منطقة القرم الشرقي في أبوظبي.. تجربة لا تنسى في أجواء الطبيعة الساحرة
تاريخ النشر: 23rd, February 2024 GMT
أبوظبي – الوطن:
تشكل الطبيعة على امتداد أرض دولة الإمارات متنفساً ساحراً يجذب الزوار الباحثين عن الهدوء والاستجمام، كونها تتيح التمتع بمساحات شاسعة من الغابات الخضراء، والاطلاع على الكنوز النباتية والحيوانية التي تحتضنها، فضلاً عن تجربة أفخم أنواع الضيافة في فنادق تم تصميمها بعناية فائقة لتضيف مزيداً من السحر إلى المكان، بما يدعم النسخة الرابعة من حملة «أجمل شتاء في العالم»، التي تهدف إلى تعزيز السياحة الداخلية، وجذب الزوّار من جميع أنحاء العالم.
وتعد منطقة القرم الشرقي في أبوظبي واحدة من أبرز الوجهات السياحية الطبيعية التي جمعت سحر الطبيعة وفخامة الضيافة، حيث توفر إطلالات متميزة على أشجار القرم ومياه الخليج العربي، كما تتضمن فنادق فاخرة ووجهات تجارية، فضلاً عن الأماكن التي تم تخصيصها لممارسة الرياضات البحرية الخفيفة، كل ذلك مصحوباً بمشاهدة صورة بانورامية ساحرة لمعالم أبوظبي العمرانية، مايوفر تجربة فريدة لا تنسى ترسخ في ذاكرة الزوار المحليين والسياح لفترة طويلة.
سحر أشجار القرم
تحتل منطقة القرم الشرقي مكان مهماً ضمن شبكة زايد للمحميات الطبيعية،وتتميز بانتشار ملايين أشجار القرم،كما تعتبر محطة تقصدها العديد من الطيور المهاجرة وموقعاً فريداً لمحبي الطبيعة والنزهات.
وتحظى شجرة القرم أو (المانجروف) بأهمية خاصة في دولة الإمارات، حيث تمثل الدولة موطناً لـ 60 مليون شجرة قرم تلتقط 43,000 طن من ثاني أكسيد الكربون سنوياً، ومع إضافة 100 مليون شجرة من أشجار القرم، متوقع زراعتها بحلول 2030 سيصل إجمالي مساحة غابات القرم إلى 483 كيلومتراً مربعاً، وستساهم بدورها في التقاط 115,000 طن تقريباً سنوياً من ثاني أكسيد الكربون.
وقد حرصت دولة الإمارات على زيادة المساحات المزروعة بشجرة القرم لفوائدها الطبيعية في حماية سواحل الدولة من ارتفاع مستويات سطح البحر، والعواصف الشديدة، وتوفير الموائل الطبيعية للتنوع البيولوجي.
وتتميز أشجار القرم في دولة الإمارات بقدرتها على التكيف مع الظروف الطبيعية الصعبة مثل شدة الحرارة وارتفاع مستويات ملوحة البحر، كما تساهم في تحسين جودة الحياة البحرية من خلال تنقية المياه من الملوثات وتحقيق التوازن في الطمي المتواجد في قاع البحر وحماية السواحل من التآكل بفعل الأمواج، فضلاً عن دورها في خفض آثار تغير المناخ، حيث تلعب غابات القرم دور المصادر المستهلكة التي تمتص غازات الدفيئة وتقوم بتخزين واحتجاز الكربون بمعدلات أسرع من الغابات الاستوائية.
وفي هذا الخصوص، يعد متنزه القرم الوطني في أبوظبي من أبرز المقاصد السياحية الطبيعية، ومن أكثر مناطق القرم كثافة حيث يضم أكثر من 19 كيلومتراً مربعاً من غابات القرم، ويحظى زوار المتنزه بتجربة الاطلاع على مئات الأنواع من الطيور والنباتات التي تشمل طيور النحام الكبير (الفلامنجو الكبير)، وسرطان البحر المرقط، كما تتّخذ السلاحف والثدييات البحرية مثل الأطوم والدلافين هذا المتنزه موطناً لها.
ويمكن للزوار التمتع بمشاهدة الطيور النادرة مثل العقاب النساري، وبلشون الصخور (طير الشاه) بالإضافة إلى بعض الكائنات البحرية مثل المحار القلنسوي، والسلطعون المزركش، كما يستفيد الزائر بتعلم الكثير عن حياة الطيور والثدييات والأسماك واللافقاريات التي تعيش في غابة القرم.
