أخصائي نفسي: علاقة أول عامين بين الأم والطفل تؤثر على رؤيته للحياة
تاريخ النشر: 23rd, February 2024 GMT
قالت الدكتورة أمل غالي، أخصائي نفسي وتربوي، إنَّ تعامل الأمهات مع أطفالهم يعكس طبيعة شخصيتهم ولا يمكن لأي شخص آخر تعويضها، مثل «التواجد» خلال أول عامين من حياة الطفل، فعند البكاء تكون بجواره وعلى وجهها الابتسامة ليشاهدها الطفل فجميعها أشياء أساسية تُسمى بـ«التعلق الآمن»، وهو أساس الصحة النفسية للإنسان المستمرة مع الإنسان بقية حياته.
وأضافت «غالي»، في حوارها ببرنامج «صباح الخير يا مصر»، مع الإعلاميين محمد الشاذلي وبسنت الحسيني، والمُذاع على شاشة «القناة الأولى المصرية»، أنّ الطفل في أول عامين يبني علاقته مع الأم التي تنعكس على رؤيته للحياة فيما بعد، والتعامل مع الحياة من هذا المنطلق وهو الأساس، موضحة: «الرابطة بين الأم والطفل ليست مجرد رضاعة رغم أنها أساسية، ولكن الرابطة الأساسية التي يصل للطفل من خلالها مشاعر الأم وحنانها تجاهه».
اهتمام الأم بالطفلوتابعت الأخصائي النفسي والتربوي: «يصل للطفل اهتمام أمه وحبها له من قربها منه ورعايته له وعندما يبكي سيجدها، وعلى الأم لو بكى ابنها أن تحمله، والطفل منذ الشهور الأولى يعرف أمه بل يعرفها بعلاقته بها من الرحم، ودراسات أشارت إلى أن جروحا نفسية تصيب الجنين وهو في رحم أمه إذا كانت رافضة لهذا الحمل».
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: تربية الطفل الأمومة رعاية الأطفال نفسية الطفل دور الأم
إقرأ أيضاً:
أطفال غزة.. حُبٌّ للحياة يغالب صُنّاع الموت
الثورة / متابعات
من فتحة صغيرة بين البنيان المتهدّم فوق رأس أصحابه بعد أن دكّته قنبلة أمريكية الصنع من طائرة يقودها إسرائيلي، يظهر طفل لا يتجاوز العامين، بل ربما لا تظهر منه إلا بعض ملامح وجهه.. ينظر إلى من يقفون حوله من الأهالي وطواقم الدفاع المدني.. يحاول أن يصدر صوتًا يُعبّر به عما بداخله لكن يحول دون ذلك عمره الصغير الذي يصعب فيه على الطفل نقل مشاعره للآخرين.
وعلى شاشات التلفاز تخرج أبواقٌ إسرائيلية مثل وزير مالية الاحتلال بتسلئيل سموتريتش، ووزير الحرب السابق يوآف غالانت، يزيدون صوت هذا الطفل حجبًا، بل ويتقوّلون على لسانه أنه ضمن أطفال ليسوا من البشر، بل هم -في نظر الصهاينة- يحبون الموت ويكرهون الحياة، فليس لهم بعد ذلك من حقوق الإنسانية شيء.
لم ينته مشهد الطفل الذي يقبع تحت الأنقاض؛ حيث مُحيّاه البريء يأبى إلا أن يبتسم وهو في هذه الحالة البئيسة.. ربما لأنه لا يستوعب ما هو فيه.. لكنه بإخراج يده (صغيرة الحجم) من تلك الفتحة الصغيرة، استطاع أن يُفهم العالم ما لم يقله بلسانه: أنا طفل يريد الحياة.. أحبها.. أرغب أن أعيشها بكل ما فيها من ملذات اللهو واللعب ومتعة العبث وتحطيم المحتويات كما يفعل كل أطفال العالم.
يعيشون تاريخ بلدهم
تقول الدكتورة وفاء أبو موسى- المستشارة النفسية والحاصلة على الدكتوراه في الدعم النفسي للأطفال، إن أطفال العالم يتعلمون التاريخ من الكتب في المدارس.. يدرسون منهاجًا على الورق، لكن أطفال فلسطين يعيشون تاريخ بلدهم لحظة بلحظة، يعيشون جميع أنواع العدوان عليهم وعلى طبيعة الحياة التي يعيشونها.
وتوضح وفاء في حوار لها مع شبكة “الجزيرة” أن الحصار المتواصل والأزمات المتكررة تخلق منهم أطفالا يحملون المسؤولية ولديهم هدف واضح، يساندون بعضهم بعضا ليصيروا أقوياء. ومع ذلك فهم يحملون في قلبهم جرحًا كبيرًا لوطنهم.
