"قدامى الجزيرة" يُتوَّج بطلًا في نهائي "كروية الحصن" بالرستاق
تاريخ النشر: 23rd, February 2024 GMT
الرستاق- جمعة بن طالب الشكيلي
تصوير/ زهير بن خليفة الهنائي
تحت رعاية هلال بن طالب البوسعيدي رئيس نادي الرستاق الرياضي الثقافي وحضور رئيس فريق الحصن طالب بن سيف الخنبشي ورؤساء الفرق وعدد غفير من الجماهير، أُسدل الستار عن نهائي بطولة الحصن لقدامى اللاعبين بتتويج فريق الجزيرة الرياضي بطلاً لها فيما حل فريق الهلال الرياضي وصيفًا.
الحفل ابتدأ بعرض لفنون الدفاع عن النفس قدمتها أكاديمية تاكيون. بعد ذلك قدم الشاعر حسن اللويهي قصائد شعرية، وبين الشوطين تم تقديم هدايا للجمهور من تقديم باسل بن سعود اللمكي.
وبالعودة لمجريات المباراة التي جمعت في قطبيها فريق الجزيرة مع شقيقه فريق الهلال والتي اتسم حظها للأول بهدف يتيم من رأسية عبد الله المعني.
المباراة منذ دقائقها الأول حملت شعار إبحث وسجل ثم استرح لتفز، حيث حاول الفريقين الوصول للشباك في أكثر من محاولة ولكن عنوان المحاولات لم تجد الجواب في التسجيل لينتهي الشوط الأول على حاله.
في الشوط الثاني حاول الفريقين المحاولة تكرارًا ومرارًا إلا أن التسجيل سجل حضوره حتى الدقائق الأخيرة من المباراة حينما مرر سهيل الشقصي لزميله تمريرة رأسية مارس فيها مهاجم الجزيرة عبد الله المعني هوايته المفضلة بتسجيله هدف السبق لتنهي صافرة الحكم معلنة تتويج الجزيرة بطلاً والهلال وصيفًا.
وفي الختام تم تكريم الداعمين ولجنة التنظيم والحكام والإعلاميين والفريقين المتوجين بالمركزين الأول والثاني، وكذلك جائزة أفضل لاعب في البطولة التي ذهبت إلى اللاعب عبد الكريم الناصري من فريق الهلال وجائزة أفضل حارس ذهبت إلى أحمد اليعربي من فريق الجزيرة وجائزة هداف البطولة ذهبت إلى عبد الله المعني كذلك تم تكريم اللاعب تيسير الهنائي كأكبر لاعب في البطولة بعد ذلك تم تقديم الهدية التذكارية لراعي الحفل.
وعن هذه البطولة يقول بدر بن علي الغافري نائب رئيس اللجنة المنظمة: نتوجه بالحمد والشكر والثناء لله عز وجل أن من علينا بواسع فضله ومنه ووفقنا لنجاح هذه البطولة وكلمات الشكر أوجهها لرئيس نادي الرستاق الرياضي هلال بن طالب البوسعيدي ولإدارة النادي كذلك، بعدها أتوجه لرئيس فريق الحصن طالب الخنبشي الذي كان داعمًا ومحفزًا لنا لنخرج هذه البطولة كما هو مخطط لها، كما لا أنسى أخواني المنظمين والإعلاميين وجميع من وضع بصمة في هذه البطولة.
وأضاف: فرحتنا لا توصف ونحن نقف على منصة النجاح في عمل أشبهه بخلية النحل طوال مراحل البطولة منذ انطلاقتها وحتى الأمس، شعور اتسم بالأخوة الخالصة والتعاون كان الشعار الدائم من الجميع فلهم الشكر الجزيل.
واختتم الغافري حديثه بقوله: هذه البطولة ما هي إلا نقطة البداية لصفحات أخرى نستعد لها سائلين العزيز أن يوفقنا بزج الجديد في كل محفل وأن يكون النجاح حليف الجميع.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
حصن السنيسلة بولاية صور .. عبقرية المبنى المستدام وذكاء البنّائين القدامى
عندما دخلنا الحصن بصحبة المظلة الشمسية في الظهيرة الحارقة التي لا تشي بليل بارد في صور. بناء مربع وعلى كل واحدة من الزوايا الثلاث يستقر برج دائري وفي الرابعة برج مربع.