ويتيح المتنزه فرصة الاستمتاع بمناظر بانورامية ساحرة مع القيام بجولة لمدة ساعتين بين الأشجار وفي أحضان الطبيعة على قوارب الكاياك الصغيرة، بحيث يعد المتنزه إحدى أهم الوجهات السياحية لعشاق الحياة البرية، كما يتميز بتنوّع بيولوجي وفير يشمل غابات أشجار القرم والمستنقعات المالحة والسهول الطينية.
مرافق سكنية فاخرة
سحر الطبيعة في منطقة القرم الشرقي ليس هو الجاذب الوحيد للتمتع بجمال المنطقة بل تكمله مجموعة من الفنادق الفاخرة والمجمعات السكنية التي تحرص على تقديم أعلى معايير الراحة والرفاهية، ومن أبرزها مجمع “القرم الشرقي رزيدنسز” الذي يضم 50 شقة راقية، و”شقق بروميناد القرم الشرقي” التي تضم 170 شقة واسعة ضمن مبنيين، وفندق وسبا القرم الشرقيبإدارة أنانتارا الذي يضم 222 غرفة فاخرة من فئة الخمس نجوم، وهي مصممة بأناقة، ومزودة بشرفات خاصة تطل على غابات القرم، وتم تجهيز الفندق بمرافق مبتكرة للاجتماعات والفعاليات المجتمعية مع خيارات عالمية متنوعة من المطاعم والعروض الترفيهية تشكل تجربة متميزة للزوار، كما روعي في تصاميم الفندق الداخلية أن تكون مستوحاة من التراث والتقاليد الإماراتية العريقة.
ومن المقاصد الفندقية الفخمة في منطقة القرم الشرقي تبرز أيضاً “أجنحة القرم الشرقي الفندقية” التي تضم 88 شقة فندقية فاخرة، وتشكل إضافة نوعية للسياحة الفاخرة في أبوظبي، فضلاً عن مجموعة من المرافق الفندقية والتجارية والسكنية والمطاعم العالمية.
وتتضمن “أجنحة القرم الشرقي” غرفاً تصل مساحتها إلى 217 متراً مربعاً، معززة بمرافق عالمية المستوى بما فيها حوض سباحة وصالة رياضية مجهزة بأحدث المعدات الرياضية، إضافة إلى مركز تجاري “بروميناد القرم الشرقي” وستة مطاعم متنوعة، فضلاً عن منطقة مخصصة للتنزه والمشي ومواقف واسعة تتسع لنحو 370سيارة مع خدمة صف السيارات.
كما يشكل مشروع “الضي”، المرحلة الخامسة من حدائق بلووم، المشروع السكني الواقع على كورنيش القرم الشرقي في أبوظبي، والذي يتكون من 181 وحدة تاون هاوس تتألف من غرفتين وثلاث وأربع وخمس غرف إلى جانب مجموعة الفلل والتاون هاوس الموجودة في حدائق بلووم والتي تضم 457 وحدة.
ويعد مرسى مجمع القرم الشرقي جزءاً من مجمع القرم الشرقي الفاخر ويتألف من 30 رصيفاً تستوعب قوارب يتراوح طولها ما بين ثمانية أمتار و33 متراً، ويقدم خدمات لأصحاب القوارب تشمل خدمات التنظيف وخدمة التوريدات للقوارب وتسجيل القوارب وخدمات الرسو على مدار الساعة ومساعدة الضيوف وغيرها.
اهتمام مستمر
وتحظى منطقة القرم الشرقي باهتمام متواصل من الجهات المعنية بالبيئة والطبيعة للحفاظ على ألق هذه المناطق، ويظهر ذلك من خلال حملات التنظيف الطوعية الدورية بالتعاون مع الجهات الفندقية في المنطقة، والمساهمة في تنقية المنطقة من المخلفات والنفايات الخشبية والبلاستيكية والمعدنية من الشاطئ ومن مياه البحر باستخدام قوارب التجديف “الكاياك” لجمع المخلفات.
كما تمت حماية هذه الكنوز الطبيعية بقوانين صارمة تمنع إلقاء القمامة بأي منطقة في المتنزه، وتحظر جميع أنواع الصيد البري والبحري للحفاظ على أعداد الحيوانات والطيور والأسماك.
المصدر: جريدة الوطن
إقرأ أيضاً:
كوارث بيئية لا تنسى.. العامل البرتقالي الأميركي بفيتنام
خلال حرب فيتنام (1955- 1975) استخدم الجيش الأميركي مبيدات الأعشاب السامة على نطاق واسع. ومن بين نحو 50 مليون لتر من المبيدات التي تم رشها بين عامي 1961 و1971، كان ما يعرف بالعامل البرتقالي (Agent Orange) الأثر الأكبر والأخطر، حيث تسبب بدمار واسع النطاق للغابات والنظم البيئية بفيتنام وجوارها.
