تحذيرات في غزة.. عدد ضحايا الجوع قد يفوق من استشهدوا بالقصف
تاريخ النشر: 23rd, February 2024 GMT
غزة- في مشهد غير مألوف، يتجمع آلاف الفلسطينيين على شارع الرشيد الساحلي، ينتظرون عددا من شاحنات تحمل مساعدات قليلة تسمح قوات الاحتلال الإسرائيلي بوصولها إلى مدينة غزة وشمالها، أملا في الحصول على ما يبقيهم على قيد الحياة.
وأصبح التجمع الحاشد واحدا من مشاهد كثيرة غير مألوفة ارتبطت بالحرب الإسرائيلية غير المسبوقة على قطاع غزة من حيث مداها الزمني وقدر الدم والدمار، منذ اندلاعها في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
ولا يكتفي الاحتلال بالقنابل والصواريخ التي يلقيها على رؤوس الغزيين في الشوارع والمنازل، فقد انتهج ما تصفه منظمات محلية ودولية بـ"سلاح التجويع"، عبر فرض قيود مشددة على المساعدات الإنسانية إلى القطاع.
وأظهرت مقاطع مصورة مواطنين في غرب مدينة غزة يحملون أكياس الدقيق على أكتافهم بعد أن حصل بعضهم عليه من إحدى الشاحنات.
وعلى مرأى من دبابات الاحتلال المتمركزة في جنوب غربي المدينة، وتعبيرا عن الفرحة بكيس دقيق زنة 25 كيلوغراما، أخذ شاب في تقبيله مرارا، فيما قال آخر "والله جبتو (أخذته) من تحت الدبابة"، وقال ثالث "والله بمليون دولار ما ببيعه".
ولا يبدو واقع الغزيين في جنوب القطاع أفضل حالا من شماله، مع شُح المساعدات التي ترد إليهم من معبر رفح البري على الحدود مع مصر، واستمرار عرقلة حشود من المتطرفين الإسرائيليين عمل معبر كرم أبو سالم التجاري من الجانب الإسرائيلي، ومنعهم مرور شاحنات المساعدات.
وعن هذا الواقع المأساوي يقول المستشار الإعلامي لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) عدنان أبو حسنة "لا نتحدث عن كارثة ستقع بل إن الكارثة وقعت بالفعل"، وتابع في تصريحات مصورة عممها إعلام الوكالة الأممية "هنا مئات آلاف الجائعين وحتى أعلاف الحيوانات (التي اضطر الغزيون في شمال القطاع لأكلها) لم تعد متاحة، وحالة الجوع تضرب أعماق المجتمع في الشمال".
وما يزيد من عمق الأزمة، برأي أبو حسنة، القيود التي تفرضها إسرائيل على دخول شاحنات المساعدات إلى القطاع، ويقول إن إسرائيل رفضت 51% من القوافل الإنسانية التي أعدتها الأونروا مع المنظمات الأممية الشريكة.
وبحسب تأكيد هذا المسؤول، فإن شاحنات المساعدات مكدسة على الجانب المصري من معبر رفح، فيما متظاهرون إسرائيليون يحتجون على مرورها في الجانب الإسرائيلي من معبري كرم أبو سالم والعوجا، لافتا إلى أنه خلال الأيام الـ10 الأخيرة لم يزد معدل دخول الشاحنات عن 60 يوميا، ومطلوب من الأونروا توزيعها على 2.3 مليون فلسطيني في قطاع غزة، "وهذا مستحيل".
ولهذا الواقع برأي أبو حسنة تداعيات خطيرة للغاية. وتواجه وكالة الغوث معوقات كثيرة جراء الواقع الخطير الناجم عن غياب منظومة الأمن والنظام، وإطلاق الاحتلال النار على تجمعات المواطنين الذين ينتظرون شاحنات المساعدات على الطرقات.
ونتيجة لذلك وجراء العزلة التي يفرضها الاحتلال على الغزيين في شمال القطاع، يكشف أبو حسنة عن أن معدل سوء التغذية وصل إلى 18% فيما كان أقل من 1% قبل اندلاع الحرب.
وقال إن هذا التردي المعيشي لا يقتصر على الشمال وإنما يشمل القطاع بشماله وجنوبه، والمنظمات الدولية تعاني من عجز كبير في توفير مقومات الحياة الأساسية.
