الساحل الشمالي الغربي.. قصة تنمية شاملة تُعيد رسم خريطة مصر
تاريخ النشر: 23rd, February 2024 GMT
دائما كان الساحل الشمالي الغربي بعيدًا عن مجريات التطوير، إلى أن وصلنا لبدايات العقد الثاني من القرن الحالي عندما تحول الجانب الغربي لمصر إلى بؤرة صراع ساخنة، بعد انهيار نظام الحكم في ليبيا، وازدادت حدتها عقب ثورة 30 يونيو في مصر، وأصبح بوابة لتهديد الأمن القومي المصري، وذراعا يستهدف منها إرباك الدولة وتوسيع جبهات الصراع من خلال هذه الجبهة.
ويأتي ذلك بالتزامن مع اكتشافات نفطية عديدة في الصحراء الغربية والبحر المتوسط قبالة السواحل المصرية، ما عظّم الثروة التي يحتكم عليها الإقليم، ووضع مزيدًا من الأهداف المحتملة للتكفيريين والقوى التي توفر لهم الدعم، ما دفع الدولة إلى إلقاء المزيد من ثقلها المالي والعسكري لدعم بنيتها الاقتصادية بأقصى الساحل الشمالي الغربي بما يخدم أهداف التنمية ويحميها، في جميع القطاعات بداية من القطاع الزراعي الذي شهد تدشين مشروعي المليون ونصف المليون فدان والصوب الزراعية، مرورًا بالقطاع الصناعي الذي شهد تشييد عدد كبير من المصانع، إضافة إلى ترسانة الإسكندرية.
وشهد قطاع التشييد والبناء نهضة تاريخية في الإقليم مع الإعلان عن مشروع العلمين الجديدة، والعدد الكبير من الطرق التي مدت في المحور، وأخيرا على الجانب العسكري شيدت قاعدة محمد نجيب التي تعد واحدة من أكبر القواعد العسكرية في الشرق الأوسط وإفريقيا، فكان نهج الدولة - على غرار فلسفتها في محاربة الإرهاب بسيناء من خلال المواجهة الأمنية والتنمية الشاملة للإقليم - إذا إطلاق التنمية الاقتصادية وتأمينها لحماية المحور الغربي من ويلات الإرهاب ودعم الأنشطة الإنتاجية في هذه المنطقة؛ لمحاربة الفقر والبطالة، وهي مقاربة أثبتت نجاحها بعد وقف العمليات الإرهابية المتدفقة عبر الحدود الليبية، حيث حدثت آخر عملية في نوفمبر 2018.
وفي هذا الصدد، وضعت الدولة مخططا تنفيذيا لتنمية الساحل الشمالي الغربي للجمهورية، يمتد من العلمين وحتى السلوم لمسافة نحو 500 كيلومتر بنطاق وظهير صحراوي يمتد في العمق لأكثر من 280 كيلومترا، ليشغل مسطح نحو 160 ألف كيلومتر مربع تقريبا، بهدف إقامة سلسلة مجتمعات عمرانية وزراعية وصناعية وسياحية ضخمة، لتعظيم الاستفادة من الإمكانيات الهائلة التي تتمتع بها المدن الجديدة بهذه المنطقة، سواء على المستويات الاستثمارية أو السياحية والتنموية، وتلبية احتياجات المواطنين وتحسين جودة الخدمات المقدمة إليهم.
وتعتبر منطقة الساحل الشمالي الغربي بما تمتلكه من موارد مختلفة، أمل مصر لاستيعاب الزيادة السكانية خلال الأربعين عاما المقبلة، وتقدر بنحو 34 مليون نسمة. وعلاوة على ذلك، ستولد المشروعات المزمع تنفيذها بالمخطط نحو 11 مليون فرصة عمل حتى سنة الهدف 2052.
مخطط تنمية الساحل الشمالي الغربيمن أهم الأهداف الاستراتيجية للتنمية الإقليمية للساحل الشمالي الغربي تحقيق معدل نمو اقتصادي مرتفع لا يقل عن 12% سنويا، وتوطين ما لا يقل عن 5 ملايين نسمة، وتوفير نحو 1.5 مليون فرصة عمل، إضافة إلى دمج المنطقة في الاقتصاد القومي والعالمي عن طريق زيادة مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي.
