بوابة الوفد:
2024-12-26@02:50:20 GMT

تحويل القبلة بين الاتباع وحسن الفهم

تاريخ النشر: 22nd, February 2024 GMT

القبلة تعنى الوجهة التى يتوجه إليها الإنسان وهى فى صلاتنا بيت الله الحرام، وقد صلى نبينا (صلى الله عليه وسلم) تجاه بيت المقدس كما أمره ربه (عز وجل) نحو ستة عشر شهرًا أو سبعة عشر شهرًا، وكان يقلّب وجهه فى السماء رجاء أن يمن الله (عز وجل) عليه بالتوجه نحو المسجد الحرام، فنزل قوله سبحانه: «قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِى السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ  وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ» (البقرة : 144)، وعلى الفور تحول النبى (صلى الله عليه وسلم) وتحول أصحابه معه إلى بيت الله الحرام، حتى إن من كانوا يصلون فى مسجد القبلتين عندما جاءهم الخبر فى صلاة العصر وقد صلوا ركعتين تحولوا فى الصلاة ذاتها فأتموها تجاه المسجد الحرام.

لكن كيف نجمع بين حتمية الاتباع الواردة فى قوله تعالى: «فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ»، وقوله تعالى: «وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ» (البقرة : 150)، التى تلزم المسلم أن تكون قبلته أين كان وأنى سار  تجاه بيت الله الحرام، حيث يعد استقباله القبلة شرط صحة لا تصح الصلاة بدونه، كيف نجمع بين ذلك وبين قوله تعالى: «لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِى الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِى الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا  وَالصَّابِرِينَ فِى الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ» (البقرة: 177).

نؤكد أن التوجه نحو بيت الله الحرام فى الصلاة هو عين الاتباع الذى لا تصح الصلاة بدونه، لكن الآية الأخيرة جاءت ردًا على من قالوا: ما الذى حوّل محمدًا (صلى الله عليه وسلم) وأصحابه عن قبلتهم التى كانوا عليه، وأخذوا يفاضلون بين التوجه إلى بيت المقدس والتوجه إلى بيت الله الحرام، فجاءت الآية لتؤكد أن الأفضلية لا تتعلق بالتوجه إلى هنا أو هناك، إنما هى فى اتباع أمر الله حيث أراد، فمن توجه إلى بيت الله الحرام حيث أمر بالتوجه إلى بيت المقدس لم يقبل منه، ومن توجه إلى بيت المقدس حيث أمر بالتوجه إلى بيت الله الحرام لم يقبل منه، فالعبرة بالإيمان واتباع الأمر واجتناب النهى لا بذات التوجه.

وذلك إضافة إلى معنيين آخرين: أحدهما الربط الوثيق بين المسجدين، حيث يظل المسلمون يذكرون إلى يوم القيامة أن المسجد الأقصى هو أولى القبلتين وثالث الحرمين ومسرى رسولنا الكريم (صلى الله عليه وسلم) وموضع معراجه، فقد ربط القرآن الكريم بين المسجدين برباط وثيق سواء فى قضية تحويل القبلة أم فى رحلة الإسراء والمعراج، حيث يقول الحق سبحانه: «سُبْحَانَ الَّذِى أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِى بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ» (الإسراء :1) .

الأمر الثانى: التأكيد على أن العبرة ليست فى مجرد توجه الجسد مع غياب القلب، إنما العبرة الحقيقية بأثر هذا التوجه على السلوك العملى، فالبر الحقيقى فى حسن الإيمان بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين، وإيتاء المال -على حبه والتعلق به- مستحقيه من ذوى القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل ابتغاء مرضاة الله تعالى، مع وفاء الإنسان بعهده وصبره على الشدائد، وعلى الطاعة حتى تؤدى، وعن المعصية حتى تجتنب، أما أن يتوجه الإنسان بجسده ويحرص على الجانب الشكلى للعبادة مع عدم تأثيرها فى حياته فهذا عمل المتاجرين بدين الله (عز وجل).

ثم إن علينا أن نقف عند متطلبات ومقتضيات التحول والتغيير فى حياتنا المعاصرة، فنتحول من الكلام إلى الفعل، ومن المعصية إلى الطاعة، ومن الغفلة إلى التذكر، ومن الركون إلى الراحة والكسل إلى الجد والعمل، ومن السلبية إلى الإيجابية، ومن الهدم إلى البناء، ومن التخريب إلى التعمير، ومن الفساد والإفساد إلى الصلاح والإصلاح، ومن سفك الدماء إلى الحفاظ على حرمتها، ومن انتهاك الحرمات، أو الاعتداء على الأموال، أو الأعراض إلى المحافظة عليها، ومن القطيعة إلى الصلة، ومن العداوة والبغضاء والشحناء إلى العفو والصفح والتراحم، فليلة النصف من شعبان ليلة العفو والصفح والمغفرة، إلا المتخاصمين والمتشاحنين، فعَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) قَالَ : « يَطْلُعُ اللَّهُ إِلَى خَلْقِهِ فِى لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ فَيَغْفِرُ لِجَمِيعِ خَلْقِهِ إِلَّا لِمُشْرِكِ أَوْ مُشَاحِنٍ».