التجويع كأداة حرب
ويلقي الناطق باسم جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني رائد النمس، بالمسؤولية على الاحتلال الإسرائيلي فيما يتعلق بالتداعيات الخطيرة لشح المساعدات التي ترد للقطاع.
وقال للجزيرة نت إن هذا مرده إلى إجراءات التفتيش الدقيقة والتي تستنزف وقتا طويلا في الجانب الإسرائيلي، مما يتسبب في عدم إدخال كميات كافية.
ولا تتناسب كميات المساعدات التي يسمح الاحتلال بدخولها مع حجم الاحتياجات الكبير لسكان القطاع، جراء الحصار واستمرار العدوان، واعتداء المستوطنين على قوافل المساعدات ومنع وصولها إلى المعابر، بحسب النمس.
ومن بين تداعيات سياسة التجويع التي ينتهجها الاحتلال، تبرز، وفقا للناطق باسم الهلال الأحمر، مشاهد تدافع المواطنين على شاحنات المساعدات للحصول على ما يسد رمق أسرهم وأطفالهم.
وحتى قبل اندلاع الحرب، كان يدخل القطاع يوميا من 500 إلى 600 شاحنة. ويقول مدير عام مكتب الإعلام الحكومي إسماعيل الثوابتة للجزيرة نت، إن "الاحتلال شرع باستخدام سلاح التجويع والتعطيش في جريمة حرب واضحة ضمن سلسلة من جرائم الحرب والإبادة، حيث لم يدخل القطاع ولا حبة قمح واحدة حتى جاء اتفاق التهدئة الإنسانية (نوفمبر/تشرين الثاني الماضي)، وبعد التهدئة بدأت تدخل بعض الشاحنات بعدد قليل جدا لا يغطي 3% من حاجة السكان".
ويؤكد المسؤول الحكومي أن الاحتلال يهدف بسياسة التجويع إلى "ضرب مقومات الصمود والحياة ومحاربة شعبنا في لقمة عيشه، وبالتالي ضرب الحاضنة الشعبية والنسيج المجتمعي".
وبلغة الأرقام، يفند الثوابتة ما وصل إلى القطاع من مساعدات من تاريخ 18 ديسمبر/كانون الأول الماضي وحتى العاشر من الشهر الجاري، بإجمالي 6 آلاف و964 شاحنة لجميع المؤسسات الدولية، وصل منها للحكومة ألف و772 أي ما نسبته 25.4%، جزء كبير منها ليس ذا أولوية (أغراض كرونا – أغراض صحية – ملابس – أكفان)، وباقي شاحنات المساعدات وصلت للأونروا والهلال الأحمر ومؤسسات محلية، وتتمتع هذه المنظمات بالحرية التامة في التصرف ولا تتدخل فيها الحكومة.
هذه المساعدات لا يدخل منها إلى محافظتي غزة والشمال أي شيء، ويتابع الثوابتة أن ذلك عمّق من المجاعة التي تعصف بنحو 700 ألف نسمة في المحافظتين، والذين أجبرتهم سياسة التجويع على طحن أعلاف الحيوانات والحبوب بدلا من القمح المفقود.
وبرأي هذا المسؤول فإن إسرائيل تمعن في تعميق هذه المجاعة باستهداف شاحنات المساعدات الشحيحة التي حاولت الوصول إلى المحاصرين والجوعى في مدينة غزة وشمال القطاع، وتسبب ذلك في استشهاد العشرات من الباحثين عن الغذاء.
يقول الثوابتة "مما يدعونا إلى الاستغراب أن هناك أكثر من 500 ألف طن من المساعدات متكدسة على الجانب الآخر من المعبر، ولكنها لا تدخل للأسف الشديد". وكرر مناشدته "للأشقاء في جمهورية مصر العربية بضرورة فتح معبر رفح لكي يكون ممرا إنسانيا لإدخال المساعدات لأهالي قطاع غزة الذين أكلهم الجوع والعطش".
وقال رئيس "المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان" رامي عبدو للجزيرة نت، إن تجويع إسرائيل للمدنيين في القطاع سيترك آثارا طويلة المدى ولا يمكن تداركها، في ظل تأكيد تقارير وخبراء دوليين أن أعداد ضحايا التجويع والأمراض المقترنة به قد يفوق عدد أولئك الذي قتلوا بالقنابل والصواريخ.
واستند عبدو إلى تقارير ودراسات دولية عن الواقع المتردي، حيث يعاني 53% من الغزيين من حالة الطوارئ القصوى في سوء التغذية الحاد، في حين يعاني 26% منهم أي حوالي نصف مليون شخص من المجاعة وازدياد في حالات الوفاة الناتجة عن الجوع أو سوء التغذية أو الأمراض المرتبطة بهما.
