قال الشيخ أحمد بن طالب، إمام وخطيب المسجد النبوي  ، إن التضرع إلى الله تعالى فيه نزول الزوائد ورفع الشدائد والانطواء في أردية المنن والسلامة من المحن. 

يؤثر مع الكفران

وأوضح " بن طالب" خلال خطبة الجمعة الثانية في شعبان من المسجد النبوي بالمدينة المنورة، أنه تعوض جزاء ذلك أن يتولى مولاك الدفع عن نفسك في المضار والجلب لك في المسار، فهو الباب الأعظم والسبيل الأقوم يؤثر مع الكفران فكيف لايؤثر مع الإيمان.

واستشهد بقول الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز : (وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَن تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ ۖ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ ۚ وَكَانَ الْإِنسَانُ كَفُورًا ) الآية 67 من سورة الإسراء.

وأكد أنه لا أنفع للعبد من أمور أربعة وهي الاستسلام لله والتضرع إليه، وحسن الظن ، وتجديد التوبة إليه، ولو عدت إلى الذنب في اليوم سبعين مرة، منوهًا بأن في الاستسلام لله تعالى الراحة من التدبير معه عاجلاً، والظفر بالمنة العظمى آجلاً.

وتابع: والسلامة من الشرك بالمنازعة ، ومن أين لك أن تنازعه فيما لا تملكه معه، وألق نفسك في مملكته فإنك قليل في كثيرها وصغير في كبرها يدبرك كما يدبرها، قائلا : فلا تخرج عما هو لك من العبودية إلى ما ليس لك من ادعاء وصف الربوبية.

 كبائر القلوب

وأفاد بأن التدبير والاختيار من كبائر القلوب والأسرار وتجد ذلك في كتاب الله تعالى ( وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ )، مشيرًا إلى أن حسن الظن بالله سبحانه وتعالى هو الباب الذي جعله الله تعالى بينه وبين عباده.

وأضاف:  فبخ بخ بمن منّ الله عليه بها ، فمن وجدها لم يفقد من الخير شيئاً ومن فقدها لم يجد من منه شئياً لا توجد لك عذراً عند الله أنفع لك منها ولا أجدى ولا تجد أدل على الله منها ولا أهدى ، تعلمك عن الله بما يريد أن يصنعه معك .

واستطرد:  ويبشرك ببشائر لا تقرأ سطورها العينان، ولا يترجم عنها اللسان، منوهًا بأنك تجد ذلك في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم حاكياً عن الله عز وجل: (أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، وَأَنَا مَعَهُ حِينَ يَذْكُرُنِي، إِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ، ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي، وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَإٍ، ذَكَرْتُهُ فِي مَلَإٍ هُمْ خَيْرٌ مِنْهُمْ، وَإِنْ تَقَرَّبَ مِنِّي شِبْرًا، تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا، تَقَرَّبْتُ مِنْهُ بَاعًا، وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً).

 

 

 

 

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: إمام و خطيب المسجد النبوي خطيب المسجد النبوي بن طالب خطبة الجمعة من المسجد النبوي

إقرأ أيضاً:

التواضع زينة الأخلاق.. تأملات في قول الله تعالى: {وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ}

التواضع سمة عظيمة تزين الإنسان وترفع قدره بين الناس، وهو خلق دعا إليه الإسلام وأكد عليه القرآن الكريم في مواضع عديدة، ومن أبلغ هذه الدعوات ما ورد في قوله تعالى: {وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} [لقمان: 18].

التواضع في القرآن الكريم

في هذه الآية الكريمة، يوجه الله تعالى الإنسان إلى التحلي بفضيلة التواضع، محذرًا من مظاهر الكبر والغرور التي تتنافى مع جوهر الإيمان. فقد نهى الله عز وجل عن صعر الوجه، وهو الميل به عن الناس تكبرًا واحتقارًا لهم، كما نهى عن المشي في الأرض بمرح وأشر، لأن ذلك يعكس غطرسة لا تليق بالإنسان المؤمن.

وقد جاء في تفسير الإمام النسفي: أن المقصود بـ {وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ} هو الإقبال على الناس بوجه بشوش وعدم إظهار التعالي عليهم. أما {وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا}، فهو تحذير من المشي بغرور وتفاخر، لأن الله لا يحب المتكبر الذي يعدد مناقبه ويتفاخر على الآخرين.

التواضع في السنة النبوية

التواضع خلق عظيم تجسد في شخصية النبي صلى الله عليه وسلم، حيث كان خير قدوة في معاملته للناس. فقد كان يجالس الفقراء ويزور المرضى ويجيب دعوة الضعفاء. وقال صلى الله عليه وسلم: "وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ لِلَّهِ إِلَّا رَفَعَهُ اللَّهُ" [رواه مسلم].

أثر التواضع في بناء المجتمع

التواضع لا يقتصر على كونه خلقًا فرديًا، بل هو ركيزة أساسية في بناء مجتمع متحاب ومتسامح. فالإنسان المتواضع يُحبّه الناس ويقتربون منه، بينما ينفرون من المتكبر الذي لا يرى سوى نفسه.

كيف نطبق التواضع في حياتنا اليومية؟

استقبال الآخرين بوجه بشوش: كن ودودًا وبشوشًا في تعاملك مع الجميع، بغض النظر عن مكانتهم أو حالتهم الاجتماعية.

الاعتراف بفضل الآخرين: لا تجعل النجاح يدفعك لتقليل قيمة من حولك، بل اشكر من ساعدك وأثنِ على جهودهم.

التواضع في الحديث: تجنب التفاخر بإنجازاتك أمام الآخرين، وشاركهم قصصك بروح متواضعة.

الإنصات للآخرين: اجعل وقتًا للاستماع لآراء من حولك، واحترم أفكارهم دون تقليل من شأنها.

 

التواضع خلق عظيم يجلب المحبة والقبول، وهو مفتاح السعادة الحقيقية في الدنيا والآخرة. فلنجعل من هذه الآية الكريمة نبراسًا نهتدي به في تعاملاتنا اليومية، ولنتذكر أن الكبر لا يزيد الإنسان إلا بعدًا عن الآخرين وعن رحمة الله.

مقالات مشابهة

  • كيف أعرف أن الله يحبني وراض عني؟.. تحرى 10 علامات ولو كنت عاصيا
  • مظاهر تحريف الأديان
  • حاسة إن ربنا مش بيحبني؟.. عضو بـالأزهر العالمي للفتوى تجيب
  • الفرق بين الوسواس القهري والشك وتأثيرهما على العبادة؟ تعرف عليه
  • عضو مركز الأزهر العالمي: الله أقرب إلينا من أنفسنا.. ولا يغضب علينا بسهولة
  • مراتب الحزن في القرآن الكريم
  • التواضع زينة الأخلاق.. تأملات في قول الله تعالى: {وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ}
  • رحلة الإيمان.. عمرة من جدة إلى المسجد النبوي
  • وصايا النبي.. قوة ( قول هو الله أحد) وأثرها في وقت الشدائد
  • ما هو وقت صلاة الفجر الصحيح؟.. اغتنم الفضل كاملا بهذه الساعة