نحتاج إلى التحول من الأنانية إلى الإيثار، ومن الشح والبخل إلى الكرم والسخاء، ومن التعلق بالدنيا إلى الاستعداد للآخرة، ومن الحقد والحسد إلى حب الخير للناس، من الجهل إلى العلم، من السخط إلى الرضا، من الجزع إلى الصبر، من اليأس إلى الأمل، من الظلمات إلى النور، من هجر القرآن إلى المداومة على تلاوته وفهمه وامتثال أوامره ونواهيه.

نحتاج إلى التحول من الفحش والخنا إلى عفة اليد والنفس واللسان، من السباب والفسوق إلى الكلم الطيب، من أذى الجار إلى إكرامه، من سيئ الأخلاق إلى مكارمها ومحاسنها، من كل ما يغضب الله (عز وجل) إلى كل ما يرضيه (سبحانه) ويحقق لنا السعادة فى الدنيا والآخرة.

وزير الأوقاف

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: وزير الأوقاف أ د محمد مختار جمعة تحويل القبلة القبلة الوجهة بيت المقدس إلى بیت الله الحرام صلى الله علیه وسلم بیت المقدس ال م س ج د ال ح ر ام ى الله ع عز وجل

إقرأ أيضاً:

مدير عام شرطة مأرب يطالب برفع الجاهزية الأمنية وحسن التعامل مع المواطنين

 

شدد اليوم مدير عام شرطة محافظة مأرب اللواء يحيى علي حُميد على الأجهزة الأمنية بمحافظة مأرب برفع الجاهزية الأمنية وبذل المزيد من الجهود.

كما شدد أيضا على حسن التعامل مع المواطنين أثناء استقبالهم وحل قضاياهم ما أمكن، أو إحالتهم إلى الجهات المختصة على وجه السرعة.

جاء هذا خلال قيام مدير عام شرطة محافظة مأرب بزيارة تفقدية إلى المنطقة الأمنية الثانية وقسم شرطة الروضة. وخلال الزيارة، التقى بقائد المنطقة الأمنية الثانية العقيد عبدالولي اليعري، واستمع إلى شرح مفصل عن سير العمل بالمنطقة الأمنية الثانية.

 

وأضاف اللواء حُميد "نتطلع أن تكون الجهود في العام القادم أكثر من هذا العام 2024"، مضيفًا أن المنطقة الأمنية الثانية تشهد توسعًا في الخدمات مع تزايد الكثافة السكانية، وهذا يتطلب مضاعفة الجهود في تقديم الخدمات الأمنية للمواطنين وحفظ الأمن والاستقرار وتأمين الممتلكات الخاصة والعامة.

 

كما اطلع اللواء يحيى حميد على سير العمل بقسم شرطة الروضة، واستمع من مدير القسم الرائد عبدالله أحمد عثمان إلى شرح مفصل عن العمل. كما اطلع اللواء حُميد على سجلات البلاغات اليومية والسجلات الجنائية والأرشفة الإلكترونية للسجلات وما تم تحقيقه من ضبط القضايا وتحويلها لجهات الاختصاص، موجهاً بتوفير الاحتياجات الضرورية للقسم. كما اطلع على قسم التوقيف المؤقت بقسم شرطة الروضة.

 

هذا، وعبر قائد المنطقة الأمنية الثانية العقيد عبدالولي اليعري ومدير قسم شرطة الروضة الرائد عبدالله أحمد عثمان عن شكرهم وتقديرهم لمدير عام شرطة محافظة مأرب اللواء يحيى علي حميد على الزيارة والمتابعة والاهتمام بالأجهزة الأمنية بالمحافظة.

 

مقالات مشابهة

  • الإفتاء تكشف عن سيرة النبي المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم
  • مدير عام شرطة مأرب يطالب برفع الجاهزية الأمنية وحسن التعامل مع المواطنين
  • من أنوار الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلّم
  • يحيى السنوار وحسن نصر الله على قمصان ملابس أمريكية.. غضب عارم في إسرائيل
  • في ذكرى ميلاد السيد المسيح عليه السلام.. تعرف على مكانته في الإسلام
  • نائب أمير منطقة مكة المكرمة يفتتح الملتقى العلمي الأول “مآثر سماحة الشيخ عبد الله بن حميد -رحمه الله تعالى وجهوده في الشؤون الدينية بالمسجد الحرام”
  • حكم التوسل بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم وصحابته
  • كيفية تمجيد الله والثناء عليه .. علي جمعة يوضح
  • عمرو مهران: البركة فى الرزق ليست بالحسابات أو العدد
  • نائب أمير منطقة مكة المكرمة يفتتح غدًا الملتقى العلمي الأول “مآثر الشيخ عبدالله بن حميد -رحمه الله- وجهوده في الشؤون الدينية بالمسجد الحرام”