????الشفافية في زمن القحط (١ – ٦)
تاريخ النشر: 23rd, February 2024 GMT
١/ العلمانية
▪️يكثر قادة #قحت الحديث عن تميزهم عن غيرهم من الكيانات بالشفافية، لكن آخر من يحق لهم إلقاء المحاضرات عن “الشفافية” هم جماعة قحت والتنسيقية، فعدم الشفافية عندهم ليس أمراً هامشياً يتعلق بالتفاصيل، بل بأساس مشروعهم العلماني، وإذا ارتبط عدم الشفافية بالمشروع نفسه فإن قائمة طويلة من الأفعال والأقوال غير الشفافة ستنتج عن ذلك حتماً .
▪️من هذه الأقوال غير الشفافة ما قاله وجدي صالح ( سمعتونا في يوم جبنا سيرة علمانية ؟ سمعتونا في يوم قلنا السودان دولة علمانية ؟)، وما قاله محمد ناجي الأصم ( موضوع علاقة الدين والدولة ليس من أجندتنا في قوى الحرية والتغيير ولن نفرضه على الناس لأننا ديمقراطيين، ولا نأتي على سيرته أصلاً .. ) وقد اجتمع في قوليهما الصدق والكذب، فما قالاه صادق لجهة تحاشيهم كلمة العلمانية تماماً، وكاذب لجهة إخفاء الحقيقة، وهي أن هذا التحاشي سببه علمهم بسوء سمعة كلمة العلمانية لا عدم رغبتهم في تطبيقها، ولا عدم تنفيذهم لهذه الرغبة، وهذا يصل بعدم الشفافية إلى أقصى الحدود .
▪️ وفي خداع مكشوف يتبنون مصطلح “الدولة المدنية”، ولخشيتهم من أن يقصِّر المصطلح عن معنى العلمانية ولا يحققه بتمامه يضيفون “التي تقف على مسافة واحدة من الأديان”، وأحياناً لمزيد من التعمية يضيفون الهويات والثقافات ليكون التعبير ( .. التي تقف على مسافة واحدة من الأدبان والهويات والثقافات ) كما جاء في اتفاقهم مع الدعم السريع في أديس أبابا .
▪️ نقل عنهم د. محمد يوسف عضو حركة الحلو أنهم حدثوهم عن موافقتهم على طرح الحركة العلماني واقترحوا تسمية بديلة لأنهم يعتقدون أن : ( النص صراحةً علي كلمة علمانية يمكن أن يخلق لهم مشاكل مع المواطنين الذين لا زال الجهل يسيطر علي مجموعات كبيرة منهم )، ولم يكذبوه !
▪️ونقل د. محمد جلال هاشم عن أ. نصر الدين عبد البارئ أنهم يعملون لتطبيق العلمانية لكن بالتدريج، والتدرج بالطريقة التي كانت تطبقها قحت كان نوعاً من التقية وعدم الشفافية، وإقالة د. عمر القراي كانت ذات صلة “بشفافيته” الزائدة عن المعدل، وبعدم التزامه بالتدرج الذي لا يلفت النظر ولا يستفز الناس بدرجة كبيرة .
▪️في مقال قديم لها قالت أ. رشا عوض الناطقة الحالية باسم تنسيقية قحت : ( أرفض منهج المهادنة، وتفادي المواجهات الحاسمة والجذرية )، ودعت إلى تجاوز الشريعة ( تجاوزاً حاسماً )، وانتقدت التعلل بوجود مسيحيين لرفض الشريعة، وانتقدت ( الحديث عن أن ما طبقه النميري وطبقته الإنقاذ ليس هو الشريعة الصحيحة ) لأنه في اعتقادها لا توجد شريعة صحيحة أصلاً، وإنما ( مصطلح سياسي معاصر من صنع “بشر عاديين” وليست لها أية قدسية دينية )، لكن “شفافيتها” هذه تبخرت بالكامل عندما جاءت قحت إلى السلطة وأصبح منهج التقية والتدرج والمواجهة غير الحاسمة، والتعلل بتشويه الشريعة وبوجود المسيحيين هو الأساس، ربما لقناعتها بأن مرحلة السلطة تقتضي هذا المنهج طالما أنه لا يعطل تطبيق العلمانية !
