لا مستقبل لغزة إذا دخلتها قوات حفظ سلام عربية
تاريخ النشر: 23rd, February 2024 GMT
بينما تتواصل حرب الإبادة الوحشية على قطاع غزة، مخلفة أكبر مأساة إنسانية منذ الحرب العالمية الثانية، لم تتوقف الاتصالات والاجتماعات الإقليمية والدولية لبحث مستقبل غزة، أو اليوم التالي كما يحلو لهم وصفه، وقد منّوا أنفسهم ومن وراءهم منذ وقت طويل بأنهم سيتمكنون سريعا من القضاء على المقاومة في غزة، ومن ثم يقررون مستقبلها، وهو ما عجزوا عن تحقيقه رغم مرور أربعة أشهر ونصف على أطول وأعنف حرب شنها الكيان الصهيوني على العرب حتى الآن، وها هم لا يزالون رغما عنهم يتفاوضون مع حماس.
ومع ذلك تتسرب العديد من الأفكار والمشاريع التي تشارك فيها بعض الدول العربية بطلب من الولايات المتحدة، ومن أبرز الأفكار والخطط التي توصلوا إليها، ما كشفت عنه صحيفة "نيويورك تايمز" في تقرير لها نشر قبل أيام عن دور لمحمد دحلان، المنشق على حركة فتح والمستشار لرئيس الإمارات، في خطة سرية ناقشها بعض القادة العرب تتعلق بالدفع بزعيم جديد لم يكشف عن هويته -وقد يكون دحلان نفسه- يدير قطاع غزة وأجزاء من الضفة الغربية، بديلا عن محمود عباس الذي سيحتفظ بدور شرفي، وذلك تحت حماية ما وصف بقوة حفظ سلام عربية.
يريدون فرض زعيم على الشعب الفلسطيني يأتي محمولا على الدبابات التي ستدفع بها بعض الأنظمة العربية، وهي مصر والأردن والسعودية والإمارات، بدون أدنى اعتبار لرأي الشعب الفلسطيني الذي أجهضوا كل تطلعاته في اختيار قادته، بعد رفض الكيان الصهيوني ومن خلفه حلفاؤه في الغرب والنظام الرسمي العربي؛ الاعتراف بنتائج انتخابات 2006 وما انتهت إليه من مشروعية ديمقراطية، وأصروا على حصار قطاع غزة طوال 17 عاما، وأجهضوا كل محاولات توحيد التنظيمات الفلسطينية، وآخرها الاتفاق الذي جرى توقيعه في الجزائر في تشرين الأول/ أكتوبر 2022 ووافق عليه 14 فصيلا؛ من أبرزها حركة فتح وحركة حماس. ونص الاتفاق على إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية وتشكيل حكومة وحدة، وهو الأمر الذي لم يتحقق منه شيء ليلحق الاتفاق بما سبقته من تفاهمات.
فمن يحاصرون غزة ويحولون بين الشعب الفلسطيني وبين حقه في تقرير مصيره يفرضون فيتو على أي وحدة فلسطينية لا تخضع لشروط ما يسمى بالرباعية، وأبرزها الاعتراف بالاحتلال وتسليم سلاح المقاومة، وهي شروط تعجيزية مجحفة في الوقت الذي هم فيه عاجزون عن ضمان حقوق الشعب الفلسطيني الذي يتعرض للإبادة في غزة والضفة وفقا لما يسمونه بالشرعية الدولية وحدود 1967. وحديثهم اليوم عن الاعتراف بالدولة الفلسطينية هو للتضليل الإعلامي والهروب للأمام، وهي الجزرة التي يلهون بها النظام الرسمي العربي بدون أي تعريف لهذه الدولة، بينما الواقع يكذّب ذلك.
فرض زعامة على الشعب الفلسطيني لن تكون مقبولة، حتى لو جاء على ظهر دبابة عربية، وكان الأولى بالنظام العربي الرسمي هو البناء على ما تقدم ومساعدة الشعب الفلسطيني في تحقيق التوافق الوطني وفقا لما تم التوافق عليه مؤخرا في الجزائر، بدلا من الزج بقوات في مواجهة الشعب الفلسطيني نيابة عن الاحتلال.
