صحيفة التغيير السودانية:
2024-12-28@09:57:30 GMT

دولة الكيزان في بورتسودان !!

تاريخ النشر: 22nd, February 2024 GMT

دولة الكيزان في بورتسودان !!

د.مرتضى الغالي

قد جعل الفلول مدينة بورتسودان الجميلة بيئة فاسدة بامتياز..!! بورتسودان ثغر السودان الباسم الوضيء التي كان يقول عنه سيد عبد العزيز (في الشرق المينا العظيمة.. بيها الثغر بسم دلال) جعل منها الكيزان الآن مرتعاً وخيماً لاستئناف ما درجوا عليه من فساد وإفساد حيثما حلّوا وأقاموا..!

بورتسودان حالياً حالها حال (المدينة الدستوبية) كما يقولون في مصطلحات الأدب الروائي العالمي عن حالة المكان الخبيث (غير المرغوب فيه) الذي (يعشعش) فيه الفساد وتسوده الفوضى والشر المطلق ويبعث على الخوف وينذر بالمهالك.

.ويتسيّده الأقزام وتتهدده الكوارث..وتنطلق فيه غيلان الخراب والقمع والفقر والمرض، ويدير أمره المعاتيه ومعتلو الضمير ومرضى النفوس من شياطين الأنس..بحيث تقود هذه البيئة الوبيلة إلى أن يتجرّد فيها بعض البشر من آدميتهم ويتناسون إنسانيتهم وينحدرون إلى قاع الانحطاط شأنهم شأن المسوخ التي تناجز بعضها وتتناحر حول العظام والفتات..!

(الدستوبيا) بهذا المعنى تناقض الخصائص المقابلة لـ (اليوتوبيا)..وهي المدينة الفاضلة في الخيال الأدبي الإنساني التي تتجلى فيها القيم النبيلة والمشاعر السامية والكرامة المُصانة..! الله لا كسّبكم..!

هكذا أصبحت (دولة الكيزان في مدينة بورتسودان) فساد سياسي..وفساد اقتصادي.. وفساد اجتماعي..وفساد في الإدارة وفساد في البيئة..وانتشار كثيف للسرقات والاختلاس والسطو والسلب والنهب والمحاباة والمحسوبية والابتزاز والاحتكار والتزوير والتزييف والمغالاة والغلول و(بيع الغُرر) واستباحة المال العام بأسماء مختلقة لموظفين وهميين وإيجارات وهمية وبدلات وترقيات من وحي الخيال..وفوضى مريعة في مفاصل وزارات الانقلاب ومكاتبها وفروعها وإداراتها وبنوكها وصرافاتها السرية والعلنية التي تتاجر في العملات وفي (جيوب المواطنين) المقيمين والعابرين..!

هكذا اجتمعت في بورتسودان القيادات العسكرية الهاربة من الخدمة للتفرغ لممارسة (السُباب والردحي) ومواصلة النهب..ومعهم ولاة ذممهم برخص التراب..وإداريون وسكرتارية أعادت سيرة دواوين الإنقاذ في عهد فسادها الأكبر..! ومع هؤلاء تجار أزمات ومحتكرون من الكيزان يشربون دماء المواطنين..(يمنعون الماعون)..ولكنهم يحبون النهب حُباً جمّاً..ويأكلون التراث أكلاً لمّاً..!

وفي معية هؤلاء سماسرة من كل صنف ولون..و(نكرات عطالى) قادمون من القاهرة يحسبون أنفسهم في السلك السياسي وهم من الرعاع الذين لفظتهم عوائلهم.. وأصحاب عقارات نقل إليهم الكيزان أسوأ ما ينطوي عليه الأبالسة وأغنياء الحرب من فنون الجشع والمغالاة واستغلال حاجة الناس و(تصفير) جيوب العباد…!

ومع كل هؤلاء وأولئك (جبريل إبراهيم)..ثم مالك عقار (الذي أجاز قصف المدنيين)..‍! وإذا أضفت إليهم البرهان وياسر العطا وكباشي والوزراء المكلفين والوكلاء ومديري الإدارات و(أصحاب المواتر) وبقايا المؤتمر الوطني (وزيارات اركو مناوي) ستعرف من باب علم اليقين ما أصبحت عليه بورتسودان…وتعرف عندها معنى الجحيم.. ثم سوف تراه (عين اليقين)..!!

