مناظير الخميس 22 فبراير، 2024
زهير السراج
manazzeer@yahoo.com
* من المزاعم الغريبة التي تروج لها الحكومة المصرية منذ ما قبل اندلاع الحرب في السودان، وصارت الان العبارة المفضلة على ألسنة العديد من المصريين، ان تعداد السودانيين في مصر يبلغ ٥ مليون سوداني، بينما في حقيقة الامر ان عددهم لا يتجاوز المليون ونصف المليون باى حال من الاحول (٧٠٠ الف كانوا يقيمون قبل الحرب بشكل غير دائم) و٧٠٠ الف (سافروا) الى مصر بعد الحرب (باموالهم)، بينما لا يتجاوز عدد اللاجئين ١٠٠ الف - حسب التعريف الرسمي لكلمة لاجئ وتقديرات مفوضية شؤون اللاجئين - الا اذا كانت الحكومة المصرية تعتبر النوبة المصريين مواطنين سودانيين وفي هذه الحالة يمكن الادعاء بان تعداد السودانيين يبلغ ٥ مليون مواطن.
* وحتى لو افترضنا ان عدد السودانيين في مصر يبلغ ٥ مليون، فان مصر هى المستفيد الاول من ذلك، ويكفي اعتراف رئيس اتحاد الشركات العقارية المصرية في حوار تلفزيوني قبل بضعة اسابيع وهو في غاية السعادة بان جملة الاستثمارات السودانية في المجال العقاري تبلغ (٢٠ مليار دولار ) يعود لها الفضل في انقاذ القطاع العقاري المصري من الكساد والانهيار، قائلا انهم يعدون العدة لاقامة منتدى خاص خلال شهر مارس يبحثون فيه افضل السبل للاستفادة من وجود السودانيين في مصر وما جلبوه معهم من اموال ضخمة.
* فضلا عن ذلك ينفق السودانيون مئات الملايين من الدولارات كل شهر في المعيشة وانعاش الاسواق المصرية من المبالغ التي جلبوها معهم او التي يرسلها لهم ابناؤهم العاملون في الخارج، كما تستفيد مصر من المبالغ التي تدفعها الامم المتحدة لها مقابل استضافتها للسودانيين، والمبالغ التي تتحصلها مصر بالعملة الصعبة من السودانيين كرسوم اقامة وغيرها.
* يحدث ذلك بينما لم يكن المصريون الذين كانوا يعيشون في السودان قبل اندلاع الحرب يدفعون اى رسوم، وكانوا يدخلون السودان بدون تاشيرة دخول، ويفتحون المتاجر بدون الحاجة الى وجود شريك سوداني او استخدام عمالة سودانية عكس القوانين المصرية التي تلزم السودانيين والاجانب الذين يرغبون في ممارسة النشاط التجاري والاستثماري في مصر بضرورة بوجود شريك مصري واستخدام عمالة مصرية وتسديد مبالغ ضخمة كرسوم حكومية مقابل السماح لهم بالعمل في مصر.
* فائدة اخرى جنتها مصر من اندلاع الحرب في السودان هى ان السودان اصبح السوق الاول للسلع المصرية خاصة الغذائية بسبب اغلاق معظم المصانع في السودان، وهى تدخل بلا رقيب ولا حسيب وتجني منها مصر الكثير من العملة الصعبة، بالاضافة الى حصول مصر على الكثير من المنتجات الزراعية السودانية والثروة الحيوانية الضخمة مقابل مبالغ ضئيلة بالعملة المحلية السودانية يدفعونها للتجار السودانيين.
* رغم كل ذلك يواجه السودانيون كل يوم تعسفا من السلطات المصرية والتضييق عليهم لدرجة انهم اصبحوا عرضة للتفتيش بحثا عن العملات الصعبة وتخييرهم ما بين مصادرتها منهم او توجيه تهمة الاتجار غير المشروع في العملة الصعبة لهم بدون اى مسوِّغ قانوني اذا رفضوا التخلي عنها حتى لو اثبتوا حيازتهم لها بشكل قانوني، والغريب في الامر ان السلطات المصرية تفرض عليهم دفع رسوم الاقامة بالعملة الصعبة التي يضطرون لشرائها من السوق السوداء باكثر من ضعف قيمتها الرسمية لانعدام وجودها في المنافذ الرسمية ثم تحويلها في البنوك والصرافات الى العملة المصرية بالقيمة الرسمية واظهار ايصال التحويل لسلطات وزارة الداخلية لتسديد رسوم الاقامة، اى انها ترغمهم على التعامل مع السوق الاسود وانعاش التجارة غير المشروعة للعملة، ثم تطاردهم في الشوارع وتصادر ما تجده بجوزتهم من العملة الصعبة بتهمة الاتجار غير المشروع فيها حتى لو اتوا بها معهم من خارج مصر أو حصلوا عليها بطريقة قانونية!
