنعكس سلبا على مصالح طهران الإقليمية، بدءا من العدوان الإسرائيلي المتواصل على غزة، والاغتيالات الإسرائيلية التي طالت قيادات عليا للمقاومة في لبنان، مرورا بسقوط نظام بشار الأسد في سوريا، وتفاقم الهجمات الإسرائيلية الغربية على اليمن.
عباس عراقجي (يسار) ناقش في زيارة للقاهرة خلال أكتوبر/تشرين الأول الماضي القضايا الإقليمية (الفرنسية) الدور الإقليميفي السياق، نشرت صحيفة "آرمان أمروز" الإيرانية تقريرا سلطت خلاله الضوء على حضور الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في اجتماع القاهرة، وإمكانية عقد اجتماعات ثنائية ومتعددة الأطراف بين القادة المشاركين في القمة، مؤكدة أنه من شأن مباحثات القاهرة تمكين الجانب المصري من إقامة قناة تواصل بين طهران وأنقرة بعد الإطاحة بنظام الأسد في سوريا.
ونقلت الصحيفة عن الدبلوماسي والسفير الإيراني الأسبق في بريطانيا جلال ساداتيان، قوله إن أهمية زيارة بزشكيان إلى القاهرة تكمن في المساعي الرامية إلى إحياء الدور الإقليمي الذي خسرته إيران بعد سقوط الأسد، وليس الحضور في قمة (دي-8).
ولدى إشارة ساداتيان إلى تغييب طهران عن اجتماع العقبة حول سوريا مؤخرا، يستشرف الدبلوماسي الإيراني أن ثمة مساعي إقليمية ودولية تهدف إلى تقويض دور طهران في معادلات الشرق الأوسط بعد الإطاحة بحليفها في دمشق.
وبرأي المتحدث، فإنه برغم المساعي لردم الهوة في العلاقات الإيرانية المصرية، فإن القاهرة سوف تأخذ الملاحظات الإقليمية بدءا من الدول الخليجية حتى تركيا بعين الاعتبار قبل التحرك لترميم علاقاتها مع طهران.
وبما أن تعزيز العلاقات الإيرانية من بوابة المنظمات والتكتلات الإقليمية والدولية بما فيها مجموعة الثماني النامية لن تجدي الاقتصاد الوطني نفعا في ظل العقوبات المفروضة على طهران وبقائها في القائمة السوداء لمجموعة العمل المالي "فاتف"، يحث ساداتيان على تعزيز دبلوماسية إيران حتى تجعل أي اتفاق حول مستقبل سوريا والمنطقة أمرا مستحيلا من دون منح طهران دورا فاعلا فيه.
إعلان الميزان التجاريوعلى وقع الجدل حول أولويات الاقتصاد الإيراني بين من يرى في توطيد العلاقات مع الدول الإقليمية والإسلامية سياسة ناجعة للالتفاف على الضغوط الغربية، وفئة أخرى تعتقد بضرورة التحرك الدبلوماسي لخفض التوتر مع الأوساط الدولية وشطب اسم البلاد من القوائم السوداء، تشير الأرقام الرسمية إلى أن تجارة طهران الخارجية مع مصر تكاد لا تذكر مقارنة مع شركائهما الآخرين.
وأعلن المتحدث باسم لجنة العلاقات الدولية وتنمية التجارة في "الدار الإيرانية للصناعة والتجارة والمناجم" روح الله لطيفي، أن تجارة بلاده الخارجية مع مصر لم تتجاوز 17 مليونا و186 ألف دولار خلال الأشهر الـ8 الأولى من العام الإيراني (من 21 مارس/آذار حتى 20 نوفمبر/تشرين الثاني 2023)، مسجلة نموا بنسبة 67% في القيمة و65% في الحجم، مقارنة بالفترة ذاتها من العام الإيراني الماضي.
وفي تقرير أرسله إلى الجزيرة نت بطهران، أوضح لطيفي أن حجم الصادرات الإيرانية إلى مصر خلال الأشهر الـ8 الماضية بلغ 28 ألفا و116 طنا، بقيمة 13 مليونا و798 ألفا و476 دولارا، في حين بلغت الواردات من مصر 7 آلاف و767 طنا بقيمة 3 ملايين و387 ألفا و872 دولارا، مسجلة نموا بنسبة 592% في القيمة، مقارنة مع الفترة ذاتها من العام الماضي، في حين سجلت الصادرات الإيرانية إلى مصر نموا بنسبة 30% في الحجم و41% في القيمة.
وبعيدا عن المبادلات التجارية المناسبة مع إرادة الجانبين الإيراني والمصري بشأن التقارب، فإن هناك من يشكك في إيران على قدرة مجموعة الثماني الإسلامية النامية على تحقيق ما عجزت عنه خلال العقود الماضية.
وفي السياق، نشر الكاتب السياسي صابر كل عنبري مقالا في قناته على منصة تليغرام، يستذكر إطلاق التكتل قبل نحو 27 عاما بمشاركة أهم الدول الإسلامية من دون السعودية، موضحا أن عنصر "الإسلامية" كان دافعا أساسيا حينها لتشكيل تكتل إسلامي قوي في العالم، وأن الجهات المؤسسة رفعت أهدافا مثل "السلام بدلا من الصراع، والحوار بدلا من التقابل، والتعاون بدلا من الغطرسة".
إعلانويستنتج الكاتب أنه بعد مرور نحو 3 عقود على تأسيس مجموعة الدول الإسلامية النامية لم تتحقق الأهداف آنفة الذكر، بل حدث نقيضها في الأغلب، فعلى سبيل المثال خيّم التوتر على العلاقات بين إيران وتركيا ولم ترتقِ علاقاتهما -سوى في بعض الفترات لضرورة مبدأ الجوار- إلى التعاون الإستراتيجي، كما أنهما لم تتمكنا من حل الأزمة السورية عبر التعاون، كونها مثلت أهم تحدٍّ في علاقات الدولتين خلال السنوات الماضية.