كل تجاربنا مع قوات حفظ السلام العربية كارثية، وفيها سم قاتل لا تخفى على أي متابع سياسي. فقوات الردع العربية التي تشكلت بقرار من القمة العربية عام 1976 في الرياض، والتي بدأت عربية بمشاركات ولو رمزية من السعودية والإمارات والسودان واليمن مع أغلبية كبيرة من القوات السورية، سرعان ما انتهت لقوات سورية فقط بعد انسحاب قوات باقي الدول، ولم تساهم سوريا إلا في تعميق الحرب الأهلية في لبنان وإطالتها، ولم توفر الحماية للبنان من العدوان الصهيوني، عندما احتلت إسرائيل شريطا بعرض 10 كيلومترات من الأراضي اللبنانية في عملية الليطاني عام 1978، وغزو لبنان عام 1982؛ الذي ارتكبت فيه المذابح ضد المدنيين في مخيمات صبرا وشاتيلا وغيرها، ولم تنته آثار الاحتلال فعليا إلا عام 2000.
بل إن لبنان، هذا البلد الصغير الذي لا يملك الا جيشا صغيرا لا يقارن من أي وجه بالاحتلال الصهيوني، هو الدولة العربية الوحيدة التي انسحبت منها إسرائيل رغما عنها بدون فرض شروطها في معاهدة سلام، أو إجبار على الاعتراف بالاحتلال، بعد أن أعلنت في نيسان/ أبريل 2000 من جانب واحد وقبولها بتنفيذ قرار مجلس الأمن 425 الصادر عام 1978، وبناء عليه تم ترسيم ما يسمى بالخط الأزرق الذي تراقبه حاليا قوات اليونيفيل بقرار من مجلس الأمن.
ولكن لبنان لا يزال يعتبر أن منطقة مزارع شبعا (25 كيلومترا مربعا) منطقة محتلة يطالب بها، ويجادل الصهاينة بأنها ليست لبنانية بل سورية، ومع ذلك وافقت الولايات المتحدة الامريكية مؤخرا في آب/ أغسطس 2023 على قرار مجلس الأمن رقم 2695 والذي يصف مزارع شبعا بأنها "منطقة محتلة"، بل وأعلن البيت الأبيض مؤخرا عن استعداده للخوض في ملف ترسيم الحدود البرية بين لبنان والكيان الصهيوني بعد نجاح وساطتهم في ترسيم الحدود البحرية بدون اعتراف بالكيان، بما يعني أن هناك استعدادا لتقديم تنازلات تعيد مزارع شبعا للبنان، في محاولة لسحب أي ذريعة لحزب الله بهدف اخراجه من جبهة المقاومة. وهو ما يعني أن لبنان نجح فيما فشلت فيه كل من مصر والأردن اللذين أجبرا على عقد اتفاقات مذلة والاعتراف والتطبيع في مقابل استعادة منقوصة لأراضيهما.
التحالف العربي الذي قادته السعودية والامارات في عملية "عاصفة الحزم"، فدمر اليمن وقّسمه واغتصب موانئه وجُزره ونشر فيه المليشيات المسلحة وفرق الاغتيالات من المرتزقة الأجانب، فشل في كل شيء سوى الفظائع والمجاعات التي خلفها.
ورأينا التدخلات العربية في ليبيا التي لم تدعم سوى الحرب الأهلية والانقسام وتعميق الأزمات وتأسيس المليشيات وانعدام الاستقرار.
جامعة الدول العربية التي عكست بكل وضوح عجز النظام الرسمي العربي صمتت عن كل الجرائم المرتكبة في غزة، وعجزت عن فعل شيء حتى إدخال الطحين والغذاء لأهل غزة، هي كيان لا يصلح لأن يكون ضامنا للسلام والاستقرار وليست أمينة على مستقبل الشعب الفلسطيني، بل يحتاج الشعب الفلسطيني للدعاء إلى الله لتكف شرورها عنه.
ما تحتاجه غزة اليوم وغدا هو وجود دول ضامنة تتعهد بتقديم الضمانات لتنفيذ الاتفاقات التي سيتم التوصل إليها في نهاية المطاف.
الشعب الفلسطيني في حاجة لمن يساعده لتحقيق إرادته وانتخاب قياداته لتقرير مصيره بدون زعامات مصنوعة في الخارج أو تحتاج لدبابة أجنبية لحمايتها.
