المناطق_واس

أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام معالي الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس المسلمين بتقوى الله سبحانه وتعالى في السر والعلن والإكثار من الطاعات لنيل رضوانه وترك المعاصي لتجنب سخطه.

 

أخبار قد تهمك الهيئة العامة للعناية بشؤون المسجد النبوي تعلن اشتراطات تقديم وجبات إفطار الصائمين لشهر رمضان المبارك 21 فبراير 2024 - 2:20 مساءً أكثر من عشرة آلاف حافظة توزع يومياً بالمسجد النبوي 9 فبراير 2024 - 7:28 صباحًا

 

 

وقال في خطبته التي ألقاها اليوم بالمسجد الحرام : دُونَ سَبْرٍ لِمَجْلُوِّ الحقائِق، أَوْ قدْحٍ لِزِنَاِد النَّظَر في الدّقائِق، يُدْركُ أولو النُّهى والبصائِر أنَّ نِعمَ الله تعالى تَتوالى على الخلائقِ أفْواجاً: فُرادى وأزْواجاً، ذاتِ موارِدَ عذْبةٍ ومناهل، يرْتَشِفُها العالُّ والنَّاهِل،{أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً}[لقمان: 20]، ولكن قدْ أهْدرَ أقْوامٌ هاتِيكَ النِّعَمَ الوسِيعةَ، وخالفوا أمْر الشَّريعة، وامْتَطوا لِزوالِ الخيرَاتِ أسْرعَ ذرِيعة، نسْأل الله أن يوزِعنا شُكْر نعمه.

 

 

 

وأضاف معاليه : ودُرَّةُ النِّعمِ العِظامِ، والمِنَنِ الفِخامِ؛ شَريعةُ الإسلام، دينُ الله المُبين، الذي ارْتضاهُ للعالمَين، فهو الخالدُ في مقاصِدهِ ومعانيه، البَديعُ في أحكامه ومَبَانيه، قال الإمام الحافظ ابن قيِّم الجوزية ” أعْظم النِّعم الإقبالُ على الله والتعبُّد له، والانقطاعُ إليه، ولا نِعمة أعْظم من هذه النِّعمة” ومن الآلاءِ الرّبَّانيةِ العظيمة، الّتي جلَّت عن كُلِّ مِقْدارٍ وقيمة، نِعمةُ الإيمانِ الراسخِ المتين، المُتوَّجِ بِكمال ِاليقين، المتلأْلِئِ في أعْماقِ الرّوحِ والفُؤاد، ومعَ ذلِك يأْبى أَقْوامٌ إِلّا تدْنِيسهُ بِالشكِّ والإلحاد، والاستكبارِ والعِناد،{أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [إبراهيم: 10]، فَقَتادُ الإِلْحادِ يُسَمِّمُ كُلَّ شَيْءٍ، وَبواترُ الإلحاد تُهْدِرُ أَيَّ شَيْءٍ، وَلَأَنْ يَكْسِفَ القَمْرانِ، وَيُمْحَى المَلَوانِ أَهْوَنُ مِنْ ظُهُورِ الإِلْحادِ (قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ )[الأنعام:164]، وَما أَحْوَجَ العالَمَ اليَوْمَ إِلَى أَنْوارِ الإِيمانِ الَّتِي تَصِلُهُ بِخالِقِهِ، فَيَحْيَا حَياةَ الأَمْنِ وَالسَلامِ وَالتَراحُمِ وَالوِئامِ.

 

 

 

