كتب: سامان نوح

لا جدال في الأمر... القراران الأخيران للمحكمة الاتحادية العليا، بشأن رواتب موظفي الاقليم وقانون انتخابات برلمان كردستان، وعلى مسار القرارات السابقة، تضعف سلطة الكيان الدستوري لاقليم كردستان، وتسحب مزيدا من الصلاحيات منه.

لا نقاش كردي في ذلك، سواء كان الأمر مستندا الى استهداف ممنهج بقصد الاضعاف، او مجرد قرارات قضائية لا تصب في صالح سلطة الاقليم، ضمن مسار تضمن سلسلة قرارات سابقة أضعفت سلطة الاقليم بل وقوة وسعة صلاحياته الفيدرالية.

لكن في النهاية يكمن السبب الأساسي، في الصراع الداخلي الكردي على السلطة، وفي التنافس خارج حدود الشرعية السياسية والقانونية، وفي التدمير الممنهج للمؤسسات واضعاف البرلمان وضرب المجتمع المدني والاعلام الحر، كما في تعطيل بناء منظومة اقتصادية سليمة سواء من خلال سياسة التعيينات الوظيفية الكارثية او من خلال احتكار السوق عبر الشركات والقرارات والاجراءات الحزبية.

أي ان القوى الحاكمة في الاقليم، من حيث تعرف أو لا تعرف، استهدفت كل الأسس الداعمة لبناء اقليم قوي ذو كيان راسخ، وبالتالي صار من السهل اضعافه بقرارات قضائية او سياسية تأتي من بغداد. لكن في الأساس لم يأت الأمر نتيجة استهداف او سياسات ومواقف ممنهجة للقوى العراقية التي تسيطر على المحكمة الاتحادية.

الحزبان الكرديان طوال سنوات، لم يتفقا داخل كردستان على دستور حاكم، وفضلوا التلاعب بالقوانين والهياكل والمؤسسات وفق مصالح عابرة.

وتصارعا من أجل السلطة، فاختلفا في جملة طويلة من القضايا والملفات الحاسمة لحاضر الوجود والمستقبل.

ولم يتفقا على سياسات اقتصادية أو أمنية أو ادارية محلية حاكمة.

في جزئية قانون الانتخابات ومقاعد المكونات، رفض كل طرف التنازل للطرف الآخر، وأصر كل حزب على موقفه، ولم يتفاوضا جديا رغم تدخل الأمم المتحدة واقتراحاته.

الأول تشبث باغراءات ما يؤمنه من نفوذ، الفوز بمقعد اضافي هنا وآخر هناك، وأوقعه غرور قوته وقدرته على فرض ارادته مدفوعا بسيطرته على البرلمان الكردستاني ومفاصل وهياكل اتخاذ القرار، في حسابات خاطئة.

والثاني لعب بورقة نفوذه ببغداد وقدرة العامل الخارجي على احداث التغيير، دون النظر الى مصالح الاقليم وقوة وصورة كيانه المستقبلية، فأصر ان توزع المقاعد بشكل يرضيه أو أن يمضي في تخريب اللعبة بل والملعب ان تطلب الأمر.

من أجل مصالحه، استغل الأول لسنوات مقاعد المكونات في تمرير وفرض سياساته. واصر على هندسة قانونية محددة لتلك المقاعد تخدمه.

ومن أجل مصالحه، ضرب الثاني لعبة المقاعد كلها، التي كان يجد نفسها خاسرا فيها، دون الالتفات الى ما ستحمله القضية من خسارات وجودية وكيانية.

ذات الأمر فعلاه ومازالا في الملف المالي.. لتتوالى التدخلات ومن ثم الخسارات الوجودية قربانا للمصالح الحزبية والفئوية الصغيرة.

الخلاصة: نجح الاتحاد الوطني ومن خلال النافذة القانونية للمحكمة الاتحادية، في تعطيل أي فرصة للديمقراطي الكردستاني في الحصول على 50+1% من مقاعد البرلمان الكردستاني، وبالتالي انهاء سنوات الاستحواذ شبه المطلق على القرار السياسي والاقتصادي والامني الكردي، وبما يعيد شيئا من التوازن المفقود منذ أكثر من عقد بين الشريكين المتصارعين. لكن ذلك جاء على حساب قوة كيان الاقليم وحدود سلطته، وبالاستعانة بعوامل خارجية أوجد لها الاتحاد مواضع نافذة في جسد سلطة الاقليم. 

