الفقر في القدس.. الدائرة تتسع ولا أُفُق لتضييقها
تاريخ النشر: 23rd, February 2024 GMT
القدس المحتلة- فاقمت الحرب على غزة التي اندلعت في السابع من أكتوبر/تشرين الأول المنصرم من معاناة العائلات الفقيرة في القدس، وتوسعت الدائرة لتشمل عائلات جديدة في ظل تضرر مصدر رزق كثيرين من جهة، وتسريح عدد من المقدسيين من أعمالهم بعد اتهامهم بـ "التحريض ودعم الإرهاب" من جهة أخرى.
ويقدّر مركز القدس للحقوق الاقتصادية والاجتماعية بأن نحو 80% من المقدسيين يعيشون تحت خط الفقر، ويرى لذلك أسبابا تندرج في إطار "برامج ومخططات" إسرائيلية رُسمت على مدار سنوات لإفقار أهالي القدس.
ويقول مدير المركز زياد الحموري للجزيرة نت إن المدينة المقدسة تعتمد في اقتصادها على القطاعين التجاري والسياحي، وهما من أكثر القطاعات تضررا من بين القطاعات الاقتصادية الأخرى في حالة الاضطرابات الأمنية والحروب.
ومنذ توقيع اتفاقية أوسلو في 1993 أصيبت السياحة الداخلية القادمة من محافظات الضفة الغربية إلى القدس في مقتل، ثم دُمرت أكثر بعد بناء الجدار العازل في 2002، بينما تواجه السياحة الدينية الإسلامية والمسيحية القادمة من الخارج إلى القدس كثيرا من العقبات. وحسب الحموري فإن جائحة كورونا والحرب الحالية دمرتا السياحة بشكل كبير.
"كثير من التجار المقدسيين سواء أولئك الذين تقع حوانيتهم في البلدة القديمة، أو في الشوارع التجارية المحيطة بها أصبحوا فقراء؛ بسبب عجزهم عن تصريف بضائعهم، وعن سداد فواتير الكهرباء، ودفع الضرائب المختلفة"، أضاف الحموري.
هذه السياسات التي كُتبت على ورق وحوّلتها سلطات الاحتلال إلى أمر واقع تشكل عوامل طرد للمقدسيين، أو تجعل السواد الأعظم منهم تحت خط الفقر بسبب المستوى المعيشي المكلف، وارتفاع تكلفة السكن، وفرض أنواع ضرائب مختلفة، إضافة إلى محاربتهم في لقمة عيشهم وهدم منازلهم، وفقا لمدير مركز القدس.
وعمّا إذا كانت الجهود التي تبذلها المؤسسات التي تُعنى بالأسر الفقيرة في القدس كافية، قال الحموري "قطعا لا، لأن معظم هذه المساعدات والجهود تركز على إغاثة العائلات الفقيرة خلال شهر رمضان، وتغفل هذه المؤسسات الحاجات الملحة للعائلات بقية أشهر العام".
تسريح بلا حقوقويضاف إلى ذلك تضييق سلطات الاحتلال على كثير من المؤسسات العاملة في هذا المجال وإغلاق بعضها، وهذا ضاعف الضغط على المؤسسات التي بقيت على رأس عملها في ظل توسع دائرة الفقر باستمرار.
وحول ما إذا كانت الحرب على غزة قد أسهمت في تصنيف مزيد من العائلات لتكون عائلات فقيرة، أكد الحموري أن كثيرا من المقدسيين فُصلوا من أعمالهم بشكل تعسفي بداية الحرب، بادعاء تضامنهم مع ما يحدث في غزة، أو نشرهم على مواقع التواصل الاجتماعي عبارات عُدّت "تحريضية وداعمة للإرهاب"، وبات هؤلاء بلا معيل وعوقبوا بحرمانهم من استحقاقاتهم.
"دفع كثير من المقدسيين أثمانا باهظة بسبب حالة الطوارئ التي أعلنتها إسرائيل بداية الحرب، وعقابهم بقوت عائلاتهم كان واحدا من أصعب هذه الأثمان"، تابع زياد الحموري.
