شهدت الساعات الأخيرة حركة ديبلوماسية كثيفة ومتعددة الاتجاه، اذ التقى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي السفير الفرنسي هيرفيه ماغرو وعرض معه الوضع في جنوب لبنان والمنطقة والعلاقات الثنائية بين لبنان وفرنسا،علماً أنّ فرنسا سلّمت لبنان ورقة رسمية بشأن القرار 1701 والحل المطلوب لإنهاء التصعيد بين “حزب الله” واسرائيل.


ولم يرد لبنان بعد على الورقة، إلّا ان مصدراً مطلعاً أوضح انّ العمل جار في الدوائر المختصة في كل من الخارجية والسرايا الحكومية على صياغة كتاب جوابي، بعد دراسة المقترح الفرنسي، لن يخلو من التشديد على الحل الشامل.
واستبعدت مصادر معنية أي تبديل للوضع في ظل الورقة الفرنسية الرسمية والتي هي نسخة مطابقة تماما للورقة غير الرسمية وباتت بنودها واقتراحاتها معروفة لجهة وقف النار وانسحاب "حزب الله" لعشرة كيلومترات عن الحدود وتفكيك إسرائيل لبعض المنشآت على الجهة الأخرى ونشر وحدات معززة للجيش اللبناني ترفع عديده في جنوب الليطاني الى 15 الف جندي والشروع في المرحلة الأخيرة بمفاوضات ترسيم الحدود على الخط الأزرق باستثناء ملف مزارع شبعا وتلال كفرشوبا. اذ ان الردود الرسمية اللبنانية ستكون مطابقة لما يعلنه الرسميون من التمسك بالقرار 1701 فيما رد "حزب الله" لا يناقش أي امر قبل وقف الحرب في غزة.
بدوره زار السفير المصري علاء موسى، البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي وتناول اللقاء الأوضاع والاستحقاقات الدستورية في لبنان. وأطلع السفير المصري البطريرك الراعي على جهود مصر واللجنة الخماسية لإنهاء الفراغ الرئاسي والمشاورات الجارية مع مختلف الأفرقاء في لبنان بهذا الصدد. وقال "لا يمكن بقاء دولة بحجم لبنان من دون رئيس في ظل ما يحصل في المنطقة" . كما استقبل الراعي السفيرة الاميركية ليزا جونسون.
وكشفت أوساط متابعة للحركة الداخلية والديبلوماسية لـ"النهار" أنّ الحركة الديبلوماسية المتصاعدة سجلت علامة فارقة استوقفت أكثر من جهة معنية وتمثّلت في أنّ احاديث السفراء والموفدين الى لبنان لم تعد تقيم فاصلاً بين اثارة الخطوات والإجراءات اللازمة والمطلوبة لتبريد الوضع في الجنوب وإنقاذ لبنان من تجرع كأس حرب لن يحتملها ابدا في ظل انهياراته الحاصلة، والحديث عن الازمة الرئاسية والسياسية الداخلية ولو ان معظم هؤلاء السفراء يرددون من منطلق "مبدئي" رفض الربط بين ملف الجنوب وملف الازمة الرئاسية. هذا الامر، كما تشير الأوساط المشار اليها، بدأ يشكل قلقا جديا لدى اكثر من مرجعية وجهة وفريق في المقلب المعارض الداخلي نظرا إلى محاذرة هذه الجهات ان يؤدي الانسداد الحالي في المساعي لتبريد الوضع الميداني في الجنوب او فتح مسلك لحل الازمة الرئاسية الى ربط ضمني بين الملفين بما يعني الخضوع لامر واقع فرضه "الفريق الممانع" وساهمت فيه ضراوة المواجهات المتصاعدة فيما تسعى القوى الدولية الى استعجال تسويات تهدئ الجبهة وتطلق الجهود الآيلة الى منع انفجار حرب واسعة في لبنان.