الشعب الفلسطيني في حاجه لأمة تقف في ظهره وتحميه وتحمي مقدساتها من تغول المتطرفين الصهاينة المهوسين بالاستيطان وبالأساطير الدينية التي جاءوا لتنفيذها على حساب شعب آخر؛ هو جدير بالحرية.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة الاحتلال السلام غزة الاحتلال السلام العالم العربي مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة اقتصاد سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الشعب الفلسطینی
إقرأ أيضاً:
إب تشهد 98 مسيرة حاشدة إسناداً لغزة
الثورة نت|
شهدت محافظة إب اليوم، 98 مسيرة جماهيرية حاشدة دعماً وإسناداً للشعب الفلسطيني بعنوان “مع غزة جهادًا وتعبئةً واستنفارًا .. جاهزون لردع أي عدوان”.
وجدّد المشاركون في مسيرة ساحة الرسول الأعظم بمدينة إب، بمشاركة عدد من أعضاء مجلسي النواب والشورى ووكلاء المحافظة، إدانتهم للجرائم الوحشية التي يرتكبها الكيان الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني في غزة ولبنان واستباحة الأراضي السورية.
واعتبروا الاعتداءات الصهيونية الهمجية، التي تستهدف المدنيين وتدمير المنازل، انتهاكًا صارخًا للقوانين الدولية والأعراف الإنسانية، وتكشف عن الوجه الحقيقي للاحتلال الصهيوني.
ونددوا بشدة بالعدوان الصهيوني الأمريكي على الأعيان المدنية والمنشآت الخدمية النفطية والكهربائية بصنعاء والحديدة، مؤكدين أن العدوان الصهيوني، يأتي في سياق استهداف المنطقة ككل وتطويعها للإسرائيلي والأمريكي.
وعبروا عن استهجانه للدعم غير المشروط الذي تقدمه الإدارة الأمريكية للكيان الصهيوني، وهو ما يزيد من معاناة الشعب الفلسطيني ويشجع الاحتلال على التمادي في جرائمه، مبينين أن الانحياز الأمريكي الفاضح للكيان الصهيوني، يُظهر ازدواجية المعايير الدولية، ويجب أن يُقابل بمواقف حازمة من جميع الأحرار.
شارك في المسيرة رئيس هيئة التفتيش القضائي القاضي الدكتور مروان محمد المحاقري ومسؤول التعبئة عبدالفتاح غلاب ورئيس جامعة إب الدكتور نصر الحجيلي.
إلى ذلك شهدت مديريات المربع الشمالي “يريم، السدة، النادرة، والرضمة” 17 مسيرة حاشدة، تقدّمها قيادات المديريات الأربع.
وأكد المشاركون في المسيرات، أن ما يحدث من قتل ودمار في قطاع غزة لا يمكن تصوره، ويعكس استهتارًا فاضحًا بأرواح البشر وحقوقهم.
وأفادوا بأن أحرار الشعب اليمني يرفضون السياسات العدوانية، ويعتبرون صمت المجتمع الدولي إزاء هذه الجرائم تواطئًا مُشينًا يُعزز من شعور الكيان الصهيوني بالإفلات من العقاب.
وجددوا التأكيد على الموقف الإيماني والمبدئي الثابت المساند للشعب الفلسطيني ومجاهديه في مرحلة التصعيد الخامسة والسعي للمزيد وكذا الاستمرار في الوقوف إلى جانب الأشقاء في حزب الله لمواجهة كل التحديات والمخاطر.
واحتشد أبناء مديريات المربع الغربي في مسيرات جماهيرية بمديرية العدين وعزل السارة وشلف وحردن والوزيرة مركز مديرية الفرع ومناطق المسيل والأخماس والعاقبتين والأهمول والمزاحن وبني أحمد، وبني يوسف نصرة لفلسطين ولبنان.
وأوضحوا أن صمود الشعب الفلسطيني وبسالة المقاومة، هي الأساس لإفشال مخططات كيان العدو المحتل وأن كل قطرة دم تُسفك تزيد من الإصرار على دعمهم ومساندتهم.
إلى ذلك خرج أبناء مديرية الحزم في مسيرات حاشدة بـ 18 ساحة بمركز المديرية ومناطق المحطة والجبجب والصافية والجنيد والاسلوم والاجعوم والشعاور ونجد العدن والعموس.
واحتشد أبناء مديرية مذيخرة في مسيرات حاشدة بمركز المديرية وعزل الأفيوش وحليان وحزة، تأكيداً على دعم المقاومة الفلسطينية.
