موقع النيلين:
2025-01-08@22:30:30 GMT

????الشفافية في زمن القحط (١ – ٦)

تاريخ النشر: 23rd, February 2024 GMT


١/ العلمانية
▪️يكثر قادة #قحت الحديث عن تميزهم عن غيرهم من الكيانات بالشفافية، لكن آخر من يحق لهم إلقاء المحاضرات عن “الشفافية” هم جماعة قحت والتنسيقية، فعدم الشفافية عندهم ليس أمراً هامشياً يتعلق بالتفاصيل، بل بأساس مشروعهم العلماني، وإذا ارتبط عدم الشفافية بالمشروع نفسه فإن قائمة طويلة من الأفعال والأقوال غير الشفافة ستنتج عن ذلك حتماً .


▪️من هذه الأقوال غير الشفافة ما قاله وجدي صالح ( سمعتونا في يوم جبنا سيرة علمانية ؟ سمعتونا في يوم قلنا السودان دولة علمانية ؟)، وما قاله محمد ناجي الأصم ( موضوع علاقة الدين والدولة ليس من أجندتنا في قوى الحرية والتغيير ولن نفرضه على الناس لأننا ديمقراطيين، ولا نأتي على سيرته أصلاً .. ) وقد اجتمع في قوليهما الصدق والكذب، فما قالاه صادق لجهة تحاشيهم كلمة العلمانية تماماً، وكاذب لجهة إخفاء الحقيقة، وهي أن هذا التحاشي سببه علمهم بسوء سمعة كلمة العلمانية لا عدم رغبتهم في تطبيقها، ولا عدم تنفيذهم لهذه الرغبة، وهذا يصل بعدم الشفافية إلى أقصى الحدود .
▪️ وفي خداع مكشوف يتبنون مصطلح “الدولة المدنية”، ولخشيتهم من أن يقصِّر المصطلح عن معنى العلمانية ولا يحققه بتمامه يضيفون “التي تقف على مسافة واحدة من الأديان”، وأحياناً لمزيد من التعمية يضيفون الهويات والثقافات ليكون التعبير ( .. التي تقف على مسافة واحدة من الأدبان والهويات والثقافات ) كما جاء في اتفاقهم مع الدعم السريع في أديس أبابا .
▪️ نقل عنهم د. محمد يوسف عضو حركة الحلو أنهم حدثوهم عن موافقتهم على طرح الحركة العلماني واقترحوا تسمية بديلة لأنهم يعتقدون أن : ( النص صراحةً علي كلمة علمانية يمكن أن يخلق لهم مشاكل مع المواطنين الذين لا زال الجهل يسيطر علي مجموعات كبيرة منهم )، ولم يكذبوه !
▪️ونقل د. محمد جلال هاشم عن أ. نصر الدين عبد البارئ أنهم يعملون لتطبيق العلمانية لكن بالتدريج، والتدرج بالطريقة التي كانت تطبقها قحت كان نوعاً من التقية وعدم الشفافية، وإقالة د. عمر القراي كانت ذات صلة “بشفافيته” الزائدة عن المعدل، وبعدم التزامه بالتدرج الذي لا يلفت النظر ولا يستفز الناس بدرجة كبيرة .
▪️في مقال قديم لها قالت أ. رشا عوض الناطقة الحالية باسم تنسيقية قحت : ( أرفض منهج المهادنة، وتفادي المواجهات الحاسمة والجذرية )، ودعت إلى تجاوز الشريعة ( تجاوزاً حاسماً )، وانتقدت التعلل بوجود مسيحيين لرفض الشريعة، وانتقدت ( الحديث عن أن ما طبقه النميري وطبقته الإنقاذ ليس هو الشريعة الصحيحة ) لأنه في اعتقادها لا توجد شريعة صحيحة أصلاً، وإنما ( مصطلح سياسي معاصر من صنع “بشر عاديين” وليست لها أية قدسية دينية )، لكن “شفافيتها” هذه تبخرت بالكامل عندما جاءت قحت إلى السلطة وأصبح منهج التقية والتدرج والمواجهة غير الحاسمة، والتعلل بتشويه الشريعة وبوجود المسيحيين هو الأساس، ربما لقناعتها بأن مرحلة السلطة تقتضي هذا المنهج طالما أنه لا يعطل تطبيق العلمانية !