تنويه للكاتب: قرارات المحكمة الاتحادية وبعض سابقاتها جاءت بالضد من رغبات تركيا، لكن على هوى ايران. في النهاية الفعل الفصل هو لمصالح الجيران، وليس لبغداد أو الاقليم.




المصدر: وكالة بغداد اليوم

إقرأ أيضاً:

18 مليار دولار خسائر بسبب توقف تصدير نفط الاقليم

23 يناير، 2025

بغداد/المسلة: تعاني الاقتصاد العراقي من تداعيات سلبية كبيرة جراء توقف تصدير النفط من إقليم كردستان، حيث يعتبر النفط المصدر الأساسي لتمويل خزينة الدولة.

و التوقف عن تصدير النفط لم يؤثر فقط على الإيرادات الوطنية، بل أوجد أيضًا سلسلة من المشاكل الاقتصادية التي تضاف إلى تعقيدات الملفات المالية العالقة التي تواجه الحكومة العراقية.

الموازنة العامة للدولة شهدت خسائر مالية ضخمة نتيجة لهذا التوقف في صادرات النفط، حيث أظهرت التقارير أن هذه الخسائر تجاوزت الـ 18 مليار دولار.

وهذا المبلغ الضخم يبرز حجم الأزمة ويعكس الحاجة الماسة إلى حل عاجل وفعال لضمان استقرار الاقتصاد الوطني.

تتعدد التحديات التي تواجه الاقتصاد العراقي، حيث هناك مشكلة تتعلق بتقدير كلف النفط المنتج في الإقليم، والتي اتضح أن تقديراتها لم تكن دقيقة بما فيه الكفاية.

و قانون تعديل أسعار النفط، والذي تم تحديده بمبلغ 16 دولارًا للبرميل، يُعد تقديرًا مبدئيًا فقط وليس رقمًا نهائيًا. هذا التعديل تم إقراره بناءً على مشاورات مع ديوان الرقابة المالية الاتحادي والجهات الاستشارية المعنية، إذ يتم تدقيقه في الوقت الحالي لضمان دقة التقديرات المالية، وهو خطوة ضرورية لتنفيذ بنود الموازنة بشكل فاعل.

على الرغم من الجهود الحكومية، لا تزال بعض الجهات تقف عائقًا أمام الحلول الفنية والعملية لمعالجة الملفات الاقتصادية العالقة. حيث توجد عقبات معرقلة للإجراءات التي يمكن أن تسهم في تحريك عجلة الاقتصاد العراقي نحو التعافي، مما يعزز من تعميق الأزمة ويزيد من صعوبة تحقيق استقرار مالي في الوقت الراهن.

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author زين

See author's posts

مقالات مشابهة

  • 18 مليار دولار خسائر بسبب توقف تصدير نفط الاقليم
  • دافوس تحتضن أول اجتماع رسمي بين حكومة الاقليم والادارة السورية
  • تعرف على أبرز ملفات القمة المصرية الصومالية بقصر الاتحادية
  • قصة مسلسل “حكيم باشا”.. مصطفى شعبان في صراع مع الخيانة وتجارة الآثار
  • نائب إطاري يتوعد بتقدم طعن أمام المحكمة الاتحادية بشأن التصويت على القوانين الجدلية
  • رئيس وزراء قطر: نأمل استمرار اتفاق غزة حتى النهاية
  • محلل سياسي يعلق على قرارات ترامب بعد تنصيبه: يعتمد أسلوب "الفرقعة".. فيديو
  • البحر الأحمر تسعى لتنشيط الصناعة.. خطة جديدة لدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة
  • لدعم الشركات الصغيرة والمتوسطة.. "CIB" يوقع بروتوكول تعاون مع جهاز تنمية المشروعات
  • قرارات وأوامر وتوجهات اقتصادية لترامب أول أيام الرئاسة الأميركية