تمكن فريق بحثي من المعهد الوطني للمعايير والتكنولوجيا (NIST) والمعهد المشترك للفيزياء الفلكية المختبرية (JILA) التابع لجامعة "كولورادو بولدر" (The University of Colorado Boulder) الأميركية من التوصل إلى طريقة جديدة قد تفسر أهم ألغاز الكون إلى الآن.

وحسب علماء الفيزياء الفلكية، فقد تشكلت أعداد لا حصر لها من البروتونات والنيوترونات والإلكترونات جنبا إلى جنب مع كميات متماثلة تماما من نظيراتها من المادة المضادة في بداية تاريخ الكون، والمادة المضادة هي المادة العادية نفسها لكن مع شحنات مختلفة، فيكون الإلكترون سالب الشحنة مثلا ونظيره البوزيترون موجب الشحنة.

ولكن لأن المادة المضادة هي نفسها المادة العادية مع شحنة مختلفة، فكان لا بد أن تبيد كل منهما الأخرى ولا يوجد الكون بالصورة التي نراها الآن، وهذا تحديدا هو اللغز الذي لم يفسر حتى اليوم.

العلماء يحاولون قياس مدى انتشار الشحنة السالبة بالتساوي بين القطب الشمالي والجنوبي للإلكترون (ستيفن بوروز) تباين في مستويات المادة والمادة المضادة

وفي حين تشير الرياضيات والمعادلات إلى ضرورة وجود تماثل تام في الكون، فإن حدوث التباين هو التفسير الوحيد لوجودنا في الكون، فلا بد من وجود بعض بقايا البروتونات والنيوترونات والإلكترونات، ولذا فقد عكف العلماء على محاولة إيجاد علامات ودلائل لهذا التباين، ستكون إجابة عن سؤال: لماذا وكيف ومتى حدث عدم الاتزان هذا؟

وفي سعيهم لإثبات التباين، قام العلماء من هذا الفريق البحثي بدراسة العزم الكهربائي ثنائي القطب للإلكترون (eEDM)، وهو خاصية تشير إلى مدى انتشار شحنة الإلكترون السالبة بالتساوي بين القطب الشمالي والقطب الجنوبي له، ونشرت نتائج بحثهم في دورية "ساينس" (Science) في السادس من يوليو/تموز الجاري.

وفي حالة قياس العزم الكهربائي بقيمة أعلى من الصفر، فإن هذا يؤكد وجود التباين المنشود، ويكون الإلكترون على شكل بيضة أكثر من كونه دائريا، وفي هذه الحالة يُحل أكبر لغز في علم الكونيات.

مسرعات الجسيمات الباهظة الثمن ليست هي الوسيلة الوحيدة لاستكشاف هذه الأسئلة الأساسية عن الكون (شترستوك) دقة قياس غير مسبوقة

وتقول تانيا روسي، طالبة الدراسات العليا في المجموعة البحثية في المعهد المشترك للفيزياء الفلكية المختبرية، في بيان صحفي، "نحتاج إلى إصلاح الرياضيات لدينا لتكون أقرب إلى الواقع. نحن نبحث عن الأماكن التي قد نجد فيها هذا التباين، حتى نتمكن من فهم مصدره. الإلكترونات هي جسيمات أساسية، وتماثلها يدلنا على تماثل الكون".

وسجل إريك كورنيل وتانيا روسي وفريقهم رقما قياسيا لدقة قياس العزم الكهربائي ثنائي القطب للإلكترون، وتحسين القياسات السابقة. ولإيضاح معنى ذلك، تذكر روسي أنه إذا كان الإلكترون بحجم الأرض فإن دراستهم وجدت أن أي عدم تناسق موجود سيكون أصغر من نصف قطر الذرة، وتضيف أن إجراء قياس بهذه الدقة أمر صعب للغاية، لذلك كان على المجموعة أن تكون ذكية.

وقد درس الباحثون جزيئات فلوريد الهافنيوم، وارتكزت دراستهم على أنهم إذا طبقوا مجالا كهربائيا قويا على الجزيئات فإن الإلكترونات غير المستديرة يجب أن تتماشى مع المجال، وتتحرك داخل الجزيء، أما إذا كانت مستديرة فلن تتزحزح الإلكترونات. وقد سمحت لهم هذه التجربة بالحصول على أوقات قياس أطول من المحاولات السابقة، وذلك أعطاهم حساسية أكبر.

