بعد 140 عاما على وفاته.. الأمير عبد القادر يشعل مجددا السجال الدبلوماسي بين فرنسا والجزائر
تاريخ النشر: 23rd, February 2024 GMT
ذكرت وكالة "فرانس برس" أن العدو الأفضل للاستعمار الفرنسي ومؤسس الدولة الجزائرية الحديثة الأمير عبد القادر "عاد" بعد 140 عاما على وفاته لجوهر اللعبة الدبلوماسية بين فرنسا والجزائر.
وأشارت الوكالة إلى أن قصر أمبواز في مقاطعة إندر إيه لوار الفرنسية كان مقرا عبر التاريخ للكثير من ملوك فرنسا، غير أن من بين نزلائه السابقين أسير حرب جزائريا شهيرا هو الأمير عبد القادر، المعارض الأول للاستعمار الفرنسي في الجزائر ومؤسس الدولة الجزائرية الحديثة، والذي بات بعد 140 عاما على وفاته في قلب اللعبة الدبلوماسية بين فرنسا والجزائر.
واعتقل الأمير عبد القادر بن محي الدين (1808-1883)، عالم الدين المتصوف وبطل المقاومة ضد فرنسا الذي وحد كل المعارضين للاستعمار في أربعينيات القرن التاسع عشر، في هذا القصر مع نحو مئة من أفراد عائلته وحاشيته، بعدما قاتل القوات الفرنسية بالجزائر في مطلع الاستعمار الفرنسي.
وبعد مقاومة استمرت 15 عاما، ألقى السلاح عام 1847 لقاء وعد فرنسي بخروجه إلى المنفى في الإسكندرية أو عكا، غير أن باريس لم تلتزم بهذا الوعد بل نقلته إلى فرنسا حيث اعتقل من 1848 حتى 1852.
ويعود بطل المقاومة الجزائرية الذي قلّد لاحقا وسام جوقة الشرف الفرنسية عام 1860، ليهيمن على الجهود المبذولة من العاصمتين من أجل "مصالحة ذاكرة الشعبين".
وتطالب الجزائر باستعادة سيف وبرنس الأمير عبد القادر من بين الشروط التي وضعتها لقيام الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون بزيارة فرنسا التي أرجئت مرات عدة.
كما تتناول المحادثات الجارية ضمن لجنة التاريخ والذاكرة الجزائرية الفرنسية التي شكلها البلدان عام 2022، إعادة "ممتلكات أخرى ترمز إلى سيادة الدولة" خاصة بالأمير عبد القادر، من بينها مصحفه وخيمته.
وزار الأعضاء الجزائريون في لجنة الذاكرة في نهاية يناير قصر أمبواز بحثا عن آثار الأمير التي تلاشت مع الزمن، حيث قال مدير القصر المؤرخ مارك ميتاي أن "ثمة مؤشرات قليلة جدا تكشف عن أسره، وهذا ولّد في بعض الأحيان إحباطا لدى الذين يقصدون هذا المكان لاستذكاره".
وأعيد ترتيب القاعات التي اعتقل فيها الأمير وعائلته وحاشيته لتعكس حقبة الملكية الفرنسية، فيما أقيمت في حدائق القصر، شواهد تكرم بالعربية ذكرى 24 من أقرباء الأمير توفوا في أمبواز، غير أن القصر يعمل على عدة مشاريع لشرح حياة الأمير الشاقة في الأسر.
وقال الكاتب الجزائري عمار بلخوجة الذي صدرت له كتب عن الأمير عبد القادر: "حين كنا أطفالا في المدرسة، كان يقال لنا إنه كان يعيش حياة قصور، لكن الحقيقة عكس ذلك تماما، كان محتجزا، في حين أنه كان معتادا ركوب الخيل لمسافات طويلة".
ورأى مدير القصر المؤرخ مارك ميتاي أنه "يجب النظر بواقعية إلى قصة أسره، حتى لو كان هناك ربما صعوبات على ارتباط بحساسية الموضوع".
وفي الجزائر، يخشى بعض المؤرخين أن يستبقي التاريخ في فرنسا من الأمير شخص "المهزوم العظيم" على حساب مساره المجاهد ضد الاستعمار. أما في فرنسا، فأثار الاحتفاء ببطل جزائري مسلم بلبلة، وهذا ما ظهر على سبيل المثال في 2022 في تخريب نصب أقيم تكريما لـ"أفضل عدو لفرنسا" في أمبواز، قبل تدشينه.
وتعتبر إعادة ممتلكات الأمير عبد القادر أشبه بمعضلة، فالسيف والبرنس اللذان تطالب بهما الجزائر يملكهما متحف الجيش الفرنسي الذي قال أنه "حصل عليهما بطريقة قانونية"، موضحا أن "الأمير نفسه سلم سيفه عام 1847، وأن ابنه قدم البرنس".
وكتب جان لوك مارتينيز المدير السابق لمتحف اللوفر في تقرير عام 2021 أن "الأملاك المعنية (البرنس والسيف) حصلت عليها الدولة الفرنسية بصورة قانونية من خلال هبة من عائلة عبد القادر".
وأدى تقرير مارتينيز إلى إصدار قانونين إطارين سمحا بالخروج عن قاعدة "عدم جواز التصرف بالمجموعات العامة، من أجل إعادة أملاك نهبها النازيون ورفات بشرية".
ومن أجل الاستجابة لطلب الجزائر، ينبغي على فرنسا أن تقر قانونا ثالثا يجيز إعادة أملاك ثقافية. وفي نهاية شهر يناير، أكدت وزيرة الثقافة الفرنسية رشيدة داتي أنه سيكون من دواعي "اعتزازها" أن تقدم هذا القانون، من دون الإعلان عن أي جدول زمني لذلك.