ويتفق المحلل السياسي إبراهيم المدهون مع من سبقوه في أن الاحتلال يشن حرب تجويع موازية للحرب العسكرية، وباتت مقومات الحياة شبه معدومة، خاصة في مدينة غزة وشمالها.
وقال إن هذه السياسة هي أحد "أدوات القتل" التي يستخدمها الاحتلال، "واليوم في غزة من لم يمت بالصاروخ مات جوعا أو عطشا أو مرضا لعدم توفر الأدوية".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: شاحنات المساعدات مدینة غزة قطاع غزة أبو حسنة
إقرأ أيضاً:
لقاء بين الجميّل وصدي ركّز على الاشكاليات التي تواجه قطاع الكهرباء
التقى رئيس حزب الكتائب اللبنانية النائب سامي الجميّل وزير الطاقة جو صدي وتناول البحث في شكل خاص قطاع الطاقة في لبنان.
اللقاء جرى في حضور نواب كتلة الكتائب ، الدكتور سليم الصايغ، نديم الجميّل والياس حنكش ورئيسة جهاز التشريع والسياسات العامة في الكتائب المحامية لارا سعاده، وركزت المداولات بشكل أساسي على الاشكاليات التي تواجه قطاع الكهرباء حالياً. وقدم وزير الطاقة رؤيته للحلول الممكنة. مواضيع ذات صلة لقاء عمل بين "توتال" وإدارة "كهرباء زحلة" Lebanon 24 لقاء عمل بين "توتال" وإدارة "كهرباء زحلة" 18/03/2025 12:31:24 18/03/2025 12:31:24 Lebanon 24 Lebanon 24 لقاء بين مفتي صور وقائد القطاع الغربي في "اليونيفيل" Lebanon 24 لقاء بين مفتي صور وقائد القطاع الغربي في "اليونيفيل"
18/03/2025 12:31:24 18/03/2025 12:31:24 Lebanon 24 Lebanon 24 لقاء بين قائد القطاع الغربي في "اليونيفيل" وقائد الفوج الثاني للتدخل السريع في الجيش Lebanon 24 لقاء بين قائد القطاع الغربي في "اليونيفيل" وقائد الفوج الثاني للتدخل السريع في الجيش
18/03/2025 12:31:24 18/03/2025 12:31:24 Lebanon 24 Lebanon 24 شركة كهرباء غزة: غياب التيار لأكثر من 519 يوما شكل كارثة إنسانية غير مسبوقة وتحديات تواجه المواطنين في القطاع Lebanon 24 شركة كهرباء غزة: غياب التيار لأكثر من 519 يوما شكل كارثة إنسانية غير مسبوقة وتحديات تواجه المواطنين في القطاع
18/03/2025 12:31:24 18/03/2025 12:31:24 Lebanon 24 Lebanon 24 قد يعجبك أيضاً
"بجوعة البترون".. من شخصية رمضانية إلى نجمة تضيء منصات التواصل الاجتماعي
Lebanon 24 "بجوعة البترون".. من شخصية رمضانية إلى نجمة تضيء منصات التواصل الاجتماعي
06:30 | 2025-03-18 18/03/2025 06:30:00 Lebanon 24 Lebanon 24 وزير العمل يُصدر مذكرة لتبسيط إجراءات تسجيل العمال الأجانب
Lebanon 24 وزير العمل يُصدر مذكرة لتبسيط إجراءات تسجيل العمال الأجانب
06:15 | 2025-03-18 18/03/2025 06:15:27 Lebanon 24 Lebanon 24 إنجاز لبناني في الأمن السيبراني.. طالبان اكتشفا ثغرات في أنظمة "أمازون" و"ميتا" و"لينكد إن"
Lebanon 24 إنجاز لبناني في الأمن السيبراني.. طالبان اكتشفا ثغرات في أنظمة "أمازون" و"ميتا" و"لينكد إن"
06:03 | 2025-03-18 18/03/2025 06:03:18 Lebanon 24 Lebanon 24 "آذار" كل الحكاية.. ماذا خسر "حزب الله" خلال 20 عاماً؟
Lebanon 24 "آذار" كل الحكاية.. ماذا خسر "حزب الله" خلال 20 عاماً؟
