مقترح أمريكي لوقف النار مؤقتا في غزة.. ما الذي تغير في موقف إدارة بايدن؟
تاريخ النشر: 23rd, February 2024 GMT
اقترحت الولايات المتحدة الأمريكية، مشروع قرار على مجلس الأمن، يدعو إلى وقف إطلاق نار مؤقت في قطاع غزة، في أعقاب استخدامها "الفيتو" ضد مشروع قرار جزائري يطالب بوقف إطلاق نار دائم.
ويحذر مشروع القرار الأمريكي من مغبة التوغل البري المحتمل في رفح، والتي نزح إليها مئات الآلاف من تعرضوا للقصف الإسرائيلي العشوائي والعنيف في شمال ووسط قطاع غزة، لكنها لم تحدد موعد طرح المشروع للتصويت.
ووفقا لشبكة "سي إن إن" الأمريكية، فقد قال مسؤول أميركي كبير: "لا نخطط للتعجل في التصويت"، موضحا أن الإدارة "لا تعتقد أن على المجلس اتخاذ إجراء عاجل لتحديد موعد نهائي للتصويت". على مشروع القرار الذي يدعم إطلاق نار مؤقت في غزة شريطة إطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين.
وفي تبريرها لاستخدام حق النقض "الفيتو"، ضد مشروع القرار الذي قدمته الجزائر، قالت مندوبة الولايات المتحدة، ليندا توماس غرينفيلد، "لن تؤدي المطالبة بوقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار من دون التوصل إلى اتفاق يلزم حماس بإطلاق سراح الرهائن إلى سلام دائم، بل قد تؤدي بدلا من ذلك إلى إطالة أمد القتال بين حماس وإسرائيل وإطالة فترة احتجاز الرهائن، وهي تجربة وصفها الرهائن السابقون بالجحيم، وإطالة الأزمة الإنسانية الأليمة التي يواجهها الفلسطينيون في غزة".
وشددت المندوبة الأمريكية على "اعتقاد الولايات المتحدة بأنه على الرغم من مشاركة العديد من الأطراف في مفاوضات حساسة، ليس هذا الوقت المناسب لاعتماد قرار مماثل، إذ أنه يعرض هذه الجهود للخطر".
محاولة التفافية
وقالت صحيفة الغارديان البريطانية في تقرير لها، إن "إدراج بند في النص الأمريكي يدعو إسرائيل على وجه التحديد إلى عدم شن هجوم على رفح، بدلاً من قصر هذه المناشدة على القنوات الثنائية، يُنظر إليه على نطاق واسع في الأمم المتحدة على أنه إشارة إلى نفاد صبر بايدن المتزايد تجاه حكومة بنيامين نتنياهو".
وأوضحت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، أن "هذا البند في المقترح الأمريكي يُشير أيضا إلى الإحباط إزاء فشل الرئيس الأمريكي في كبح جماح الهجوم المستمر على غزة، والذي دخل الآن شهره الخامس".
ونقلت الصحيفة عن ريتشارد جوان، مدير مجموعة الأزمات الدولية بالأمم المتحدة، قوله: "إنه أمر محرج للغاية بالنسبة للأمريكيين، فلقد اضطروا إلى استخدام حق النقض قبل أيام فقط من اجتماع مجلس الأمن لإحياء ذكرى الهجوم الروسي الشامل على أوكرانيا، وهذا من شأنه ببساطة أن يغذي الحديث عن المعايير المزدوجة للولايات المتحدة".
باتريك جيمس، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة جنوب كاليفورنيا، يرى أن "أي شيء مُقترح من واشنطن سيكون مختلفاً تماماً في نيته عما استخدمت الولايات المتحدة حق النقض لوقفه".
وتابع جيمس في حديث خاص لـ"عربي21": "يشير الحدس إلى أن الولايات المتحدة تحاول تجنب الظهور بمظهر المعرقل للجهود التي تبذلها الأمم المتحدة وغيرها من الجهات لإنهاء القتال، كما أن بايدن ونتنياهو خصمان سياسيان، وبالتالي من غير المرجح أن تتأثر إسرائيل كثيراً بأي شيء تقوله واشنطن".