ويهدف المشروع أيضا إلى الارتقاء بالأوضاع الاجتماعية وتحسين الأحوال المعيشية للمجتمعات المحلية، بحيث لا يقل مؤشر التنمية البشرية عن 77%، وتطوير شبكات البنية الأساسية وتعزيز علاقات التبادل بين المنطقة وباقي الأقاليم المحيطة.
ويعتمد الفكر التنموي المقترح للمشروع على إنشاء العديد من مدن الجديدة المستدامة والذكية من الجيل الرابع؛ لاستقطاب ملايين من السكان، وتحقيق التنمية العمرانية المتكاملة للساحل الشمالي الغربي باعتباره من أكثر المناطق القادرة على استيعاب الزيادة السكانية، من خلال خلق أنشطة اقتصادية متميزة توفر فرص عمل لأعداد كبيرة من الشباب خلال العقود المقبلة.
وذلك كله يقوم على الاستخدام الأمثل للموارد والمقومات في هذا النطاق، ويتمثل في استغلال المناطق جنوب الشريط الساحلي بدءًا من العلمين إلى السلوم في استصلاح الأراضي بالاعتماد على مياه الأمطار والمياه الجوفية، وتنمية المدن الساحلية القائمة كمراكز تنمية رئيسة، مع إنشاء مراكز سياحية عالمية إضافة إلى استغلال ظهير الاستصلاح الزراعي في إنشاء تجمعات عمرانية جديدة قائمة على الأنشطة السياحية والسكنية، وأنشطة التصنيع الزراعي والتعدين، فضلا عن إنشاء عدد من التجمعات البيئية الجديدة الخدمة أنشطة سياحة السفاري، وإمكانية استصلاح ملايين الأفدنة على تحلية مياه البحر ومياه الصرف الزراعي المعالجة؛ لاستزراع نباتات الوقود الحيوي والأعلاف، بجانب استغلال منخفض القطارة في التنمية المتكاملة.
شبكة الطرق والمحاوريعد وجود شبكة طرق هو أهم مقومات النجاح لهذا المشروع القومي الثالث، فالطرق هي شرايين التنمية، لذا تم البدء في تنفيذ مجموعة من المحاور العرضية التي تدعم الاتصالية بين المراكز العمرانية بهذا النطاق التنموي وبين باقي أنحاء الجمهورية، وخاصة مناطق الصعيد، وذلك ضمن الخطة القومية للطرق التي أعلنت الحكومة بدء تنفيذها.
ويأتي في مقدمة المحاور محور منخفض القطارة من طريق القاهرة - الإسكندرية، شرقا بطول 220 كيلومترا وصولا إلى رأس الحكمة، ووصلاته الفرعية إلى البرقان الحمام العلمين، الضبعة وفوكة، إضافة إلى ربط المنطقة بمحافظات الصعيد من خلال شبكة جديدة من المحاور العرضية، وهي محور البهنسا (المنيا) - الواحات البحرية - سيوة - جغبوب عند الحدود الليبية، أسيوط - الفرافرة - عين دلة - سيوة.
المياه والطاقةيمثل مشروع تنمية الساحل الشمالي الغربي المدخل نحو آليات تنفيذية جديدة للتصدي لقضيتي ندرة المياه والطاقة، من خلال العديد من التوجهات والأفكار والأدوات التنفيذية، من خلال استخدام موارد طاقة جديدة ومتجددة من الطاقة الشمسية التي سيتم توليدها بهذا النطاق، الذي يعد ثاني أكبر مناطق سطوع شمسي على مستوى الجمهورية، وكذا من خلال الطاقة النووية، خاصة بعد اتخاذ العديد من الخطوات التنفيذية المتقدمة في مشروع المفاعل النووي بمنطقة الضبعة.
ويتم توجيه مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة إلى تحلية مياه البحر لاستخدامات التنمية المختلفة، وبالتالي تحقيق الاكتفاء الذاتي من المورد لتنفيذ المشروع، ويمثل وجود هذين المقومين لأساس لتفعيل باقي مقومات التنمية بالمنطقة.
