???? سبب قطع الاتصالات في السودان ..نذر المجاعة تضرب العديد من المناطق
تاريخ النشر: 23rd, February 2024 GMT
كتبت: سوسن محجوب
لم يكن قطاع الاتصالات يوماً، بعيداً عن أدوات السلطة، إذ أنه ظل حاضراً وإحدى آليات العقاب الذي تستخدمه ضد منتقديها في السودان، وكثيراً ما أدخل ميدان المعركة بل وكان أشدها وقعاً، خاصةً إبان فض اعتصام القيادة العامة في محاولة لإخفاء آثار “الجريمة”.
الآن وبعد مرور عشرة أشهر من حرب الخامس عشر من أبريل، تسحب قوات الدعم السريع (قطاع الاتصالات) إلى ميدان المعركة مجدداً، ليزداد معاناة المواطنين (كيل جديد)، حيث عمدت قواتها لقطع شبكة الاتصالات في كافة أنحاء السودان عن جميع شبكات الاتصالات، إلّا أن شبكة سوادتل، تمكنت من تشغيل مقسم جديد في بورتسودان، نجحت من خلاله لإعادة شبكة خدمة سوداني لبعض المدن.
جريمة ضد حقوق الإنسان
حقوقيون اعتبروا قطع شبكات الاتصالات “جريمة دولية”، وجريمة ضد حقوق الإنسان وتصعيداً خطيراً في الحرب الحالية، وتخوفوا من إمكانية أن يتم التستر على كل الجرائم التي تُرتكب بحق المواطنين – كما يحدث الآن من جرائم حرب ضد أهالي ولاية الجزيرة من قبل مليشيا الدعم السريع.
وتقع معظم مرافق شركات الاتصالات في مناطق سيطرة الدعم السريع في العاصمة الخرطوم.
وفي المقابل، دشّن ناشطون سودانيون مؤخراً، هاشتاق (فقدنا الشبكة ولكن لا زلنا هنا)، في محاولة منهم لجذب انتباه العالم والمنظمات الدولية والحقوقية.
توقف التكايا بسبب قطع الاتصالات
أعلنت غرفة طوارئ شرق النيل في بيان لها أمس الأول، أنّ 100 مطبخ وتكية بأحياء المحلية خرجت عن الخدمة لقطع الاتصالات التي أدت إلى توقف التطبيقات البنكية.
كما حذرت لجان مقاومة امتداد شمبات الأراضي من أن استمرار انقطاع شبكة الاتصالات بالمنطقه يؤدي إلى خروج المطابخ (التكايا) وخطر المجاعة. وقالت إن انقطاع شبكة الاتصالات أدى إلى وقف التبرعات البنكية المخصصة للمبادرات الإنسانية والتكايا.
وفي ذات الصعيد أعلنت جامعة الخرطوم اليوم؛ تأجيل الامتحانات التعويضية لمركز ود مدني إلى ما بعد عيد الفطر المبارك، والتي كان مقرراً إقامتها بمركز جامعة كسلا، ومركز الرياض بالمملكة العربية السعودية، نسبة لانقطاع شبكة الاتصالات، ما نتج عنه من ضعف التسجيل بمراكز الامتحانات.
بأمر الدعم السريع
وزير الاتصالات في الحكومة الانتقالية المهندس هاشم حسب الرسول قال لـ(السوداني)، إنّ إغلاق خدمات الاتصالات تم بتعليمات جبرية من قوات الدعم السريع، ونوه إلى أنها نفس الآلية التي يتم بها إغلاق الخدمات في كل مرة كما حدث في فض الاعتصام وأثناء المظاهرات، ولكن هذه المرة عبر جهةٍ أخرى جديدة هي سلطة الأمر الواقع.
شللٌ تامٌ
ويعتمد ملايين المواطنين على تطبيقات الدفع الإلكتروني في معظم المعاملات اليومية وشراء الاحتياجات من الضروريات، والآن لا يمكن الوصول إليها بسبب تعطل الشبكة.
