بوابة الوفد:
2025-03-05@01:42:19 GMT

مقامرة «فكرية»

تاريخ النشر: 22nd, February 2024 GMT

عن مؤسسة فلسطين للثقافة صدر للأسير المحرر وليد الهودلى رواية «ليل غزة الفسفورى» تصف أحداث العدوان على غزة أواخر 2008 مطلع 2009، وقد كتبها داخل السجن, وجميع أحداث الرواية تجرى فى مكان واحد - قطاع غزة-، والزمان قصير مركز لا يتجاوز الشهر.

وفى عام 1917 قدم الكاتب يسرى الغول روايته «غزة 78» التى تصف المدينة القديمة بمكوناتها وأهلها الرائعين، طيبتهم، حبهم وعطائهم، ويشرح «الغول» دون خجل كيف اغتصبت غزة كما اغتصبت أمها فلسطين، وكيف قضت إسرائيل وجيشها الغاشم على أحلام الشباب الباحثين عن الخبز والماء، كما قدم المخيم الرائع وجلسات البحر بكل رومانسية وقدم الطفولة المقتولة فى الصدور قبل العقول، والجمال بمكوناته على الشاطئ والبحر.

والروايتان أخذتا الوقت المناسب لتخرجا بهذه الروعة التى لا ينكرها أحد, فما بالنا برواية عن نفس الأحداث -التى تكرر نفسها- كتبت وخرجت إلى النور فى ثلاثة شهور فقط, إنها راوية «حائط بلا مبكى» للأديبة فكرية أحمد, وربما دفعتها الأحداث دفعا للكتابة كتفاعل طبيعى فهى -على حد قولها- لم تغمض لها عين طوال وقوع المجازر البشعة, ولم تنعم بطعام أو شراب, وكانت لا تستحل المياه الساخنة وأهالى غزة يفتقدون المياه النظيفة أصلا، وفى الرواية تغوص كعادتها بقلمها بكل جرأة داخل نسيج مجتمع الرواية لتسبر هذه المرة أغوار الجرح الفلسطينى بكل صدق، وتنبش تراب النكبة القديمة، وترصد بمنظار دقيق محاولة الاحتلال صناعة نكبة أخرى جديدة بحرب إبادة تواصل تنفيذها ضد المدنيين فى غزة.

تعيش الأحداث الدامية لحظة بلحظة مع قلم فكرية التى قررت المغامرة والمقامرة وكتابة راوية فى هذا الوقت المستحيل والذى لم يمنعها من السرد الشيق والقصص الإنسانية, والوصف الدقيق للحياة البائسة للشعب الفلسطينى, ولعل قصة الأسيرة «فريحه» مثالا صارخا على أعمال التعذيب الوحشى الذى يلاقيه الأسرى والأسيرات داخل سجون المحتل فالحارسات تنهال عليها ركلاً، ويقمن بـ«شبحها» على مقعد من الحديد، ويقيدن يديها وقدميها فى أطراف المقعد لقتل الجنين، ويبصق عليها الطبيب الإسرائيلى ويدفع إبرة حادة داخل أحشائها وهو يصرخ: أخرجى طفلك الإرهابى من أحشائك أيها الإرهابية.

وهذه المراهقة ندى تطلق صرخاتها فلا ينقذها أحد، والجندى الصهيونى ذو الرائحة النتنة يمزق ملابسها، يعرى جسدها، ويعاونه آخر فى اغتصابها بوحشية داخل معسكر سرى، وإذا بالمحكمة الإسرائيلية تغلق ملف البلاغ وتقول أن المغتصب مجهول؟

وهذا «جهاد» ابن السنوات الخمس يتشبث بصدر أمه، بينما النيران التى أشعلها المستوطنون تلتهم دارهم، تشوه جسد والده، وتقضى على أمه، وتترك ندبة على وجهه لا تمحيها الأيام.

و تختصر الرواية الواقع الذى يبحث عن مستقبل، وكأنها تنتظر أن يتم تحرير فلسطين وإنقاذ الأقصى، وتطهير حائط البراق من بكائيات اليهود ليتم إغلاق فصول الرواية بمشهد بطل الرواية خالد الزينى يحمل طفلاً مصاباً هو الناجى الوحيد من عائلة «الجوراني» فى حى الزيتون وقد بترت ذراعه، يجرى خالد بالطفل بحثاً عن مكان آمن فى غزة ليداوى به جرح الصغير على أمل أن يشفى ويفى بوعده له فيدربه على حمل السلاح والانتقام لعائلته التى قتلها الاحتلال، ولكنه يواصل الجرى حاملاً الطفل بجرحه النازف بحثا عن الملاذ، حيث لا مكان آمن، ولا مجال للعلاج، وتنتهى الرواية وهو لا يزال يجري.

الرواية صادرة عن دار النخبة العربية للنشر والطباعة برئاسة أسامة إبراهيم، وجاءت فى 300 صفحة من القطع المتوسط، وزيلت بفصل كامل لصور المذابح التى ترتكبها إسرائيل فى حق أصحاب الأرض الفلسطينيين كتوثيق وشهادة للتاريخ الذى قامت إسرائيل بتشويهه وحذف حقائقه من المناهج الدراسية فى فلسطين.