المرحلة الأولى لمشروعات الاستصلاح الزراعي تعتمد على تنمية الموارد التقليدية لمياه الري مياه النيل المياه الجوفية
غرب المنيا (المنيا)
المراشدة (قنا)
الفرافرة القديمة (الفرافرة))
المغرة (الساحل الشمالي)
آبار توشكي (توشكي)
الفرافرة الجديدة (الفرافرة)
- الزراعة واستصلاح الأراضي
تزخر المنطقة بموارد المياه الجوفية في الظهير الصحراوي، مع نطاقات ساحلية تتجمع بها مياه الأمطار، مع توافر مصدر للري من نهر النيل من خلال ترعة الحمام المقرر استصلاح وزراعة نحو 148 ألف فدان حول مسارها فور إعادة الترعة إلى التشغيل وإزالة المعوقات أمامها.
ومن المقرر زراعة 150 ألف فدان في منطقة المغرة، ونحو 50 ألف فدان جنوب منخفض القطارة، و30 ألف فدان في سيوة، بما يتيح رقعة زراعية موزعة على أنحاء الظهير الصحراوي بالمنطقة اعتمادًا على موارد المياه الجوفية ومصار الري المؤكدة.
- التنمية الصناعية
تحتوي المنطقة على العديد من الموارد الاستخراجية التي تكفل إقامة العديد من الصناعات التي تقوم عليها بشكل أساسي أو ثانوي، ومن أهم تلك الموارد الحجر الجيري متوسط وعالي النقاء، الطفلة البتونايت الدولومايت، الجبس رمال الكوارتز. وهي كلها من مقومات صناعة مواد البناء، إضافة إلى الملح الصخري شديد النقاء ذي القيمة الاقتصادية العالية في التصدير في منخفض القطارة، فضلا عن وجود نطاقات استكشاف واستخراج البترول عند حافة منخفض القطارة، مع استكشافات للزيت الخام والغاز الطبيعي.
المدن الجديدةيتضمن مخطط تنمية الساحل الشمالي الغربي كذلك إنشاء عدد من المدن الجديدة في الأقاليم التنموية الواعدة ومن بينها مدينة العلمين لتكون باكورة الجيل الرابع من المدن الجديدة في مصر، إذ تمثل مدينة العلمين الجديدة أحد أهم اقطاب التنمية المتكاملة للساحل الشمالي الغربي ومنخفض القطارة.
وصدر قرار جمهوري بإنشاء مدينة العلمين الجديدة على مساحة 88 ألف فدان بمنطقة تبعد نحو 10 كيلومترات عن الساحل، ستكون أيقونة التنمية بالساحل الشمالي كله، كمدينة ذات طابع بيني عمراني متميز جنوب الطريق الساحلي.
وتمثل هذه المدينة الجيل الرابع من المدن الجديدة التي تعتمد على مصادر الطاقة المتجددة، بعد أن تم تطهيرها من الألغام، فضلا عن توافر 15 ألف فدان معدة للتنمية الفورية بالمدينة، إضافة إلى مدينة رأس الحكمة التي يستهدف مخطط التنمية العمرانية وضعه على خريطة السياحة العالمية خلال 5 سنوات كأحد أرقى المقاصد السياحية على البحر المتوسط وفي العالم. وتعكف الحكومة في الوقت الراهن على إنهاء مخطط تنمية المدينة لتكون ثاني المدن التي يتم تنميتها في إطار المخطط من خلال الشراكة مع كيانات عالمية.
تعزيز المقومات السياحيةتضم منطقة الساحل الشمالي الغربي أنماطا متعددة ومقومات جاذبة للسياحة الشاطئية، على طول امتداد الساحل الشمالي الغربي لنحو 400 كيلومتر من غرب الإسكندرية، وحتى الحدود الغربية للجمهورية، بطول نحو 90 كيلومترا من غرب الإسكندرية وحتى العلمين، ومن العلمين وحتى رأس الحكمة بطول نحو 130 كيلومترا، ومن النجيلة وحتى السلوم بطول نحو 130 كيلومترا تضم بداخلها شرق و غرب مدينة مرسى مطروح بطول نحو 90 كيلومترا.
أما السياحة العلاجية فهي في رمال واحة سيوة، والسياحة البيئية في نطاق محميات العميد وسيوة والسلوم فضلا عن سياحة السفاري التي تمتد مساراتها من الصحراء البيضاء إلى الواحات البحرية عبر الكثبان الرملية بالصحراء الغربية، وصولا إلى منطقة واحة سيوة، وذلك عبر محاور السياحة السفاري من العلمين - رأس الحكمة - سيدي براني - السلوم.