قرأنا مقالاً يقطر بالوجع والأسى لكاتب أريب لم يذكر أسمه وهو يحكي عن (بورتسودان تحت الحصار) وعن دمار القيم والفضائل واغتيال الأخلاق والمروءة..وعن الإجراءات التي تمارسها حكومة جبريل إبراهيم من جباية وضرائب وعشور وقبانة وأتاوات..ورسوم شهادات المواليد والوفيات وشهادات الدراسة..ثم تصعيب الحصول عليها لإنعاش (سوق الكيزان الموازي) وفساد بعض صغار الموظفين وكبارهم تحت أعين جبريل وحكومته..!

ولكن هناك واقعة واحدة مضحكة ومبكية إلى حد الفجيعة تلخص لك كل هذه (اللمة والهيلمة)..وهي واقعة لقاء وزير الداخلية مع مجموعة شركات استشارية ألمانية (كما قال) لتعمير السودان بعد الحرب..!

السودان يحترق والناس يُقتلون كل يوم داخل بيوتهم وفي الشوارع والميادين والقرى والمدن والفرقان وحكومة البرهان تعلن كل يوم عن مواصلة الحرب..ووزير الداخلية الموجود في بورتسودان يتحدث عن إعمار السودان مع مجموعة ألمانية للخدمات والاستشارات يسميها الوزير (الوفد الألماني)..!

وللاختصار نقول إن ادعاء وزير الداخلية إدعاء كاذب..هذه ليست مجموعة ألمانية..! ورئيس هذه المجموعة الوهمية اسمه (حسين سليمان) – حتى وكالة سونا أقرّت بذلك- وهو سوداني (وليس من الجنس الآري) تحدثت المصادر بأنه يملك تسجيل شركة عائلية..!!

هل هذا الرجل هو الذي يريد إعمار السودان..؟!

وما علاقة وزير الداخلية بشركات البناء والاستثمار..؟!

يا ساتر…! هناك (ريحة سمك قوية) قادمة في الطريق…الله لا كسّبكم..!!

الوسومالجيش الدعم السريع الفساد في السودان د. مرتضى الغالي مدينة بورتسودان

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: الجيش الدعم السريع د مرتضى الغالي مدينة بورتسودان

إقرأ أيضاً:

تاريخنا حروب في حروب وهدن لا تصمد

عكس لنا المؤرخون تاريخ السودان منذ أقدم العصور وحتي قيام الأحزاب الحديثة علي أنه حروب في حروب وهدن لا تصمد واليوم ليس احسن من الامس فالحرب هذه المرة شاركت فيها جميع الدول بما فيها نحن والضحية حصرا هو المواطن السوداني !!..