06:00 | 2025-03-18 18/03/2025 06:00:00 Lebanon 24 Lebanon 24 حالة اختناق جراء حريق داخل شقة سكنية في طرابلس
Lebanon 24 حالة اختناق جراء حريق داخل شقة سكنية في طرابلس
05:50 | 2025-03-18 18/03/2025 05:50:28 Lebanon 24 Lebanon 24 الأكثر قراءة
مفاجأة عن "حزب الله" يعلنها ضباط إيرانيون.. الكلامُ "غير عادي"
Lebanon 24 مفاجأة عن "حزب الله" يعلنها ضباط إيرانيون.. الكلامُ "غير عادي"
13:00 | 2025-03-17 17/03/2025 01:00:00 Lebanon 24 Lebanon 24 مشهد مؤثر.. ممثل لبناني قدير ينفعل ويصفع جيسي عبدو والأخيرة "تنهار"
Lebanon 24 مشهد مؤثر.. ممثل لبناني قدير ينفعل ويصفع جيسي عبدو والأخيرة "تنهار"
10:37 | 2025-03-17 17/03/2025 10:37:35 Lebanon 24 Lebanon 24 توقيف قاضٍ سابق ونقله إلى سجن في الاشرفية.. هذه هي تهمته
Lebanon 24 توقيف قاضٍ سابق ونقله إلى سجن في الاشرفية.. هذه هي تهمته
09:14 | 2025-03-17 17/03/2025 09:14:00 Lebanon 24 Lebanon 24 حدث أمني غير عادي.. هذا سبب وصول نتنياهو المفاجئ إلى وزارة الدفاع
Lebanon 24 حدث أمني غير عادي.. هذا سبب وصول نتنياهو المفاجئ إلى وزارة الدفاع
16:45 | 2025-03-17 17/03/2025 04:45:55 Lebanon 24 Lebanon 24 "التوقيفات القضائية" مستمرة.. هذا جديدها
Lebanon 24 "التوقيفات القضائية" مستمرة.. هذا جديدها
15:26 | 2025-03-17 17/03/2025 03:26:11 Lebanon 24 Lebanon 24 أخبارنا عبر بريدك الالكتروني بريد إلكتروني غير صالح إشترك أيضاً في لبنان
06:30 | 2025-03-18 "بجوعة البترون".. من شخصية رمضانية إلى نجمة تضيء منصات التواصل الاجتماعي 06:15 | 2025-03-18 وزير العمل يُصدر مذكرة لتبسيط إجراءات تسجيل العمال الأجانب 06:03 | 2025-03-18 إنجاز لبناني في الأمن السيبراني.. طالبان اكتشفا ثغرات في أنظمة "أمازون" و"ميتا" و"لينكد إن" 06:00 | 2025-03-18 "آذار" كل الحكاية.. ماذا خسر "حزب الله" خلال 20 عاماً؟ 05:50 | 2025-03-18 حالة اختناق جراء حريق داخل شقة سكنية في طرابلس 05:42 | 2025-03-18 اجتماع مشترك لوزيري الصحة والعمل مع الجهات الضامنة لتنسيق الجهود في مجال الإستشفاء والدواء فيديو فنّانة تتكلم عن تعرضها للتنمر (فيديو)
Lebanon 24 فنّانة تتكلم عن تعرضها للتنمر (فيديو)
04:42 | 2025-03-16 18/03/2025 12:31:24 Lebanon 24 Lebanon 24 بالفيديو.. تشوّه بسبب "ستاربكس" فحصل على هذا التعويض الكبير
Lebanon 24 بالفيديو.. تشوّه بسبب "ستاربكس" فحصل على هذا التعويض الكبير
02:31 | 2025-03-16 18/03/2025 12:31:24 Lebanon 24 Lebanon 24 عاصفة ورياح وأعاصير ضخمة تضرب أميركا.. قتلى ودمار (فيديو)
Lebanon 24 عاصفة ورياح وأعاصير ضخمة تضرب أميركا.. قتلى ودمار (فيديو)
00:27 | 2025-03-16 18/03/2025 12:31:24 Lebanon 24 Lebanon 24
Download our application
مباشر الأبرز لبنان خاص إقتصاد رمضانيات عربي-دولي فنون ومشاهير متفرقات
Download our application
Follow Us
Download our application
بريد إلكتروني غير صالح Softimpact
Privacy policy من نحن لإعلاناتكم للاتصال بالموقع Privacy policy جميع الحقوق محفوظة © Lebanon24