بالمقابل يعتقد المختص بالشأن الأمريكي خالد الترعاني، أن "الموقف الأمريكي من مشروع القرار الذي قدمته الجزائر باستخدام الفيتو ضده مخزِ، حيث لا زالت الولايات المتحدة مصرة على دعم الاحتلال الإسرائيلي في الإبادة الجماعية التي يمارسه ضد الشعب الفلسطيني في غزة".
وحول المقترح الذي قدمته واشنطن، اعتبره الترعاني خلال حديثه لـ"عربي21"، "محاولة للالتفاف على الاستحقاق الإنساني والأخلاقي بالتوقف عن هذه الإبادة الجماعية".
وأوضح أن "المقترح والموقف الأمريكي ينقسم لشقين، أولا هو محاولة لإنقاذ الاحتلال الإسرائيلي من نفسه ومن جرائمه، بأن تدعو واشنطن إلى وقف إطلاق نار مؤقت دون أن تفرض هذا الوقف من خلال مجلس الأمن الذي يصبح مُلزم وبدون شروط، بمعنى يجب أن يكون هناك وقف إطلاق نار دائم".
ويرى الترعاني أن "واشنطن تحاول تخفيف وطأة قرار مثل هذا على دولة الاحتلال الإسرائيلي، وأما الشق الثاني من موقفها، يعتقد أن الولايات المتحدة غير مرتاحة من هذا التعنت الإسرائيلي عموما مع واشنطن، ورفض نتنياهو لأي مقترحات أمريكية".
حفظ ماء الوجه
وحول ما إذا كان المقترح الأمريكي هو ضغط أمريكي على الاحتلال، أو أن الموقف الأمريكي تغير، قال الترعاني: "في كل مرة تصرح فيها واشنطن بدعوة معينة ومحاولة لإنقاذ وحفظ ماء وجهها من الجرائم الإسرائيلية، نرى الجانب الإسرائيلي يخرج بتصريحات أكثر تطرفا ومناوئة لها، وبالتالي فقد تكون هذه الدعوة محاولة للضغط على دولة الاحتلال الإسرائيلي".
وتابع: "بالتالي لا اعتقد أن الموقف الأمريكي تغير، حيث لا زالت الولايات المتحدة ملتزمة بأن تدعم دولة الاحتلال الإسرائيلي، ولا يزال هذا الدعم يمثل حجر الزاوية في السياسة الخارجية الأمريكية، وهي تمارسه سواء كان هناك إبادة جماعية أم لم يكن".
ووفقا للترعاني "لا يعني المقترح الأمريكي أن موقف واشنطن، تغير بل هو محاولة لإرسال رسائل، وهذا يعني أن الولايات المتحدة لا زالت متواطئة بشكل كامل مع جريمة الإبادة الجماعية التي تمارسها دولة الاحتلال الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني في غزة، ويعتقد أن الاختلاف بين الولايات المتحدة والاحتلال هو على الوسائل والأدوات وليس على الأهداف".
وحول ما إذا كانت رسالة واشنطن موجهة للاحتلال أم لغيره، قال المحلل السياسي: "قد تكون رسالة للاحتلال الإسرائيلي، ولكن يمكن هنا تشبيه هذا الوضع بما يحدث في إسرائيل، بمعنى كما يمكن أن يختلف بيني غانتس مع نتنياهو ويخرج للإعلام بتصريحات تعبر عن عدم رضاه عن سياسة الأخير، الولايات المتحدة أيضا تخرج بنفس الطريقة بتصريحات تعبر فيها عن عدم ارتياحها أو عن اختلافها مع بنيامين نتنياهو".
وتابع: "ولكن هذا لا يخرجها من مربع الداعم للاحتلال الإسرائيلي، تماما كما أن تصريحات غانتس لا تخرجه من كابينت الحرب الإسرائيلية، والولايات المتحدة لا زالت شريكة لإسرائيل في الإبادة الجماعية، وإن اختلفت معها في الوسائل والأدوات ولم تختلف معها على الأهداف".