وتقول وفاء إن حياة الحرب تضيف إلى أطفال غزة جزءًا لا يعرفه أطفال العالم الآخرون، وهذا يجعلهم واعين ربما حينما تنتصر فلسطين ستكون نهاية قصة كفاحهم الطويلة.
وتضيف “نحن نصاب بالهلع والخوف نتيجة القصف وهي مشاعر طبيعية، نحن لسنا حديدا، نحن نتألم كالآخرين ولكن لدينا قوة المواجهة والصبر على المصيبة والتعاطف والمساندة الاجتماعية مع بعضنا. الأهم أننا ننسى كل مشاكلنا الخاصة في حالة العدوان والحرب، ونوحّد صفوفنا وهدفنا على العدو”.
حياة تغيظ العدو
مشاهد أطفال غزة في مختلف مظاهر حياتهم، تصيب عدوهم بالحقد والرغبة في التخلص من هذا الجيل الذي يحمل روحًا وثَّابة إلى الحياة التي يعمل الاحتلال -بكل طاقته- إلى القضاء عليها.
إقبال هؤلاء الأطفال على الحياة ورغبتهم في أن يعيشوها بأجمل ما فيها، يُمثّل للاحتلال قنبلة موقوتة يرى أنها ستنفجر في وجهه المتغطرس لا محالة، فمن يُحب الحياة يأبى المذلة ويصنع المجد، وهذا ما يتعارض مع مخطط الاحتلال الذي قام بناءه على سحق الفلسطينيين جيلا بعد جيل.
ومهما بدا من البراءة في شخص طفلٍ، فإنه يكفي أن يكون فلسطينيًّا حتى يستحق الموت والإعدام في نظر قادة الاحتلال وساسته، وهذا ما صرح به مؤخرًا الدبلوماسي الإسرائيلي دافيد روت، سفير الاحتلال لدى النمسا، والذي دعا إلى “إعدام الأطفال الفلسطينيين”، لكونهم -في نظره- غير مدنيين.
صناعة المستقبل
تقول المستشارة وفاء أبو موسى: “نحن نشاهد أطفال شهداء انتفاضة عام 1987م وقد صاروا شبابًا مسؤولين عن أسرهم، فأطفال فلسطين يصنعون الحياة من الألم، وبالرغم من كل ما يمرون به، يريدون أن يكبروا ليساعدوا الجيران والأهل وجميع من يعانون، لذلك يلجؤون إلى التعليم، فالجميع في فلسطين يهتم بالتعليم، لأنه السلاح لمحاربة العدو والتفوق عليه”.
عامان دراسيان مضيا خلال تلك الحرب البربرية ضد غزة وأطفالها، لكن هؤلاء الأطفال لم يكونوا مثل غيرهم منتظمين في مقاعدهم الدراسية؛ فهم بين شهيد وجريح ونازح، وذلك ما تسبب في تحسُّر أطفال غزة على ما فاتهم من التحصيل والانتظام الدراسي.. ذلك أن العلم يمثل لهم مستقبلا يتمنون أن يبلغوه وليس كما يروج مجرمو الحرب بأنهم لا يعشقون سوى الموت.
تجارب تصنع الوعي
في غزة أطفال يتعجب العالم من طريقة تفكيرهم وإيمانهم وفصاحتهم، كأنه يرى رجالًا أشداء حكماء لكنهم أطفال.
فلدى الأطفال في قطاع غزة المدمر تجربة حياة مختلفة تمامًا عن سائر أطفال العالم، فهم يكبرون سريعًا بسبب وعيهم وتشربهم الواقع من حولهم، وبسبب التجارب التي يمرون بها وخصوصًا تجارب الحروب التي تؤلمهم وتجعلهم صامدين وأكثر شجاعة وإحساسًا بالمسؤولية.
نتعاطف معهم ونتألم حينما نراهم يصرخون متألمين من الفقد تارة ومن الإصابة تارة أخرى، ولكنهم مع ذلك يعيشون الحياة رغمًا عن كل المصاعب والظروف التي وضعها الاحتلال أمامهم ولم يستسلموا يومًا أبدًا.
من الألم يصنعون الأمل، ومن المحن يحاولون استدعاء شيء من اللهو، حتى إن أنقاض منازلهم تحولت إلى ملهى يتزلجون على أسقفها، وكأنهم يسخرون من قاتليهم الذين أرادوا تحويل حياتهم إلى جحيم، بالقول: إننا سنعيش رغمًا عنكم وبالطريقة التي نريدها لا التي أردتموها لنا.