في اللحظات الأولى للكون تشكلت البروتونات والنيوترونات والإلكترونات مع نظيراتها من المادة المضادة (شترستوك) خيارات أخرى لإثبات التباين

وحسب الدراسة، أظهرت قياسات المجموعة أن الإلكترونات لا تحرك مستويات الطاقة، وذلك يشير إلى أنه بناء على أفضل قياسات متاحة حاليا فإن الإلكترونات مستديرة. وعلى الرغم من أن المجموعة البحثية لم تجد تباينا بعد، فإن نتائجهم سوف تساعد على مواصلة البحث عن إجابات لتباين الكون المبكر.

وتختتم روسي قائلة "في حدود دقة القياسات التي توصلنا إليها، وجدنا أن الإلكترون متماثل، ولو كنا وجدنا قياسا غير صفري لكان هذا أمرا مهما. أفضل رهان هو أن توجد فرق من العلماء في أنحاء العالم تبحث في خيارات مختلفة. وما دمنا نواصل قياس الحقيقة، ففي النهاية سيجدها شخص ما".

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

"أبوظبي للزراعة" تطلق برنامجاً للكشف المبكر عن الأمراض والآفات

أطلقت هيئة أبوظبي للزراعة والسلامة الغذائية برنامجاً شاملاً لتعزيز الكشف المبكِّر عن الأمراض النباتية والآفات الزراعية، في إطار خطة التنمية الزراعية المستدامة بإمارة أبوظبي، وبرنامج الأمن الحيوي الذي يعتمد نهج "الصحة الواحدة" لتحقيق التكامل بين صحة الإنسان والحيوان والنبات والبيئة.

يهدف البرنامج إلى حماية القطاع الزراعي من الأمراض والآفات التي تهدِّد المحاصيل، ما يضمن استدامة القطاع الزراعي والأمن الغذائي.
ويرتكز البرنامج على ثلاثة محاور رئيسية؛ المحور الأول هو تطوير قدرات الكوادر العاملة بالمجال من خلال برامج تدريبية مكثَّفة لتمكين الكوادر الفنية من تشخيص الأمراض النباتية بدقة، والكشف المبكِّر عن الآفات الزراعية، ما يُسهم في تعزيز الإجراءات الوقائية وضمان سلامة المحاصيل.

وتتضمَّن هذه البرامج التدريبية استخدام تقنيات حديثة، منها تقنيات التسلسل الجيني للكشف عن مسبّبات الأمراض النباتية من الفيروسات والفطريات والبكتيريا والفايتوبلازما، إلى جانب تعزيز المعارف في مجالات المسوحات الوبائية، وطرق العزل والتعرُّف على مسبّبات الأمراض.

وتركِّز البرامج التدريبية على أساليب تطبيق أفضل تدابير الوقاية والمراقبة والسيطرة، وتتضمَّن تنفيذ تدريبات ميدانية متخصِّصة لتعزيز مهارات التعرُّف على الأعراض النباتية المرتبطة بالأمراض، ودعم قدرات المشاركين على تطبيق استراتيجيات المكافحة الفعّالة، مع تطوير مهارات متقدِّمة تُمكِّن العاملين من التعامل بكفاءة مع تحديات الأمن الحيوي من خلال تعزيز قدراتهم على مراقبة الأمراض وتشخيصها، وتقييم المخاطر التي يحتمل أن تؤثِّر في القطاع الزراعي وسلامة النُّظم البيئية.

