طهران- مع اقتراب موعد الانتخابات الإيرانية المقررة مطلع مارس/آذار المقبل، بلغ الجدل حول "الرقابة الاستصوابية" منتهاه بين الأوساط السياسية، لكنه لم يؤت ثماره المرجوة بالحصول على تزكية مئات المتقدمين للترشح لانتخابات البرلمان ومجلس خبراء القيادة.

وقبل أن ترتفع حدة المنافسة في الحملات الانتخابية، تشهد الساحة السياسية الإيرانية معركة شرسة بشأن الرقابة الاستصوابية، كونها آلية الإشراف على الانتخاب والمصادقة على أهلية المرشحين، بين التيار المحافظ الذي يستبسل في الدفاع عنها والمعسكر الإصلاحي الذي طالما يرى فيها ذريعة لإبعاد غالبية مرشحيه من خوض المعترك الانتخابي.

وعلى مسافة أقل من 10 أيام على الانتخابات الإيرانية، تتعالى الأصوات المعارضة والمنتقدة لهذه الآلية في الإعلام الفارسي، متهمة إياها بتضييق الخناق على تيار سياسي محدد وهندسة الانتخابات لصالح السلطات الحاكمة.

مرعشي يتهم السلطات الرسمية بالعمل على تقويض المشاركة الشعبية العالية في الانتخابات المقبلة (الصحافة الإيرانية) مناظرات وانتقادات

في غضون ذلك، يتهم حسين مرعشي، أمين عام حزب "كوادر البناء" المعتدل، السلطات الرسمية بالعمل عبر الرقابة الاستصوابية على تقويض المشاركة الشعبية العالية في الانتخابات المقبلة، معتبرا هذه المشاركة أداة فاعلة لضمان أمن البلاد بوجه التحديات المستحدثة إثر معركة "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

ولدى حضوره برنامجا تلفزيونيا حول الانتخابات، رأى مرعشي أن وجود هذه الرقابة أضحى نظام الحزب الواحد -على غرار الصين- أكثر جدوى لإدارة البلاد، لأن النموذج الصيني أثبت جدارته في معالجة البطالة والنمو الاقتصادي، حسب تعبيره.

وعلى هامش المعرض الوطني للصحافة في طهران، استضافت وسائل إعلام فارسية عديدة مناظرات بين الوجوه السياسية بشأن الاستحقاق الانتخابي المقبل، هيمن عليها الجدل بشأن الرقابة الاستصوابية.

واعتبر الناشط السياسي الإصلاحي والمحامي محمود عليزاده طباطبائي، في إحدى هذه المناظرات، أن الرقابة الاستصوابية تتناقض والدستور الإيراني وتقيد الحريات المشروعة، مضيفا أن المادتين 99 و100 في الدستور تتطرقان إلى الرقابة لكنهما لم تنصا على الاستصوابية، وأن تأييد أهلية المرشحين لا يحتاج إلى هذه الآلية.

في المقابل، اعتبر الناشط السياسي المحافظ عباس سليمي نمين أن مبررات الطرف المقابل لتقويض القانون خاطئة ومغلوطة، مضيفا أن التيار المنافس، الذي لم يأل جهدا إلا وظفه في سبيل تشويه سمعة الرقابة الاستصوابية، كان قد سيطر مرشحوه على البرلمان السادس عبر بوابة هذه الآلية.

ترقي: إن الإصلاحيين سيطروا عبر الرقابة الاستصوابية على السلطتين التنفيذية والتشريعية (الصحافة الإيرانية) قمع الإصلاحيين

من ناحيتها، اعتبرت رئيسة جبهة الإصلاحات في إيران آذر منصوري الرقابة الاستصوابية أداة السلطات الحاكمة في بلادها لكتم صوت التيار الإصلاحي، متهمة مجلس صيانة الدستور بقمع مرشحي الأحزاب الإصلاحية وحرمانهم من خوض التنافس الانتخابي.

وفي حديثها للجزيرة نت، رأت منصوري أن "سياسة السلطات الحاكمة لاسيما التشبث بهذه الرقابة والقانون الانتخابي الجديد، أدت إلى اتساع الهوة بين المجتمع والنظام السياسي الحاكم، متهمة التيار السياسي المقابل بالعمل على هندسة أصوات الشعب وحرمانه من حقه في تقرير مصيره وتهميش دوره في التداول السلمي للسلطة"، على حد قولها.

ورأت الفاعلة السياسية أن القانون الانتخابي والآلية الرقابية على الانتخابات قد قيّد أيادي التيار الإصلاحي، وحرم مرشحيه من خوض المعترك الانتخابي، مضيفة أنه رغم الدعاية الرسمية لتحقيق المشاركة الشعبية القصوى، لكن بعض الجهات الحاكمة أخرجت هذه المهمة من جدول أعمالها.

وخلصت منصوري إلى أن الرقابة الاستصوابية أفرغت الانتخابات في بلادها من قيمتها، وأدت إلى تهميش وجوه سياسية بارزة عديدة من المعترك الانتخابي.

في المقابل، يقول حميد رضا ترقي عضو المجلس المركزي في حزب "مؤتلفة" المحافظ إن هذه الرقابة آلية قانونية للإشراف على الانتخابات وهي أشبه بالمحاكم الدستورية في بعض الدول الأخرى، معتبرا أنها ضرورية لقطع الطريق على الحكومات المتعاقبة من التلاعب في العملية الانتخابية.