لا يمكن الوصول إليهم حالياً
شركات الاتصالات بدورها سارعت في بيانات لها على صفحاتها في فيسبوك بتقديم توضيحات للمشتركيها، وقالت شركة “زين” إن موظفيها يعملون في ظل ظروف صعبة وقاسية وخطيرة جداً، وأشارت إلى أن انقطاع الشبكة الحالي يرجع إلى ظروف خارجة عن إرادتها. فيما أشارت “أم تي أن” إن الانقطاع نشأ عن الصراع المستمر، وأضافت أنها تعمل بنشاط مع أصحاب المصلحة المعنيين لتقليل مدة هذا الانقطاع.
تدميرٌ وابتزاز
الخبير الاقتصادي هيثم محمد فتحي يوضح في حديثه لـ(السوداني)، إنه ومنذ بداية حرب أبريل 2023م، انخفضت عوائد شركات الاتصالات، لارتفاع تكاليف التشغيل وتدمير كثير من البنى التحتية للاتصالات، كما تعرّضت بعض الشركات للابتزاز المالي من قبل المليشيا بحجة حماية أبراج الاتصالات وغيرها من الحجج، كما تم نهب أموال ومكاتب ومقار وأصول شركات الاتصالات، كل ذلك يؤثر على استمرارية استثمار هذه الشركات وبقائها في السودان.
استهدافٌ متكرر
وتعرّضت أبراج الشبكات وخطوط الكهرباء والبنية التحتية الأخرى لأضرار في القتال في أنحاء السودان، منذ اندلاع الصراع في أبريل، واجهت خدمات الاتصالات والإنترنت مشاكل عديدة وكانت متذبذبة خلال الفترات السابقة خاصةً في بعض المناطق المتأثرة بالقتال، مع توقفها بصورة كاملة في ولايات دارفور والتي باتت تعتمد على شبكة “استارلينك” ذات التكلفة العالية جداً – علماً أن مدير جهاز الاتصالات في السودان يحظر هذه الخدمة.
بديلٌ جديد
ويواصل د. فتحي إلى أن الإنترنت يستخدم بالسودان في کثير من الأحيان کبديل للقنوات المادية لتوزيع الصادرات والواردات السودانية والأعمال المصرفية، وعمل على حدوث زيادة کبيرة في التدفقات الدولية للسلع والخدمات، کما أکدت تجارب الکثير من الدول المتقدمة والصاعدة على أهمية الإنترنت كقائد للتنمية، وتم اعتبار التکنولوجيا محرکاً أساسياً لدعم التصنيع والتصدير في الکثير من الدول في العقود الأخيرة مثل الصين والهند وکوريا.
اضطراباتٌ اجتماعية
ويضيف فتحي إلى أن حجب وقطع الإنترنت يؤدي إلى خسائر اقتصادية واضطرابات اجتماعية مختلفة، ويعد قطاع الصرافة والبنوك هو الأكثر تضرراً من انقطاع الإنترنت، وتقدر خسائر البنوك بمئات المليارات من الجنيهات السودانية، نظراً إلى أن عمليات التحويلات المالية ومختلف التعاملات البنكية تعتمد على خدمة الإنترنت.
اختفاء السودان
ويشير إلى أن تكلفة قطع الإنترنت بلغت على الاقتصاد ما يقرب من 5.7 ملايين دولار يومياً. يضر قطع الإنترنت بالقطاعين العام والخاص، حيث يجعل من المستحيل تقديم أي خدمات أو القيام بأي اتصالات إلكترونية، والقطع يؤدي أيضاً إلى اختفاء تواصل السودان مع كل دول العالم وخروجه من المنظومة العالمية في لحظة من اللحظات، وأنّها تسبّب حالة من الضيق عند المواطن والمؤسسات الحكومية، وتُعطل سير المعاملات، وتتسبب بشل قطاعات الدولة والشركات الخاصة.
سلاح الاتصالات
ودعا الوزير السابق حسب الرسول الجهة المسؤولة بالتراجع عن موقفها وعودة الخدمات فوراً، لأن ذلك سيجعل حياة الناس في جحيم متفاقم وسيعقد الوضع الإنساني الكارثي إلى توقف كل التطبيقات الحيوية والبنكية، مما سيعطل حركة الاقتصاد ومعاش الناس، وهذا يعتبر جريمة إنسانية نرفض استخدام الاتصالات كسلاح إضافي يوجهه إلى صدور المواطنين من أي جهة، وتوافر خدمات الاتصالات حق إنساني.