وأدى استخدام العامل البرتقالي إلى مقتل آلاف الأشخاص أو إصابتهم بأمراض مزمنة، بالإضافة إلى تلوث التربة والمياه. وبات هذا العمل رمزا للإبادة البيئية نظرا لأثره الطويل الأمد على صحة الإنسان والبيئة.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2منحة دولية لحركة طالبان من أجل مكافحة تغير المناخlist 2 of 2أسياد الجليد في خطر.. معركة الدب القطبي مع تغير المناخend of listبدأت المشاركة النشطة للقوات الأميركية في فيتنام عمليا في عام 1965. وبحلول عام 1969، كان أكثر من 500 ألف جندي أميركي يقاتلون في المعارك التي تحولت إلى الصراع الأكثر دموية منذ الحرب العالمية الثانية.
ففي خضم الحرب وبعد اشتداد هجمات المقاومة الفيتنامية الشيوعية المعروفة باسم "فييت كونغ" وتسببها في خسائر كبيرة جدا للقوات الأميركية، لم يجد قادة الجيش الأميركي حلا للتعامل معها سوى استخدام سلاح العامل البرتقالي.
كان الغرض من ذلك تحقيق هدفين أساسيين، الأول حرمان "فييت كونغ" والقرى الداعمة لهم من مورد غذائي واقتصادي هام كان يعينهم على مواصلة القتال وشراء الأسلحة اللازمة، والثاني هو كشف انتشار تلك القوات عبر إزالة الغطاء النباتي عنها وسلبها ميزة إستراتيجية هامة، حيث كانت تستغل الأحراج والغابات الكثيفة للاختباء وشن الهجمات المفاجئة.
البراميل السامة الملونة
وتبعا لذلك قامت القوات الأميركية طوال فترة الحرب بإلقاء أكثر من 50 مليون لتر من أخطر المبيدات النباتية سُمّية وفتكا وبدأت العملية منذ عام 1961 بموافقة الرئيس جون كينيدي، وتواصلت بعد ذلك لتبلغ ذروتها عام 1965 قبل أن تقل وتتوقف مع نهاية الحرب عام 1971.
ورغم تأثيراتها القاسية بقيت ماهية هذه المبيدات الغامضة سرية ومحاطة بالتعتيم والتكتم فترة طويلة، إلا أن الأمر تكشف بعد أن بين أن الجيش الأميركي تعاقد مع كبرى شركات صناعة الكيميائيات في أميركا لتصنيع كميات هائلة من 15 نوعا من المبيدات النباتية (antiplant agents) التي تبين احتواء معظمها على الديوكسين (TCDD)، وهو من أخطر المواد الكيميائية للإنسان والبيئة.
وتشير التقارير إلى أنه تم شحن هذه المبيدات السامة بشكل سري في براميل خاصة، وللتفرقة بين أنواع المبيدات المختلفة، لونت البراميل بألوان محددة بديلا عن الاسم الكيميائي. ومن هنا عرفت هذه المبيدات بأسماء مثل العامل البرتقالي والأبيض والأخضر والأرجواني والأزرق وغيرها.
كان العامل البرتقالي الذي يحتوي على "الديوكسين" أكثر تلك المبيدات ضررا وفتكا، والأكثر استخداما من قبل القوات الأميركية في فيتنام ولاوس وكمبوديا. وقد تركز استخدامه في تدمير الأشجار الاستوائية والغابات والحشائش وأشجار الخيزران المنتشرة في جنوب فيتنام وعلى الحدود الكمبودية المجاورة.
وحسب التقارير، جاء "العامل الأزرق"(Agent Blue) في المرتبة الثانية، وهو مبيد أعشاب يعد شديد الفاعلية في سحب الرطوبة من أوراق النباتات مما يؤدي الى تجفيفها والقضاء عليها في الحال. لذا استخدم في تدمير محاصيل الرز، غذاء الفيتناميين الأساسي، بغرض تجويع القرى والمدن الموالية للمقاومة، فيما عرف آنذاك بعمليات "إبادة الرز".
مضاعفات خطيرة
وتؤكد التقارير أن استخدام العامل البرتقالي والمبيدات الأخرى أدى الى نتائج وتداعيات مأساوية ممتدة حتى اليوم. هذه التداعيات لم تصب فقط الغابات والمحاصيل، بل أصابت أيضا كل من كان فيها أو قربها بقائمة طويلة من التشوهات والأمراض المزمنة والسرطانية.