أتعجب أشد العجب أن اري صورة واحدة للامام محمد احمد المهدي ويبدو فيها صارما لايفتر ثغره عن ابتسامة ولو عابرة ...
مهدي السودان بعد انتصاراته المدوية علي المستعمرين وتطهير البلاد منهم وبصفته الزعيم المستحق ليكون رأس الدولة وهذا الاستحقاق يجعل يومه مزدحما وهو يصرف شؤون البلاد فيستقبل الوفود الأجنبية ولابد من نظام بروتكولي غاية في الدقة لهذه المهمة التي من خلالها يري الزوار مكانة النظام الجديد هذا مقارنة بنظرائه في الخارج ... طبعا كل هذا الجهد يحتاج الي سكرتارية ومكتب صحفي ومشاركة من ذوي اختصاص وخبرة كثيرين حتي يتم الروتين اليومي بتخطيط محكم مع التوثيق له بآلات التصوير والتسجيل ومع وجود ( ارشيف ) وراءه أصحاب كفاءة عالية يتعهدونه بالرعاية والاهتمام والتجديد والتحديث كلما دعا الأمر لذلك خدمة لهذا العمل بالغ الأهمية والخطورة !!..
لم نشاهد الامام المهدي في مجلس حرب أو مجلس سلم او مجلس نيابي ولم نراه في زيارة خارجية لدولة بالجوار أو دولة ما وراء البحار ... هنالك اكيد كثير من المناسبات الدينية والقومية والاجتماعية وهنالك موسم الحصاد وعيد الشجرة وعيد التعليم فهل كانت الدولة تحتفل مع الشعب بهذه المناسبات وتؤخذ الصور التذكارية وتحفظ للأجيال المقبلة !!..
لماذا يكتب لنا المؤرخون كل تاريخنا القديم والمعاصر علي أساس أنه أحداث دامية ونزاع يكاد لا ينقضي وكأنه ممنوع علينا أن نري في دولة المهدية فعاليات رياضية وثقافية ومهرجانات وفصول دراسية مكتملة الأركان تقدم المعارف وتتبادل الأفكار مع العلماء والأدباء والمفكرين الذين توفروا في ذاك الزمان ... هل كانت في دولة المهدية لغات متداولة غير اللغة العربية وهل عرف أهل السودان الاغتراب في تلك الحقب سواء كان التغرب من أجل العلم أو التجارة والاقتصاد والعمل ؟!
ونلاحظ أن معظم تاريخ السودان حصروه في المهدية وحتي هذا التاريخ أغفل الحياة الاجتماعية والثقافية وعادات الناس وانشطتهم والتركيز كله كان علي المعارك والغزوات والاستعداد للحرب ولبس المرقع من الثياب علي أساس أن هذا زهد وليس هو كذلك إذ أن الإنسان لابد أن يكون حسن الهندام من غير تكلف ومبالغة ومن غير تقليل لشان الآخرين !!..
هل نحن معشر السودانيين أمة وبما وقع عليها كثير من الظلم خاصة من ذوي القربي أصبح عندنا تحمل الالم شيء طبيعي بتنا نهزج مع اهل الجزيرة العربية القدماء ونقول في تلذذ :
نحن قوم إذا الشر ابدي ناجذيه لنا
طرنا إليه زرافات ووحدانا ........
هذه الحرب التي تستعر فينا الآن ونصطلي جميعا من لهيبها أليست هي مصداقا للاندفاع نحو المحرقة من غير تفكير مثل الفراش الذي يرمي نفسه طائعا مختارا في النار !!..
وحتي خليفة المهدي كانت له صورة واحدة وهو يخوض النيل بحصانه الاسطوري وهو ملوح بسيفه البتار في طريقه الي سرايا غردون !!..
ايها المؤرخون لقد بانت كتاباتكم حمراء قانية علي الدفاتر والصفحات وكانكم عن عمد تغفلون عن اجمل ما في البلاد من صور زاهية وطبيعة ساحرة وخضرة وجمال وعلم ومعرفة وثقافة وتصرون علي أننا شعب ( مبشتن ) خالي من اي ( اتيكيت ) ... ونحن لسنا كذلك وانا متاكد أن الإمام المهدي كان من العلماء ومن الزهاد لكن ليس زهدا يقلل من المكانة لرجل هو في مقام راس دولة سطرت بأحرف من نور مكانا لها بين الأمم لكن المؤرخون طمسوا هذه الأحرف المضيئة وحولوها الي عتمة ومازلنا نعاني من هذه العتمة حتي اليوم بنزاعات ليست من طبعنا ولكنها مفروضة علينا فمتي نكتب التاريخ بأنفسنا ولا نترك للاقلام الشيطانية أن تتصرف في ارثتا وحضارتنا واحترامنا لأنفسنا ولغيرنا !!..

حمد النيل فضل المولي عبد الرحمن قرشي .
معلم مخضرم .

ghamedalneil@gmail.com  

مقالات مشابهة

  • وزير الخارجية السوداني: الثقة الكبيرة التي نوليها للرئيس التركي هي الأساس
  • حوار .. فضل الله برمة  لـ «التغيير» : الحكومة المدنية تسعى لوقف الحرب ولا شرعية لحكومة بورتسودان
  • انطلاق ورشة تقييم اتفاق جوبا لسلام السودان بمدينة بورتسودان
  • تاريخنا حروب في حروب وهدن لا تصمد
  • تلفزيون السودان يقحم الكنيسه فى الصراع بين الكيزان والدعم السريع
  • ???? بنك “زراعات كاتيليم” التركي في السودان .. ما القصة؟
  • أردوغان يستقبل جنبلاط في أنقرة.. ما الحديث الذي دار بينهما؟
  • سفير أنقرة يؤكد أهمية وجود مؤسسات تركية في السودان
  • ○ من الذي خدع حميدتي ؟
  • تحليل عبري: هل تحارب إسرائيل الحوثيين أم دولة اليمن.. وما الصعوبات التي تواجه السعودية والإمارات؟ (ترجمة خاصة)