وبين الدكتور السديس أن مِنْ النِعَمِ الجُلَّى الَّتِي أَهْدَرَها فِئامٌ، وَانْتَقَصَ عَظِيمُ حَقِّها أَقْوام: نِعْمُةُ التَوْحِيدِ؛ حَقُّ اللّٰهُ عَلَى العَبِيدِ، حَيْثُ عَطَّلُوها بِالشِرْكِ وَالتَنْدِيدِ، وَاعْتَقَدُوا النَّفْعَ وَالضُرَّ فِي الرُفّاتِ وَالعَبِيدِ، تَعالَى اللّٰهُ عَن ذٰلِكَ عُلُوّاً كَبِيراً، قال سبحانه (إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ) [المائدة:72]، فَاللّٰه اللّٰه فِي حِفظِ جَنابِ التَوْحِيدِ، كُونُوا مِنْ حُماتِهِ وَأَنْصارِهِ، وَاِجْتَهِدُوا فِي الذَوْدِ عَنْ حِياضِه وذِمارِه ، وَمِنْ أَزْكَى المِنْنَ، التي تُبلِّغُنا أقْوى المِكن، اقْتِفاءُ أَهْدَى سَنَن، فَالسُنَّةُ ولُزومُ منهج السَّلفِ الصَّالح، مَناطُ العِزِّ وَالنَصْرِ حيال مُدْلَهِمّاتِ هٰذا العَصْر، قالَ رسول الله صل الله عليه وسلم في الحديث الذي أخرجه أبو داود في سننه، عنِ العِرْباضِ بِنِ سارِيةَ (عَلَيْكُمْ بِسُنَتِي، وَسُنَّةُ الخُلَفاءِ الراشِدِينَ المَهْدِيِّينَ مِنْ بَعْدِي عَضّوا عَلَيْها بِالنَواجِذِ)، يُؤَكِّدُ صَلَواتُ رَبِّي وَسَلامُهُ عَلَيْهِ التَمَسُّكَ بِالسُنَّةِ؛ لِأَنَّ الحيادَ عنْها بِالمُحْدَثاتِ وَالبِدَعِ مَضَرَّةٌ عَلَى الدِينِ وَالمُجْتَمَع، بَلْ هِيَ طَعْنٌ فِي السْنُّة وَإِهْدار، وَمَوْرِدٌ عَكِرٌ يَرِدهُ ضَحَلَةُ العِلْمِ الأَغْمار، فـ (مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنا هٰذا ما لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدّ) أخرجه البخاري ومسلم، ومنها الحِفاظُ على منهج الوسطِ والاعتدال، وعدمِ هدْرِها بالغُلوِّ والتنطُّعِ، أو الجفاء والانْحِلال.

 

 

 

وأكد أن مَن أَبْهَجِ المَباهِجِ وَأحْكمْ السُبُلِ وَالمَناهِجِ الَّتِي قَصَدتْ إِلَيْها شَرِيعَتُنا الغَراءَ لِإِصْلاحِ الأُمَمِ وَالمُجْتَمَعاتِ، وَإِسْعادِ الأَفْرادِ وَالجَماعاتِ، وَاِسْتِحْكامِ الأَمْنِ وَاِسْتِدْرارِ البَرَكاتِ، تَحْقِيقُ شَعِيرَةِ الاِئْتِلافِ وَالجَماعَةِ، وَالسَّمْعِ وَالطاعَةِ، وَتَمْكِينُ فِقْهِ الاِتِّحادِ وَالاِتِّفاقِ، وَالتَلاحُمِ وَالوِفاقِ، وَالتَراحُمِ والإشْفاق، وَلٰكِنْ مِن أَسَفٍ مُمِضٍّ أَنْ أَهْدَرَ هٰذِهِ النِعْمَةَ فِئامٌ بِالتَجاوُزِ وَالاخْتِلافِ، وَالتَنازُع وَالاِعْتِسافِ، وَالتَأْلِيبِ وَالإِرْجافِ، وَتِلْكَ لِعَمْرُو اللّٰهِ مِن الأَعاصِيرِ وَالفَواقِرِ، وَالزَعازِعِ البَواقِرِ، الَّتِي ماانْفَكَّتْ أُمَّتُنا الكَلِيمَةُ تَرْزَحُ تَحْتَ أثقالها، وَتُبْهَضُ الغُيُرَ بِأَوْجالِها، قالَ جَلَّ اِسْمُهُ (وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ) [الأنفال:46]،
ودعا إمام وخطيب المسجد الحرام إلى اجتناب الإِلْمامَ بِهٰذِهِ القَواصِمِ وَالآثامِ، وَلُوذُوا بِالتَآلُفِ وَالتَرابُطِ وَالوِئامِ؛ تفُوزوا بِصفاء البيْن وسعادة الداريْن.