من جهتها تعمل جامعة القدس على بحث أسباب الفقر وتحليل معدلاته العالية في المدينة، التي فاقت معدلات الفقر في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة.
ويقول رئيس جامعة القدس عماد أبو كشك للجزيرة نت إن تحليلا أجرته الجامعة أظهر عدم وجود دور للمرأة المقدسية في العمل؛ لأن المجتمع محافظ ولا يرغب بإرسال النساء للعمل في سوق العمل الإسرائيلي، خاصة في الفنادق والمراكز التجارية.
من هنا قال إن الجامعة وجدت أن معظم الأُسر المقدسية تعتمد على رب الأسرة أو شخص واحد لإعالتها، وهذا لا يكفي في ظل الغلاء المعيشي في المدينة، ولذا سعت جامعة القدس، وفقا لرئيسها، لتطوير الاقتصاد المقدسي من جهة، والمحافظة على وجود المقدسيين وعدم تهجيرهم من جهة أخرى.
وأضاف "أوجدنا وسائل لتحسين الوضع الاقتصادي للعائلة المقدسية وتثبيتها من خلال فتح فرص أمام المرأة المقدسية، فاتفقنا مع شركات عالمية لتشغيلهن عن بعد".
وأشار إلى أن نساء القدس سيكون لهن دور مهم في أكبر حاضنة أعمال ريادية أسستها الجامعة للمقدسيين بشارع صلاح الدين الأيوبي، "ومن خلالها نضمن أن أي مقدسي يتعلم في جامعتنا، أو جامعة أخرى داخل، أو خارج البلاد يمكنه التوجه إلى هذه الحاضنة ليطرح مشروعه الريادي الذي أنشأنا له صندوقا من أجل تمويله بعد دراسته".
معطيات رقمية
ووفق معطيات نشرها جهاز الإحصاء المركزي الإسرائيلي في شهر مايو/أيار 2023 فإن 74% من الفلسطينيين في القدس غير راضين عن وضعهم الاقتصادي، مقابل 74% من اليهود الذين يسكنون في المدينة راضون عن وضعهم.
وأفاد 44% من سكان القدس بأنهم يجدون صعوبة في تغطية نفقات الأسرة الشهرية، ومن بين هؤلاء 78% من الفلسطينيين، و23% من اليهود.
ووفقا للبيانات التي نُشرت في المناسبة ذاتها -التي وافقت الذكرى الـ56 لاحتلال شرقي القدس- فإن عدد الفلسطينيين فيها في 2022 بلغ نحو 384 ألفا من أصل نحو مليون شخص يعيشون بالمدينة، ويشكل هؤلاء ما نسبته 39.2% من إجمالي السكان، وبلغ عدد اليهود 595 ألفا، ويشكلون ما نسبته 60.8% من إجمالي السكان.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: من المقدسیین جامعة القدس فی القدس من جهة
إقرأ أيضاً:
الفقر المطلق بالمغرب يتراجع "بشكل عام" بين عامي 2014 و2022 وفق بحث مندوبية التخطيط
كشفت المندوبية السامية للتخطيط بأن معدل الفقر المطلق انخفض، على العموم، بين سنتي 2014 و2022، منتقلا من 4,8 بالمائة إلى 3,9 بالمائة بعد أن سجل 1,7 بالمائة في سنة 2019.
وأبرزت المندوبية في مذكرة حول أهم نتائج البحث الوطني حول مستوى معيشة الأسر 2022/2023 أن الوسط القروي قد شهد الاتجاه نفسه، حيث انخفض معدل الفقر من 9,5 بالمائة سنة 2014 إلى 6,9 بالمائة سنة 2022.
وأشارت المندوبية إلى أن الوسط الحضري عرف، بالمقابل، ارتفاعا طفيفا في معدل الفقر، حيث انتقل من 1,6 بالمائة سنة 2014 إلى 2,2 بالمائة سنة 2022.
وفي المجمل، بلغ العدد الإجمالي للفقراء على الصعيد الوطني، سنة 2022، نحو 1,42 مليون شخص، من بينهم 512 ألفا في الوسط الحضري، و906 ألفا بالوسط القروي.
