مع قرب الانتخابات.. الرقابة على أهلية المرشحين تجدد الجدل بإيران
تاريخ النشر: 23rd, February 2024 GMT
طهران- مع اقتراب موعد الانتخابات الإيرانية المقررة مطلع مارس/آذار المقبل، بلغ الجدل حول "الرقابة الاستصوابية" منتهاه بين الأوساط السياسية، لكنه لم يؤت ثماره المرجوة بالحصول على تزكية مئات المتقدمين للترشح لانتخابات البرلمان ومجلس خبراء القيادة.
وقبل أن ترتفع حدة المنافسة في الحملات الانتخابية، تشهد الساحة السياسية الإيرانية معركة شرسة بشأن الرقابة الاستصوابية، كونها آلية الإشراف على الانتخاب والمصادقة على أهلية المرشحين، بين التيار المحافظ الذي يستبسل في الدفاع عنها والمعسكر الإصلاحي الذي طالما يرى فيها ذريعة لإبعاد غالبية مرشحيه من خوض المعترك الانتخابي.
وعلى مسافة أقل من 10 أيام على الانتخابات الإيرانية، تتعالى الأصوات المعارضة والمنتقدة لهذه الآلية في الإعلام الفارسي، متهمة إياها بتضييق الخناق على تيار سياسي محدد وهندسة الانتخابات لصالح السلطات الحاكمة.
في غضون ذلك، يتهم حسين مرعشي، أمين عام حزب "كوادر البناء" المعتدل، السلطات الرسمية بالعمل عبر الرقابة الاستصوابية على تقويض المشاركة الشعبية العالية في الانتخابات المقبلة، معتبرا هذه المشاركة أداة فاعلة لضمان أمن البلاد بوجه التحديات المستحدثة إثر معركة "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
ولدى حضوره برنامجا تلفزيونيا حول الانتخابات، رأى مرعشي أن وجود هذه الرقابة أضحى نظام الحزب الواحد -على غرار الصين- أكثر جدوى لإدارة البلاد، لأن النموذج الصيني أثبت جدارته في معالجة البطالة والنمو الاقتصادي، حسب تعبيره.
وعلى هامش المعرض الوطني للصحافة في طهران، استضافت وسائل إعلام فارسية عديدة مناظرات بين الوجوه السياسية بشأن الاستحقاق الانتخابي المقبل، هيمن عليها الجدل بشأن الرقابة الاستصوابية.
واعتبر الناشط السياسي الإصلاحي والمحامي محمود عليزاده طباطبائي، في إحدى هذه المناظرات، أن الرقابة الاستصوابية تتناقض والدستور الإيراني وتقيد الحريات المشروعة، مضيفا أن المادتين 99 و100 في الدستور تتطرقان إلى الرقابة لكنهما لم تنصا على الاستصوابية، وأن تأييد أهلية المرشحين لا يحتاج إلى هذه الآلية.
في المقابل، اعتبر الناشط السياسي المحافظ عباس سليمي نمين أن مبررات الطرف المقابل لتقويض القانون خاطئة ومغلوطة، مضيفا أن التيار المنافس، الذي لم يأل جهدا إلا وظفه في سبيل تشويه سمعة الرقابة الاستصوابية، كان قد سيطر مرشحوه على البرلمان السادس عبر بوابة هذه الآلية.
من ناحيتها، اعتبرت رئيسة جبهة الإصلاحات في إيران آذر منصوري الرقابة الاستصوابية أداة السلطات الحاكمة في بلادها لكتم صوت التيار الإصلاحي، متهمة مجلس صيانة الدستور بقمع مرشحي الأحزاب الإصلاحية وحرمانهم من خوض التنافس الانتخابي.
وفي حديثها للجزيرة نت، رأت منصوري أن "سياسة السلطات الحاكمة لاسيما التشبث بهذه الرقابة والقانون الانتخابي الجديد، أدت إلى اتساع الهوة بين المجتمع والنظام السياسي الحاكم، متهمة التيار السياسي المقابل بالعمل على هندسة أصوات الشعب وحرمانه من حقه في تقرير مصيره وتهميش دوره في التداول السلمي للسلطة"، على حد قولها.
ورأت الفاعلة السياسية أن القانون الانتخابي والآلية الرقابية على الانتخابات قد قيّد أيادي التيار الإصلاحي، وحرم مرشحيه من خوض المعترك الانتخابي، مضيفة أنه رغم الدعاية الرسمية لتحقيق المشاركة الشعبية القصوى، لكن بعض الجهات الحاكمة أخرجت هذه المهمة من جدول أعمالها.
وخلصت منصوري إلى أن الرقابة الاستصوابية أفرغت الانتخابات في بلادها من قيمتها، وأدت إلى تهميش وجوه سياسية بارزة عديدة من المعترك الانتخابي.