وتزخر كذلك بمقومات السياحة الثقافية والتاريخية التي تظهر في مقابر الكومنولث والمقبرة الإيطالية والألمانية، حيث شهدت تلك المنطقة ساحات ومعارك الحرب العالمية الثانية، ومتحف العلمين الحربي في العلمين، ومتحف روميل، فضلا عن مجموعة من المقابر والمعابد الفرعونية والأثرية في كليوباترا، وفي العمق الصحراوي في مدينة شالي القديمة في واحة سيوة. وهذا النمط من السياحة يشجع على إقامة سياحة المهرجانات والاحتفالات في تلك المناطق، استرجاعا للأحداث التاريخية التي اتخذت مواقعها في هذه المناطق.
آثار التنميةالدولة كان لها رؤية استراتيجية لتنمية هذه المنطقة لعدة اعتبارات، أهمها أنّها عانت لعقود من بعض التحديات وتدهور بعض الخدمات في عدة مناطق، ما ينعكس على حياة أهالي الساحل الشمالي الغربي خاصة مطروح والنشاط الاقتصادي لهم، ما انعكس على المؤشرات التنموية لمحافظة مطروح حيث شهدت تراجعا ملحوظا بالمقارنة بالوضع على المستوى الوطني أو بمستهدفات المحافظة لتحقيق الأهداف الأممية 2030، على مختلف القطاعات، فقد عانت المحافظة من التهميش التنموي لعقود أثرت على المؤشرات الحيوية للمحافظة، ووصلت معدلات الفقر بالمحافظة عام 2017-2018 لنحو 5.1%، في حين كان التقدير العام لإجمالي الجمهورية يقدر بحوالي 32.5% في العام نفسه.
وتعد مطروح ومنطقة الساحل الشمالي الغربي على وجه التحديد من المناطق المميزة والزاخرة بتنوع النشاط الاقتصادي بين زراعي وسياحي وتعديني، حيث تتميز بالعديد من المقومات السياحية ومنها السياحة العلاجية حيث واحة سيوة منتجعًا طبيعيا للاستشفاء. ورغم أنّ محافظة مطروح ثاني أكبر المحافظات من حيث المساحة إلا إنه يسكنها نحو 0.5% من إجمالي سكان مصر، وتقدر المساحة المأهولة 1% من مساحة المحافظة.
لكن في الأونة الأخيرة، شهدت المنطقة طفرة تنموية غير مسبوقة في القطاعات والمجالات كافة، وعددًا كبيرًا من المشروعات القومية منذ 2014 لم تشهدها طوال العقود الماضية، والتي ستحقق التنمية وفرص العمل الجميع أبناء المنطقة والوافدين إليها. حيث يتم العمل على تعظيم الاستفادة من الإمكانيات الهائلة التي تتمتع بها المدن الجديدة بمطروح، والعلمين، سواء على المستويات الاستثمارية أو السياحية والتنموية، بما يحقق نقلة نوعية في مستوي المعيشة لأبناء المحافظة.