وكتبت" نداء الوطن": أثبتت المواقف التي أعلنها أمس وفد مجلس الشيوخ الأميركي الذي يزور لبنان «أنّ السلوك الرسمي ليس على قدر جبه المخاطر التي تحيق بهذا البلد». وضم الوفد عضويّ مجلس الشيوخ الديمقراطيين كريس كونز وريتشارد بلومنتال. وقال كونز: «الأسابيع القليلة المقبلة هي نقطة مفصلية حقيقية – لغزة وإسرائيل ولبنان والبحر الأحمر والعراق». وأضاف: «إن صفقة الرهائن والهدنة المصاحبة لها في غزة يمكن أن تكون لها «عواقب إيجابية» على لبنان». وأمل «أن تؤدي إلى التنفيذ الكامل للقرار 1701». وقال بلومنتال إنه أبلغ الى رئيس مجلس النواب نبيه بري، أنّ إسرائيل «لا تخادع» في شأن الهجوم على لبنان. وأضاف إنه «ليس مجرد خطاب. سوف تعمل (اسرائيل)، ونأمل أن تكون هذه الرسالة قد نقلت إلى «حزب الله».

وكتبت" الديار": يواصل المبعوث الاميركي عاموس هوكشتاين حراكه في «الكواليس» لصياغة التفاهمات المفترضة «لليوم التالي» لوقف النار. ووفقا للصيغة الاولية التي اطلعت عليها جهات رسمية لبنانية، لا يتضمن تشددا في انسحاب حزب الله الى شمال الليطاني. ومقابل تعزيز انتشار الجيش اللبناني، باتت واشنطن اكثر تقبلا لفكرة الحصول على ضمانات مشابهة لمرحلة ما بعد حرب تموز 2006، وذلك لانعدام الخيارات وضيق الهامش امام «اسرائيل» التي يخشى مستوطنوها «العتمة» الشاملة، ويعجز عسكريوها عن ايجاد حل لمسيرات المقاومة التي نجحت في تجاوز مختلف المنظومات الدفاعية.

ووفقا للمعلومات، فان الطرح الذي سيعيد الهدوء الى الجنوب في المرحلة المقبلة، ينطلق من القرار 1701 دون تعديل جوهري فيه بل سيصار الى تنفيذه «عمليا» على الارض. فاذا كان الجيش واليونيفيل انتشرا جنوبي الليطاني بعد العام 2006، فما سيحصل هو تعزيز الانتشار العسكري بعد دعمه، ماليا وماديا ولوجستيا، ولن يتراجع عمليا حزب الله الى شمالي الليطاني، وما سيكون على الارض عودة الى تفاهمات ما قبل السابع من تشرين الاول الماضي كمرحلة اولى، وبعدها سيتم الانتقال الى المرحلة الثانية التي تشمل التفاهم على الحدود البرية

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: حزب الله

إقرأ أيضاً:

صحيفة مقربة من حزب الله تتحدث عن سيناريوهات ما بعد اغتيال هنية

تحدثت صحيفة "الأخبار" اللبنانية المقربة من حزب الله، عن طبيعة الرد المرتقب على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية.

وقالت "الأخبار" في تحليل للخبير السياسي علي حيدر، إن مناقشة طبيعة الرد يجب أن يسبقها تناول رهانات الاحتلال وأهدافه من العدوان الذي أقدم عليه، والدور الأمريكي خلال هذه الفترة.

وتابعت "تشي الاعتداءات الإسرائيلية، من الحديدة في اليمن إلى الضاحية الجنوبية وصولاً إلى العاصمة الإيرانية طهران، بأن نقطة تحوّل في المعركة الدائرة تتشكّل، وبأن المنطقة باتت أمام مرحلة جديدة: لناحية سقوفها العالية ومخاطرها المحسوبة".

