بقلم: نزار بولحية

هل باستطاعة فرنسا أن تقدم للمغاربة اعتذارا واضحا وصريحا عن كل ما قامت به وتقر، ولو بجزء من المسؤولية، عن الفتور الذي تعرفه العلاقات معهم منذ عدة شهور وتقول وعلى لسان رئيسها إنها تدعم وبشكل لا لبس فيه خطة الحكم الذاتي للصحراء وإنها ستتعهد بإقناع الأوروبيين بتبنيها؟ بشكل موارب لن يكون مستبعدا أن تفعل شيئا من ذلك، لكن ربما يبدو من الصعب جدا أن تقوم بمثل ذلك الأمر بشكل علني ومباشر لاعتبارات عديدة منها الداخلي ومنها الخارجي.

والأهم هو أنها قد لا تكون مستعدة للابتعاد عن الخط العام الذي يحكم علاقتها بدول الشمال الافريقي والذي رسمه الجنرال ديغول وتلخص في ذلك الشعار الغامض والخطير أي «الاستقلال في إطار الارتباط المتبادل». 

ولأجل ذلك فإن المجال الوحيد الذي تتحرك فيه دبلوماسيتها نحو المغرب وباقي دول المنطقة يظل محدودا وضيقا للغاية. والشواهد على ذلك كثيرة، فقد سبق مثلا لكاترين كولونا التي تولت في الفترة الماضية مقاليد الدبلوماسية الفرنسية أن حلت قبل أكثر من عام في الرباط وأعلنت منها عن انتهاء ما وصف بأزمة التأشيرات بين البلدين وتحدثت عن زيارة مرتقبة للرئيس ماكرون الى العاصمة المغربية في الربع الأول من العام الموالي. غير أن الطرف المغربي نظر الى تلك التصريحات بكثير من الحذر والتحفظ. فقد لمح وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة في المؤتمر الصحافي الذي عقده معها في مقر الوزارة، ولو بشكل غير مباشر، الى أمر في غاية الأهمية بالنسبة لبلاده وهو ضرورة تقيد كل طرف باحترام سيادة الآخر حين أشار الى أن «المغرب امتنع عن التعليق رسميا على تلك الإجراءات أي خفض عدد التأشيرات الفرنسية الممنوحة للمغاربة التي اتخذتها السلطات الفرنسية من جانب واحد احتراما لسيادتها…» قبل أن يضيف «واليوم أيضا فإن قرار العودة الى الوضع الطبيعي قرار أحادي الجانب يحترمه المغرب ولم نعلن عليه رسميا… لكنه يسير في الاتجاه الصحيح» مثلما جاء في تصريحه.