▪️اتتقلت عدوى عدم الشفافية فيما يخص العلمانية إلى حلفاء قحت، ومنهم مجموعة د. كمال عمر، وللخلفية الإسلامية للمجموعة تمظهر عدم شفافيتهم في شكل تناقضات، فكمال عمر الذي يقول أمام أعضاء حزبه ( الدين في الدستور نحن المسؤولين منو ) ويضيف ( لو ما اتعدلت كلمة مدنية في مشروع الدستور الانتقالي دا، نحن بناخذ موقف سياسي وبنخرج عن هذا الدستور )، هو ذاته الذي يتبنى خطاباً معاكساً في معرض دفاعه عن الدستور العلماني ويقول ( نحن مستعدين نفسر المدنية بأنها تعني ضد العسكرية لا العلمانية ) و( الكلام عن الدين شبعنا فيهو ) و( الاتفاق الإطاري غير قابل للفتح )، وهو الاتفاق الذي يشدد على مدنية الدولة التي خدّر عضوية حزبه بأنهم سينسحبون إذا لم تُعدَّل !
▪️ أيضاً من تناقضات د. كمال عمر أنه كان في معرض تسويقه لدستور #قحت والأجانب يحاول طمأنة عضوية حزبه ويقول إن الفترة الانتقالية لن تحسم موضوع العلمانية، وإن الأمر سيُحسَم بالانتخابات، لكنه في معرض طمأنته لأحد العلمانيين المتخوفين من #الانتخابات قال له ( إنت عندك مشكلة في أنو الإسلاميين يتجمعوا ويجيبوا قانون يجيبوا دستور إسلامي ؟ دي ما بتبقى تاني، ما بتبقى ) !
▪️ المفارقات التي نتجت عن عدم الشفافية بخصوص المشروع العلماني كثيرة، منها :
???? يحتاج أصحابه إلى وعد الخارج، ومخادعة الداخل !
???? لا يستطيعون إظهار حماسهم له، وبالتالي فهم أقل استطاعة لتحميس الجماهير .
???? ويحتاجون إلى العمل لا الكلام بافتراض غريب بأن العمل أقل قابلية للملاحظةً، وبالتالي أقل استفزازاً من الكلام .
???? لا يستطيعون اتتاج شعارات ذات صلة مباشرة وواضحة به لترددها الجماهير .
???? الشعار الوحيد هو ( مدنياااااو ) الذي أرادوا من الناس أن يرددوه كالببغاوات، بل وردوا به على بارود صندل عندما سألهم عما يقصدونه بالدولة المدنية التي تقف على مسافة واحدة من الأديان كما روى #كمال_عمر !
???? العار عند الناس ليس عار العنوان ليزول بتحاشيه، بل هو عار المشروع نفسه، ولذلك أصبحت أقسى تهمة يوجهها لهم خصومهم هي شدة وفائهم لمشروعهم، وأفضل دفاع هو إنكارهم لهذا الوفاء !
???? ولأسباب متعلقة بعدم الشفافية لم يضيفوا ما حققوه في مشروعهم العلماني إلى قائمة ( إنجازاتهم ) .
???? ولم يضيفوه إلى موضوعات حملة ( شكراً #حمدوك) الشهيرة .
???? ولم يتحدثوا بصوت جهير عن أضرار أصابت مشروع العلمنة جراء فض الشراكة في ٢٥ أكتوبر ٢٠٢١ .
???? ولم يضيفوا العلمانية إلى قائمة مسوغات عودتهم إلى الحكم .
???? ولم يعدوا صراحةً بالانطلاق إلى خطوات متقدمة في مشروع العلمنة بعد عودتهم إلى السلطة .