وتضمنت الخطة الاستثمارية مشروعات بقطاعات الطرق والنقل، والكهرباء، والكباري والأنفاق، تحسين البيئة، وتدعيم احتياجات الوحدات المحلية، الأمن والإطفاء بما يسهم في تلبية احتياجات المواطنين وتحسين الخدمات المقدمة إليهم ورفع مستوى رضاهم ودعم مشروعات البنية الأساسية والتنمية الاقتصادية. وقد قدرت قيمة الاستثمارات العامة الموجهة لمحافظة مطروح بخطة عام 2020-2021 نحو 13.3 مليار جنيه، وبلغت تكلفة مشروعات الطرق والكباري بالمحافظة خلال الفترة 2014-2021 نحو 6.2 مليار جنيه، وقدرت تكلفة إنشاء عدد 1.7 ألف وحدة إسكان اجتماعي حتى عام 2020 نحو 380 ملیون جنيه، فيما بلغت تكلفة مشروعات مياه الشرب والصرف الصحي المنفذة خلال الفترة 2014-2021 نحو ملياري جنيه.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: الساحل الشمالي مصر العلمين تنمیة الساحل الشمالی الغربی المیاه الجوفیة المدن الجدیدة من العلمین العدید من واحة سیوة إضافة إلى بطول نحو ألف فدان فضلا عن من خلال
إقرأ أيضاً:
محافظة مسندم.. استراتيجية شاملة لتنمية اقتصادية مستدامة
تعمل الاستراتيجية الشاملة للتنمية الاقتصادية والتخطيط الشامل لمحافظة مسندم (2040م) على تنويع مصادر الدخل، ورفع مستوى معيشة الأفراد، وإيجاد تنمية اقتصادية مستدامة في مختلف المجالات، والحفاظ على المقومات الثقافية والطبيعية التي تزخر بها المحافظة، كما تسعى الاستراتيجية إلى تطوير البنية الأساسية والمرافق العامة، والتركيز على التنويع الاقتصادي من خلال تطوير أبرز القطاعات الاقتصادية المتمثلة في القطاع اللوجستي، وقطاع السياحة لتطوير الاقتصاد المحلي، والتجارة والصناعة كون الاقتصاد محركًا أساسيًا في التنمية المستدامة.
وقال معالي السيد إبراهيم بن سعيد البوسعيدي محافظ مسندم في تصريح لوكالة الأنباء العُمانية: إن أهم المشروعات الاستراتيجية التي يعمل عليها مكتب المحافظ، ذات ملامح واضحة لتكون وجهة استثمارية خلال العام الجاري 2024، هي إنشاء مطار مسندم، حيث بلغت نسبة الإنجاز في المشروع 30 %، والدراسات الاستشارية والتطويرية لميناء خصب، والطريق الرابط بين ولاية خصب ونيابة ليما وولاية دبا، وبلغت نسبة إنجاز المشروع 26% حتى نهاية شهر سبتمبر الماضي، مع النمو المتزايد للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة في مختلف القطاعات مثل قطاع المقاولات والتشييد والتخزين والنقل وتجار التجزئة الذي بلغ عددها 967 مؤسسة صغيرة ومتوسطة. كما أن مشروع تطوير ميناء الصيد البحري في ولاية دبا يعد أحد ممكنات القطاع الاقتصادي في المحافظة، واستثمرت حكومة سلطنة عُمان أكثر من 40 مليون ريال عماني في تطوير الميناء، وتبلغ نسبة الإنجاز العامة 78 %، مما يسهل عمليات النقل والقطاع اللوجستي.
وأضاف: هناك المشروع الاستراتيجي لخزانات الوقود، ومشروع المخزون الاستراتيجي للدواء، والمبنى الدائم لجامعة التقنية والعلوم التطبيقية، وتنفيذ التوجيهات السامية باعتماد المناطق الصناعية وإصدار اللوائح التنظيمية فيما يتعلق بشأنها، مشيرًا إلى أن كل هذه المشاريع للبنى الأساسية وحلحلة للقطاع اللوجستي وتحدياته، وستأتي ثمارها في وقت لاحق، بوجود البيئة المتكاملة من الخدمات التي ستسهل عملية جلب الاستثمارات والتنويع الاقتصادي وتعدد مصادر الدخل القومي.
ووضح معاليه أنه بحكم قرب القطاع البلدي من الاحتياجات المجتمعية، فإن القطاع يطمح للإسهام في تنمية المحافظة وتوفير كل ما يحقق ويخدم مصالح المواطنين بشكل دائم ومستمر ويتوافق مع تنفيذ "رؤية عُمان 2040"، كما يعمل المجلس على دراسة مشروعات خطط التنمية، واقتراح المشروعات الإنمائية، وإبداء الرأي بشأن المواقع المقترحة للمشروعات التنموية، والخدمية، والاقتصادية، والمخططات العمرانية والمشاركة في تحديد احتياجات المحافظة من المرافق العامة، والخدمات الحكومية، واقتراح المشروعات المتعلقة بها، وعمل المجلس البلدي على عدد من المبادرات بالتعاون مع الأعضاء ممثلي المجتمع المحلي، منها مبادرات تتعلق بإنشاء مبنى تجاري للوقف الخاص بوزارة الأوقاف والشؤون الدينية، وإنشاء حديقة ونصب تذكاري في المنطقة الصناعية بولاية خصب. وتعد هذه المشاريع الاستراتيجية إحدى أهم الأولويات الاستراتيجية في المحافظة وذلك لحل التحدي اللوجستي والاستثماري، مما سيسهم في نمو الاستثمارات والقطاع الاقتصادي ورفد الاقتصاد الوطني بالعائد المادي، من خلال خفض تكلفة النقل البحري والجوي للوصول لنيابة ليما والقرى البحرية في الجزء الشرقي من محافظة مسندم.