 

 

 

وأشار معاليه في خطبته إلى أن مِنْ نِعَمِ المَوْلَى الَّتِي لا تُعَدُّ وَلا تُحْصَى نِعْمَةُ حِفْظِ النَفْسِ وَالبَدَنِ، وَصَوْنِها عَنْ كُلِّ مَكْرُوهٍ وأَفَن، كَيْفَ وَحِفْظُها ضَرُورَةٌ دِينِيَّةٌ، وَمَصْلَحَةٌ شَرْعِيَّة، فَإِزْهاقُها -بِغَيْرِ حَقٍّ- بِالقَتْلِ وَالتَفْجِيرِ مِنْ أَعْظَمِ الكَبائِرِ، وَأَكْبَرِ الجَرائِرِ، وَكَذا إِفْناؤُها بِالمُخَدِّراتِ وَالمُسْكِراتِ، قالَ تَعالَى (مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا) [المائدة:32].

 

 

 

وكذا نعْمة الصِّحّة والعافية، والسّلامة من الأمْراضِ والعدْوى، والفَراغِ، ففي الحديث الصحيح الذي أخرجه الشيخان من حديث ابن عبَّاس”( نِعْمتان مغبون فيهما كثيرٌ من النّاس، الصِّحَّةُ والفراغ)، وكانَ الله في عوْنِ وشِفاء المرْضى والزّمْنى والمُبتليْن ومنْها، نِعمةُ الأسرة وحِفظُها برعايتها، وكذا الوالديْنِ بِبِرِّهما، والأولاد بحُسْن تربيتهم ، وثَمَّةَ نِعْمةٌ أُخْرى ظاهرةٌ لِكُلِّ شَكُورٍ أوّاب، فهي منْ أجلِّ نِعمِ الرَّبِّ الوهّاب، إنَّها نعمة الغذاء من الطعامِ والشَّراب، التي لا تستقيم أبدانُ البشرِ ولا تصِحُّ أجسادهم إلا بها، وبِفقْدِها يُفْقدُ الأَملُ المعقود، والطُّموحُ المنْشود، وقد امتنَّ الله على عباده بهذه النعمة العظيمة، في قوله سبحانه: ﴿فَلْيَنْظُرِ الْأِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ﴾ وقال تعالى {وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ) .

 

 

 

وحذر الشيخ السديس من مغبة كفر نعم الله بالتَّخَوُّض فيها بغير حق، وصرْفِها فيما يُسْخِط الله جلَّ وعلا، وإهْدارِها بالتبذير والإسراف، وعدَمِ الحِفْظِ والإتلاف، ويظْهرُ ذلك في الولائِم والأعْراس، والسِّلَعِ والبضائِع والإنتاج، وأنواع الاستهلاك والكماليات؛ فإنَّ ذلك مُنْكرٌ وذميم، ومرْتعُه وبيلٌ ووخِيم، خطيرُ النتائج دنيًا وأخرى {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} [الأعراف: 31]، {وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا (26) إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا} .

 

 

 

ودعا معاليه التُجّارُ والأثْرياء، إلى تقوى الله في النِّعم، محذراً من المباهاة والبطَر والتفاخُر، والمُغالاة في الأسعار، فكم من أُناسٍ يتضوَّرون جوعًا، وآخرين يعيشون التّخْمة والمراءاة، بل لربّما يعمِد بعضُهم إلى تصوير الحفلات والموائد، في مواقع التواصل؛ لِكسْر قلوب المحتاجين، والتعالي على الآخرين، فالحذر من هدْر النِّعم. وهُنا يُشاد بجهود جمعيات حفظ النعمة وإكرامها والحذر من هدرها، وينبغي التّعاون معهم في حفظ النعمة ودوامها ولِدوام النِّعم واستقْرارها، ورُبُوِّها في مقَارِّها، عليكم بالشُّكر، فإنّه مؤذِنٌ بالمزيد، وكفيل للنعم بالتقييد، ففي الكتاب المجيد {لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ}[إبراهيم: 7]، ولْيكن منكم بِحُسْبان، أنَّ الشكر ليس بمُجرّد اللسان والجنان، بل بالجوارح والأركان، فيما يُرضي المنَّان، قال سبحانه: ﴿اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ﴾ [سبأ:13]. وَفَّقَ اللّٰهُ الجَمِيعَ لِلعَمَلِ الصالِحِ الرَشِيدِ، وَسَلَكَ بِنا سُبُلَ التَقْوَى وَالتَّسْدِيدِ، وَأَدامَ عَلَيْنا العَيْشَ البَهِيَّ الرَغِيدَ.