▪️اتتقلت عدوى عدم الشفافية فيما يخص العلمانية إلى حلفاء قحت، ومنهم مجموعة د. كمال عمر، وللخلفية الإسلامية للمجموعة تمظهر عدم شفافيتهم في شكل تناقضات، فكمال عمر الذي يقول أمام أعضاء حزبه ( الدين في الدستور نحن المسؤولين منو ) ويضيف ( لو ما اتعدلت كلمة مدنية في مشروع الدستور الانتقالي دا، نحن بناخذ موقف سياسي وبنخرج عن هذا الدستور )، هو ذاته الذي يتبنى خطاباً معاكساً في معرض دفاعه عن الدستور العلماني ويقول ( نحن مستعدين نفسر المدنية بأنها تعني ضد العسكرية لا العلمانية ) و( الكلام عن الدين شبعنا فيهو ) و( الاتفاق الإطاري غير قابل للفتح )، وهو الاتفاق الذي يشدد على مدنية الدولة التي خدّر عضوية حزبه بأنهم سينسحبون إذا لم تُعدَّل !
▪️ أيضاً من تناقضات د. كمال عمر أنه كان في معرض تسويقه لدستور #قحت والأجانب يحاول طمأنة عضوية حزبه ويقول إن الفترة الانتقالية لن تحسم موضوع العلمانية، وإن الأمر سيُحسَم بالانتخابات، لكنه في معرض طمأنته لأحد العلمانيين المتخوفين من #الانتخابات قال له ( إنت عندك مشكلة في أنو الإسلاميين يتجمعوا ويجيبوا قانون يجيبوا دستور إسلامي ؟ دي ما بتبقى تاني، ما بتبقى ) !
▪️ المفارقات التي نتجت عن عدم الشفافية بخصوص المشروع العلماني كثيرة، منها :
???? يحتاج أصحابه إلى وعد الخارج، ومخادعة الداخل !
???? لا يستطيعون إظهار حماسهم له، وبالتالي فهم أقل استطاعة لتحميس الجماهير .
???? ويحتاجون إلى العمل لا الكلام بافتراض غريب بأن العمل أقل قابلية للملاحظةً، وبالتالي أقل استفزازاً من الكلام .
???? لا يستطيعون اتتاج شعارات ذات صلة مباشرة وواضحة به لترددها الجماهير .
???? الشعار الوحيد هو ( مدنياااااو ) الذي أرادوا من الناس أن يرددوه كالببغاوات، بل وردوا به على بارود صندل عندما سألهم عما يقصدونه بالدولة المدنية التي تقف على مسافة واحدة من الأديان كما روى #كمال_عمر !
???? العار عند الناس ليس عار العنوان ليزول بتحاشيه، بل هو عار المشروع نفسه، ولذلك أصبحت أقسى تهمة يوجهها لهم خصومهم هي شدة وفائهم لمشروعهم، وأفضل دفاع هو إنكارهم لهذا الوفاء !
???? ⁠ولأسباب متعلقة بعدم الشفافية لم يضيفوا ما حققوه في مشروعهم العلماني إلى قائمة ( إنجازاتهم ) .
???? ولم يضيفوه إلى موضوعات حملة ( شكراً #حمدوك) الشهيرة .
???? ولم يتحدثوا بصوت جهير عن أضرار أصابت مشروع العلمنة جراء فض الشراكة في ٢٥ أكتوبر ٢٠٢١ .
???? ولم يضيفوا العلمانية إلى قائمة مسوغات عودتهم إلى الحكم .
???? ولم يعدوا صراحةً بالانطلاق إلى خطوات متقدمة في مشروع العلمنة بعد عودتهم إلى السلطة .
#ابراهيم_عثمان