* واقع أليم يعيشه ويعاني منه السودانيون في مصر رغم المكاسب الضخمة التي تجنيها مصر من وجودهم (كبديل للاجانب وعرب الخليج الذين عزفوا عن السياحة في مصر منذ عام ٢٠١١، وتوقفوا تماما بعد غزو اسرائيل لغزة في اكتوبر الماضي)، ورغم الاموال الضخمة بالعملة الصعبة التي ينفقونها في مصر، ورغم اتفاقية الحريات الاربعة التي شطبتها مصر بجرة قلم بعد اندلاع الحرب في السودان واصبح على المواطن السوداني الانتظار شهورا طويلة او دفع رشاوي ضخمة بالعملة الصعبة للحصول على تاشيرة الدخول لمصر ثم مكابدة المشاق ودفع رسوم باهظة للحصول على الاقامة وغيرها من الاجراءات التعسفية الاخرى التي تتنافى وتتعارض مع اتفاقية الحريات الاربعة بين الدولتين، بدون ان يجرؤ مسؤول سوداني واحد على الاحتجاج لدى السلطات المصرية عن ما يتعرض له المواطنون السودانيون في مصر !
* الايام دول وستجد مصر نفسها يوما في حاجة الى السودان وسترى كيف سيفتح لها السودانيون قلوبهم واذرعتهم وبيوتهم ويتقاسمون معها المسكن واللحاف واللقمة بلا من ولا اذى ولا رسوم ولا تكشيرة دخول!
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: بالعملة الصعبة العملة الصعبة اندلاع الحرب فی السودان فی مصر مصر من
إقرأ أيضاً:
الحرب في السودان .. خسائر بمليارات الدولارات
بعد عامين من الحرب في السودان، تبرز الخسائر البشرية والمادية التي ضربت مجالات الحياة وألقت بظلالها على الشعب ودفعت ملايين للنزوح من منطقة لأخرى أو مغادرة بلادهم. وتداعيات الحرب المستمرة التي اندلعت في منتصف أبريل 2023، في العاصمة الخرطوم تمددت في ولايات الجزيرة وسنار وشمال النيل الأبيض وجنوب النيل الأزرق، ثم تراجعت نحو ولايات شمال كردفان وغربها وجنوبها وإقليم دارفور. وتشير لجنة الإنقاذ الدولية إن عدد الضحايا جراء الحرب وصل إلى 150 ألف شخص، وهو رقم أعلى من الحصيلة المعلنة للأمم المتحدة التي تتراوح حول 20 ألف قتيل. وأصدرت كلية لندن للصحة العامة في نوفمبر الماضي تقرير عن وفاة أكثر من 61 ألف شخص في الخرطوم وحدها منذ بداية الصراع في السودان وحتى يونيو الماضي بزيادة بلغت نحو 50% عن معدل الوفيات قبل الحرب. ومن هؤلاء 26 ألف حالة وفاة نتيجة عنف مباشر متعلق بالحرب.
ووثّقت وزارة الصحة مقتل 12 ألف مدني وصلوا إلى مستشفيات البلاد، وهو ما يمثل 10% فقط من إجمالي عدد القتلى في الحرب وذكرت لجنة الإنقاذ الدولية إن عدد الضحايا جراء الحرب وصل إلى 150 ألف شخص، وهو رقم أعلى من الحصيلة المعلنة للأمم المتحدة التي تتراوح حول 20 ألف قتيل، وفي السياق قد اصدزت كلية لندن للصحة العامة في نوفمبر الماضي تقريرا كشف من خلالة عن وفاة أكثر من 61 ألف شخص في الخرطوم وحدها منذ بداية الصراع في السودان وحتى شهر يونيو الماضي بزيادة بلغت نحو 50% عن معدل الوفيات قبل الحرب. ومن هؤلاء 26 ألف حالة وفاة نتيجة عنف مباشر متعلق بالحرب.
وتذهب المنظمة الدولية للهجرة في تقرير لها، إن النزاع المسلح في البلاد أدى إلى نزوح أكثر من 11.3 مليون شخص، مؤكده تضاعف حالات النزوح داخليًا حيث أضطر 8.6 ملايين شخص إلى مغادرة منازلهم داخل السودان، في حين فر 3.9 ملايين آخرين غالبيتهم عبر الحدود إلى الدول المجاورة آخرهم بولايات إقليم دارفور.