 

 

 

وشدد إمام المسجد الحرام أنَّ من الَّلهَجِ بشكْرِ نِعمِ الله سبحانه ما مَنَّ بهِ على بِلادِ الحرمينِ الشريفَينِ -حرسَها المولى تعالى- مِن النِّعمِ الغَامِرَةِ، والآلاءِ الهَامِرةِ، مِن دعْوةٍ اصْلاحِيَّةٍ رائِدة، وجَماعةٍ شرْعِيَّةٍ واحدة، على منهج الكتاب والسنة، منذ يوم التأسيس، وما شَهِده هَذا الوَطنُ الفَيَّاضُ بالبَذْلِ والعَطاءِ، مِن نَهضَاتٍ تنْمويّةٍ في شتّى المجالات من خِلال رؤيةٍ مستقبليَّةٍ طموحةٍ.

 

 

 

 

داعياً الله تعالى أن يديمَ عليْنا وعَلى بِلادِنا وسائرِ بِلاد المسلمين سَوابِغَ نِعْمتكَ الّتي لا تُعدُّ، ونَوابِغَ قِسَمِكَ التي تجَاوَزتِ الحدّ، ولا عزاء لِخَونة الدين والأوطان، ودُعاة الفتنة من المارقين الذين لا للإسلام نصروا، ولا للكفر كسروا.

 

 

 

وأشار معاليه إلى أن من نعم الله ما نعيشُهُ من مواسمَ العامِ المعْهودَة، وما يفيضُ فيها الرحمن من فَضْلهُ وجُودَه، ومنها شهرُ شعبان، فاعْمروهُ بالقُرباتِ والصَّالحاتِ والإحْسان، وبادِروا إلى صِيامِ بعضِ أيَّامهِ مُتَعرِّضين لِكرمِ الله المُعطي المنّان، وصَومُ أْكثرهِ هَدْيُ خيرِ الأنامِ عليه أَفضلُ الصلاةِ والسَّلام، واجْبُروا أعمالكُم فيه بالتَّوبةِ والاستغفار لمحْوِ الآثامِ والأَوْزار، وليْس لبعْضِ لياليه مزيّةٌ على غيْرها، على قول المحقِّقين من أهل العلم، واستعِدُّوا -وفَّقكم اللهُ- لأداءِ أجَلِّ مِنَّةٍ، وأجَنِّ جُنَّة، فريضةِ الصِّيامِ، فالشَّهر الكريمِ والضَّيْفُ العظيمُ على المشارِفِ والأبْواب، اللهم بلِّغنا شهرَ رمضان وَوَفِّقنا لقيامه وصيامه في صحَّةٍ وعافية، ونِعْمةٍ غير عافية، وفي المدينة المنورة أوصى فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ أحمد بن طالب المسلمين بتقوى الله عز وجل في ما أمر، والكف عن ما نهى عنه وزجر .

 

 

 

 

وقال فضيلته: “اعلموا أنه لا أنفع للعبد من أمور أربعة الاستسلام لله والتضرع إليه، وحسن الظن ،وتجديد التوبة إليه، ولو عدت إلى الذنب في اليوم سبعين مرة ، ففي الاستسلام له الراحة من التدبير معه عاجلاً، والظفر بالمنة العظمى آجلاً، والسلامة من الشرك بالمنازعة ، ومن أين لك أن تنازعه فيما لا تملكه معه، وألق نفسك في مملكته فإنك قليل في كثيرها وصغير في كبرها يدبرك كما يدبرها ، فلا تخرج عما هو لك من العبودية إلى ماليس لك من ادعاء وصف الربوبية، فإن التدبير والاختيار من كبائرالقلوب والأسرار وتجد ذلك في كتاب الله تعالى ( وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ).