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

السـلطة المحلية.. الخيار الأنسب لتوزيع السلطات في الدولة الليبية (3 – 3)

[هذه ورقة (من ثلاث أجزاء) مُقدمة للنشطاء السياسيين وأصحاب الرأي وصُناع القرار، كمحاولة للوصول إلى مشتركات بين الفرقاء في ربوع الوطن]

في الجزء الأول من هذا المقال حاولت تسليط الضوء على حتمية اللامركزية ولماذا هي ضرورية؟ وما هو الفرق بين الإدارة المحلية، والحكم المحلي، والسلطة المحلية؟

وفي الجزء (الثاني) حاولت التركيز على: كيفية توزيع السلطات في الدولة؟ وما هي اختصاصات كل سلطة؟ وما هي السلطات المشتركة بينها؟ وما هي السلطات المحظورة؟

أما في هذا الجزء الثالث (والأخير) فسأحاول التركيز على: اسم وشكل الدولة؟ وما هو التقسيم الإداري المناسب للدولة وكيفية توزيع الثروات؟ والخلاصةً.

أولاً: اسم وشكل الدولة

(أ) فيما يتعلق باسم الدولة

اقترح أن يبقى اسم “دولة ليبيا” كما هو، وذلك لأسباب عديدة لعل من أهمها:

(1) أنه يُعبر عن كل مكوناتها وأطيافها، وأنه أكثر شمولية في الوصف من أي اسم آخر.

(2) لأنه اسم مجرد من أي وصف لأي نظام حكم، بحيث يمكن أن يكون نظام حكم الدولة جمهوري، أو ملكي، أو جماهيري، أو أي نظام حكم آخر.

(3) لأنه اسم, من الناحية الفكرية والثقافية، يعطينا فرصة لإعادة بناء “الهوية الوطنية الجامعة”.

(4) لأن أغلب الدول اليوم تستخدم اسم “دولة” دون ربطه بأي نظام حكم معين.

(5) لأنه اسم يساعدنا على التخلص من إشكاليات الماضي ومساوئه.

(6) لأنه اسم، من الناحية العملية والاقتصادية، يوفر على الدولة مليارات الدولارات، فلا ضرورة لتغيير ما قامت الدولة بطباعته واستخدامه خلال السنوات الماضية والذي تضمن اسم “دولة ليبيا” عليه.

(ب) أما فيما يتعلق بشكل الدولة

بمعنى ما هو شكل الدولة التي يسعى لتأسيسها الشعب الليبي؟ هل:

هي دولةموحدة” كما هو شائع في الأغلبية العظمى من دول العالم،

أم هي دولة “موحدة مناطقية” كما هو الحال في 12 دولة من دول العالم من بينها بريطانيا وفرنسا.

أم هي دولة “فيدرالية” كما هو الحال في أمريكا وألمانيا؟

أم هي دولة “كونفيدرالية” كما هو الحال في سويسرا؟

أم هي شكل آخر من أشكال “الدول التوافقية” كما هو الحال في لبنان؟

والحقيقة التي يجب أن يُدركها الجميع، أنه إذا تم اعتماد مشروع الدستور (المعروض للاستفتاء عليه) دون تحديد شكل الدولة فيه، فإن شكل هذه الدولة سيكون عُرضة للتسيّس والتغيير وفقاً لمن يحكمها، بمعنى آخر، سيكون شكل الدولة عُرضة لتأويلات وتفسيرات الطبقة الحاكمة المُسيطرة على مفاصل الدولة، بمعنى:

إذا وصل الوحدويون إلى السلطة، سيتصرفون على أن شكل دولتهم “موحدة!”

وإذا وصل الفيدراليون إلى السلطة، سيتعاملون مع شكل الدولة على أنه “فيدرالي”!

وإذا وصل الكونفيدراليون إلى السلطة، سيعتقدون أن شكل دولتهم “كونفيدرالي!

وإذا وصل اللامركزيون إلى السلطة، سينظرون لشكل الدولة على أنه “لامركزي موسع!

والمُحزن، أن كل هؤلاء، من الناحية النظرية، يمكن أن يكون اعتقادهم صواب!!

وعليه، فإن عدم النص الواضح والصريح على “ما هو شكل الدولة” في مشروع الدستور، سيقود حتما إلى إيجاد هيكلية إدارية وسياسية مُتغيرة وهشة وغامضة، ويؤسس لدولة مأزومة، وسيكون سبب من أسباب انهيارها واستمرار الفوضى فيها! وبالتالي، في اعتقادي المتواضع، من الواجب والضروري تحديد شكل الدولة ما هو.

وفي هذا الصدد اقترح، أنه من الأنسب، أن يكون شكل دولتنا هو “دولة موحدة لا مركزية“، وذلك لأسباب عديدة لعل من أهمها:

(1) إن مصطلح “موحدة” يعني أن السيادة في الدولة كاملة ولا تقبل التجزئة، ولا يجوز النزول عن سيادتها ولا عن أي جزء من أراضيها.

(2) إن مصطلح “موحدة” يعني أنها دولة قائمة على أساس دستور واحد، وأن جميع مواطنيها يخضعون لنفس القوانين دون تمييز، وأن شعارها: “أينما تُقيم… فأنت مواطن“، بمعنى آخر، أن المواطنة هي “بطاقة تعريف للوطن والمواطن“، وللمواطن حق الإقامة في أي مكان في ربوع الوطن.

