ناقش مجلس الشورى السابق تقريرا أعدته لجنة الصناعة برئاسة المرحوم محمد فريد خميس رئيس اللجنة فى ذلك الوقت، التقرير كان يتحدث عن ضرورة إنشاء السوق العربية المشتركة، توقفت وقتها عند عبارة فى التقرير الذى قام فريد خميس بتلاوة ملخص له أمام المجلس طبقا للائحة وهى: أن الهدف من إقامة السوق العربية المشتركة، ليس تقسيما للثروات كما يتخوف البعض، وكانت هناك ضرورة لوضع هذه العبارة فى التقرير، لأن المحاولات الخارجية لعدم وحدة العرب وإفشال قيام تعاون اقتصادى بينهم حتى لا يكونوا قوة اقتصادية تواجه الغرب كانت على أشدها، وصورت هذه المحاولات السيئة للدول العربية الغنية اقتصاديا والفقيرة فى عدد السكان، أن الدول التى تسعى لإقامة السوق المشتركة هى كثيفة السكان وتحاول اقتسام الثروة مع الدول الغنية التى تمتلك النفط.
وفشلت محاولات إقامة السوق العربية المشتركة، رغم أن التفكير فيها سبق الدول الأوروبية فى إقامة الاتحاد الأوروبى وأخذ على العرب أنهم يجتمعون، ويتفقون على ألا يتفقوا، ومات هذا الحلم المهم الذى كان سيقوم على شكل من أشكال التكامل الاقتصادى على أساس حرية انتقال رؤوس الأموال والأيدى العاملة بين الدول المشاركة فى السوق، إضافة إلى حرية تبادل السلع والمنتجات وإقامة اتحاد جمركى فيما بينها.
وجاء إصدار قرار إنشاء السوق العربية المشتركة من قبل مجلس الوحدة الاقتصادية العربية فى أغسطس 1946، من منطلق أن السوق مرحلة من مراحل تحقيق الوحدة الاقتصادية بين الدول تمهيدا لوحدتها السياسية لاحقا. وضمت السوق العربية المشتركة فى بداية انطلاقها: الأردن والعراق وسوريا ومصر والكويت.
ثم اتسعت عضويتها لتشمل كل الدول العربية، ولكن السوق لم تفعل على نحو كامل وإنما اقتصر التعاون الاقتصادى العربى على بعض الاتفاقيات الجزئية كانت أسباب التفكير فى السوق العربية المشتركة هو شعور البلدان العربية منذ حصولها على الاستقلال السياسى أنها غير قادرة كل منها فى الحدود التى رسمت لها على متابعة نموها الاقتصادى وتطورها الاجتماعى، فضمنت ميثاق الجامعة العربية نصوصا تؤكد أهمية التكافل الاقتصادى بين الدول العربية المتحررة من الاستعمار. ومنذ الاستقلال فتحت البلدان العربية أعينها على اتجاه واضح نحو التكتلات الاقتصادية فى العالم، مثل السوق الأوروبية المشتركة ومنطقة التجارة الحرة الأوروبية ومنظمة الكوميكون والسوق اللاتينية، وكذلك السوق المشتركة لبلدان أفريقيا الغربية. فكان ذلك دافعا قويا لبحث اتفاقية الوحدة الاقتصادية العربية والتى تفرع عنها إحداث السوق العربية المشتركة.
تعثرت السوق العربية المشتركة، وتحولت إلى مجرد حلم لم يفارق الأنظمة العربية الثقيلة، وكان يمكن لو تحققت عمليا لأمكنها تحقيق مكاسب متفردة ومجتمعية للعرب، تشمل فى تحقيقه أعلى معدلات نمو فى الناتج القومى، وتكوين تكتل اقتصادى يساعد فى تقوية الموقف التفاوضى فى العلاقات الاقتصادية والتجارية مع البلدان والمجتمعات الاقتصادية الأخرى وتشكيل قوة اقتصادية عربية وسوق واسعة يحسب لها حساب من قبل القوى العظمى، بما يؤثر فى مواقفها السياسية من القضايا العربية المعاصرة، وخاصة قضية فلسطين والعدوان الإسرائيلى المستمر على الأراضى العربية.
نقول يا ريت ولكن كلمة ياريت عمرها ما تعمر بيت!
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: محمود غلاب السوق العربية المشتركة حكاية وطن مجلس الشورى رئيس اللجنة السوق العربیة المشترکة
إقرأ أيضاً:
كاتب صحفي: مصر تسعى لتوسيع شراكاتها الاقتصادية والاستراتيجية
قال شريف سمير، الكاتب الصحفي، إن أي مباحثات سياسية بين مصر وأي دولة شقيقة أو دولة كبرى ترتكز على مستويين أساسيين، الأول يتعلق بتعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين، بما يشمل توسيع رقعة الاستثمارات وتبادل الخبرات بما يخدم خطط الإصلاح الاقتصادي لكل دولة.
وأضاف سمير في مداخلة هاتفية عبر قناة "إكسترا نيوز"، أن مصر تسعى لمد جسور الشراكة الشاملة والاستراتيجية مع كافة الدول، وخاصة الدول العربية الشقيقة.
وتابع أن المستوى الآخر للمباحثات يشمل دراسة الأزمات الإقليمية التي تمثل تحديات كبيرة للشرق الأوسط، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، مؤكدًا أن البحرين تعد من الدول المهمة في منطقة الخليج، وأن التنسيق بين البلدين يمكن أن يسهم بشكل كبير في دعم مؤتمر المانحين لإعادة إعمار قطاع غزة، حيث يمكن ضخ المليارات من الدول الشقيقة لإعادة الحياة للقطاع وقطع الطريق على التوسع الاستيطاني الإسرائيلي.