#ابراهيم_عثمان
المصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
قصة الطفلة وسام – رمز لأمل يتحدى النزوح ويعيد الحياة إلى مدارس السودان
الأمم المتحدة: بقلب ينبض بالأمل، ترسم الطفلة السودانية وسام زهرة في دفترها، وهي تتوسط زميلاتها داخل فصل يعج بأحلام العودة. بفضل لوازم مدرسية تمس الحاجة إليها وزعتها منظمة اليونيسف بدعم من صندوق "التعليم لا ينتظر"، استعاد أكثر من مئة ألف تلميذ سوداني حقهم في التعليم.
وسط همسات زميلاتها وهن يلملمن أغراضهن، غرقت وسام ذات التسع سنوات في عالم خيالها، ترسم صورة تنبض بالحياة. وعندما انتهت، أعادت أقلامها الملونة إلى حقيبتها، التي تحمل معها أملا لا ينضب، رغم قسوة النزوح التي عصفت بملايين الأطفال.
تقول وسام: "تركت ألعابي وكتبي وزيي المدرسي وحقيبتي وأقلامي. كان زيي جميلا".
تواجه البلاد أكبر أزمة نزوح للأطفال في العالم، حيث يوجد أكثر من 17 مليون طفل في سن الدراسة خارج أسوار المدارس حاليا. تضررت أو دمرت مئات المباني المدرسية منذ بداية الحرب في السودان في نيسان/أبريل 2023. ويتم استخدام العديد من المباني الأخرى كملاجئ للنازحين.
مع إعادة فتح 489 مدرسة، عاد ما يقرب من 120 ألف طفل إلى الفصول الدراسية في ولاية البحر الأحمر الساحلية. يواصل صندوق التعليم لا ينتظر - وهو صندوق الأمم المتحدة العالمي المعني بالتعليم في حالات الطوارئ والأزمات الممتدة - وشركاء مثل اليونيسف دعم الفتيات والصبيان في جميع أنحاء السودان لضمان مواصلة تعليمهم حتى في أصعب الظروف.
مرت وسام بمصاعب وأهوال تستعصي على الوصف، حيث اضطرت هي وعائلتها إلى الفرار من منزلهم في سنار طلبا للأمان في مدينة بورتسودان على السحل الشرقي للسودان، تاركين وراءهم جميع ممتلكاتهم تقريبا، بما في ذلك الزي المدرسي.
حقائب لمستقبل أكثر إشراقا
عندما أُعيد فتح المدارس أخيرا في بورتسودان، لم تستطع عائلة وسام تحمل تكاليف اللوازم المدرسية اللازمة.
مع كل خطوة تخطوها وسام وأشقاؤها نحو مدرستهم الجديدة في بورتسودان، كان شغفهم بالتعلم يتجدد، لكن ظلال النزوح ألقت بعبء نقص اللوازم المدرسية، مما حال دون اكتمال فرحتهم بالعودة إلى مقاعد الدراسة.
لحسن الحظ أن مدرسة وسام هي واحدة من العديد من المدارس في السودان التي تتلقى لوازم مدرسية حيوية بفضل دعم صندوق التعليم لا ينتظر. من خلال هذه المبادرة، التي تهدف إلى ضمان حصول جميع الأطفال على الأدوات التي يحتاجونها للعودة إلى التعلم، تلقت وسام وأشقاؤها زيا مدرسيا جديدا وحقائب ظهر مليئة بالأدوات مثل الدفاتر وأقلام التلوين والطباشير والمساطر.
وعن ذلك تقول وسام: "أحب حقيبتي الجديدة. إنها أكبر بكثير من الحقيبة التي تركتها في المنزل".
أكثر من مجرد حقيبة مدرسية
حقيبة الظهر الجديدة هذه تعني أكثر من مجرد كتب ولوازم مدرسية بالنسبة لوسام. إنها تحمل أحلامها بمستقبل أكثر إشراقا وسلاما في وطنها يسمح لها بالتعلم والنمو وتحقيق كامل إمكاناتها.