ناشدوا لنا العالم
ودعا تجمع لجان التغيير بضاحية الحاج يوسف ـ شرق الخرطوم، من جميع أبناء الوطن بالخارج وجميع العاملين في المنظمات الإنسانية المحلية والإقليمية والدولية الضغط على طرفي النزاع لإرجاع الخدمة في أسرع وقت، وقالت في بيان لها إنه بانقطاع خدمات الاتصال والإنترنت تتوقفت الخدمات القليلة المقدمة من قبل غرف الطوارئ لسد فجوات غياب الدولة لتخفيف آثار الحرب على المواطنين، من خدمات طبية وغذائية و الاحتياجات الضرورية للحياة في ظل الظروف الصعبة التي تعيشها البلاد، ونوهوا أن تلك الخدمات تعتمد على التشبيك الداخلي والخارجي والدعم المقدم السودانيين بالخارج.
وزير الاتصالات حسب الرسول أوضح في حديثه لـ(السوداني)، إن خروج دارفور عن الخدمة سببه أعطال فنية منها انقطاع الكيبل الأرضي وعدم إمكانية وصول فرق الصيانة لمناطق الأعطال لظروف الحرب.
مناشدات
وناشدت تجمعات مهنية، المجتمع الدولي بالضغط على طرفي الحرب لمنع استهداف محطات الكهرباء والمياه والاتصالات في النزاع الحالي، حيث دعا كل من تجمع وشبكة مهندسي جامعة الخرطوم، تجمع مهندسي جامعة السودان، تجمع المهندسين الديمقراطيين وتجمع أساتذة جامعة السودان للعلوم التكنولوجيا، وتجمع العاملين بقطاع النفط في بيان مشترك لهما، دعوا المهندسين والعاملين الاستمرار في الجهود لضمان استدامة إمداد الكهرباء والمياه والاتصالات في جميع مدن السودان. جهودكم تسهم في تخفيف معاناة المواطن السوداني في هذه الأوقات الحرجة.
نفس (اليد)
أسلوب قطع شبكة الإنترنت والاتصالات كـ(آلية) للقمع والعقاب ليست جديدة، إذ جربتها حكومة البشير ومن بعده استعار المجلس العسكري الانتقالي ذات (اليد) وأغلقت شبكة الإنترنت والاتصالات مرات عدة – أثناء عملية فض الاعتصام وما صاحبها من انتهاكات، لكن نشطاء حقوقيون قدموا دعوات قضائية انتهت بأن صدر حكم قضائي ألزم لشركات الاتصالات بإعادة خدمة الإنترنت.
كتبت: سوسن محجوب
السوداني
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: شرکات الاتصالات شبکة الاتصالات الدعم السریع الاتصالات فی فی السودان إلى أن
إقرأ أيضاً:
هل تسعى الدعم السريع لتقسيم البلاد؟
مع تسارع الأحداث بالسودان، بين التقدم الميداني المتواصل للجيش السوداني وارتفاع مستويات النشاط السياسي الإقليمي لإيجاد مسارات تؤدي لإنهاء الحرب الأهلية، برز تفصيل جديد مرتبط بسير الأحداث العامة يبدو أنه سيكون له أثر كبير، على الأقل في الوقت الحالي، على مجريات الأحداث. دخلت كينيا، الدولة الواقعة إلى الجنوب الشرقي لجنوب السودان، على خط الحدث السوداني، واستضافت مؤتمرا ضم قوات الدعم السريع، أعلن فيه عن توجه لتشكيل حكومة سودانية موازية. ماذا يعني هذا الكلام؟ وهل يتجه السودان نحو تقسيم جديد؟
اتهمت الحكومة السودانية كينيا بانتهاك سيادة السودان، من خلال استضافة حدث يرتقب أن تعلن خلاله قوات الدعم السريع حكومة موازية الجمعة.
