في مرحلة السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، استطاع قادة الأدب والثقافة قيادة الدفة إلى المشاركة الفاعلة في المجتمع، فكان لهم تأثير كبير وواسع، كما كانوا مؤثرين مواكبين لما في الشارع، متفاعلين مع المواطن والوطن، مدركين قضاياه، حريصين على ارتقائه.
وأهم العلامات التي اتصفت بها تلك الجوقة التي كانت تعزف إبداعا، هو احترام المتلقي، فتهتم بأدق تفاصيل أعمالهم لتخرج مشرفة تخلد أسماءهم، ويطيرون بالمتلقي لغيوم الجمال والإبداع، وذاك للإخلاص الذي رصع قلوبهم وأعمالهم، لذلك يجب أن ندرك نحن في هذا الوقت تلك القمم كيف استطاعت النهضة، وكيف يمكننا أن نعيد هذا البريق للأدب الكويتي، ونشر الثقافة الكويتية.
إننا بحاجة إلى أديب مثقف، أديب مدرك لما حوله، فهناك صفاة في الأديب رصدها الرافعي ـ رحمه الله ـ في كتابه «وحي القلم» تحت مقال «الأدب والأديب»، فيقول «ولو أردت أن تعرف الأديب من هو، لما وجدت أجمع ولا أدق في معناه من أن تسميه الإنسان الكوني، وغيره هو الإنسان فقط، ومن ذلك ما يبلغ من عمق تأثره بجمال الأشياء ومعانيها، ثم ما يقع من اتصال الموجودات به بآلامها وأفراحها».
هكذا يكون الأديب إنسانا كونيا أي يجمع في ذاته الكون ويذوب به الوجود، فينصهر قلمه وعمله معبرا عن هذا الكون.
وهذا لا يتقاطع مع الثقافة بل هي عملية متكاملة، ومن أجمل ما قيل في تعريف المثقف تعريفا جامعا مانعا واضحا القول: إن المثقف هو الشخص الذي يهتم ويلم بمواضيع مختلفة كالسياسة والاقتصاد والتاريخ والدين وباقي العلوم المختلفة، وأن تكون لديه القدرة على التفكير والتحليل المنطقي والربط بين هذه العلوم المختلفة وتكوين قناعات وأفكار عامة.من الأدب والثقافة يخرج جيل يحمل وعيا وفكرا، مسلحا بقدوات رائعة استطاعت مزج الثقافة والأدب، لكن مع الأسف يفتقد واقعنا للأديب المثقف، فلم نر الثقافة والأدب في هذا الوقت يجتمعان في مبدع ـ إلا ما ندر ـ فأحيانا نرصد مثقفا ولا نجد فيه ملمح الأديب، أو نجد أديبا يختفي فيه المثقف، بل الواقع أحيانا يزيد سوءا فلا نجد هذا ولا ذاك، لذلك نتمنى من المعنيين العمل على إعادة التفاعل الأدبي الثقافي إلى الشارع الكويتي، حتى يستفيد المجتمع من عودة وانتشار ظاهرة الأديب المثقف.
عبدالله ناصر البراك – الأنباء الكويتية
المصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
نادي الأدب بثقافة طوخ ينظم أمسية عن «صالون محمد جبريل وأثره في الواقع الثقافي»
نظم نادي الأدب ببيت ثقافة طوخ مساء اليوم السبت، أمسيته الأسبوعية، والتي جاءت بعنوان "صالون محمد جبريل وأثره في الواقع الثقافي"، وذلك في مقر بيت الثقافة.
بدأت فعاليات الأمسية بكلمة ألقاها القاص عبد الحميد صالح، الذي أدار اللقاء، مؤكدا أهمية تناول الأمسيات الأدبية للقضايا الفكرية والأدبية، مشيرًا إلى ضرورة تنمية وصقل مواهب الشباب من خلال استعراض التجارب الإبداعية الكبرى في الحياة الأدبية، وعلى رأسها تجربة الروائي الكبير الأستاذ محمد جبريل وما أضافه من قيمة للساحة الثقافية.
كما تحدث محمود الزهيري عن تجربة الكتابة عند الكاتب الراحل محمد جبريل، متناولا انتماءه العميق للمكان وتناوله القضايا الاجتماعية برؤية أدبية متميزة، مستعرضًا عددا من مؤلفاته وأثرها الكبير في تصوير الواقع الاجتماعي المصري وتحولاته.
واستعرض الزهيري دور صالون محمد جبريل الأدبي في احتواء مختلف الاتجاهات الفكرية والأدبية، واستقباله للكتابات الشابة ودعمه لها، مما أضفى مزيدًا من الحيوية والإبداع على المشهد الثقافي.
وتطرقت الأمسية إلى أهمية الصالونات الأدبية منذ مطلع القرن العشرين في إثراء الحياة الثقافية، ونشر الوعي، وإبراز الأصوات الشابة.
وفي ختام الأمسية، استمع الحضور إلى مجموعة من إبداعات الشباب الأدبية، وتم تقديم الملاحظات النقدية البناءة لتوجيههم ودعمهم في مشوارهم الإبداعي.