ومن الواضح أن المغاربة لا يرون أن الفرنسيين جادون في الالتزام بتلك القاعدة. لكن ما الحد الأقصى الذي يمكن أن تذهب اليه باريس في محاولتها وضع عربة علاقتها مع المغرب من جديد على السكة؟ وهل أن الفتور الذي أصاب تلك العلاقات قد يمتد لوقت أطول؟ ربما سيكون من الصعب على البلدين أن يتحملا ذلك. ومن هنا فإن السؤال الذي يطرحه كثيرون هو بأي طريقة ستتمكن فرنسا بالدرجة الأولى من تجاوز أزمتها العميقة والمركبة مع المغرب؟ وهل أن الجهود التي تبذلها في ذلك الاتجاه تكفي للتوصل قريبا الى حل أو نتيجة ترضي الطرفين؟ لقد كان لافتا أن دبلوماسيتها قامت وفي ظرف أسبوع واحد فقط بإرسال إشارتين وديتين متتاليتين نحو الرباط. ولم يكن ذلك من قبيل الصدفة على الإطلاق. أيام قليلة فقط بعد تصريح وزير الخارجية الجديد ستيفان سيجورنيه لصحيفة «واست فرانس» الجمعة قبل الماضية والذي ذكر فيه أن الرئيس الفرنسي طلب منه «الاستثمار شخصيا في العلاقة الفرنسية المغربية « وكتابة فصل جديد فيها على حد تعبيره، وأكد على أن «فرنسا كانت دائما في الموعد حتى فيما يتعلق بالقضايا الاكثر حساسية مثل الصحراء الغربية حيث أصبح دعمها الواضح والمستمر لخطة الحكم الذاتي المغربي حقيقة واقعة منذ عام ألفين وسبعة»، قبل أن يضيف بأن «الوقت حان للمضي قدما» وإنه سيبذل قصارى جهده في الأسابيع والشهور المقبلة للتقريب بين فرنسا والمغرب «مع احترام المغاربة» كما قال عاد سفيره المعتمد في الرباط ليقول الجمعة الماضية وفي محاضرة القاها في كلية الحقوق في الدار البيضاء ان «علاقة البلدين ينبغي أن نحاول تجديدها « وهي رغم كونها مهمة وقديمة وذات تاريخ كبير ومتفرد فإنه سيكون من العجرفة تصور أن تفردها وعراقتها يعني «أن كل شيء سيحل بذاته» بل إن «الأزمة» تدعو الى إعادة العلاج من أجل «الدفء» لا لمجرد صورة في مجلة ولقاء وقبلة وقول كل ما حدث عابر على حد وصفه. وربما بدا ذلك بالنسبة للبعض أشبه بفصل تمهيدي لخطة سبق وأن أعلن الرئيس الفرنسي عن بعض ملامحها وخطوطها الكبرى في خطابه السنوي الصيف الماضي أمام سفراء بلاده حين أقر بأن الفرنسيين «بحاجة الى إعادة التفكير بعمق في شراكتهم مع دول المغرب العربي والبحر المتوسط».

لكن ما قد يهم المغاربة الذين لم يعلقوا الى الآن رسميا على مثل ذلك التحرك الدبلوماسي هو إن كانت ستكون له تبعات أو تداعيات مباشرة أو ملموسة على مسار العلاقات المغربية الفرنسية أم أنه سيكون بمثابة محاولة التفافية جديدة من جانب باريس على المشكل القائم ونوعا من ذر الرماد في العيون والهروب من معالجة الأسباب الحقيقية التي كانت وراء الجفوة التي حدثت بين العاصمتين. وربما سيقول البعض هنا إنه ليس جديدا على الفرنسيين أن يحاولوا التهوين والتقليل من حجم خلافاتهم مع المغرب والتعبير من حين لآخر عن رغبتهم في تجاوزها. فقد حاول الرئيس ماكرون مثلا وقبل عام من الآن أن ينأى ببلاده عن أي مسؤولية في تصويت البرلمان الأوروبي على لائحة دعت السلطات المغربية «لاحترام حرية الإعلام والتعبير» وأثارت حينها غضب الرباط التي سارعت لاتهام باريس بالوقوف وراءها حين تساءل في خطاب ألقاه قبل جولة قام بها في بعض الدول الافريقية: «هل كان ذلك صنيعة حكومة فرنسا؟ كلا. هل صبت فرنسا الزيت على النار؟ كلا». قبل أن يضيف «يجب أن نمضي قدما». لكن هل اقتنع المغاربة بتلك المبررات؟ قطعا لا.

وهل تمكن البلدان من المضي بعدها الى الأمام؟ من الواضح أن ذلك لم يحصل بعد. فقد ظلت العقبات التي حالت دون عودة الحرارة الى علاقتهما على حالها. وكانت العلامة الوحيدة التي دلت على انقشاع السحب بينهما هي تعيين العاهل المغربي في أكتوبر الماضي لسفيرة جديدة في باريس بعد شغور المنصب لمدة عام واستقباله وللمرة الأولى للسفير الفرنسي الجديد المعتمد في الرباط وذلك بمناسبة تقديم أوراق اعتماده. ومع أن قنوات التواصل بينهما بقيت مفتوحة إلا أن التوصل الى تسوية ترضيهما معا ظل مستعصيا. 