وأكد معالي السيد محافظ مسندم أن الرؤية العمرانية لمحافظة مسندم حتى عام 2040م تتمثل في تحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية والنهوض بمستوى معيشة السكان؛ من خلال الاستغلال الأمثل والإدارة الفاعلة والمستدامة للمقومات الطبيعية والثقافية الفريدة للمحافظة وتوظيف موقعها الجغرافي المتفرد في تعزيز نموها الاقتصادي باعتبارها بوابة مهمة لتقوية العلاقات الاقتصادية بين سلطنة عمان والدول المجاورة، وتعد مبادرة مسابقة أفضل مشروع إنمائي بين المحافظات من أهم المبادرات التي تخدم قطاع الإسكان والتخطيط العمراني الذي فازت به محافظة مسندم في النسخة الأولى بمشروع تطوير خليج أيمس، الذي يساعد على توفير المساحات الاستثمارية من الأراضي لكافة الاستخدامات وتوفير أراضٍ جديدة ليتم استخدامها في عملية التمدد الحضري وحلحلة للتحدي في المحافظة في عدم توفر أراضٍ صالحة للاستخدام بسبب طبيعة المحافظة الجغرافية، ويوجد العديد من المبادرات بين مكتب محافظة مسندم ووزارة الإسكان والتخطيط العمراني لتطوير أنسنة المدن من خلال مشروع تطوير مركز ولاية خصب، ومشروع تطوير الحي السكني المتكامل بمدينة خصب (تلال النخيل)، ومشروع المخطط السكني المتكامل بمنطقة "خوير" بقرية كمزار، ومبادرة إعداد المخطط التجاري بولاية مدحاء، التي جاءت بتوجيهات سامية بتنفيذ عدد من المشاريع التنموية الإضافية، منها ما يتضمن إنشاء مخطط سكني تجاري بالولاية يتمركز حول تصميم مبانٍ متعددة الاستخدامات تتضمنها وحدات سكنية وواجهة لمدينة مدحاء تعكس هُويتها الثقافية وتعزز من مقوماتها السياحية، ومبادرة التجديد الحضري بولاية دبا، وتهدف إلى إعادة تخطيط وتحسين المخططات القائمة في الأحياء القديمة وإيجاد حلول تخطيطية وهندسية للمشاكل التي تواجهها هذه الأحياء مع تحقيق تنمية عمرانية مستدامة وشاملة.
وأشار التقرير الصادر من وزارة الإسكان والتخطيط العمراني إلى أن حجم التداول العقاري والاستثمار بمحافظة مسندم في النصف الأول من هذا العام تجاوز 5 ملايين ريال عماني، كما شهدت المحافظة تقديم مساعدات سكنية لـ(36) حالة بمبلغ إجمالي قدره 650 ألف ريال عماني خلال عام 2024م.
وأشار معالي السيد محافظ مسندم إلى أن وزارة الثقافة والرياضة والشباب ممثلة في إدارة الثقافة والرياضة والشباب في المحافظة تعمل على إدارة قطاع الشباب من خلال الإشراف على الأندية والمراكز الرياضية والمؤسسات الشبابية المختلفة، ويساند ذلك ظهور العديد من مؤسسات المجتمع المدني كالجمعيات المهنية، مثل جمعية الكتاب والأدباء وجمعية الصحفيين والنادي الثقافي، وصالون مسندم الثقافي التي ساهمت بتقديم الخدمات لفئات شباب المحافظة من توعية وتدريب وإرشاد، وأن مشروع مركز مسندم للثقافة والابتكار محل اهتمام كافة الفئات العمرية الشابة.
وأكد معالي السيد محافظ مسندم أن موسم "الشتاء مسندم" هو مشروع تكاملي لخدمة كافة القطاعات السياحية والاقتصادية والثقافية وقطاع ريادة الأعمال، ومن أهم التوجهات لهذا الموسم الترويج للمحافظة كوجهة سياحية عالمية من خلال مختلف الفعاليات والأنشطة المصاحبة له.