في البداية، أوحت لي الباحة الخارجية الواسعة لحصن السنيسلة بولاية صور أن الحصن ممتد لمسافات بعيدة، وتوقعت أن المدخل إليه أيضا بعيد. هذه المرة الأولى التي أدخل فيها حصنا بفناء واسع جدا، ويضم الكثير من مواقف السيارات، وظننت أنه يجب أن أتأهب للمشي لساعات طويلة، لكن ما أبحث عنه كان موجودا أمامي. مدخل حصن على هضبة صخرية ينام أمامه البحر وبينهما تلعب المدينة لعبة الحياة وتتنفس.
«الحصن يتنفس أيضا! أترين البقع على الجدران؟!» هذا أول ما قاله المهندس المعماري أحمد بن محفوظ العلوي المختص في الآثار بمديرية التراث في وزارة التراث والسياحة -الذي كان يقود الجولة-، ألن نبدأ بعمر الحصن على الأقل؟! قلت في نفسي: يقول لورانس فيشبورن في دوره الذي مثله في فيلم «باب القبو»: «المنهدسون المعماريون يكتشفون المشاكل أو يتسببون فيها»، لم يكن «الحصن يتنفس» وصفا مجازيا بل كان حقيقة، والبقع التي يخلّفها هذا التنفس هي «مشكلة» كما قال لي، وتعلمت فيما بعد كيف يمكن أن تُقرأ وتُفهم وتُحل، لأنه وبطريقة ما جعل للحصن عينين ولسانا وشفتين، ساردا قصة المواد الخام التي قام عليها بناء عمره أكثر من 300 عام في واحدة من أقدم الموانئ والمدن البحرية في العالم، وهذا ما يحدث عندما يتحدث عما يحب ويتقن «العمارة».
هندسة الحماية في العمارة التراثية: عبقرية الدفاع والهجوم
كانت الأسوار في الحصن عالية، فإذا كان طولك لا يتجاوز 160 سم، ستضطر إلى الوقوف على أطراف قدمك لتنظر خلف السور، أو من بين الشرفات المسننة كما تسمى، مشيرا إلى أنه ليس علوّا عشوائيا، بل يتجلى من خلال عبقرية التصميم الدفاعي كباقي الحصون والمباني التراثية في عُمان، التي صممت بعناية لتلائم القتال. وقال العلوي: «هذه الشرفات، التي تُشبه الأسنان، توفر حماية كبيرة للمدافعين، وتمنحهم القدرة على التصويب بسهولة. الفتحات المستطيلة والدائرية الموجودة في الجدران ليست مجرد فتحات للتهوية، بل صُممت خصيصًا لتكون صغيرة من الخارج وكبيرة من الداخل، مما يسمح بالتهوية والمراقبة الفعالة، مع تعزيز الدفاع ضد أي هجوم محتمل».
وعن فتحات مائلة تخترق السقف عند المدخل علمت فيما بعد أنها «مصبات الزيت» فكانت أدوات دفاعية حيوية تستخدم لصب المواد الساخنة على المهاجمين. وهذا ما أصر العلوي على تأكيده بقوله: «التفاصيل الصغيرة تعكس استراتيجية متكاملة في التصميم، حيث يتشابك الجانب الدفاعي مع الراحة التشغيلية للمدافعين».
تقنيات التسقيف والبناء: استغلال الموارد المحلية بذكاء
الأبواب في الحصن ضيقة، لم يكن ممكنا أن أدخل والمظلة مفتوحة، وإن كان كذلك فسيلزم أن أدخل قبلها. جمال السقف المعقد بجذوع سوداء جعلني أتساءل: من جاء أولا، فتحة الباب أم السقف؟
أعلمني العلوي أن تلك الجذوع هي أخشاب الكندل وجذوع النخيل التي اعتمد البناؤون القدامى عليها كمواد محلية لتستخدم في التسقيف، حيث يتم تقسيمها إلى قطع صغيرة، لتحديد أبعاد الغرف وفق أطوال هذه الجذوع، ويصل طول خشب الكندل إلى 3.8 متر، مما يجعل عرض الغرف لا يتجاوز 3.6 متر بعد تثبيت الجذوع داخل الجدران.
وأشار إلى أن شبكة التسقيف هذه تُعزز باستخدام طبقات متعددة من المواد الطبيعية لضمان تصريف المياه بكفاءة. وأيضا مثل الارتفاع في الأسوار هذه التقنيات ليست عشوائية، بل هي ثمرة خبرة طويلة تُراعي الظروف البيئية المحلية، مثل درجات الحرارة المرتفعة ومخاطر الأمطار وغيرها من العوامل الطبيعية.