وأدانت الخارجية السودانية كينيا لسماحها باستضافة الحدث، وفي بيان صدر مساء الثلاثاء قالت الوزارة “هذا يعني تشجيع تقسيم الدول الأفريقية وانتهاك سيادتها والتدخل في شؤونها، في خرق لميثاق الأمم المتحدة والأمر التأسيسي للاتحاد الأفريقي والقواعد التي استقر عليها النظام الدولي المعاصر”.
الحكومة الموازية التي يعتزم الدعم السريع ومجموعة من القوى السياسية والحركات المسلحة الإعلان عنها في مناطق سيطرة الدعم السريع، تأتي في وقت عصيب يمر به السودان حيث تعاني البلاد من انقسام سياسي وفوضى أمنية.
ويأتي قرار قوات الدعم السريع بالتوقيع على ميثاق مع الفصائل السياسية الموالية لها وإعلان حكومة في الأراضي التي تسيطر عليها، في الوقت الذي تسعى فيه إلى تعزيز قبضتها على دارفور ما سيؤدي فعليا إلى تقسيم السودان.
“نظام حكم جديد في السودان”
عبد العزيز الحلو، رئيس الحركة الشعبية شمال، وهي إحدى التشكيلات التي شاركت بالمؤتمر في كينيا وقاتلت الحكومات السودانية المتعاقبة من قواعدها في جبال النوبة، تعهد بالعمل على وضع نهاية للحروب في السودان، والانخراط مع الأطراف الداعية لبناء نظام حكم جديد في البلد.
وأكد الحلو في خطابه خلال فعاليات توقيع ميثاق تشكيل حكومة مدنية في السودان في العاصمة الكينية نيروبي الثلاثاء، أن “الحركة الشعبية شمال ستعمل مع الأطراف السودانية لوضع حلول جذرية لأزمة البلاد”، التي قال إن جلها يتمثل في “هيمنة المركز وتجاهل قضايا الهامش ومحاولة فرض دولة دينية في بلد متعدد الأعراق والثقافات”.
وأضاف الحلو أن الحرب كشفت عن جوهر الصراع في السودان، موضحا “السودان يعيش صراعا بين المركز والهامش، مركز استأثر بالسلطة والثروة والتفوق الاجتماعي، وهامش محروم من كل شيء”.
وقال الحلو “نحن بحاجة إلى دستور جديد وصياغة عقد اجتماعي جديد من شأنه أن يحل السؤال الأبدي حول كيفية حكم السودان”.
كما قدم متحدثون آخرون قوات الدعم السريع على أنها حركة مؤيدة للديمقراطية، وبُثت صور عدة خلال الاجتماع لزعيم المجموعة محمد حمدان دقلو من شاشة ضخمة وسط هتافات صاخبة.
“حكومة موازية ستؤدي للتقسيم”
صحيفة “نيويورك تايمز” اعتبرت في تقرير أن السودان بات على طريق التقسيم، حيث أن الجماعات الانفصالية التي شاركت في مؤتمر كينيا اقتربت الثلاثاء من الإعلان عن حكومة انفصالية.
وجاء في تقرير الصحيفة أن اجتماع كينيا جاء بمثابة “لحظة رمزية مذهلة” لقوات الدعم السريع، التي تعاني من ضربات مستمرة من الجيش السوداني ومن خسارات متتابعة لمواقعها في عدد من المحاور.
وعليه، تأمل الدعم السريع إنهاء سلسلة الهزائم وتعزيز مطالبها بالحكم، من خلال تشكيل حكومة تسيطر من خلالها على المساحات الشاسعة التي تسيطر عليها من السودان.
ومنذ نيسان/أبريل 2023، تسببت الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع بمقتل عشرات الآلاف وتشريد أكثر من 12 مليون شخص، وبأكبر أزمة إنسانية في العالم.
وفيما يسيطر الجيش على شرق وشمال السودان، تسيطر قوات الدعم السريع على كل منطقة دارفور تقريبا ومساحات من الجنوب. وفي الأسابيع الأخيرة، قاد الجيش هجوما في وسط السودان واستعاد المدن الرئيسية وكل العاصمة الخرطوم تقريبا.
مونت كارلو
إنضم لقناة النيلين على واتساب