فعلى المستوى البيئي تم تدمير نحو 1.5 مليون هكتار من الغابات، منها نحو 125 ألف هكتار من أشجار المنغاروف النادرة أبيدت بشكل كامل. كما أبيدت مساحة أخرى من المحاصيل الزراعية تقدر بنحو 300 ألف هكتار، في ما كان يشكل معا خمس مساحة المناطق الخضراء في فيتنام على أقل تقدير، وهي مساحة كانت تكفي لإطعام نحو 245 ألف فيتنامي.
كانت عملية التدمير شاملة وذات تأثيرات مستمرة، فرغم مرور أكثر من 6 عقود على تلك الهجمات، بقيت معظم المناطق التي تعرضت للمبيدات بشكل مركز على حالها وباتت تربتها غير قادرة على الإنبات.
وتؤكد مقالة نشرتها جامعة إلينوي وجامعة ولاية أيوا عام 2019 أن مستويات الديوكسين (TCDD) ما تزال عند مستويات خطيرة، مشيرة إلى أن ملايين الفيتناميين يعيشون في المدن والقرى المجاورة. لقد تم تدمير بيئة الغابات والمزارع بسبب العامل البرتقالي والتربة والمجاري المائية الملوثة بالديوكسينات الثابتة بيئيًا، كما يستمر في تلويث المياه والرواسب والأسماك والأنواع المائية وإمدادات الغذاء والصحة الفيتنامية.
وعلى مستوى الخسائر البشرية، تشير بعض التقديرات الى أن أكثر من 3 ملايين فيتنامي تعرضوا للعامل البرتقالي، وأصيب أكثر من مليون بأمراض تنفسية وجلدية وتشوهات خلقية جراء التعرض لهذه المواد السامة.
ويقدّر الصليب الأحمر الفيتنامي أن ما يقرب من مليون شخص عانوا من مضاعفات صحية خطيرة وإعاقات نتيجة التعرض للإشعاع. كما وُلد مئات الآلاف من الأطفال بعيوب خلقية خطيرة. وكان الدمار البيئي لا يُحصى ولا يُعوّض.
من جهتها، ذكرت إدارة المحاربين القدامى الأميركية أن حوالي 2.8 مليون من قدامى المحاربين الأميركيين تعرضوا أيضا للعامل البرتقالي، لكنهم حصلوا على تعويضات حكومية، بالإضافة إلى تسويات بملايين الدولارات من الدعاوى القضائية المرفوعة ضد مصنعي هذه المادة الكيميائية، بينما لم يُحاسب أحد رسميًا على معاناة الضحايا الفيتناميين.
إعلاناستعملت القوات الأميركية أيضا نحو 352 ألف طن من النابلم على فيتنام وملايين الذخائر والقنابل التي لم ينفجر بعضها. وبعد عقود من الحرب، لا يزال الناس في جنوب شرق آسيا يُقتلون بانفجار القنابل والألغام التي تُركت في المنطقة خلال فترة الحرب.
وفي عام 2018، أفادت صحيفة نيويورك تايمز بوجود أكثر من 300 ألف طن من الذخائر غير المنفجرة في فيتنام، بينما تقول وسائل الإعلام الفيتنامية إن 725 ألف طن من الذخائر غير المنفجرة متناثرة في جميع أنحاء البلاد.
وتشير التقديرات إلى أن أكثر من 20% من أراضي كمبوديا ولاوس وفيتنام ملوثة بالذخائر غير المنفجرة. ولا تزال مساحات شاسعة من هذه الدول الثلاث غير صالحة للزراعة أو الصناعة أو السكن، مما يعيق التنمية الاقتصادية لهذه الدول.
ويعتقد أن لاوس هي الدولة الأكثر تعرضا للقصف في العالم من حيث نصيب الفرد نتيجة حرب فيتنام. ووفقا لمرصد الألغام الأرضية والذخائر العنقودية، ومقره جنيف، فقد تجاوز عدد ضحايا الذخائر غير المنفجرة في لاوس 50 ألفا منذ عام 1964، بما في ذلك أكثر من 29 ألف حالة وفاة، وكان نحو 40% من الضحايا أطفالا.
يشير المؤرخ الأميركي نيك تورس في كتابه "اقتل أي شيء يتحرك: الحرب الأميركية الحقيقية في فيتنام" الصادر عام 2013 إلى أن السمة المميزة التي تجعل ذكريات حرب فيتنام صعبة للغاية (بالنسبة للأميركيين وكذلك الفيتناميون) كانت العنف المستمر ضد المدنيين، لكن هذا العنف مازال متواصلا في فيتنام بآثار تلك الحرب على البشر وخصوصا على البيئة من حوله.