ودعا المشاركون، المجتمع الدولي إلى تصعيد الضغط على الكيان الصهيوني لوقف اعتداءاته ومحاسبته على جرائمه، وفرض عقوبات صارمة على هذا الاحتلال الذي لا يعرف سوى لغة القوة، محذرين من أن استمرار السياسات العدوانية للكيان الصهيوني، سيؤدي إلى مزيد من الفوضى وعدم الاستقرار في المنطقة.
وأُقيمت مسيرات حاشدة بمدينة القاعدة ومناطق حبير والجعاشن وشوائط والصفة والدخال بمديرية ذي السفال، ومنطقة البغدة والهادس بمديريات السياني، وحبيش والقفر والشعر والمخادر، ومركز مديرية بعدان، وشوط الفرس، وسوق الليل، وعزلة المنار، ومنطقة عِنان وسوق الأحد في مديرية السبرة.
وأكد المشاركون، في المسيرات على حق الشعب الفلسطيني في مقاومة الاحتلال بكل الوسائل المشروعة، معتبرين دعم المقاومة واجبًا مقدسًا على عاتق كل الأحرار في العالم.
وأشاروا إلى أن مقاومة الاحتلال هي الطريق نحو الحرية والكرامة، ولن نتوانى عن دعم هذه القضية العادلة.
وردد المشاركون في مسيرات محافظة إب، شعارات منددة بالعدوان الصهيوني على اليمن والاستهداف الإسرائيلي الممنهج للبنية التحتية العسكرية داخل الأراضي السورية
ودعا بيان صادر عن المسيرات، أبناء الأمة جمعاء، إلى مواجهة التحديات والمخاطر والتهديدات المصيرية وتوجيه بوصلة العداء إلى الذين حذر الله من أعمالهم بأنهم أشد الناس عداوة للمسلمين وهم اليهود، مؤكدًا أهمية رص الصفوف وتوجيه كل الطاقات والأسلحة لمواجهة أمريكا وإسرائيل.
وندد البيان بالجرائم الصهيونية المتواصلة وحرب الإبادة الشاملة ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة منذ 441 يومًا، مجددًا التضامن مع الشعب الفلسطيني والمجاهدين الذين سلكوا درب الكفاح لنيل الحرية والاستقلال ومناهضة المشروع الاستعماري في المنطقة.
ودعا البيان، أبناء الأمة العربية والإسلامية، وأحرار العالم إلى الخروج من الصمت والذل المشين والتحرك لإيقاف العدوان والجرائم وحرب الإبادة الصهيونية المتواصلة بحق أبناء غزة.
وأكد أن العدو الصهيوني ما يزال يوسع عدوانه بمشاركة أمريكية ليستهدف كل المنطقة لتنفيذ المشروع الصهيوني المسمى بـ “إسرائيل الكبرى” الذي يسعى لتغيير ملامح ما يسميه بالشرق الأوسط وفرض معادلة الاستباحة الكاملة.
وأشار البيان إلى ما تتعرض له شعوب المنطقة من عدوان واستباحة صهيونية واحتلال للمزيد من أراضيهم وتدميرًا لمقدراتهم، داعيًا كل دول المنطقة شعوبًا وأنظمة وأحزابًا وجماعات للاضطلاع بالمسؤولية، لأن مخططات الأعداء لا تستثني أحد والكل أمام اختبار حقيقي في صدق نواياهم وتوجهاتهم.
وبارك الانتصارات النوعية والعمليات المسددة للقوات المسلحة اليمنية التي دكّت عمق كيان العدو الإسرائيلي وزرعت الخوف والرعب في قلوب قطعان الصهاينة وقادتهم المجرمين، مؤكدًا أهمية الاستمرار في ضرب وقصف مواقع العدو.
وحيا البيان استمرار العمليات النوعية للمقاومة الفلسطينية في غزة والتي تستنزف العصابات الصهيونية وتقتل جنودهم وضباطهم، مؤكدًا مواصلة الموقف الإيماني والمبدئي الثابت المساند للشعب الفلسطيني ومجاهديه في مرحلة التصعيد الخامس.
وبارك البيان لمجاهدي حركة المقاومة الفلسطينية حماس وكتائب الشهيد عز الدين القسام الذكرى المهمة والتاريخية الحافلة بالجهاد والتضحية لتأسيس الحركة، مؤيدًا دعوتهم للأمة العربية والاسلامية لتشكيل جبهة إسناد شاملة للدفاع عن غزة.