فالمغاربة يصرون على أن تقطع فرنسا خطوات أخرى نحو الاعتراف بمغربية الصحراء وأن تقبل بتعدد شراكاتهم وتنوعها داخل القارة الافريقية وخارجها. والفرنسيون ليسوا متحمسين للتفريط في تلك الورقة بسهولة وإثارة مزيد من الخلافات مع الجزائر بسببها كما أنهم ينظرون بقلق بالغ الى تزايد النفوذ المغربي في قارة يرونها مجالهم الحيوي. لكن ذلك لا يعني أن باب الفرص قد أغلق أمامهما بشكل تام ونهائي. فالأسابيع المقبلة قد تحمل معها الجديد الذي قد ينسف كل الأحكام المسبقة.

كاتب وصحافي من تونس

المصدر: أخبارنا

كلمات دلالية: مع المغرب

إقرأ أيضاً:

21 الف مخالفة تجاوز السرعة المقررة

واصلت الإدارة العامة للمرور توجيه الحملات المرورية لتحقيق الإنضباط ، وتطبيق قانون ولوائح المرور على قائدى السيارات وضبط المخالفين منهم، حيث أسفرت جهودها خلال 24 ساعة عن ضبط 45192 مخالفة مرورية متنوعة، من بينها المخالفات التالية:

969 مخالفة السير بدون تراخيص.

19 دراجة نارية مخالفة.

21911 مخالفة تجاوز السرعة المقررة.

5 مخالفات موقف عشوائى.

1095 مخالفة التحدث فى الهاتف المحمول أثناء القيادة.

6 مخالفات شروط التراخيص.

تم اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة.. وتواصل أجهزة وزارة الداخلية حملاتها لضبط المخالفات المرورية.

لقى شخص مصرعه وأصيب 29 آخرين في حادث تصادم سيارتين ميكروباص على طريق طنطا قطور بالقرب من قرية نواج مركز طنطا، انتقلت 10سيارات إسعاف لإخلاء المصابين لمستشفى طوارئ جامعة طنطا.

تلقت الأجهزة الأمنية بمديرية أمن الغربية، إخطارا بورود بلاغ لشرطة النجدة بوقوع حادث تصادم على طريق طنطا قطور بالقرب من قرية نواج مركز طنطا.

هرعت على الفور 10 سيارات اسعاف لمكان الحادث وتبين تصادم سيارتين ميكروباص وسيارة أخرى، نتج عن الحادث مصرع شخص وإصابة 29 آخرين بإصابات مختلفة، وتم نقل الجثة والمصابين لطوارئ جامعة طنطا لتلقى العلاج.

كشفت تحريات الأجهزة الأمنية بدائرة قسم شرطة ثان شبرا الخيمة بالقليوبية، عن حقيقة تداول مقطع فيديو بمواقع التواصل الاجتماعى يظهر خلاله شخص مقيد وادعاء إحدى السيدات شروعه فى خطف طفلة من والدتها بالطريق الدائرى بالقليوبية.

أوضحت تحريات المباحث، أن حقيقة الواقعة تتمثل فى قيام أحد الأشخاص عاطل "له معلومات جنائية"، بمحاولة سرقة هاتف محمول خاص بإحدى السيدات وبرفقتها ابنتها سن 4 أشهر بدائرة قسم شرطة ثان شبرا الخيمة، فاستغاثت بالمواطنين الذين قاموا بالتعدى عليه وقامت إحدى السيدات بتصوير الواقعة ونشرها ظناً منها بمحاولته خطف الطفلة من والدتها.

وبمواجهة المتهم اعترف بارتكاب الواقعة، وبسؤال والدة الطفلة أيدت ما جاء بالفحص، وتم اتخاذ الإجراءات القانونية.

عاقبت  محكمة جنايات شبرا الخيمة، عاطل بالسجن المؤبد بتهمة استدراج فتاة لمسكنه وهتك عرضها بالإكراه، وقام بتصويرها وتهديدها بنشر هذه الصور عبر مواقع التواصل الإجتماعى، وذلك للحصول على مبالغ مالية منها، بدائرة قسم ثان شبرا الخيمة .