الأمن الغذائي

ويعزِّز برنامج الكشف المبكِّر عن الأمراض النباتية والآفات الزراعية جاهزية الكوادر للاستجابة السريعة للأزمات البيئية والزراعية، ما يدعم جهود تعزيز الأمن الغذائي على مستوى الإمارة والدولة، ويعمل البرنامج أيضاً على إعداد الدراسات المتخصِّصة ونشرها، وبناء قاعدة بيانات شاملة توثِّق الأمراض النباتية في الإمارة، ما يدعم البحث العلمي في مجال الصحة النباتية ويحسِّن استراتيجيات الاستجابة السريعة، ويعزِّز مرونة القطاع الزراعي في مواجهة التحديات المستقبلية.
أمّا المحور الثاني فيركِّز على تنفيذ برامج مسحية للأمراض النباتية، وإجراء مسوحات ميدانية تُسهم في تطوير خطط الطوارئ للتعامل مع الآفات والأمراض ذات الأولوية.
ويركِّز المحور الثالث على مراجعة التشريعات والأنظمة لتحديث الإطار التشريعي، بهدف ضمان مواكبته للاحتياجات الناشئة وتحقيق أفضل المعايير في مواجهة التحديات الزراعية في محور الأمن الحيوي.

أولوية استراتيجية

وقالت أسماء عبدي محمد، مدير إدارة شؤون الأمن الحيوي في هيئة أبوظبي للزراعة والسلامة الغذائية: "منظومة الأمن الحيوي ركيزة أساسية لاستدامة القطاع الزراعي وتعزيز الأمن الغذائي، وهي توفِّر إطاراً شاملاً للتصدي للتهديدات البيئية والصحية التي تواجه القطاع بشقّيه النباتي والحيواني، وتُسهم في حماية الموارد الطبيعية من الآفات والأوبئة، وضمان سلامة المنتجات الزراعية والحفاظ على التنوُّع البيولوجي".
وأضافت: "إنَّ برنامج تشخيص الأمراض النباتية والآفات الزراعية يُعَدُّ ركيزة أساسية لحماية القطاع الزراعي النباتي، ويُسهم في تقليل الخسائر الاقتصادية الناتجة عن تفشّي الأمراض والآفات، إضافةً إلى دعم استدامة الإنتاج الزراعي من خلال تعزيز قدرات المزارعين على تطبيق أفضل الممارسات الوقائية، ويُعَدُّ البرنامج خطوة متقدِّمة في تعزيز الإنتاج الزراعي المحلي، وزيادة تنافسيته في الأسواق المحلية".
وأوضحت أنَّ الهيئة تعزِّز منظومة الأمن الحيوي لأنها أولوية استراتيجية، من خلال تنفيذ برامج فعّالة لمكافحة الآفات الزراعية والأمراض الحيوانية، مع تقديم برامج توعية شاملة للمزارعين والعاملين في القطاع عن أفضل الأساليب الوقائية وطرق المكافحة السليمة، ويشمل ذلك المكافحة الحيوية والميكانيكية والفيزيائية. وأصدرت الهيئة مجموعة من الأدلة الإرشادية لزيادة الوعي الزراعي وترسيخ مفاهيم الاستدامة.
وطوَّرت الهيئة مؤشراً متكاملاً لتقييم الأمن الحيوي النباتي والحيواني، في إطار التعاون المشترك مع الجهات الحكومية والخاصة المحلية والدولية، بهدف تقوية منظومة الأمن الحيوي من خلال تقييم المخاطر وتوفير حلول مبتكرة تواكب أفضل الممارسات العالمية.

مقالات مشابهة

  • فحص 10.4 مليون طالب ابتدائى ضمن مبادرة الكشف المبكر عن «الأنيميا والسمنة والتقزم»
  • "أبوظبي للزراعة" تطلق برنامجاً للكشف المبكر عن الأمراض والآفات
  • كانت لافكاره مواقف ثورية .. كيف رأى لابلاس الكون بلا تدخل إلهي؟
  • مروة راتب: أنا أجمل نساء الكون وقريب رح تشوفوني بشكل جديد
  • علي جمعة: الادعاء بأن الكون بلا إله ينافي العقل
  • مجلس الوزراء: التعافي المبكر وإعادة إعمار غزة تعبتر خطة عربية جامعة
  • الوقاية خير من العلاج.. أهمية الكشف المبكر عن مشكلات الغدة الدرقية
  • القمة العربية غير العادية تعتمد الخطة المصرية بشأن التعافي المبكر وإعمار غزة
  • مفتي الجمهورية: الكون المنظور دليل على وجود الله وكمال صفاته
  • مراتي أعظم ست في الكون.. شيكا ينشر صورة جديدة مع زوجته