الزوايا المصقولة وغير الحادة كانت سؤالا أيضا، فأوضح أنها صممت كذلك لتجنب الكسر، وهو تصميم يعكس براعة المهندسين القدامى في استخدام مواد البناء المتوفرة بحكمة على حد تعبيره. ولفت إلى أن بلاط الجدران صمم بأسلوب يُشبه «الكوب» لتوجيه مياه الأمطار إلى نقاط تصريف محددة تُعرف بـ«التقطير»، مما يمنع تآكل الجدران ويحميها من الرطوبة.
وأشار إلى أن المواد المستخدمة في البناء التراثي، مثل الطين والصاروج، هي مواد «حية» وتتنفس، مما يسمح للجدران بامتصاص الرطوبة وإطلاقها، وكل هذه الخصائص تحمي المباني من التآكل وتمنحها عمرًا أطول بسبب تكيفها مع البيئة المحيطة، على عكس المواد الحديثة مثل الإسمنت التي قد تؤدي إلى تدهور المباني التراثية إذا لم تُستخدم بحذر.
وقال: «الصاروج، على سبيل المثال، يحتاج إلى أن يُستخرج ويُستخدم من المنطقة نفسها التي يقع فيها الحصن أو القلعة لضمان التكيف مع البيئة. النماذج التجريبية في عمليات الترميم، مثل تلك التي نُفذت في حصن بركاء، أكدت أهمية استخدام مواد محلية لضمان نجاح الترميم واستدامة المباني».
وأضاف: «الهندسة المعمارية الحديثة يمكن أن تستفيد من دروس العمارة التقليدية في تصميم مبانٍ مستدامة تتكيف مع البيئة. فالمهندس المصري أحمد شكري، على سبيل المثال، نجح في تصميم منازل بسيطة تعتمد على التهوية الطبيعية دون الحاجة إلى أجهزة تكييف، من خلال أشكال هندسية خاصة للأسقف، وهكذا يعزز الربط بين الماضي والحاضر في العمارة الهوية المعمارية ويوجد تصاميم مستدامة تتماشى مع الموارد والمناخ المحلي. هذه التفاصيل الصغيرة، التي قد يغفلها البعض، تشكل الأساس لبناء مبانٍ تدوم لقرون، كما أثبتت التجربة في الحصون والمنازل التراثية في الخليج العربي».
النوافذ التراثية: تحكم ذكي بالتهوية والخصوصية
ندخل أحد الأبراج لنستظل من الحرارة المرتفعة، فتنساب النسمات بخفة من النوافذ التي يتسلل معها ضوء الشمس، وأنا ألتقط صورة للأشعة المتسللة، قال العلوي: إن النوافذ في المباني التراثية لم تكن مجرد فتحات للضوء، بل أدوات للتحكم في التهوية والخصوصية. وأنها غالبًا تتكون من أربعة أجزاء يمكن فتحها بشكل مستقل، مما يمنح سكان المنزل تحكمًا كاملًا في تدفق الهواء. وشرح: «في الصيف، تُفتح النوافذ المواجهة للرياح وتُغلق الأخرى لتجنب حرارة الشمس، بينما تُفتح النوافذ الجنوبية في الشتاء لاستقبال أشعة الشمس الدافئة، حتى ارتفاع النوافذ كان مدروسا، حيث تبدأ من مستوى القدم وتصل إلى مستوى الركبة، مما يسمح بتهوية مباشرة للجلوس الأرضي ويوفر الخصوصية دون كشف الأشخاص داخل الغرفة».
التفاعل مع المناخ: فهم حركة الشمس والرياح
لن تعمل النوافذ بشكل صحيح إن لم تُفهم حركة الشمس والرياح، وهذا ما يؤكده العلوي في أن العمارة التقليدية اعتمدت على دراسة حركة الشمس والرياح لتوزيع المرافق داخل المنزل. وأوضح: «في الخليج العربي، كانت الجهة الشمالية تُخصص للمداخل والمرافق المهمة لتجنب حرارة الصيف. أما الجدران الجنوبية فكانت تُستخدم للمطابخ والغرف والمخازن الأقل استخداما، نظرا لتعرضها المباشر للشمس».
وأضاف: «في الحصون، كانت الواجهات تُبنى باتجاه الشمال أو البحر للاستفادة من الرياح الباردة، مع إعطاء الظهر للجهات الحارة. الجدران السميكة، التي يتجاوز سمكها مترا في بعض الأحيان، كانت توفر عزلًا طبيعيًا للحرارة، مما يجعل المباني باردة في الصيف ودافئة في الشتاء، وهكذا تتنفس».