(3) أما مصطلح “لا مركزية” فيعني ببساطة أنها دولة تقوم على مبادئ اللامركزية في توزيع السلطات والثروات.

ثانياً: التقسيم الإداري للدولة

والسؤال هنا، ما هو التقسيم الإداري اللامركزي المناسب للدولة الليبية؟ بمعنى آخر، هل يجب أن تكون:

دولة كونفيدرالية؟

أم دولة فيدرالية؟

أم دولة مُوحدة مركزية؟

أم دولة مُوحدة لامركزية؟

 بمعنى آخر، على أي أسس اللامركزية يمكن تحديد الأقاليم والولايات (أو المحافظات) والبلديات التابعة لكل ولاية؟ وهنا اقترح أن يتم التقسيم الإداري في دولتنا الحديثة على أساس ثمان (8) ولايات (أو محافظات) في الأقاليم التاريخية الثلاث، وذلك كالآتي:

* عدد اثنين (2) ولايات (أو محافظات) في إقليم برقة

* عدد اثنين (2) ولايات (أو محافظات) في إقليم فزان

* عدد اثنين (2) ولايات (أو محافظات) في إقليم طرابلس

* واقترح, بالإضافة لذلك، اعتبار كل من بنغازي (الكبرى)، وطرابلس (الكبرى) في مرتبة الولايات أو المحافظات، وذلك لما لهما من خصوصيات سكانية، ومزايا سياسية، ومكانة اقتصادية واجتماعية في الدولة.

ولتوضيح هذا المقترح أنظر الخريطة والجدول الآتي:

في اعتقادي المتواضع، يمكن اعتبار هذا التقسيم هو الأنسب في هذه الظروف بالذات (على الأقل كحل مؤقت لمدة أربع دورات انتخابية)، وذلك لأنه يحقق التوازن السياسي والاقتصادي والجغرافي المرغوب، وبمعني آخر، هو حل عملي وواقعي، ومناسب لمواجهة التحديات والتعامل مع الأزمات التي يواجهها شعبنا، وهو تقسيم يُعطي للأقاليم التاريخية الثلاث دورها الطبيعي في دولتنا الحديثة القادمة.

وهنا لابد من التذكير بأن تقسيم الدول إلى أقاليم هو أسلوب سائد في العديد من دول العالم، ولكن الغرض الأساسي والوظيفي لهذه الأقاليم – في الدول الحديثة – هو التنافس والمقارنة بينها – على أسس التنمية المكانية والجغرافية والسكانية والثقافية، والتخطيط الاقتصادي والاجتماعي في الدولة، ولعل من أهم الدول التي يوجد بها هذا التصنيف هي: الولايات المتحدة، وبريطانيا، وكندا، وألمانيا، وسويسرا، وإيطاليا، والبرازيل، والهند، ومصر، والجزائر، والمغرب، وتونس، وجنوب إفريقيا، وغيرها.

ثالثاً: كيفية توزيع الثروات؟

بداية لا بد من التذكير أن السلطة والثروة وجهان لعملة واحدة – بمعنى أن:

“السلطة ثروة… والثروة سلطة”.

وعليه يجب أن تكون كل الثروات الطبيعية في الدولة ملك لكل أبناء الشعب، ولكي تتم المحافظة على الثروات الوطنية وتحقيق التوزيع العادل والمناسب لها لابد من القيام بالآتي:

(أ) ضرورة قيام الدولة بتنميتها، واستثمارها، وحسن إدارتها.

(ب) ضرورة التزام الدولة بإنشاء مشاريع تنموية بديلة للثروات غير المتجددة بمناطق الإنتاج وفق الإمكانيات المكانية المتاحة.

(جـ) ضرورة التزام الدولة بسَّن التشريعات المناسبة لضمان معالجة المشاكل الصحية والبيئة وكل الأضرار الناجمة عن استغلال هذه الثروات.

(د) ضرورة التزام الدولة بتخصيص نسبة من عوائد الثروات لصالح الأجيال القادمة.

(هـ) ضرورة دسترة المعايير والآليات الضرورية لتوزيع الثروات، على أن يكون من بين هذه المعايير والآليات الآتي:

(1) التوزيع على أساس عدد السكان.

(2) التوزيع على أساس الحاجة.

(3) التوزيع على أساس المساواة.

(4) التوزيع على أساس درجة التهميش.

(5) التوزيع على أساس جبر الضرر.

(6) التوزيع على أساس الرقعة الجغرافية.

(7) التوزيع على أساس التنمية المكانية والبشرية.