في المقابل، يقول حميد رضا ترقي عضو المجلس المركزي في حزب "مؤتلفة" المحافظ إن هذه الرقابة آلية قانونية للإشراف على الانتخابات وهي أشبه بالمحاكم الدستورية في بعض الدول الأخرى، معتبرا أنها ضرورية لقطع الطريق على الحكومات المتعاقبة من التلاعب في العملية الانتخابية.
وتُسند المادة 99 من الدستور الإيراني مهمة تأييد أهلية المرشحين للانتخابات أو رفضها إلى مجلس صيانة الدستور وفق صلاحياته القانونية، لتكون هذه الرقابة "عامة وفي جميع المراحل والمسائل المتعلقة بالانتخابات".
وفي حديثه للجزيرة نت، انتقد ترقي "سلوك الإصلاحيين في كيل الاتهامات إلى مجلس صيانة الدستور ورقابته الاستصوابية، في حين تمكنوا عبر هذه الآلية من السيطرة عدة مرات على السلطتين التنفيذية والتشريعية".
ونفى الناشط السياسي المحافظ أن تؤدي هذه الرقابة إلى تراجع المشاركة الشعبية في الانتخابات، متهما الإصلاحيين بالعمل على شطبها وتعطيل القانون والإخلال بعمل مجلس صيانة الدستور.
مسرحية هزيلة
وبعد أن هيمن الجدل حول الرقابة الاستصوابية على وسائل الإعلام الفارسية إلى جانب الأوساط السياسية، انتقل إلى منصات التواصل المقيدة أصلا في الجمهورية الإسلامية؛ بين موافق يشدّد على ضرورة تطبيقها طالما ينص عليها الدستور، وآخر معارض يحمّلها مسؤولية تفاقم الأمور إثر تهميشها الرموز المؤهلة لإدارة البلاد.
وعلى النقيض من الموقف الرسمي للتيار الإصلاحي بشأن المشاركة في انتخابات 2024، يطالب الناشط السياسي مصطفى قهرماني، الدكتور السابق في جامعة طهران للعلوم الطبية، بمقاطعة الانتخابات بسبب دور الرقابة الاستصوابية فيما أسماها "هندسة نتيجة الانتخابات".
وأضاف في تغريدة على منصة "إكس" أن الرقابة الاستصوابية "حوّلت الانتخابات الحرة إلى مسرحية هزيلة".
أما رجل الدين المحافظ عبد المجيد خرقاني فيتهم منتقدي هذه الرقابة بـ"تبعية الضمائر العمياء"، وكتب على منصة "إكس"، "تمت المصادقة على أهلية نحو 80% من المتقدمين للترشح، لكن دائمي المعارضة للرقابة الاستصوابية -وبدلا من النظر بإنصاف إلى هذه الحقيقة- فإنهم لا يُبرزون سوى الأقلية التي رُفِضَت أهليتها".
وعلى وقع الجدل المستمر بين الأوساط السياسية الإيرانية بشأن الرقابة الاستصوابية وعزوف شريحة من الناخبين الإيرانيين عن المشاركة في الانتخابات، يعتقد عدد من المراقبين أنه لا أمل في وضع حد لهذا الجدل إلا من خلال المشاركة في العملية السياسية ومتابعة تعديل المادة 99 تحت قبة البرلمان.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: مجلس صیانة الدستور المشارکة الشعبیة الناشط السیاسی فی الانتخابات هذه الرقابة هذه الآلیة
إقرأ أيضاً:
نصراوين يتقدم بطلب للمحكمة الدستورية لإعلان عدم دستورية قانون نقابة المعلمين رقم ١٤ لسنة لسنة ٢٠١١م
#سواليف
طلب مقدم من قبل المحامي
“د. ليث نصراوين” إلى المحكمة الدستوريّة، يطلب من خلاله إعلان عدم دستورية قانون نقابة المعلمين رقم ١٤ لسنة لسنة ٢٠١١م.
أحالت محكمة صلح جزاء عمان طلباً مقدماً من قبل أستاذ القانون الدستوري “أ.د. ليث نصراوين” إلى المحكمة الدستورية يطلب من خلاله إعلان عدم دستورية قانون نقابة المعلمين، متعلّلًا بأنّ المعلمين هم موظفون عموميون ، وعليه فإنّ المادة ١٢٠ من الدستور أناطت أمر تنظيم شؤون الموظفين العموميين بأنظمة يصدرها مجلس الوزراء، ولا يجوز للسلطة التشريعية ( مجلسي الأعيان والنواب) مشاطرة السلطة التنفيذية ( الحكومة او مجلس الوزراء ) في تنظيم شؤون الموظفين العموميين والهيمنة على هذا الاختصاص الذي منحته للحكومة بشكل حصري المادة ١٢٠ من الدستور المشار اليها آنفاً، وأن قيام السلطة التشريعية بإصدار قانون بإسم قانون نقابة المعلمين يشكل عدواناً من قبل هذه السلطة على صلاحيات السلطة التنفيذية التي أنيطت بها حصراً بموجب الدستور وفقا للمادة المشار اليها آنفاً .