وسجلت خمس جهات في سنة 2022، معدلات فقر تفوق المتوسط الوطني (3,9 بالمائة)، وهي فاس-مكناس بنسبة 9 بالمائة، وكلميم-واد نون بـ 7,6 بالمائة، وبني ملال-خنيفرة بـ 6,6 بالمائة، ودرعة-تافيلالت بـ 4,9 بالمائة، وجهة الشرق بـ 4,2 بالمائة.
تزايد حدة الهشاشة في الوسط الحضري
سجل معدل الهشاشة، الذي يشير إلى مدى تعرض الأسر لخطر الوقوع في الفقر في حال غياب شبكات الأمان التي تمكنها من مواجهة الصدمات الاقتصادية والاجتماعية، ارتفاعا طفيفا، حيث انتقل من 12,5 بالمائة إلى 12,9 ما بين سنتي 2014 و2022، بعدما بلغ 7,3 بالمائة سنة 2019.
أما بالوسط القروي، فبقي معدل الهشاشة شبه مستقر، حيث بلغ 19,2 بالمائة سنة 2022، مقابل 19,4 بالمائة سنة 2014، عكس الوسط الحضري، الذي سجل ارتفاعا في مستوى الهشاشة، إذ انتقل من 7,9 بالمائة سنة 2014 إلى 9,5 بالمائة سنة 2022.
وبلغ عدد الأشخاص الذين يعانون من الهشاشة الاقتصادية في سنة 2022 حوالي 4,75 مليون شخص، من بينهم 2,24 مليون في الوسط الحضري و2,51 مليون في الوسط القروي.
وبذلك أصبحت هذه الظاهرة تتمركز بالأساس في الوسط الحضري، بحيث أن ما يقارب نصف عدد الأفراد المصنفين في وضعية هشاشة (47,2 بالمائة) خلال سنة 2022، هم من سكان المدن، مقابل 36 بالمائة سنة 2014.
تراجع ملحوظ في الفقر متعدد الأبعاد في الوسط القروي
عرف الفقر متعدد الأبعاد تراجعا كبيرا، حيث انخفضت نسبته من 9,1 بالمائة سنة 2014 إلى 5,7 بالمائة سنة 2022. وقد كان هذا الانخفاض أكثر وضوحا في الوسط القروي، حيث تراجع المعدل من 19,4 بالمائة إلى 11,2 بالمائة، في حين انتقل من 2,2 بالمائة إلى 2,6 بالمائة في الوسط الحضري.
وعلى المستوى الجهوي، سجلت أعلى معدلات الفقر المتعدد الأبعاد في كل من بني ملال-خنيفرة (11,6 بالمائة) وفاس-مكناس (10,4 بالمائة)، حيث تضم هاتان الجهتان حوالي 40 بالمائة من إجمالي السكان الذين يعانون من الفقر متعدد الأبعاد.
وبحسب المندوبية السامية للتخطيط فإن تحليل محددات تراجع الفقر أفرز أن السياسات الاجتماعية التي تستهدف فئة الفقراء مكنت هذه الفئة الاجتماعية من الاستفادة من ثمرات النمو.
وأشارت المندوبية إلى أن تفاقم مؤشر « جيني » والتطور المتواضع لمستوى معيشة الطبقة الوسطى، يبرز كذلك ضرورة اعتماد سياسات عمومية لإعادة التوزيع موجهة لهذه الطبقة، بغية الحد من الفوارق الاجتماعية.
يذكر أن المندوبية السامية للتخطيط أنجزت هذا البحث الوطني، بين مارس 2022 ومارس 2023، لدى عينة من 18 ألف أسرة تمثل مختلف الفئات السوسيو اقتصادية وجميع جهات المملكة.
ويقدم هذا البحث الهيكلي، الذي يأتي بعد بحث مماثل أنجز سنة 2014، وآخر جزئي سنة 2019، نظرة محينة للديناميكيات الاجتماعية والاقتصادية التي تميز المجتمع المغربي.
كلمات دلالية المغرب سياسية فقر مجتمع