 

 

 

وأضاف فضيلته: “وأما التضرع إلى الله تعالى ففيه نزول الزوائد ورفع الشدائد والانطواء في أردية المنن والسلامة من المحن فتعوض جزاء ذلك أن يتولى مولاك الدفع عن نفسك في المضار والجلب لك في المسار وهو الباب الأعظم والسبيل الأقوم يؤثر مع الكفران فكيف لايؤثر مع الإيمان مستدلاً بقوله تعالى ( وإذا مسكم الضر في البحر ضل من تدعون إلا إياه فلما نجاكم إلى البر أعرضتم وكان الإنسان كفوراً) أي فجابكم وهو الباب الذي جعله الله تعالى بينه وبين عباده” .

 

 

 

 

واسترسل قائلاً: “أما حسن الظن بالله فبخ بخ بمن منّ الله عليه بها ، فمن وجدها لم يفقد من الخير شيئاً ومن فقدها لم يجد من منه شئياً لاتجد لك عذراً عند الله أنفع لك منها ولا أجدى ، ولا تجد أدل على الله منها ولا أهدى ، تعلمك عن الله بما يريد أن يصنعه معك ، ويبشرك ببشائر لاتقرأ سطورها العينان، ولا يترجم جم عنها اللسان، وتجد ذلك في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم حاكياً عن الله (أنا عند ظن عبدي بي)”.

المصدر: صحيفة المناطق السعودية

كلمات دلالية: المسجد الحرام المسجد النبوي خطبتا الجمعة المسجد الحرام المسجد النبوی الله تعالى م ا ف ی ال ال أ ر ض

إقرأ أيضاً:

«أضرار التدخين وتعاطي المخدرات».. نص خطبة الجمعة 27 ديسمبر 2024

اتفقت وزارة الأوقاف مع صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطي على توحيد خطبة الجمعة المقبلة 27 ديسمبر 2024، للحديث عن أضرار التدخين وتعاطى المخدرات، وذلك في إطار تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لمكافحة المخدرات والحد من مخاطر التعاطي والإدمان 2024 / 2028، التي تم إطلاقها تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية.

جاء ذلك بالتنسيق بين الدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف، والدكتورة مايا مرسى، وزيرة التضامن الاجتماعي ورئيس مجلس إدارة صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطي.

نص خطبة الجمعة 27 ديسمبر 2024

الحمد لله الذي أحل لعباده الطيبات، وحرم عليهم الخبائث والمنكرات، وأشهد ألا إله الا الله وحده لا شريك له رب الأرض والسماوات، وأشهد أن محمداً عبدُه ورسوله، نبي الهدى والمكرمات، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.

أما بعد:

أحبتي في الله:

حديثا اليوم سيدور حول آفة خطيرة، وسلاح فتاك يستهدف الأفراد والمجتمعات، وبه تضيع عقول، وتهدر أموال، وتتردى أخلاق، وأشد صرعى هذه الآفة، وقتلى هذه المعركة هم الشباب والفتيات الذين هم هدف أعداء الأمة.

ترى أي آفة تلك إنها (المخدرات)..

تابع / خطبة الجمعة القادمة 27 ديسمبر 2024: المخدرات ضياع للإنسان

وما أدراك ما المخدرات؟

أمُّ الخبائث، ورأس الفتن والشرور، وكبيرةٌ من كبائر الذنوب، متعاطيها معِّرضٌ نفسه لوعيد الله ولعنته وغضبه، كما أنه مفسد لدينه وبدنه، وأسرته ومجتمعه.

فيا لله كم خربت المخدرات من بيوت كانت بأهلها عامرة، وكم شتت من أسر وعائلات كانت ملتئمة آمنة.

إني والله لا أحب أن أذكر لكم أحداثا مؤلمة وقصصا مفجعة ولكني أجد نفسي مضطرا لأذكر لكم اليسير منها لأشعركم بمدى خطورة هذه المخدرات على شبابنا ومجتمعنا

أما بلغكم أحبتي في الله خبر المدمن الذي نحر ثلاثة من أطفاله ولا حول ولا قوة إلا بالله، أوما قرأتم في الصحف خبر مدمن قام برمي أمه من الدور الثاني ومدمن آخر يقتل والده ذا التسعين من عمره وهو قائم يصلي.. وآخر يحرق زوجته واثنين من أطفاله وهو ينظر إليهم وهم يضطربون ويستمع إليهم وهم يصطرخون، وينتهي به المطاف إلى مستشفى الأمراض النفسية،

وصورةٌ أخرى هي أشدُّ وأنكى: إنَّه ربُّ أسرةٍ سعيدةٍ، الوالدةُ والأولادُ يستقبلون أباهم قد عاد من عمله ببِشْر وبشاشة، يرتمون في حضنه الدافئ، ويأمنون تحت ظِلِّه الحاني، وإذا هو بينَ عشية وضحاها قد انقلب وحشًا كاسِرًّا، قد أتاهم بوجه غير الذي خرَج به، فَحلَّ الخوفُ في دارهم، وغطَّى الظلامُ ساحتَهم، وعاشوا في قَلَق، فتغيرت الحياةُ الجميلةُ إلى كدَرٍ، ونكدٍ، وظلامٍ

وها هو شابّ في مقتبَل العمر مُطيع لربِّه، بارٌّ بوالديه، مستقيمٌ في أخلاقه، متفوقٌ في دراسته، يعيش حياةً جميلةً، مليئةً بالتفاؤل والتخطيط، وبين عشيةٍ وضُحاها وقَع في شِباك رفاقِ السوءِ، وأصدقاءِ الإثمِ، ذئابٌ كاسرةٌ، خادعونَ واهمونَ، فكانت بدايةَ النهايةِ، تحوَّلَت الحياةُ الجميلةُ إلى أشباح، وانطفأ ضوءُ المصباحِ، وأصبحت الطاعةُ فسوقًا، والبِرُّ عُقوقًا، والأخلاقُ تمرُّدًا ونفورًا، فلا حول ولا قوة إلا بالله.

والله إن هذه الحوادث المفجعة ليست من نسج الخيال لترهيبكم من خطورة هذا الداء العضال.. بل هي من واقعنا وفي حياتنا.. إنها حوادث مؤلمة ومآسي محزنة تدمي القلوب وتفتت الأكباد.. فلا عجب والله من لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم للخمر وما شابهها في الإسكار وتغييب العقل..

كما نفى النبي صلى الله عليه وسلم كمال الإيمان عمن يتعاطى الخمر والمسكرات والمخدرات، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ” لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَسْرِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَالتَّوْبَةُ مَعْرُوضَةٌ بَعْدُ ” [أخرجه البخاري ومسلم واللفظ له].

فالمؤمن الذي يؤمن بالله واليوم الآخر، يعلم علم يقين أن الخمر حرام فليحذر منها هي والمخدرات فهي أساس الشرور، ومفتاح كل بلاء، ومن شربها ضارباً بنواهي القرآن والسنة عرض الحائط، فهذا مكذب بالله واليوم الآخر فهو على خطر عظيم.

ومما يدل على تحريمها ما ورد في صحيح مسلم، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال: “كلُّ مسكرٍ خمرٌ، وكلّ خمرٍ حرامٌ”، وعن أم سلمة رضي الله عنها قالت: نَهى رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عن كلِّ مُسكِرٍ ومفتِّر، وعن جابر رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: “كلُّ مسكرٍ حرام، إنّ على الله عزّ وجلّ عهدًا لمن يشرب المسكر أن يسقيَه من طينةِ الخبال”، قالوا: يا رسول الله، وما طينةُ الخبال؟ قال: “عرقُ أهل النار أو عصارة أهل النار”، والحديث في مسلم، وفي الحديث الصحيح أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: “مُدمن الخمر إن مات لقِيَ الله كعابدِ وثنٍ”.. وعن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقولُ: “أتاني جِبريلُ، فقال: يا محمدُ، إنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ لعَنَ الخَمرَ، وعاصِرَها، ومُعتَصِرَها، وشارِبَها، وحامِلَها، والمَحمولَةَ إليه، وبائِعَها، ومُبتاعَها، وساقيَها، ومُستَقيَها”.. والله جل وعلا يقول عن نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم: (يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ) [الأعراف: ١٥٧].

تابع / خطبة الجمعة القادمة 27 ديسمبر 2024: المخدرات ضياع للإنسان

وإن كان هناك من يشك في حرمة المخدرات، فنقول له: إن الله أحل لنا الطيبات وحرم علينا الخبائث، فيا ترى تحت أي منها تندرج المخدرات؟ فإذا لم تندرج تحت الطيبات فإنها تندرج تحت الخبائث. والخبائث لا تحتاج إلى دليل من الشرع حتى يحرمها، بل بالعقل والفطرة يدرك الإنسان أن ما يضره لا يجوز له أن يتناوله، فلماذا الجدال؟

** أحبتي في الله: أوما علمتم أن أهل الجاهلية منهم من كان يَمْتنع عن المسكرات، لما ظهر له من خطرها وأثرها، فهذا أحدُهم كان شرَّابًا للخمر، مولعًا بها، وذات يوم سكر، فغَمَز مؤخِّرةَ ابنته، وهو سكران، وشتم والديه، وأعطى الخمارَ مالاً كثيرًا، فلمَّا أفاقَ وأخبروه بما فَعَل، حرَّمها على نفسه، وقال:

رَأَيْتُ الخَمْرَ صَالِحَةً وَفِيهَا *** خِصَالٌ تُفْسِدُ الرَّجُلَ الحَلِيمَا.

فَلا وَاللهِ أَشْرَبُهَا صَحِيحًا *** وَلا أَشْفِي بِهَا أَبَدًا سَقِيمَا.

وَلا أُعْطِي بِهَا ثَمَنًا حَيَاتِي *** وَلا أَدْعُو لَهَا أَبَدًا نَدِيمَا.

فَإِنَّ الخَمْرَ تَفْضَحُ شَارِبِيهَا *** وَتَجْنِيهِمْ مِنَ الأَمْرِ العَظِيمَا.

وممّن حرّمها في الجاهليّة أيضاً: قيس بن عاصم، وذلك أنّه سكر ذات ليلة فقام لابنته أو لأخته، فهربت منه، فلمّا أصبح سأل عنها فقيل له: أوما علمت ما صنعت البارحة، فأخبر القصّة، فحرّم الخمر على نفسه.

ولما سُئِلَ أبو بكرٍ الصديقُ رضي اللهُ عنه: هل شربتَ الخمرَ في الجاهليةِ؟ قال: أعوذُ باللهِ! فقِيلَ لهُ: ولِمَ؟ قال: كنتُ أصونُ عرضِي، وأحفظُ مروءتِي، فإنَّ مَن شربَ الخمرَ كان مضيعًا في عرضِه ومروءتِه، وصدقَ رضي اللهُ عنه، فكم من الأعراضِ التي انتهكتْ وبيعتْ بسببِ شربةِ خمرٍ، أو جرعةِ هروينٍ، أو حبةِ مخدرٍ!

فيا أخي الحبيب:

دعِ الخمرَ واجْتنبِ المخدِّر*** ودعْ سينًا وسوف ولا تؤخر.

فعقلك أنتَ مؤتمن عَليـه *** فَلا تخن بالأمَانةِ أو تقصِّـر.

بذلتُ نصِيحتي لكَ يَا أُخَيَّا ***. فـفكِّرْ ثم فكِّـرْ ثم فكِّـرْ

تابع / خطبة الجمعة القادمة 27 ديسمبر 2024: المخدرات ضياع للإنسان

أحبتي في الله: عالَمُ المخدِّراتِ عالَم مظلمٌ، الداخل فيه مفقود، والخارج منه مولود، المخدِّرات جِماعُ الشر، ومجمعُ الضر، ومستودع المفاسد، وملتقى المصائب، ومكمَن الشرر، المخدِّراتُ كلُّ بلاءٍ يَصغُر دونَها، هي آفةُ العصرِ، ومصيبةُ الدهرِ، وقاصمةُ الظَّهْرِ، تَذهَب بالعقول، وتُهلِك النفوسَ، وتهدر الكرامة، أصلُ كلِّ بليةٍ، وأساسُ كلِّ رذيلةٍ، ومفتاحُ كلِّ شرٍّ، ورجسٌ مِنْ عملِ الشيطانِ، تُوقِع في العداوةِ والبغضاءِ، وتَصدُّ عن ذكر الله، وعن الصلاة، وعن كلِّ عملٍ صالحٍ في الدين والدنيا، تُمزِّق الحياءَ، وتُطفئ الغيرةَ، وتَذهَب بالمروءة، انتحار بطيء، ما جلبَتْ على البشريَّة إلا السوءَ، والفحشاءَ، والبغضاءَ، كم قصَّرت من أعمار! وكم أهدرت من أموال! وكم هدمَتْ من بيوت! وكم شتَّت من أُسَر! وكم أفقدَتْ من آمال! وكم أضاعت من أحلام! أوقعَتْ في جرائم اغتصاب، وأدت إلى الانتحار، وجرأت على السرقة وجرت إلى النهب والرشوة والبِغاء.

فيا أخي الحبيب:

لا تبكِ مَنْ قُتِلُوا ولا مَنْ جاعوا *** وابكِ الذين بِخُطى المخدِّرِ ضاعُوا.

المـوت أجملُ من حياةٍ لم تصن *** عقـلاً ومـن لندائها أسمـاع.

بئسَ امرؤٌ يَشْري مُدمِّرَ جسمِه *** ولَبئس مَن صَنعوا له أو باعُـوا

فيا شباب الأمة، احذروا المخدرات والمسكرات والمفترات فإن تعاطيها عدوان على الجسم والعقل والنفس والمجتمع، وليس من عاقل منحه الله العقل أن يعير عقله غيره ليعبث به كما يشاء، فكما أن أحدنا لا يسره أن يسرق ماله، أو يراق دمه، أو تدمر صحته، فكذلك العقل الذي هو مناط التكليف، وما أحسن ما قاله ابن الوردي في لاميته المشهورة:

وَاهجُـرِ الخْمَـرةَ إنْ كُنتَ فـتىً * * * كَيفَ يَسعى فـي جُنـونٍ مَنْ عَقَـلْ

واتَّـقِ اللهَ فَتقـوْى اللهِ مَـا * * * جاورتْ قَلبَ امـرئ إلا وَصَـلْ

ليسَ مـنْ يقطعُ طُرقاً بَطلاً * * * إنـما مـنْ يـتَّقي الله البَطَـلْ

حمى الله شبابنا من كل سوء ومكروه، وحفظ علينا أمننا وأماننا وعقيدتنا، إن ربي قريب مجيب.

اقرأ أيضاً«الأوقاف» و صندوق مكافحة الإدمان يتفقان على توحيد خطبة الجمعة المقبلة

«الطفولة بناء وأمل».. الأوقاف تنشر نص خطبة الجمعة اليوم 20 ديسمبر 2024

«صناعة العقول وأثرها في بناء الإنسان».. موضوع خطبة الجمعة القادمة

مقالات مشابهة

  • فضل الدعاء قبل صلاة الجمعة
  • حقيقة مضاعفة الحسنات والسيئات في البلد الحرام "مكة المكرمة"
  • «أضرار التدخين وتعاطي المخدرات».. نص خطبة الجمعة 27 ديسمبر 2024
  • "العناية بالحرمين" توفر خدمة حفظ الأمتعة مجانًا في المسجد الحرام
  • الهيئة العامة للعناية بالحرمين توفر خدمة حفظ الأمتعة مجانًا في المسجد الحرام
  • يوميًا.. 500 جرام من أفخم العود لتعطير أجواء المسجد الحرام
  • خلال 2024.. أكثر من مليون ساعة تطوعيّة لخدمة قاصدي المسجد النبوي
  • نائب أمير منطقة مكة المكرمة يفتتح الملتقى العلمي الأول “مآثر سماحة الشيخ عبد الله بن حميد -رحمه الله تعالى وجهوده في الشؤون الدينية بالمسجد الحرام”
  • مواقع معتمدة للحلاقة الآمنة بجوار المسجد الحرام.. اعرفها
  • عمرو مهران: البركة فى الرزق ليست بالحسابات أو العدد