 الكاتبة أهدت روايتها للشعب الفلسطينى ونحن بدورنا نهديها إلى شبابنا, فهى وجبة دسمة لمعرفة القضية الفلسطينية بصورة صحيحة وبسيطة بعيدا عن مهاترات وسائل التواصل الإجتماعى.

[email protected]

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: صلاح صيام ندى مؤسسة فلسطين رواية أحداث العدوان

إقرأ أيضاً:

دراسة علمية: إسرائيل تسعى لتعميق التجزئة والتنازع في فلسطين والعالم العربي

أصدر مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات ورقة علمية بعنوان: "تناقضات نظرية التجزؤ الهرمي في السياسة الإسرائيلية الإقليمية"، وهي من إعداد الأستاذ الدكتور وليد عبد الحي. وتسعى الدراسة إلى توضيح الاحتمالات المستقبلية لإعادة إحياء "إسرائيل" لمشاريعها القديمة في إثارة الانقسام والتفتيت الاجتماعي، وتعميق الهويات والولاءات الفرعية على حساب الانتماء الوطني والهويات العليا، كما تبحث في تداعيات ذلك كلّه على الحقوق الفلسطينية، وتعرض جملة آليات مقترحة للمواجهة.

وتقوم الفكرة المركزية لنظرية "التجزؤ الهرمي" على مسألة التنازع داخل المجتمع حول أولوية الولاء للأسرة أو العشيرة إلى القبيلة فالقومية فالدين…إلخ، ويشكّل ذلك التنازع مدخلاً للاستثمار السياسي من قبل الدول الأخرى.

وتبحث الدراسة في مستوى وأبعاد التجزؤ الهرمي بين الإقليم العربي، وبقية الأقاليم الجيوسياسية في العالم، وتعرض للسجل التاريخي للتغلغل الإسرائيلي في بنية الأقليات في الدول العربية وآليات التسلّل الإسرائيلي داخل الهويات الفرعية. كما تكشف السياسة الإسرائيلية في التعامل مع الهويات الفرعية في الوطن العربي، وتوظيفها في علاقتها بالأقليات في الوطن العربي. ولاحظت الدراسة سعي "إسرائيل" الحثيث لتعميق الهوية الدينية اليهودية الجامعة للمجتمع الصهيوني، وحلّ أي تناقضات فرعية داخلية، في الوقت الذي تقوم بعكس هذا العمل تماماً في تعاملها مع البيئة الفلسطينية والعربية.

وخلصت الدراسة إلى أن أي إحياء لأيّ هوية فرعية في المجتمع الفلسطيني الحالي هو إسهام واضح في المشروع الإسرائيلي لتمزيق النسيج الاجتماعي الفلسطيني، والذي يشكّل الأساس للمقاومة بكافة أشكالها. ورأى الباحث أن التجزؤ سواءً أكان على أساس مناطقي أم عرقي أم طائفي أم ديني أم قبلي أم عشائري يخدم استراتيجية "إسرائيل" السياسية بشكل كبير.

وأشارت الورقة إلى أن خصوصية الوضع الفلسطيني تقتضي إيلاء الاهتمام اللازم بأدبيات الهوية الوطنية في المجتمع الفلسطيني في الداخل والخارج، ودعت الورقة الجامعات ومراكز الأبحاث والتنظيمات الفلسطينية وهيئات المجتمع المدني إلى تكثيف الدراسات العلمية ومضامين الخطاب السياسي الفلسطيني باتجاه الولاء العام للهوية الفلسطينية. كما دعت التنظيمات الفلسطينية إلى التفكير في كيفية نقل الممارسات السياسية الإسرائيلية تجاه المجتمع الفلسطيني لممارستها تجاه الهويات الفرعية الإسرائيلية وتوظيفها في خلخلة البنية الاجتماعية الإسرائيلية.

وأوصى الدكتور وليد عبد الحي بالاهتمام بتعميق ومأسسة التواصل بين التنظيمات الفلسطينية وفلسطينيي الشتات، وتشجيع الفلسطينيين في المهجر على إنشاء هيئات مجتمع مدني مرتبطة في أهدافها بالحفاظ على الشخصية الفلسطينية، عبر أدوات التربية والتعليم والرموز الاجتماعية المختلفة.

مقالات مشابهة

  • الرئاسة المصرية تكشف تفاصيل ترأس السيسي قمة فلسطين
  • السيسي: نرفض الانتهاكات التى يتعرض لها شعبنا الفلسطينى بالضفة الغربية
  • نص كلمة السيسي التاريخية في القمة العربية الطارئة لنصرة فلسطين
  • شيخ الأزهر: بقاء الشعب الفلسطينى بعد كل المجازر ضده معجزة من السماء
  • مقامرة ترامب الجديدة والخطيرة
  • دراسة علمية: إسرائيل تسعى لتعميق التجزئة والتنازع في فلسطين والعالم العربي
  • عملية حيفا ببطلها الدرزي .. تفرض إعادة الحسابات داخل فلسطين وخارجها
  • إسرائيل و أمريكا وجهان لعملة واحدة.. التفنن المشترك في مختلف أنواع الجرائم في فلسطين والمنطقة
  • حدث في 3 رمضان.. تعرف على أهم الأحداث التاريخية التى وقعت فيه
  • خارجية فلسطين تطالب بإجبار إسرائيل على إدخال المساعدات لغزة