تدرس وسام حاليا في الصف الثالث، وهي تشارك بحماس في مناقشات الفصل وترفع يدها بثقة للإجابة عن الأسئلة. زيها الجديد يضيف معنى إلى شعورها بالفخر والانتماء.
لكن في لحظات عزلتها الهادئة، في خضم الفوضى التي أحاطت بها منذ بداية الحرب، تنبض وسام بالحياة. فبعد انتهاء اليوم الدراسي، تبقى وسام في الفصل الدراسي، منغمسة في رسوماتها. الزهور الملونة، المرسومة بعناية فائقة، هي شهادة على إبداعها وتصميمها على البحث عن الجمال حتى في الظروف الصعبة.
بفضل مجموعة أقلام التلوين الجديدة التي تلقتها، يمكن لوسام الآن التعبير عن نفسها بطرق لم تكن قادرة عليها من قبل. وعن ذلك تقول: "سأشارك الألوان مع أشقائي".
التعليم أمر بالغ الأهمية في أوقات الأزمات، ليس فقط للتعلم الأكاديمي، ولكن أيضا لتوفير شعور بالوضع الطبيعي والاستقرار والأمان. في الواقع، مبادرة اللوازم المدرسية هي جزء من استجابة صندوق التعليم لا ينتظر الشاملة في السودان والدول المجاورة، والتي تدعم إنشاء مساحات آمنة للأطفال ومراكز تعليم مؤقتة وتدريب المعلمين وتوفير مواد تعليمية ودعم الصحة النفسية والدعم النفسي الاجتماعي والمزيد.
توفر المدارس للأطفال النازحين مثل وسام مساحة آمنة للتعافي من صدمة الصراع. كما أنها تساعد في حماية الأطفال من الممارسات الضارة مثل زواج الأطفال وعمالة الأطفال والتجنيد القسري في الجماعات المسلحة، مما يمنحهم الفرصة لتحقيق أحلامهم وبناء مستقبل أفضل.
تقول وسام: "المنزل أفضل من هنا، لكن لا يمكننا العودة بسبب الحرب. الحرب سيئة للغاية".
ومع ذلك، تظل وسام متفائلة. فبفضل الدعم الذي تلقته، تشعر الآن أن التعليم هو سبيلها للمضي للأمام.
الاحتياجات تتنامى
حتى الآن، وصل دعم صندوق التعليم لا ينتظر إلى 135 ألف فتاة وصبي متضررين من الأزمة في السودان. بلغ إجمالي استثمارات الصندوق في السودان 33.7 مليون دولار ويدعم بناء وإعادة تأهيل الفصول الدراسية وتوفير مواد التعلم والتدريس وتدريب المعلمين وتحسين الوصول إلى مياه الشرب والمرافق الصحية والمرافق الصحية المراعية للنوع الاجتماعي وتحسين الوصول إلى تعليم جيد وشامل وصديق للأطفال.
قدم الصندوق الأممي أيضا أكثر من 20 مليون دولار استجابة لاحتياجات تعليم اللاجئين الإقليمية، مع منح تم الإعلان عنها في جمهورية أفريقيا الوسطى وتشاد ومصر وإثيوبيا وليبيا وجنوب السودان وأوغندا.
لكن الاحتياجات في السودان، وفي الأزمات حول العالم، مستمرة في التنامي. فقد وجد تقرير حديث صادر عن صندوق التعليم لا ينتظر أن 234 مليون فتاة وصبي في سن الدراسة يتأثرون بالأزمات ويحتاجون إلى دعم عاجل للوصول إلى التعليم الجيد. هذا يمثل زيادة لا تقل عن 35 مليونا خلال السنوات الثلاث الماضية.
حقيبة الظهر الجديدة تمثل بالنسبة لوسام تذكيرا بكل ما اضطرت إلى تركه وراءها، وهي تحمل الآن ثقل كل ما تأمل في تحقيقه. ومع كل درس، تقترب خطوة من المستقبل الذي تستحقه، وهو المستقبل الذي تصمم الطفلة البالغة من العمر تسع سنوات على خلقه.