وتوقع محمد رفعت، رئيس بعثة المنظمة الدولية للهجرة في السودان، في حديثه للصحفيين عودة نحو 2.1 مليون شخص إلى الخرطوم في الأشهر الستة المقبلة، ويمثل النازحون من الخرطوم 31% من الذين غادروا مناطقهم في ولايات البلاد. فيما أعلنت وزارة الصحة أن الخسائر التي تكبدها القطاع الصحي نتيجة الحرب وصلت إلى نحو 11 مليار دولار، فقد خرجت مايقارب نحو 250 مستشفى من أصل 750 مستشفى عن الخدمة بسبب الدمار الذي لحق بها، ونهب أجهزتها ومعداتها، مما حرم الملايين من الرعاية الصحية الأساسية، حيث أكد تقرير رسمي أن هناك 70% من المستشفيات والمراكز الصحية في ولايات الخرطوم ودارفور وكردفان، خرجت عن الخدمة، كما أدى القتال إلى خروج أكثر من 60% من الصيدليات والمخازن عن الخدمة، إما بالنهب أو التلف.
وفي مجال التعليم العالي، كشف تقرير رسمي أن نحو 120 جامعة وكلية حكومية وخاصة خصوصا في ولاية الخرطوم ينتسب إليها نحو نصف مليون طالب، خسرت بنيتها التحتية بصورة شبه كاملة. كما تعرضت 6 جامعات في الولايات للتخريب والتدمير منها 4 جامعات في دارفور.
أما في قطاع التعليم العام، فإن الحرب أخرجت أكثر من 17 مليون طفل من المدارس، وألقت بهم في مناطق النزوح واللجوء، ليضافوا إلى 6.9 ملايين طفل غادروا صفوف الدراسة قبل الحرب. قبل أن تستأنف المدارس نشاطها في الولايات الآمنة والتي أعاد الجيش السيطرة عليها في الخرطوم والجزيرة وسنار ومحليات في شمال كردفان والنيل الأبيض.
ويؤكد هنا خبير الأمم المتحدة المعني بحقوق الإنسان في السودان، رضوان نويصر في مقال سابق له إن الإحصائيات الدقيقة حول أعداد المفقودين في السودان لا تزال غير متوفرة، لتباين الأرقام بين المصادر المختلفة، بينما تقدّر المجموعة السودانية للدفاع عن الحقوق والحريات العدد بنحو 50 ألف مفقود، وثّقت منظمات حقوقية سودانية محلية ما لا يقل عن 3177 حالة، بينهم أكثر من 500 امرأة و300 طفل.
وبشأن العنف الجنسي، فقد كشفت وحدة مكافحة العنف ضد المرأة وهي جهة حكومية- عن تسجيل 1138 حالة اغتصاب في مناطق سيطرة قوات الدعم السريع منذ اندلاع الحرب وحتى فبراير الماضي من بينها 193 حالة بحق طفلات قاصرات، كذلك في شهر مارس الماضي أفادت منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسيف” بأنها وثقت 221 حالة اغتصاب ضد الأطفال منذ مطلع العام الماضي، منهم 4 أطفال يبلغون عامًا واحدًا.
ووفق لدراسة حديثة أعدتها الحكومة، فإن الدمار والخسائر التي تكبدها الاقتصاد السوداني جراء الحرب يُقدر بنحو 108 مليارات دولار، في وقت قدرت وزارة الزراعة والغابات خسائر القطاع الزراعي خلال عامي الحرب، بأكثر من 10 مليارات دولار. وتم تدمير ونهب الأصول الرأسمالية من معدات ميكانيكية وحركية وتخريب كل محطات البحوث الزراعية.
ويوضح تقرير رسمي أن الدمار بسبب الحرب، والتدمير الممنهج والنهب من قوات الدعم السريع طال 90% من القطاع الصناعي؛ إذ تضررت 3493 منشأة صناعية موزعة ما بين منشآت متوسطة وكبيرة بولاية الخرطوم، بجانب ولايتي جنوب كردفان والجزيرة، ويعمل بالقطاع أكثر من 250 ألف عامل، وتقدر خسائر القطاع بحوالي 30 مليار دولار.
كما تم تقدير خسائر البنى التحتية العامة في قطاع الطيران المدني التي تشمل الأضرار الجسيمة في المطارات والطائرات الرابضة، وتدمير آليات الإسناد الأرضي، وأبراج المراقبة، وصالات الركاب، ومخازن البضائع، بحوالي 3 مليارات دولار.
أما في قطاع الكهرباء والمياه، فقد تم تدمير ونهب محطات المياه في العاصمة والولايات، وتدمير عدد كبير من محطات توليد الكهرباء ومنشآت التحويل وأبراج الضغط العالي والمنخفض. وتقدر خسائر قطاع الكهرباء والمياه بنحو 10 مليارات دولار.
وبخصوص خسائر البنى التحتية العامة في قطاع الوزارات والمؤسسات تشمل إحراق وتدمير الوزارات والمصالح والمرافق الحكومية، والجسور والطرق فتقدر هذه الخسائر بنحو 10 مليارات دولار أيضًا.
أمدرمان: الهضيبي يس
الوان
إنضم لقناة النيلين على واتساب