(8) التوزيع على أساس متطلبات توطين المشاريع الوطنية.

(9) التوزيع على أساس المنافسة بين الوحدات المحلية.

(10) التوزيع على أساس أي معايير أخرى يراها المشرع ضرورية، ويحدد كل ذلك بقانون.

(و) ضرورة دسترة الموارد الخاصة بتمويل الوحدات المحلية، والتي لعل من أهمها الآتي:

1. الموارد التي تعود للوحدات المحلية بفعل المخصصات الدستورية، ويحدد القانون المبادئ والقواعد والإجراءات الهادفة لضمان الاستخدام الصحيح والعادل لهذه الموارد.

2. المصادر المالية من المعونات والمساعدات التي تُرصد للوحدات المحلية كحصة من الموارد والضرائب الوطنية.

3. الموارد الذاتية والناتجة عن رسوم استعمال ممتلكاتها الخاصة والخدمات التي تقدمها للمواطنين المقيمين فيها.

4. الغرامات والعقوبات التي تفرضها الوحدات المحلية على المخالفين للوائحها وإجراءاتها.

5. الضرائب والرسـوم والمساعدات الأخرى التي تُخصص للوحدات المحلية بقانون وطني.

6. لا تتدخل السلطات المركزية في شؤون الوحدات المحلية إلا لضمان استمرارية المرافق العامة وبمراعاة المعايير الوطنية وفق الدستور والقانون، وتخضع الوحدات المحلية فيما يتعلق بشرعية إعمالها للرقابة اللاحقة.

الخلاصة

في اعتقادي المتواضع، أن “نظام السلطة المحلية” مهم ومناسب لبلادنا – وخصوصا في هذه الظروف – لأنه ببساطة يعمل على الجمع بين عاطفتي – الوحدة والاستقلال، بمعنى هو من جهة، يحقق عاطفة الوحدة الوطنية، وذلك بالتأكيد على وحدة الدولة والمحافظة على سيادتها والإجماع على “هويتها الوطنية الواحدة“، ومن جهة أخرى، يحقق عاطفة الاستقلال، وذلك بوجود درجة كبيرة من الاستقلالية المحلية في كل ما هو شأن محلي وداخلي للوحدات، وبذلك يكون لكل وحدة محلية سلطات أكبر فيما يتعلق بشؤونها، وخصوصا فيما يتعلق بالخدمات الاجتماعية والصحية والتعليمية والأمنية وغيرها.

وحتى لا يكون هذا المقترح (أي تقسيم الدولة إلى ثلاث أقاليم وثمان (8) ولايات – كما هو مذكور أعلاه) مجرد قرار سياسي سلطوي، وغير عادل، لابد أن يقوم على أساس فكرة الدولة الموحدة المتعددة الأقاليم والولايات، وأن يسعى المواطنون فيها لإيجاد حلول ومعالجات جديدة، وبنظرة واقعية وسياسية واقتصادية لكل قضاياهم المحلية والوطنية، وأن ينظروا لفكرة السلطة المحلية كـ“سلطة رابعة سياسياً” في الدولة (أي بالإضافة إلى السلطات الثلاث – التشريعية والتنفيذية والقضائية، هناك أيضاً سلطات محلية قوية وشبه مستقلة)، وعليه إن اعتبار السلطة المحلية في الدولة سلطة رابعة سياسياً يقود حتماً إلى نجاحها وتقدمها وازدهارها، وتتحقق بذلك أهداف عديدة لعل من أهمها:

(1) توسيع قاعدة المشاركة الشعبية في اتخاذ القرارات السياسية بين جميع مُكونات الدولة.

(2) إدارة التنوع في الدولة بنجاح، وذلك بالتوزيع العادل واعتماد مبدأ “التنوع من خلال الوحدة”.

(3) تحقيق وضمان وحدة الدولة ومنع هيمنة السلطة المركزية على الشؤون المحلية.

(4) السماح بانتخاب المسؤولين المحليين بدلا من تعيينهم من السلطة المركزية.

(5) خلق توازن وتكامل بين المستويات الثلاث (المركزي والمناطقي والمحلي) في الدولة.

باختصار شديد، يمكن القول إن أسلوب السلطة المحلية:

هو “نظام يجمع” بين مصطلحي “الإدارة والحكم” في منظومة لا مركزية متوازنة،

وهو “نموذج للسلطة” الأمثل والأنسب للواقع الليبي، وخصوصا في هذه الظروف الحرجة,

وهو “وصفة سياسية” مناسبة ستحقق لنا – بأذن الله:

دولة تُجمع…لا… تُفرق

دولة مُستقلة…لا… تابعة

دولة جاذبة…لا… طاردة

دولة تُعلم…لا… تُجهل...