ويذكر أن هناك قرارًا سابقًا من المحكمة الدستورية يحمل رقم ١لسنة ٢٠١١م، تفسير الدستور الصادر بتاريخ ٢٤/٣/٢٠١١
بناء على طلب مجلس النواب المؤرخ في 21/3/2011 المستند لاحكام المادة (122) من الدستور لبيان فيما اذا كانت أحكام الدستور تجيز تشكيل نقابة للمعلمين العاملين بمهنة التعليم، بقطاعاتها المختلفة، على غرار نقابات الأطباء، والمهندسين، وأطباء الأسنان، والصيادلة، والمهندسين الزراعيين، وذلك في ضوء أحكام المادة (23) من الدستور .
اجتمع المجلس العالي لتفسير الدستور بنصابه المنصوص عليه في المادة (57) من الدستور في مبنى مجلس الامة يوم 24/3/2011 ،الموافق 19/ ربيع الثاني/ 1432هـ.
بالرجوع لاحكام المادة (23) من الدستور نجد انها تنص على ما يلي :
1) العمل حق لجميع المواطنين وعلى الدولة ان توفره للاردنيين بتوجيه الاقتصاد الوطني والنهوض به .
2) تحمي الدولة العمل وتضع له تشريعاً يقوم على المبادئ الاتية :
أ. اعطاء العامل أجرا يتناسب مع كمية عمله وكيفيته .
ب. …
ج. …
د. …
هـ. …
و. تنظيم نقابي حر ضمن حدود القانون .
ومن تدقيق أحكام الفقرة (1) من المادة المذكورة يتبين أنها تضمنت المبادئ التالية :
أولا : ان العمل حق لجميع المواطنين .
ثانيا : ان على الدولة ان تعمل على توفير العمل للاردنيين .
ثالثا : ان الهدف من توفير العمل توجيه الاقتصاد الوطني والنهوض به .
اما استهلالية الفقرة (2) من المادة ذاتها فقد اوجبت على الدولة ان تحمي العمل ، وتضع له تشريعا يرسي عدة مبادئ منها ما ورد النص عليه في البند (و) من هذه الفقرة المتمثل بتنظيم نقابي حر ضمن حدود القانون .
ان من المسلمات المستقرة في الاصول الخاصة بعملية التفسير ما يلي :
وفي السياق ذاته نجد ان المعنى اللغوي لكلمة (العمل) هو (المهنة ، والفعل) كما ان المهنة هي التي يحتاج صاحبها لخبرة ومهارة وحذق لممارستها ، وينبني على هذا ان كلمة العمل الواردة في المادة (23) من الدستور تشمل العمل الذي يمارسه جميع العاملين بمهنة التربية والتعليم بقطاعاتها المختلفة ، خاصة وان مهنة التعليم ورسالته رافد وشكل من روافد وأشكال العمل الذي يسهم في توجيه الاقتصاد الوطني والارتقاء به على غرار العمل الذي يمارسه الاطباء والمهندسون واطباء الاسنان والصيادلة والمهندسون الزراعيون ، من حيث اسهامه في بناء الاقتصاد الوطني ، ولكل من هؤلاء حاليا ، تنظيم نقابي ضمن حدود القانون ، مع الاشارة الى ان جواز اصدار قانون بانشاء نقابة للمعلمين ، لا يتعارض مع وجوب وحتمية بقائهم خاضعين للتشريعات النافذة ذات العلاقة .
اما ما ذهب اليه القرار التفسيري الصادر عن المجلس العالي لتفسير الدستور رقم (1) لسنة 1994 ، فقد انحصر ذلك التفسير بالحكم المستفاد من المادة (120) من الدستور ، بينما استند تفسيرنا الحالي لحكم المادة (23) من الدستور .
وتأسيسا على ما بيناه ، فان احكام المادة (23) من الدستور تجيز تشكيل نقابة للمعلمين العاملين بمهنة التعليم بقطاعاتها المختلفة على غرار نقابات الاطباء والمهندسين واطباء الاسنان والصيادلة والمهندسين الزراعيين وغيرها من النقابات .
هذا ما نقرره بالاجماع بشأن التفسير المطلوب .
قراراً صدر يوم الخميس الواقع في التاسع عشر من شهر ربيع الثاني سنة 1432هجرية الموافق للرابع والعشرين من شهر آذار سنة 2011 ميلادية .