وأضافت "على أن قراراً بهذا المستوى، لا يمكن أن يتبلور إلا نتيجة تقدير إستراتيجي يَحسب مخاطر الاتجاهات القائمة وتداعياتها على الأمن القومي الإسرائيلي، ويأخذ في الاعتبار الخيارات التي تهدف إلى حرفها نحو اتجاهات أخرى".

وأكدت "الأخبار" أن اغتيال هنية "تم بالتأكيد بعد التشاور والتنسيق حول ذلك مع واشنطن، كونه ينطوي على مخاطر أكبر من أن تتحمّلها تل أبيب منفردةً، إذا ما انزلقت الأمور نحو السيناريو الأشدّ خطورة".


السياقات
أدركت قيادة الاحتلال أنه لا أمل في فكّ جبهات الإسناد عن غزة، وأنه لا يمكن إسرائيل التكيّف مع هذا الواقع، في ظلّ صمود المقاومة في قطاع غزة.

كذلك، فإن المسار التصاعدي لتلك الجبهات سيقوّض مرتكزات الكيان، وربما أيضاً يؤدي إلى تداعيات داخلية دراماتيكية فيه، ويُعمِّق مأزقه. ويَظهر أن هذا المفهوم تبلور بعدما فشلت خيارات المرحلة السابقة - وانتهت إلى تصاعد الجبهات - في إخضاع حركة "حماس" في الميدان كما في المفاوضات.

وبحسب "الأخبار" بات على قيادة الاحتلال، وعلى رأسها بنيامين نتنياهو، أن تتّخذ خياراً حاسماً، يراوح بين التكيّف مع المجريات العملياتية والمعادلة الحاكمة لها - وهو أمر صعب جداً على إسرائيل -، أو الذهاب نحو اتفاق بما يتلاءم مع مواقف الأطراف ومعطيات الواقع الميداني - الأمر الذي يرفضه نتنياهو وحكومته -، أو رفع الضغوط إلى مستويات جديدة، وهو ما تمّت ترجمته في سلسلة الاعتداءات الأخيرة، ومن ضمنها اغتيال إسماعيل هنية في طهران.

رسائل الاغتيال
يشكّل اغتيال رئيس المكتب السياسي لـ"حماس"، ترجمةً لقرار إسرائيلي معلن بتصفية قادة الحركة، وتحديداً كل مَن له صلة بالتخطيط لـ"طوفان الأقصى" وتنفيذه. ولذلك، يُتوقّع أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من مسار يستهدف قادة الحركة في الخارج، فضلاً عن الداخل.

لكن العملية تجاوزت هذا البعد المهمّ، إلى اختيار طهران ساحة لتنفيذ الاغتيال، في رسالة تحدٍّ للقيادة الإيرانية، لإفهامها بأن إسرائيل لن تبقى ملتزمة بالمعادلة التي حكمت الحرب حتى الآن، وإنّما قرّرت أن تردّ بنقل المعركة من الداخل الإسرائيلي إلى مختلف ساحات جبهة المقاومة، بما فيها طهران، بحسب "الأخبار".

وأضافت الصحيفة "يعني ما تقدّم، أن إسرائيل لم تَعُد تتعامل مع غزة كساحة مركزية، وإنما انتقلت إلى مرحلة قرّرت فيها نقل ساحة الجهد الرئيسي في القتال إلى ساحات أخرى أيضاً، بما فيها طهران".

ويمكن الافتراض أن قيادة الاحتلال استندت أيضاً إلى رهان مفاده بأن يساهم الوضع الداخلي الإيراني والأولويات التي تتّصل بمعالجة الملفّ الاقتصادي، في تقييد القيادة الإيرانية. كما تستند إسرائيل، ومعها الولايات المتحدة، إلى تقدير عنوانه أن جبهة المقاومة وإيران لا يريدان حرباً كبرى في هذه المرحلة. وبذلك، تكون قيادة العدو قد أظهرت تصميماً جدّياً على أنها، وإنْ كانت لا تريد حرباً شاملة هي الأخرى، إلا أنها ستخوضها إذا ما أصرّت جبهة المقاومة على مواصلة عملياتها  .