دولة مؤسسات…لا… قبائل ومناطق وعائلات

دولة تسمو فيها الشريعة… ويحكم فيها قانون

وفوق هذا وذاك…

دولة تقوم على الاحترام…لا… على الخوف.

ختاما، أنا على يقين، أنه إذا توفرت الأهداف الواضحة، والنوايا الصادقة، والإرادة القادرة، والعمل الدؤوب، نستطيع تحقيق كل أهدافنا وأحلامنا في أسرع وقت ممكن.

وهذه الورقة, يا أحباب, لا أدعي أنها كاملة..

ولا أنها شملت كل ما يبحث عليه الفرقاء في وطني، ولكني واثق بأن الكثيرون سيجدوا فيها بعض مما يبحثون عنه.

أخيرا، لا تنسوا يا أحباب, أن هذا مجرد رأي اعتقد أنه الصواب,

فمن أتى برأي أحسن منه قبلناه,

ومن أتي برأي يختلف عنه احترمناه.

أدعو الله عز وجل أن أكون قد ساهمت

في إعادة بناء وطننا… وتأسيس دولتنا الدستورية الثانية.

 

والله المســتعان.

======

المراجع
الدكتور احمد صقر عاشور “الإدارة العامة ، مدخل بيئي مقارن ” دار النهضة العربية للنشر، بيروت، 1979.

الدكتور سلمان محمد الطماوي “الوجيز في نظم الحكم والإدارة ” دار الفكر العربي للنشر، القاهرة، 1962 الدكتور.

عبد الرزاق الشيخلي “الإدارة المحلية، دراسة مقارنة” جامعة مؤتة، الأردن، 2001 .

عبد الرزاق ابراهيم الشيخلي ” الإدارة المحلية في العراق ، عملياتها واتجاهاتها ودورها في التنمية” رسالة ماجستير–  الجامعة الأميركية ، بيروت ،1969 الدكتور عبد القادر الشيخلي “نظرية الإدارة المحلية والتجربة الاردنية” المؤسسة العربية للدراسات والنشر، عمان ، 1982.

الدكتور علي عبد العليم محجوب “الإدارة العامة وتنمية المجتمع” مركز تنمية المجتمع في العالم العربي سرس الليان،1962.

جلال كاساني, “مفهوم الإدارة المحلية و مقوماتها الإدارية للدولة الحديثة,” سبتمبر 8, 2018  https://radio-onefm.com/

الدكتور محمد حسنين عبد العال “اللامركزية المحلية” معهد الإدارة العامة ، الرياض ، 1398 هــ.

الدكتور محمود عاطف البنا “نظم الإدارة المحلية” مكتبة القاهرة المدنية ،القاهرة 1968.

د. أحمد السيد الدقن, “الأسس الحديثة للإدارة المحلية”, أستاذ الإدارة العامة والمحلية المشارك بكلية العلوم الإدارية,       وخبير الإصلاح الإداري والإدارة الاقتصادية – أكاديمية السادات للعلوم الإدارية, 01- 09- 2012 http://www.nashiri.info/articles/business/5215-2012-08-27-12-01-52.html

دستور المملكة الليبية, قبل تعديله في عام 1963.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

مقالات مشابهة

  • دور الحوكمة في تعزيز الشفافية والكفاءة بالمؤسسات
  • صحيفة الثورة الاربعاء 8 رجب 1446 – 8 يناير 2025
  • حمدان بن محمد: شراكة دبي مع القطاع الخاص راسخة وفي ازدهار لارتكازها على قاعدة صلبة من الشفافية والثقة المتبادلة
  • السـلطة المحلية.. الخيار الأنسب لتوزيع السلطات في الدولة الليبية (3 – 3)
  • ووب على الطاحونة – لوحة من رسم إحدى شاعرات بربر
  • مدعوون للمقابلات الشخصية – أسماء
  • صحيفة الثورة الثلاثاء 7 رجب 1446 – الموافق 7 يناير 2025
  • إطلاق 3 خدمات جديدة عبر منصة عمان للأعمال لتسهيل الإجراءات وتعزيز الشفافية
  • رئيس الوزراء يؤكد التزام الحكومة بمكافحة الفساد وتعزيز الشفافية
  • الاحتلال يقتحم قلقيلية شمالي الضفة الغربية – فيديو