مصالح مشتركة وعواقب انتخابية
بالمقابل يرى باتريك جيمس، أستاذ العلوم السياسية في جامعة جنوب كاليفورنيا، أن "مصالح الولايات المتحدة ترتبط بشكل واضح بإسرائيل بالمعنى العام، لذلك يبدو هذا الأمر -الضغط على إسرائيل- غير مرجح على الإطلاق، كما أن إدارة بايدن متأخرة جدًا في استطلاعات الرأي أيضًا، لذا فإن أي شيء قد يكون مكلفًا في الداخل من غير المرجح أن يحدث لهذا السبب".
وتابع: "أيضا طبيعة هجوم السابع من تشرين أول/ أكتوبر عززت الرأي العام لصالح إسرائيل، والطرف الأيسر فقط من الرأي العام داخل الحزب الديمقراطي هو المناهض لإسرائيل أو المؤيد للفلسطينيين".
ويعتقد أنه "من غير المرجح أن يدعم هؤلاء الناخبون ترامب تحت أي ظرف من الظروف، وبالتالي فإن الحافز السياسي الأساسي لبايدن هو قول أقل كلام ممكن عن غزة لأن أي شيء يُنظر إليه على أنه مناهض لإسرائيل من المرجح أن يقلل الدعم الإجمالي في الانتخابات المقبلة".
ماذا بشأن الأونروا؟
وكانت واشنطن و16 دولة أخرى قد أوقفت دعم الأونروا، وذلك بناء على مزاعم إسرائيلية بأن بعض موظفي الوكالة الأممية قد شاركوا في عملية طوفان الأقصى.
وأوقفت هذه الدول الدعم دون القيام بتحقيق مستقل في المزاعم الإسرائيلية، كما أن الأونروا نفسها فصلت بعض موظفيها أيضا دون القيام بتحقيق شفاف والتأكد من مزاعم الاحتلال.
ويدفع طلب واشنطن وقف إطلاق نار مؤقت للتساؤل حول ما إذا كانت ستفكر في إعادة دعمها المادي للوكالة الأممية.
باتريك جيمس يقول إن "هذا الأمر يعتمد على ما سيكشفه التحقيق حول تورط موظفي الأونروا في الحرب نفسها، ولسوء الحظ، إذا تبين أن هذا هو الحال، فمن المرجح أن يؤثر ذلك على واشنطن بطريقة مستدامة وهذا ليس جيدًا للمساعدات الإنسانية".
أما خالد الترعاني "فلا يتمنى أن تكون مساعدة الشعب الفلسطيني والأونروا ورقة مفاوضة مع الاحتلال الإسرائيلي من قبل الولايات المتحدة".
وأكد أن "حق الشعب الفلسطيني بالحياة وأن لا يموت من الجوع هو حق إنساني أساسي ولا يجب أن يكون عُرضة للمفاوضات أو للمزايدات، وإذا حاولت الولايات المتحدة أن تجعل منه ورقة مساومة وضغط، فإنه سيكون مزيد من الشراكة للاحتلال الإسرائيلي في جرائم الحرب التي تُرتكب ضد الشعب الفلسطيني في غزة".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية غزة الفيتو الاحتلال امريكا غزة الاحتلال الفيتو وقف مؤقت المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة دولة الاحتلال الإسرائیلی الولایات المتحدة الإبادة الجماعیة الشعب الفلسطینی إطلاق نار مؤقت وقف إطلاق نار مشروع القرار المرجح أن لا زالت کما أن فی غزة أی شیء
إقرأ أيضاً:
فلسطين تدين الفيتو الأمريكي وتدعو مجلس الأمن لوقف إطلاق النار في غزة
أدانت الرئاسة الفلسطينية، الفيتو الأمريكي ضد وقف إطلاق النار في غزة ودعت مجلس الأمن إلى تحمل مسؤولياته حسبما جاء في نبأ عاجل لقناة القاهرة الإخبارية.