وقالت "الأخبار": "بتعبير آخر، قفزت إسرائيل نحو خطوة عملياتية خطيرة (طهران والضاحية تحديداً)، رفعت معها احتمالات التدحرج إلى حرب شاملة، من دون أن يكون ذلك حتمياً إلى الآن.

ويراهن الثنائي، واشنطن - تل أبيب، بهذا، على وضع إيران وجبهة المقاومة أمام محطّة اختبار حول ما إن كانتا مستعدتَين للمخاطرة أيضاً بردّ مضادّ يدفع المسارات العملياتية نحو الصدام الكبير؛ إلا أن التقدير المتقدم قد يكون خاطئاً، إذ يمكن جبهة المقاومة الردّ بشكل مدروس وقاس في الوقت نفسه، ونقل كرة النار إلى الحضن الأمريكي - الإسرائيلي. وفي كل الأحوال، فإن ما سيُحدِّد مآل التطورات، هو طبيعة الردّ وحجمه، كما الردّ الإسرائيلي - الأميركي المضادّ.


رهان على أمريكا
"الأخبار" قالت في خلاصة تحليلها إن "الرهان الإسرائيلي يبقى على قرار الولايات المتحدة في المرحلة التي تلي، وما إن كانت ستكتفي بدور عملاني في مواجهة الردود التي قد تتعرّض لها إسرائيل أم لا".

وعلى هذه الخلفية، ذكرت الإذاعة الاسرائيلية أن وزير الأمن، يوآف غالانت، أكّد لنظيره الأمريكي، لويد أوستن، أن العلاقات الأمنية بين تل أبيب وواشنطن هي أساس ردع إيران وأذرعها.

وفي إشارة إلى ضرورة أن يدرك قادة محور المقاومة، أن ثمّة تصميماً أمريكياً على دعم إسرائيل مباشرةً في مواجهة أيّ ردود أو حرب قد تنشب، على أمل أن يثنيهم هذا عن خيار الرد، بحسب "الأخبار".

لكن النتيجة المؤكدة أنه أيّاً كانت السيناريوات التي ستسلكها الحرب في غزة والمنطقة، فإنها دخلت مرحلة جديدة تدفع في نهاية المطاف إمّا نحو انفجار إقليمي كبير، أو بلورة بديل واقعي يؤدي إلى وقف الحرب ويتواصل في ظلّه الصراع، ولكن ما قبل ذلك، فإن الميدان سيشهد مرحلة من التصعيد والمواجهة المضبوطة.

مقالات مشابهة

  • التصعيد حتمي دون بلوغ الحرب الإقليمية المفتوحة
  • مبادرة لبنانية لتطبيق القرار 1701 ولا ضمانات أميركية ووفد المعارضة عند ميقاتي
  • وفد وزاري بريطاني في بيروت محذراً من سوء حسابات يؤدي للحرب.. ولبنان يطالبه بالضغط على إسرائيل
  • ضغوط ديبلوماسية لردٍّ ضمن القواعد.. ميقاتي: الحل لا يكون الا سياسياً عبر الـ1701
  • صحيفة مقربة من حزب الله تتحدث عن سيناريوهات ما بعد اغتيال هنية
  • نتنياهو يعلن مسؤولية إسرائيل عن اغتيال فؤاد شاكر في لبنان
  • خطوات حزب الله بعد اغتيال شكر.. هل يمكن احتواء التصعيد؟
  • الخارجية الإسرائيلية تدعو إلى نزع سلاح "حزب الله" وتراجعه إلى شمال الليطاني
  • وزير الخارجية الإسرائيلي يكشف الطريقة الوحيدة لمنع حرب شاملة مع حزب الله
  • بوريطة: الموقف الفرنسي يؤكد أن الحكم الذاتي هو الحل النهائي لنزاع الصحراء