وتُسند المادة 99 من الدستور الإيراني مهمة تأييد أهلية المرشحين للانتخابات أو رفضها إلى مجلس صيانة الدستور وفق صلاحياته القانونية، لتكون هذه الرقابة "عامة وفي جميع المراحل والمسائل المتعلقة بالانتخابات".

وفي حديثه للجزيرة نت، انتقد ترقي "سلوك الإصلاحيين في كيل الاتهامات إلى مجلس صيانة الدستور ورقابته الاستصوابية، في حين تمكنوا عبر هذه الآلية من السيطرة عدة مرات على السلطتين التنفيذية والتشريعية".

ونفى الناشط السياسي المحافظ أن تؤدي هذه الرقابة إلى تراجع المشاركة الشعبية في الانتخابات، متهما الإصلاحيين بالعمل على شطبها وتعطيل القانون والإخلال بعمل مجلس صيانة الدستور.

 

مسرحية هزيلة

وبعد أن هيمن الجدل حول الرقابة الاستصوابية على وسائل الإعلام الفارسية إلى جانب الأوساط السياسية، انتقل إلى منصات التواصل المقيدة أصلا في الجمهورية الإسلامية؛ بين موافق يشدّد على ضرورة تطبيقها طالما ينص عليها الدستور، وآخر معارض يحمّلها مسؤولية تفاقم الأمور إثر تهميشها الرموز المؤهلة لإدارة البلاد.

وعلى النقيض من الموقف الرسمي للتيار الإصلاحي بشأن المشاركة في انتخابات 2024، يطالب الناشط السياسي مصطفى قهرماني، الدكتور السابق في جامعة طهران للعلوم الطبية، بمقاطعة الانتخابات بسبب دور الرقابة الاستصوابية فيما أسماها "هندسة نتيجة الانتخابات".

وأضاف في تغريدة على منصة "إكس" أن الرقابة الاستصوابية "حوّلت الانتخابات الحرة إلى مسرحية هزيلة".

أما رجل الدين المحافظ عبد المجيد خرقاني فيتهم منتقدي هذه الرقابة بـ"تبعية الضمائر العمياء"، وكتب على منصة "إكس"، "تمت المصادقة على أهلية نحو 80% من المتقدمين للترشح، لكن دائمي المعارضة للرقابة الاستصوابية -وبدلا من النظر بإنصاف إلى هذه الحقيقة- فإنهم لا يُبرزون سوى الأقلية التي رُفِضَت أهليتها".

وعلى وقع الجدل المستمر بين الأوساط السياسية الإيرانية بشأن الرقابة الاستصوابية وعزوف شريحة من الناخبين الإيرانيين عن المشاركة في الانتخابات، يعتقد عدد من المراقبين أنه لا أمل في وضع حد لهذا الجدل إلا من خلال المشاركة في العملية السياسية ومتابعة تعديل المادة 99 تحت قبة البرلمان.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: مجلس صیانة الدستور المشارکة الشعبیة الناشط السیاسی فی الانتخابات هذه الرقابة هذه الآلیة

إقرأ أيضاً:

السفير اليوناني لـ المشير حفتر: ندعم جهود البعثة الأممية للدفع بالعملية السياسية وإجراء الانتخابات

ليبيا – استقبل القائد العام للقوات المُسلحة المشير خليفة حفتر في مكتبه بمقرّ القيادة العامة سفير جمهورية اليونان لدى ليبيا نيقولاوس غاريليذيس،والقنصل العام والمُلحق العسكري بالسفارة اليونانية لدى ليبيا.

المشير حفتر رحب بالوفد الزائر ،مُشيداً بالعلاقات الليبية اليونانية، وتطور علاقات حسن الجوار والصداقة بين البلدين.

وجدد القائد العام شكره وتقديره لجمهورية اليونان نظير موقفها واستجابتها السريعة بإرسال معدات الإغاثة وفرق الإنقاذ لمدينة درنة بسبب الأضرار الناجمة عن إعصار دانيال.

ومن جانبه، أشاد السفير اليوناني بالعلاقات التي تربط البلدين،مؤكداً أهمية تطويرها وتعزيزها في المجالات التجارية والاقتصادية والثقافية بما يخدم المصالح المُشتركة.

كما أكد على دعم جمهورية اليونان للجهود المبذولة من قبل بعثة الأمم المتحدة للدفع بالعملية السياسية من أجل إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية.

مقالات مشابهة

  • الانتخابات المبكرة كابوس المتغلغلين.. ولايقود إليها سوى طريق لي الأذرع
  • الانتخابات المبكرة كابوس المتغلغلين.. ولايقود إليها سوى طريق لي الأذرع-عاجل
  • الصحف الفرنسية تبرز ردود الأفعال على رسالة ماكرون حول نتائج الانتخابات التشريعية
  • ديمقراطيون يطالبون بايدن علانية بالانسحاب من السباق الانتخابي
  • السفير اليوناني لـ المشير حفتر: ندعم جهود البعثة الأممية للدفع بالعملية السياسية وإجراء الانتخابات
  • الفشل يهدّد اجتماع الاتحاد الأفريقي لوقف الحرب في السودان بعد مقاطعته من القوى السياسية والعسكرية الأساسية
  • لم يفز أحد.. أول رسالة من ماكرون للفرنسيين بعد الانتخابات
  • انتخابات التشكيليين| إعلان أسماء المرشحين على مقعد النقيب ومجلس الإدارة
  • الدفاع المدنی الإیرانی: فشل الأعداء بالهجوم على البنى التحتیة خلال الانتخابات
  • بزشكيان أمام جملة مطالب بإيران.. إليك أبرزها