وفي هذه الأثناء، تبقى الأغراض المرتبطة بالأمير عبد القادر محل متابعة حثيثة في فرنسا.
واكتشفت السلطات الجزائرية في أكتوبر، أن أحد سيوفه سيطرح للبيع في مزاد علني في فرنسا، فاشترته. كذلك، ألغي طرح مخطوطة إسلامية نادرة يعتقد أن الجيش الفرنسي استولى عليها من الأمير عام 1842 في مزاد علني، بعد تعبئة في صفوف الجالية الجزائرية.
إقرأ المزيد لجنة الذاكرة الفرنسية الجزائرية تتفق على إعادة ممتلكات الأمير عبد القادروأوضح مسؤول المزاد جاك فيليب رويلان، بعد إلغاء طرح الوثيقة التي أعيدت في نهاية المطاف إلى السلطات الجزائرية، أن "هذه المخطوطة كانت في مرآب عائلة كان أجدادها في الجزائر" مضيفا "من المهم أن تعود هذه الأغراض إلى أفضل أياد ممكنة".
المصدر: "أ ف ب"
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: أخبار الجزائر باريس الأمیر عبد القادر فی فرنسا
إقرأ أيضاً:
موقع فرنسي: اليمين يضرم النار في علاقات الجزائر وفرنسا
اهتمت صحف فرنسية عديدة بالتصعيد الجديد في العلاقات المتوترة أصلا بين الجزائر وباريس، بعد استدعاء السفير الفرنسي للتنديد بالمعاملة "المهينة" التي تعرض لها مواطنون جزائريون في مطاري رواسي وأورلي، وربطت الموضوع باليمين الذي يريد أن يضرم النار في العلاقات بين البلدين.
وقال موقع أوريان 21 إن العلاقات بين فرنسا والجزائر توترت الأشهر الأخيرة، مشيرا إلى أن إستراتيجية وزير الداخلية برونو روتايو ترمي إلى صبّ الزيت على النار لإرضاء اليمين الفرنسي المتطرف، مما يجعل البحث عن حلول للمشاكل المطروحة للنقاش أكثر صعوبة.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2إعلام إسرائيلي: على ترامب توسيع مقترحه ليشمل مناطق أخرىlist 2 of 2صحف عالمية: نتنياهو يستسلم للمتطرفين الذين يخططون لإفراغ غزةend of listوأوضح الموقع أن الوزير أعلن بوضوح عن نيته في تصفية الحسابات مع الجزائر، خاصة فيمَا يتعلق بمسألة الجوازات القنصلية التي يصعب الحصول عليها وتُعدّ ضرورية لتنفيذ قرارات مغادرة التراب الوطني الصادرة عن السلطات الفرنسية.
وكانت الفرصة التي انتهزها روتايو هي التلاسن باللهجة الجزائرية على منصة تيك توك بين 4 جزائريين أُلقي القبض عليهم واقتيدوا إلى العدالة، ليتجاوز الوزير القضاةَ ويأمر بطرد أكبرهم سنا صحبة، معتبرا أن الخطوة رابحة مهما حدث.
فإما أن تقبل الجزائر بالأمر الواقع في ظل عدم احترام الإجراءات، فتكون باريس قد حصلت على الحل السحري لتكرار العملية وإرضاء زبائنها الانتخابيين -كما يقول الموقع- وإما أن ترفض استقبال في تحدٍ للقواعد، فتكتسب الحملة المعادية للجزائر زخما جديدا في فرنسا.
إعلانوبالفعل أعادت الجزائر الرجل الخمسيني إلى باريس على متن نفس الطائرة، فانتاب روتايو غضب بالغ، منددا برغبة الجزائر في "إذلال" فرنسا، وعدّد الإجراءات الانتقامية المتاحة، وندّد بالاتفاق بين البلدين سنة 1968 حول الهجرة، وندد بإعفاء حاملي جوازات السفر الدبلوماسية من طلب تأشيرة الدخول.
وفي انتظار أن تتضح الأمور، أوفدت الرئاسة الفرنسية إلى الجزائر نيكولا ليرنر رئيس مديرية الأمن الخارجي المتخصص في المفاوضات السرية، ونفى وزير الخارجية جان نويل بارو وجود أي "توتر" بين العاصمتين وأشاد بالجوار بين البلدين" قبل أن يتم التطرق إلى زيارته المحتملة إلى الجزائر.
وعزت صحيفة لوباريزيان التصعيد الحالي إلى شعور وزير الداخلية بالإذلال، في حين استعرضت لوموند البيان الذي عبرت فيه الجزائر عن "قلقها العميق من المعاملة الاستفزازية والمهينة والتمييزية التي يتعرض عدد من المواطنين الجزائريين في معبر رواسي شارل ديغول".
وذكرت لوموند بتدهور العلاقات بين البلدين بعد أن أعلنت باريس نهاية يوليو/تموز أنها ستدعم خطة الحكم الذاتي المغربية للصحراء الغربية، وقالت إن الأمور تصاعدت مع اعتقال الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال بالجزائر.
أما صحيفة لوفيغارو فقد استعرضت الإجراءات التي اقترحها الوزير الفرنسي السابق بيير لولوش للتعامل مع الجزائر، حيث دعا إلى إلغاء جميع التأشيرات وتصاريح الإقامة لمدة 3 أشهر قابلة للتجديد، ووقف التحويلات المالية إلى الجزائر، وإلغاء مساعدات التنمية العامة (200 مليون دولار سنويا) وإغلاق الحدود، في انتظار أن تطلق الجزائر سراح صنصال، وتلتزم باستعادة رعاياها المطرودين، وتوقف التصريحات المهينة ضد فرنسا وقادتها.