وتضمن أمر الإحالة للمتهم ويدعى «ياسين ف ا ن» 28 سنة إلى محكمة الجنايات أنه في غضون شهر اكتوبر لعام 2023 خطف بالتحايل المجني عليها «أ ا أ» بأن استدرجها إلى مسكنه بعدما أوهمها باعطاءها صورها الفاضحة وقد اقترنت تلك الجناية بجناية هتك عرض المجنى عليها وهي انه في ذات الزمان والمكان هتك عرض المجني عليها بالقوة والتهديد بأن هددها بإفشاء أمور خادشه للشرف ثم قام بهتك عرضها على النحو المبين بالتحقيقات.

وأضاف أمر الإحالة: «كما أنه هدد المجني عليها كتابة بإفشاء أمور مخدشه بالشرف وكان التهديد مصحوبًا بطلب المال بأن راسلها بوسيلة من وسائل الاتصالات بصورها التي هددها بنشرها وحصل منها على مبالغ مالية».

وتابع أمر الإحالة أنه «حصل من المجني عليها بطريق التهديد على مبلغ نقدي». وأشار أمر الإحالة أن «المتهم اعتدي على حرمة الحياة الخاصة للمجني عليها وذلك بأن التقط لها صورًا تحصل عليها بغير رضائهاوقام بهتك عرضها».

كشفت الاجهزة الامنية بمديرية أمن القليوبية ،  غموض خطف شخصان طفل من أمام منزله بدائرة مركز شرطة قليوب، وقاما بإلقاءه في مصرف مائي، ما أسفر عن مصرعه، وتبين أن حقيقة الواقعة تكمن أن شقيقه الأكبر اختلق رواية الخطف للهروب من جريمته، وتم ضبطه وبمواجهته اعترف بارتكاب الواقعة وتولت النيابة التحقيق.

تلقي اللواء عبدالفتاح القصاص مدير أمن القليوبية، إخطارا من اللواء محمد السيد مدير الإدارة العامة لمباحث القليوبية، يفيد ورود بلاغ للمقدم حسام الحسيني رئيس مباحث مركز شرطة بقيام شخصان يستقلون دراجة نارية بخطف طفل من أمام منزله والقاءه في مصرف مائي بقرية بلقس بدائرة المركز.

وبالفحص والتحريات وتفريغ الكاميرات بمسرح الجريمة تبين كذب ادعاء المبلغ، وأن حقيقة الواقعة تكمن في حدوث مشاجرة بين شقيقين الأول المجنى عليه طفل يدعى «اياد م ر» يبلغ من العمر 11 سنة، وشقيقه الأكبر المتهم طفل يبلغ من العمر 14 عاما، بسبب خلاف على 200 جنيه، فقام المتهم على اثرها بالقاء شقيقه الأصغر في مصرف مائي، ما أسفر عن وفاته غرقا لعدم اجادته السباحة، وتم استخراج الجثة من المصرف ونقلها إلى مشرحة المستشفى.

وعقب تقنين الإجراءات تم ضبط المتهم وبمواجهته اعترف بارتكاب الواقعة وقال «مكنش قصدى أموته»، وتم تحرير محضر بالواقعة وتولت النيابة التحقيق وأمرت بحبس المتهم 4 أيام على ذمة التحقيقات وصرحت بدفن الجثة عقب انتهاء أعمال الصفة التشريحية بمعرفة الطبيب الشرعي.

مقالات مشابهة

  • حصري.. رواق المغرب الوحيد الذي زاره العاهل الإسباني بالمعرض الدولي للسياحة (صور)
  • راندا البحيري تُصعّد أزمتها مع طليقها وتطالب بوقف برامجه
  • السودان ودولة الحرب العميقة
  • ملك إسبانيا يزور الرواق المغربي بالمعرض الدولي للسياحة
  • شام الذهبي تكشف أزمتها مع الاستخدام الخاطئ لـ الفيلر
  • المغرب يُرحّل زعيم “مافيا يودا” إلى فرنسا
  • إطلاق مبادرة "التقنيات العميقة" لدعم المبتكرين في مجال التكنولوجيا
  • 21 الف مخالفة تجاوز السرعة المقررة
  • الجزيرة يتعاقد مع المدافع المغربي الكريمي حتى 2029
  • صراع العروش في بغداد: مخاوف من عدم تجاوز الخلافات