في الوقت الذي يتصدر الحديث عن المخطط الصهيوني الذي يستهدف تهجير الفلسطينيين إلى سيناء المصرية قائمة المسائل المتعلقة بالقضية الفلسطينية والحرب على غزة، يعتقد الكثيرون أن هذه الخطوة سوف تضع بها الحرب أوزارها وتنتهي عندها الأطماع الصهيونية.وهذا بلا شك جهل بطبيعة المشروع الصهيوني الإمبريالي الذي يسعى للسيطرة على هذه المنطقة بأكملها ضمن ما يعرف بدولة إسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات، فدولة الاحتلال لن يشبع جوعها سوى هذه السيطرة على دول المنطقة، ومن بين هذه المناطق سيناء المصرية، والتي تعدها الصهيونية جزءًا من دولتها اللقيطة.

في كتابه «يقظة العالم اليهودي»، يقول أحد أقطاب الصهيونية إيلي ليفي أبو عسل: «وجرت أحاديث سياسية مستفيضة بين تيودور هرتزل هذا الرجل المصلح العظيم وبين الحكومة المصرية واللورد كرومر ممثل بريطانيا العظمى في وادي النيل، توالت المناقشات خلالها حول إنشاء مستعمرة يهودية في منطقة العريش».

فمؤسس الصهيونية العالمية تيودور هرتزل أراد توطين أتباعه في سيناء، حتى يتخذ من سيناء نقطة وثوب إلى فلسطين.

أطلق عليها تيودور هرتزل: «فلسطين المصرية»، وكانت وما تزال أحد الأحلام اليهودية القديمة التي لم تبرح نطاق تفكيرهم، فهي رابضة في الوجدان اليهودي لأنها تضم على أرضها الوادي المقدس، لذلك اتجهت أنظارهم في وقت مبكر للاستيلاء عليها.يذكر المؤرخ المصري عبد العزيز الشناوي في كتاب «الدولة العثمانية دولة إسلامية مفترى عليها»، أن السلطان سليم الأول بعد أن دخل مصر، أصدر فرمانا بمنع اليهود من الهجرة إلى سيناء، ولما تولى من بعده ابنه سليمان، أصدر فرمانًا يؤكد فيه ما قرره والده في الفرمان الأول، الأمر الذي يعني أن الدولة العثمانية كانت فطنة لمحاولات الاستيطان.

وفي عهد سليم الثاني بن سليمان، والذي مثّل فترة من فترات الضعف العثمانية، تمكن اليهود بزعامة رجل تُطلق عليه وثائق ذلك العصر «إبراهام اليهودي»، من الهجرة المتقطعة إلى أرض سيناء، واختاروا في هذا الوقت مدينة الطور، لأن بها ميناء يصلح لأن ترسو عليه السفن التجارية، وترتبط بريا بخطوط قوافل مع القاهرة والفرما، بمعنى عام تحتل موقعًا يُجنّبهم العزلة الدولية ويستطيعون من خلاله استقدام المزيد من المهاجرين.

لكن اليهود تعرضوا لرهبان دير سانت كاترين بالأذى، ما جعلهم يرفعون شكواهم إلى السلطات العثمانية في القاهرة عن طريق المراسلات المكتوبة والمقابلات الشخصية، وكان ذلك في عهد السلطان مراد الثالث بن سليم الثاني.

ولأن الدولة العثمانية كانت تمثل السلطة الإسلامية العليا في العالم الإسلامي، ومسؤولة بناء على ذلك عن أمن أصحاب الملل والطوائف الذين يعيشون تحت لوائها، فقد سارعت السلطات العثمانية في القاهرة ممثلة في الوالي النائب عن السلطان، بإصدار ثلاثة فرمانات ديوانية، تم بموجبها ترحيل المستوطنين من سيناء ومنعهم من الإقامة أو السكنى بها.ولم تكن تلك الفرمانات تتضمن رائحة طائفية ضد اليهود، بل جاء ذلك بناء على التزام العثمانيين بحماية أصحاب الملل من جهة، حيث تعرض الرهبان في المنطقة للأذى كما أسلفنا، ومن جهة أخرى جاءت كإجراء حتمي لمواجهة تكوين جيوب في الإمبراطورية معلوم أهدافها، لا سيما وأن اليهودية ديانة لا قومية، وكان اليهود يعيشون كأصحاب ديانة في شتى المجتمعات العربية والغربية، وانخرطوا وتنفذوا فيها دون الحاجة إلى فكرة وطن جامع.

