تاريخ غزة لعارف العارف.. جولة في عروس مدن الشرق
تاريخ النشر: 23rd, February 2024 GMT
لم يعِش الصحفي والمؤرخ الفلسطيني عارف العارف المولود في مدينة القدس في 1891 والمتوفى في رام الله في 1973 ليرى أن الوحدة العربية التي كان مبتهجا بقرب تحققها قد غدت حلما بعيد التحقق، وأن الدولة القُطْرية التي بشّر بزوالها قد قسمت وغدت دولا.
كذلك لم يدر في خلده، وهو الذي بشّر بالوحدة في مقدمة كتابه "تاريخ غزة" (الدار الأهلية للنشر، 2024) أن غزة التي أرّخ لها وشرح في كتابه -الصادر لأول مرة في أربعينيات القرن الماضي- تطور صناعتها في قرن غابر، تغدو الآن أطلالا.
في كتابه يستكمل العارف رسالته في تعريف القارئ العربي بفلسطين استكمالا لكتابيه "القضاء بين البدو"، و"تاريخ بئر السبع وقبائلها".
المؤرخ والسياسي الفلسطيني عارف العارف يتوسط مشايخ بئر السبع (الجزيرة)ولد العارف في القدس، ودرس في إسطنبول، وحارب في الجيش العثماني، وأُسر في سيبيريا ليعود بعد الثورة الروسية إلى فلسطين، وحرّر أول صحيفة وطنية فلسطينية نُشرت بعد الحرب العالمية الأولى؛ وهي جريدة "سوريا الجنوبية".
وفي الكتاب الذي يقع في زهاء 460 صفحة يرى الكاتب أن "غزة ليست بنت قرن من القرون، أو وليدة عصر من العصور، وإنما هي بنت الأجيال المنصرمة كلها، ورفيقة العصور الفائتة كلها من اليوم الذي سطّر التاريخ فيه صحائفه الأولى".
وعن تاريخ غزة يضيف المؤرخ أنه "تاريخ مجيد لأنها صمدت لنوائب الزمان بجميع أنواعها، حتى إنه لم يبق غازٍ من الغزاة المتقدمين أو المتاخرين إلا ونازلته، فإما أن يكون قد صرعها، وإما هي صرعته".
بناها الأقدمونويطوف الكتاب في تاريخ المدينة القديم التي بناها الأقدمون والعرب أول من ارتادها وغشي أسواقها، وهم من حمل إليها بضائعهم وسلعهم من الطيب والبهار والبخور وغيرها.
وغزة من أقدم مدن العالم، كما يؤرخ الكتاب، سكنها أولا الكنعانيون وهم من الشعوب "الساميّة"، وتنسبهم رواية التوراة إلى حام بن نوح، وفي رواية أخرى أن غزة كانت قائمة في هذا الوجود عندما احتلها الكنعانيون وأخذوها من العموريين.
كما كانت غزة طوال تاريخها على صلة بمصر، ويعرض العارف طرفا لصلة المدينة بالفراعنة والملوك الرعاة الذين حكموا مصر (الهكسوس)، وعلاقتها بالفلسطينيين الأوائل.
سد منيعوفي التاريخ القديم يروي عن علاقة غزة باليهود فهم وإن نجحوا في دخول فلسطين، "إلا أنهم لم يتمكنوا من إخضاع غزة وإذلالها، فظلت بعيدة عن نفوذهم" كما يقول.
ويورد طرفا من أسفار العهد القديم التي ورد فيها ذكر غزة، ومنها الإصحاح الأول من سفر عاموس حيث كانت غزة من أمهات المدن الفلسطينية التي التي وقفت سدا منيعا في وجوههم، وأبت الخضوع لحكمهم وكانت الحرب سجالا بين الفريقين.
ويتوقف العارف عند غزة في أيامه المعاصرة -في أربعينيات القرن الفائت- فيقول "إنها من أجمل المدن الفلسطينية الواقعة على شاطئ البحر الأبيض المتوسط وفيها حدائق غناء، وحول المدينة القديمة بساتين تزرع فيها جميع أنواع الخضار وأشجار الفاكهة، ماؤها عذب وهواؤها عليل. إنك إذا جئتها صيفا وجدتها أحسن مصيف، وإذا نزلتها شتاء وجدتها أبدع مشتى في فلسطين".
أغنى مدن فلسطينويعرض للتقدم والتطور في المدينة قبل النكبة واحتلال غزة، ويرى أنها قد تكون أغنى مدن فلسطين في أربعينيات القرن المنصرم، وهي من أهم الأسواق الفلسطينية لتصريف المنتجات الزراعية، وتأتي بعد مدينة اللد الفلسطينية من هذه الناحية، كما أن موقعها على البحر والسهل والبادية زادها أهمية، ومنحها ذلك الغنى.
ويسجل العارف أن عدد سكان غزة في أربعينيات القرن العشرين قد وصل إلى 33 ألف نسمة، وربما فاق عدد سكانه أكثر من الذين قطنوا القدس، لكن تتابع الغزوات أدى إلى تناقص عدد سكانها مرات عدة.
كما شهدت المدينة نهضة تعليمية كبيرة وعددا كبيرا من المدارس؛ بل إن المدينة شهدت وجود مدرسة خاصة بالمكفوفين قبل الحرب العالمية في 1914، والغاية منها تعليمهم القرآن الكريم وسُمّيت بالمدرسة الهاشمية.
وعلى صعيد المساجد والجوامع فإن غزة -حسب الكاتب- قد تكون أغنى المدن العربية الإسلامية في الشرق بجوامعها ومساجدها، بعضها قديم جاء ذكره في كتب التاريخ وبعضها بُني بعد ذلك.
ويذكر المؤلف من مساجدها القديمة التي ذكرها في كتابه مسجد الجامع العمري الكبير، وجامع السيد هاشم، والشمعة، وغيرها كثير.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
عروس النيل تستقبل ضيوفها.. سياح هنود يشيدون بأمن أسوان وجمالها
في لفتة تعكس كرم الضيافة الأسواني، قام اللواء دكتور إسماعيل كمال محافظ أسوان بتكريم وفد سياحي هندي بمنحهم هدايا فرعونية تذكارية، وذلك خلال جولتهم في حديقة بلازا درة النيل.
وأعرب السياح الهنود عن إعجابهم الشديد بجمال أسوان وأمنها، مؤكدين أنهم استمتعوا بكل لحظة قضوها في المدينة. مشيدين بحفاوة الاستقبال التي وجدوها من الأهالي والمسؤولين.
وأكد المحافظ خلال اللقاء أن أسوان ترحب بجميع الزوار من مختلف الجنسيات، مشيراً إلى أن المدينة تمتلك مقومات سياحية فريدة تجعلها وجهة سياحية عالمية.
وتعتبر هذه الزيارة تأكيداً على مكانة أسوان كوجهة سياحية عالمية، حيث تتميز بجمال طبيعتها وتاريخها العريق، بالإضافة إلى الأمن والاستقرار الذي تتمتع به.