وأشارت آخر الإحصائيات الصادرة عن وزارة التنمية الاجتماعية حتى شهر مارس من العام الجاري، أن عدد الحالات التي تمت دراستها لتمكينها اقتصاديًّا بلغت 32 حالة، وبلغ عدد المتطوعين المنتسبين للفرق الخيرية التي تعمل تحت إشراف لجان التنمية الاجتماعية 246 متطوعًا، وبلغ عدد المستفيدين الملتحقين بمراكز الوفاء والتوحد ووحدات التأهيل الحكومية 65 مستفيدًا. وبلغ عدد الحالات التي قدمت لها خدمات الإرشاد والاستشارات الأسرية المكتبية والميدانية 5 حالات، وبلغ عدد جمعيات المرأة العمانية 4 جمعيات تتضمن 649 عضوة.
ووضح معالي السيد المحافظ أن التوجه الحكومي الحالي المتمثل في تحقيق مستهدفات "رؤية عمان 2040" قام بجلب الاستثمار والتنويع الاقتصادي، وظهر جليًا في عدد من الاستثمارات المحلية، أهمها مشروع منتجع رأس عمود الذي يخدم القطاع السياحي، ومشروع منتجع "كلوب ميد" السياحي، وإن النمو المتزايد للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة في مختلف القطاعات مثل قطاع المقاولات والتشييد والتخزين والنقل وتجار التجزئة.
وأشار معاليه إلى أن القطاع الصحي في المحافظة يعد موضع اهتمام من قبل حكومة سلطنة عمان، من خلال تنفيذ عدد من المشاريع الخدمية للقطاع الصحي كمشروع مستشفى خصب المرجعي، وبلغت نسبة الإنجاز العامة من توريدات وأجهزة وتجهيزات داخلية أكثر من 75 %، كما يعد مشروع مستشفى مدحاء المرجعي أحد أهم المشاريع الخدمية في القطاع الصحي، الذي تبلغ نسبة الإنجاز العامة فيه 84 % ومن المؤمل بدء عمليات التشغيل فيه في نهاية عام 2025م.
وأكد معالي السيد أن مكتب محافظ مسندم بالتعاون مع وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار عمل على الانتهاء من المبنى المؤقت لجامعة التقنية والعلوم التطبيقية واستقبل الفوج الأول من الطلبة والطالبات في بداية العام الأكاديمي 2023 / 2024 بطاقة استيعابية تبلغ 300 طالب وطالبة.
وقال معاليه: إن موقع المحافظة المطل على بحر عُمان ومضيق هرمز والخليج العربي أضاف قيمة استثنائية لمحافظة مسندم، مما جعل الميزة التنافسية السياحية تبرز بشكل أفضل. وقد بدأت صناعة السياحة البحرية في وقت مبكر من مطلع التسعينيات، وتشكل عدد من الأنشطة السياحية كالغوص والسباحة والرياضات البحرية، مما جعل خصب محطة أساسية في خطوط رحلات السفن السياحية العملاقة، ويعد قطاع الثروة السمكية والقطاع الزراعي إحدى اللبنات المهمة في رفد الاقتصاد الوطني بالعوائد المالية، كما تم الانتهاء من مشروع إنشاء كاسرات أمواج بقريتي الجري وغمضاء التابعتين لولاية بخاء، ويوجد في المحافظة مشروع الاستزراع السمكي في منطقة الحرف بولاية خصب الذي سيلعب دوره في الاقتصاد الوطني، والإسهام في تحقيق الأمن الغذائي وزيادة فرص العمل في هذا المجال الحيوي.
وأضاف معاليه أنه تم إسناد الأعمال الإنشائية والتطويرية للبنى الأساسية في مشروع مدينة محاس، وتبلغ نسبة الإنجاز أكثر من 91% من الأعمال الإنشائية للبنى الأساسية في المدينة، ويتم العمل لتوقيع أربع اتفاقيات لإنشاء مصانع في مدينة محاس في الوقت الحالي، تعزيزًا لنمو القطاع الصناعي في المحافظة وتوفير فرص أعمال للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة.