المجاعة والمرض والقصف.. ثالوث يتربص بأجساد أطفال غزة
تاريخ النشر: 23rd, February 2024 GMT
غزة – يواجه آلاف الفلسطينيين في شمال غزة خطر الجوع والعطش، ولا سيما الأطفال، حيث تتواصل حرب الإبادة الإسرائيلية منذ 7 أكتوبر / تشرين الأول الماضي.
وبحسب نتائج فحوص لسوء التغذية أجرتها مؤخرا منظمات شريكة في مجموعة التغذية (تابعة للأمم المتحدة)، توجد في غزة زيادة كبيرة في نسبة سوء التغذية الحاد العام بين الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 6 أشهر و59 شهرا.
ووصل سوء التغذية الحاد العام إلى 16.2 بالمئة، وهي نسبة تتخطى العتبة الحرجة التي تحددها منظمة الصحة العالمية عند 15 بالمئة.
الطفل فاروق أبو قمر، البالغ من العمر 15 شهرًا، لم يعد يقوى على البكاء من شدة الجوع، فمعدته فارغة منذ عدة أيام بفعل النقص الحاد في المواد الغذائية شمال قطاع غزة.
ويجلس والد الطفل، محمود أبو قمر، بجواره على سرير المرض داخل مستشفى كمال عدوان في بلدة بيت لاهيا شمال قطاع غزة، ينتظر تحسن حالة ابنه الصحية.
ووسط هذا الوضع العصيب، يشعر الأب الذي يعتصر قلبه بالألم بالعجز تجاه طفله، الذي لا يستطيع تقديم له الطعام ليسكته.
يقول أبو قمر “إنّ المرض سيطر على فاروق بسبب الإعياء الشديد والهزال الذي أصابه بفعل شح الغذاء والماء”.
ويضيف وعلامات الإعياء ظاهرة على وجهه الشاحب: “فاروق يستيقظ باكيًا كل ليلة من شدة الجوع وقرقرة بطنه، لكننا لا نجد من نطعمه إياه، حتى علف الحيوانات الذي كنا نأكله لم يعد متوفرًا”.
ولجأ سكان غزة والشمال إلى طحن علف الحيوانات للحصول على الدقيق اللازم لإعداد الخبز وضمان بقائهم على قيد الحياة، لكن مخزون تلك الحبوب يتضاءل بشكل كبير.
ويعاني سكان شمال قطاع غزة من ظروف صعبة، حيث يجدون أنفسهم غالبًا يمضون أيامًا كاملة دون تناول الطعام. الوضع يتطلب من البالغين تحمل الجوع حتى يتسنى للأطفال الحصول على الطعام.
ويستكمل أبو قمر حديثه: “في شمال غزة، نعيش بدون أرز، بدون خضار، بدون طحين، بدون أي مواد غذائية، المساعدات الغذائية والإغاثية لا تدخل”.
على سرير مجاور، يرقد الطفل أحمد حماد (٣ سنوات)، حيث يعاني من ارتفاع حرارته بشكل شديد، ويحاول والده بكل جهده التخفيف من حرارته وآلامه عبر وضع كمادات ماء باردة.
ويقول والد حماد “المرض يجتاح جسد طفلي الصغير بلا رحمة، هذا الجسد الذي أرهقته حياة صعبة ومجاعة لا تنتهي، لا أعرف كيف أتصرف أمام صرخاته القاسية وهو يتضور جوعاً”.
ويضيف بحزن: “لجأنا لطحن علف الحيوانات وأكل لحوم الطيور، للتخفيف من جوع أطفالنا، لم أتخيل يومًا أن نصل إلى هذه الحالة، لم أتوقع أبدًا أن نضطر لتناول طعام الحيوانات”.
ويتساءل بالاستغراب: “ما ذنبنا؟ ما ذنب الأطفال؟ في شمال قطاع غزة، من ينجو من القصف لا ينجو من الجوع والعطش”.
ويكمل حديثه: “لقد متنا جوعًا، لا يوجد طعام، نحن جائعون جدًا، هنا لا ماء ولا طعام، نريد أن تتوقف الحرب لنعود إلى حياتنا الطبيعية”.
وحفر العديد من سكان شمال غزة في الشوارع الترابية وفي أرصفة الشوارع للوصول إلى خطوط المياه للحصول على احتياجاتهم للشرب والغسيل، في ظل النقص الحاد بالمياه وأزمة العطش التي تعيشها غزة والشمال.
في 16 شباط/ فبراير الحالي، أعلن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية “أوتشا” أنه بين الأول من كانون الثاني/يناير و12 فبراير، رفضت السلطات الإسرائيلية وصول 51 بالمائة من البعثات التي خططت لها المنظمات الشريكة في مجال العمل الإنساني لإيصال المعونات وإجراء تقييمات إلى المناطق الواقعة إلى الشمال من وادي غزة.
وبحسب الأمم المتحدة، تشير التقارير إلى تزايد المستويات الكارثية لانعدام الأمن الغذائي الحاد في شتى أرجاء قطاع غزة، حيث يتزايد عدد التقارير عن الأسر التي تكافح من أجل إطعام أطفالها، ويزداد خطر الوفيات الناجمة عن الجوع في شمال القطاع.
وأوضح مكتب “أوتشا”، إن أكثر من نصف شحنات المساعدات إلى شمال غزة منعت من الوصول الشهر الماضي، وأن هناك تدخلا متزايدا من الجيش الإسرائيلي في كيفية ومكان تسليم المساعدات.
ويضيف بأن ما يقدر بـ300 ألف شخص يعيشون في المناطق الشمالية محرومون إلى حد كبير من الحصول على المساعدات، ويواجهون خطر المجاعة المتزايد.
ويقول مدير مستشفى كمال عدوان الطبيب حسام أبو صفية، إنّ “سكان شمال غزة بدؤوا يتأثرون بالمجاعة وقلة التغذية المنتشرة بسبب الحصار الإسرائيلي”.
ويضيف أبو صفية في تصريح للأناضول، “أن اغلب الحالات المدخلة إلى مستشفى كمال عدوان تصل في وضع حرج جدًا بسبب سوء التغذية”.
ويوضح أن “الأطفال المرضى القادمين من مراكز الإيواء يصلون المشفى في وضع حرج جدا جراء إصابتهم بنزلات معوية وأمراض تسبب لهم جفافًا متقدمًا يتطلب تدخلًا علاجيًا عاجلًا ومتقدمًا”.
ويشير إلى “قيام الطواقم الطبية بإدخال المرضى إلى أقسام العناية المركزة لحاجتها إلى مراقبة الطبية والعلاجية على مدار الساعة”.
ويحذر الطبيب “من أن قلة المستهلكة الطبية والمعدات والأدوات الطبية في مشفى كمال عدوان ونقص التغذية السليمة تهدد بأن تحصد هذه المجاعة الكثير من الأرواح”.
ويقول: “الكادر الطبي في المشفى يعاني من المجاعة كالمرضى، وإدارة المستشفى عاجزة عن توفير وجبة طعام سليمة للكادر العامل في المستشفى الذي يقدم الخدمة الصحية على مدار الساعة”.
ويتساءل: “كيف سيقدم الطبيب أو الحكيم الخدمة الصحية للمريض وهو جائع؟، للأسف الجوع ينهش أجساد المرضى والكوادر الطبية والسكان شمال غزة”.
وفي 17 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أعلنت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) أن السكان في شمال قطاع غزة أصبحوا “على حافة المجاعة ولا ملاذ يأوون إليه” في ظل الحرب المستمرة.
وحتى الخميس، خلَّفت الحرب الإسرائيلية المدمرة على غزة “”29 ألفا و410 شهداء و69 ألفا و465 مصابا، معظمهم أطفال ونساء”، بالإضافة إلى آلاف المفقودين تحت الأنقاض وكارثة إنسانية “غير مسبوقة”.
وللمرة الأولى منذ قيامها في عام 1948، تخضع إسرائيل حاليا لمحاكمة أمام محكمة العدل الدولية، أعلى هيئة قضائية في الأمم المتحدة؛ بتهمة ارتكاب جرائم “إبادة جماعية” بحق الفلسطينيين في غزة.
الأناضول
المصدر: صحيفة المرصد الليبية
كلمات دلالية: الأمم المتحدة شمال قطاع غزة کمال عدوان سکان شمال شمال غزة أبو قمر فی شمال
إقرأ أيضاً:
باحثة سياسية: نتنياهو يواصل اتباع سياستي التجويع والقصف المستمر بغزة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
قالت تمارا حداد، الكاتبة والباحثة السياسية من رام الله، إن رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يتبنى سياسة تصعيدية تعتمد على التجويع والقصف المستمر في قطاع غزة.
وأوضحت أن الاحتلال نفذ غارات مكثفة على غزة خلال اليومين الماضيين، ضمن تصعيد عسكري متواصل.
وأضافت حداد، خلال مداخلة هاتفية على فضائية "القاهرة الإخبارية"، أن تصريحات نتنياهو الأخيرة أكدت أن الحرب على قطاع غزة لن تتوقف إلا بإزالة حركة حماس بالكامل، مشيرة إلى أنه يحاول تعزيز فكرة أن ما حدث في 7 أكتوبر الماضي يتطلب رداً قاسياً كدرس انتقامي.
وأشارت إلى أن نفسية الانتقام ما زالت تسيطر على نتنياهو في الوقت الحالي، حيث يسعى لاستعادة هيبة الجيش الإسرائيلي وتحقيق نصر مطلق، ليس فقط في غزة، بل على مستوى منطقة الشرق الأوسط بأكملها.
وأكدت حداد أن الأزمة الإنسانية في غزة تزداد سوءاً، إذ يمنع الاحتلال إدخال الطعام والماء إلى القطاع، إلى جانب القصف المستمر الذي يستهدف حتى المناطق التي يُزعم أنها "آمنة"، حيث لم تسلم هذه المناطق من الهجمات الصاروخية والقصف الذي يطال المدنيين.