وفي نهايات القرن الـ 19 الميلادي ونتيجة للضعف الذي دب في الدولة العثمانية، كانت مصر خاضعة للنفوذ البريطاني، فعادت أطماع اليهود تتجه من جديد إلى أرض سيناء، وذلك بعد أن رفض السلطان العثماني عبد الحميد الثاني السماح لهم بالاستيطان في فلسطين.وكما كانت للسلطان عبد الحميد جهود قوية في عدم السماح بتكوين وطن قومي لليهود في فلسطين، عارض كذلك وبشدة توطينهم في سيناء المصرية.

 

ومن هنا نعلم أن الأطماع الصهيونية لن تتوقف إذا ما تمت تصفية القضية الفلسطينية لا قدر الله، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

إحسان الفقيه – الشرق القطرية

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: الدولة العثمانیة

إقرأ أيضاً:

محمد البهواشي: سيناء كانت "خارج الخدمة" قبل 2013 وبعيدة عن التنمية والعمران

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أكد الدكتور محمد البهواشي، الخبير الاقتصادي، أن سيناء كانت خارج الخدمة قبل ثورة 30 يونيو 2013، فقد كانت مرتعا وملعبا لكل أيادي الشر وبعيدة عن التنمية والعمران، متابعا: "كان الأهالي يشعرون بأن هناك قطيعة بينهم وبين الحكومة المصرية، وبالتالي، كانت ثورة 30 يونيو الإنطلاقة الحقيقية للتنمية في سيناء بداية من محاربة الإرهاب والقيام بالمشروعات التنموية التي تمت".

وأضاف البهواشي، خلال مداخلة هاتفية لفضائية "اكسترا نيوز": "ما حدث في ثورة 30 يونيو كانت بداية الاستقرار، فقد جرى تطهير أراضي سيناء وجرى دفع الغالي والنفيس من دماء الشرفاء من أهالي مصر وسيناء والشرطة والجيش وبدو سيناء".

وتابع: "جرى تنمية سيناء والإفصاح عما بداخلها من ثروات مهدرة، وسهلت شبكة الطرق على أهالي سيناء والمستثمرين القيام بالاستثمار، وهو ما ظهر في إحياء السكك الحديدية في سيناء لربط سيناء بالعواصم والمحافظات المصرية، فسيناء غنية بثرواتها في المجالات كافة مثل القطاع السياحي والصناعات التعدينية، كما دخلت في سيناء التنمية الزراعية". 
 

مقالات مشابهة

  • الحاج حسن: المراهنون على إضعاف المقاومة إنهم يراهنون على سراب
  • بعض أساليب الحرب الناعمة
  • فلسطين تدعو لاجتماع عربي طارئ بشأن استيطان الضفة والحرب على غزة
  • اليهود الحريديم يتظاهرون مجددا ضد قرار تجنيدهم بجيش الاحتلال
  • خبير: ثورة 30 يونيو كانت بداية الاستقرار في مصر
  • خطر حقيقي يهدد الوجود الاسرائيلي
  • محمد البهواشي: سيناء كانت "خارج الخدمة" قبل 2013 وبعيدة عن التنمية والعمران
  • صحيفة إسرائيلية: طبيب أسنان صيني حاول إنشاء وطن قومي لليهود في بكين عام 1939
  • قصور الطيور بتركيا.. رحلة عبر الزمن تُغرد بالرحمة على مر العصور
  • حماس: نطالب الأمم المتحدة بوقف توسيع استيطان الاحتلال في الضفة