د. نبيل رشوان يكتب: عامان على النزاع
تاريخ النشر: 22nd, February 2024 GMT
تمر هذه الأيام الذكرى السنوية الثانية على النزاع الروسى الأوكرانى، الذى تطلق عليه روسيا عملية عسكرية وتطلق عليه أوكرانيا الاجتياح الروسى لأراضيها.
فى تقدير الكثير من الخبراء أن النزاع سيستمر لفترة قادمة على الأقل حتى نهاية العام الحالى إن لم يكن أطول، وإذا نظرنا لموقف طرفى النزاع نجد أن روسيا مصرة على الاحتفاظ بالأراضى التى تسيطر عليها فى الوقت الراهن وهى خيرسون وزابوروجيا ولوجانسك ودنيتسك وشبه جزيرة القرم، ما يمثل حوالى 20% من مساحة أوكرانيا البالغة 600 ألف كم مربع، بينما أوكرانيا تريد انسحاب روسيا إلى حدود عام 1991، أى لحظة انهيار الاتحاد السوفيتى، وهى كذلك مصرة على موقفها قبل أى مفاوضات.
لم يحقق أى طرف من الطرفين أى مكاسب ملموسة على الأرض منذ حوالى عام باستثناء سيطرة القوات الروسية على مدينة أفدييفكا، وهى مدينة صغيرة تتبع منطقة دنيتسك، ما يعنى أن الطرفين أصابهما الإجهاد ولم يعودا قادرين على تحقيق انتصارات خاطفة كما كان يحدث خلال العام الأول للحرب.
لكل طرف حلفاؤه، أوكرانيا يقف الغرب وعلى رأسه الولايات المتحدة خلفها، لكن على ما يبدو لم يكن الغرب يتوقع استمرار الحرب لفترة طويلة وبالتالى أصابه الإجهاد كذلك لدرجة أن القوات الأوكرانية ينقصها الذخيرة التى هى عصب المعارك، يأتى هذا فى الوقت الذى أصبح مصير أوكرانيا مرهوناً بالخلاف بين الديمقراطيين والجمهوريين فى واشنطن، وكان من المفترض أن تدعم الولايات المتحدة أوكرانيا بحوالى 60 مليار دولار.
أما روسيا فهى تعتمد على نفسها فى مسألة التسليح بالدرجة الأولى وإن كانت بدأت تلجأ لبعض الحلفاء مثل إيران وكوريا الشمالية، لكن ورغم وجود دعم أوروبى لأوكرانيا انتظاراً للدعم الأمريكى، والدعم الإيرانى لروسيا بالطائرات المسيرة والصواريخ من كوريا الشمالية، فإن الإجهاد بدأ يظهر على الطرفين المتحاربين فى أوكرانيا بدرجة لا تخطئها العين، وإذا استمرت وتيرة المعارك على هذا المنوال ستستمر الحرب فترة طويلة جداً.
فى الفترة الأخيرة بدأت بعض الدوائر تتحدث عن أن ثمة حديثاً روسياً عن رغبة فى إنهاء النزاع من خلال تجميد النزاع فى المواقع الحالية، لكن لا الأوروبيون ولا الأوكران موافقون على ذلك ولسان حال الأوروبيين يقول إنها ستكون مجرد هدنة ستستعيد روسيا بعدها تعافيها وتبدأ من جديد، وقد تتسع رقعة العمليات العسكرية لتشمل دولاً أوروبية أخرى، وإذا كان من عنصر مؤثر على أوكرانيا لقبول حل من الحلول فهو بلا شك سيكون من الولايات المتحدة أكبر الداعمين لها التى ترى أن أى حل بدون أوكرانيا غير مقبول ولا تريد واشنطن رغم قدرتها على التأثير فى القيادة الأوكرانية أن تقوم بهذا الدور وموسكو أكدت فى أكثر من مناسبة أن الحل فى الغرب وليس أوكرانيا.
وهل يوجد وضع لواشنطن أفضل من الوضع الحالى حين تستنزف روسيا عسكرياً واقتصادياً، وبسلاح غربى وأيدى أشقائها فى أوكرانيا، وليس أدل على أن النزاع هو بين أشقاء أن القائد العام الجديد للجيش الأوكرانى من مواليد روسيا ودرس العلوم العسكرية فى معاهدها ووالده كان عقيداً فى الجيش الروسى ووالدته وشقيقه يعيشان فى روسيا.
على أى حال بدأت الدول الأوروبية تتعامل حالياً مع الموقف على أن النزاع سيستمر لفترة طويلة، وبالتالى بدأت تسعى لإنتاج السلاح والذخيرة للاندماج فى الحرب التى تأكدوا أنها ستستمر لفترة أطول مما توقعوا، ولا ننسى شيئاً مهماً وهو أن أوكرانيا ليست دولة صغيرة وهى بلا شك مكسب للاتحاد الأوروبى وحلف الناتو بعد إعادة إعمارها.
وبالنسبة للولايات المتحدة هى تمثل موقعاً متقدماً فى عمق الأراضى الروسية قد تدفع حلف الناتو للحديث بلغة أخرى مع تركيا فى المستقبل، هذا بالطبع غير أن خسارة النزاع فى أوكرانيا ستكون فوق طاقة حلف الناتو والولايات المتحدة اللذين منيا بهزيمة نكراء فى أفغانستان ولذلك لن يسمح الحلف وواشنطن بهزيمة أخرى فى أوكرانيا، وروسيا إذا خسرت الحرب من وجهة نظر الغرب قد تتفكك وهى دولة نووية.
وهناك خشية مما يمكن أن يحدث فى هذه الدولة، بالإضافة إلى أن روسيا نفسها ستفقد نفوذها لدى حلفائها فى وسط آسيا (منطقة نفوذها) لصالح الصين وتركيا ورغم أنهما أصدقاء لروسيا إلا أن روسيا لا تفضل هذا، والعالم فى الانتظار لأن تجد الأطراف صيغة مُرضية للجميع، أو كما يقول المثل الروسى «الذئب شبع والحملان لم تنقص».
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: روسية أوكرانية أمريكا إعادة الإعمار فى أوکرانیا
إقرأ أيضاً:
زيلينسكي: روسيا أطلقت 70 صاروخا استهدفت قطاع الطاقة في أوكرانيا
قال الرئيس الأوكراني زيلينسكي، إنّ روسيا أطلقت أكثر من 70 صاروخا استهدفت قطاع الطاقة في أوكرانيا، حسبما أفادت قناة "القاهرة الإخبارية"، في خبر عاجل.