سيناريو الرعب... ماذا سيحدث إنّ حصلت الحرب بين الحزب وإسرائيل؟
تاريخ النشر: 22nd, February 2024 GMT
ذكر موقع "الميادين"، أنّ محرّر الشؤون العسكرية والأمنية في صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية يوسي ميلمان، كتب مقالاً، قال فيه إنّ "أيّ حربٍ شاملة مع حزب الله ستؤدي إلى تدميرٍ متبادل بين الطرفين، بشكل يُمكن أن يؤدي إلى تعرض إسرائيل لخطر وجودي".
وقال ميلمان إنّ "التدمير المتبادل الأكيد" (MAD)، هو عقيدة استراتيجية تعود إلى أيام الحرب الباردة في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، كانت تهدف إلى إيجاد ردع وتوازن رعب يحول دون نشوب حرب نووية بين الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة الأميركية، على قاعدة "إذا هاجمت دولةً بسلاح نووي، فسيكون لدى الطرف الذي تعرّض للهجوم ما يكفي من المخزون من القنابل النووية التي تسمح بتوجيه ضربةٍ ثانية إلى المهاجم، والتسبب بتدميرٍ متبادل لدى الطرفين".
كما لفت إلى أنّ ما يجري عند الحدود اللبنانية منذ هجوم حماس في 7 تشرين الأوّل الماضي، يشكّل نسخةً إقليمية من عقيدة "MAD" غير النووية - نسخة تقليدية، لكنّها يمكن أن تكون فتاكة جداً، لأنّ "إسرائيل" وحزب الله يمتلكان منظومات سلاح قادرة على التسبب بدمار كبير للمدن والبنى التحتية المدنية والعسكرية، وتؤدّي إلى مقتل مئات الآلاف من الناس.
وبشأن واقع الجبهة الشمالية لإسرائيل حالياً، قال ميلمان إنّ حزب الله أطلق آلاف القذائف الصاروخية والصواريخ المضادة للدروع والقذائف المدفعية والمسيّرات في اتجاه كلّ الكيبوتسات والمستوطنات على طول الحدود، من رأس الناقورة حتى المطلة، ونحو مستوطنات أبعد في سهل الحولة، ونحو كريات شمونة وصفد وشلومي، ما اضطر عشرات الآلاف من المستوطنين إلى مغادرة منازلهم ومستوطناتهم التي تضررت فيها مئات الوحدات السكنية.
وبالإضافة إلى ذلك، أصابت صواريخ حزب الله، بحسب ميلمان، قواعد عسكرية صغيرة وكبيرة، مثل قيادة المنطقة الشمالية، ووحدة المراقبة الجوية في جبل ميرون، وغيرها.
ومن جهة إسرائيل، لفت ميلمان إلى أنّ الجيش الإسرائيلي يشنّ عملياتٍ قاسية جداً في لبنان، عبر هجومه بواسطة الطائرات الحربية والمسيّرات، والقصف المدفعي والصاروخي، كما ينفذ عمليات اغتيال، بحيث أدى كل ذلك، إلى "إصابة عدد كبير من قواعد حزب الله ومخازن صواريخه، ومقتل نحو 200 مقاتل من عناصره".
ومع ذلك، يؤكّد ميلمان أنّ "الحقيقة المرّة" هي أنّ الضرر الذي لحِق بحزب الله ليس كبيراً، فعناصره تراجعوا نحو 2 كلم عن الحدود، نتيجة قرارٍ مدروس اتخذته قيادة حزب الله، ليس ناجماً عن ضغطٍ إسرائيلي، بغرض الحد من الخسائر البشرية، كون "حزب الله حساس أيضاً حيال خسائره البشرية".
وأضاف ميلمان أنّ حزب الله يستخلص الدروس من حرب غزة، وهو يخوض معركةً محسوبة يمتنع فيها عن المخاطرة بـ"قوة الرضوان"، ويحافظ عليها في حال نشوب حرب شاملة.
ورسم ميلمان سيناريو مخيف ستتعرض خلاله المستوطنات الإسرائيلية لسقوط الآلاف من الصواريخ، وتدمّر آلاف الوحدات السكنية، كما سيجري إخلاء مئات الآلاف من المستوطنين إلى الفنادق والملاعب والخيام، وفقاً لسيناريوهات قيادة الجبهة الداخلية.
وحذّر ميلمان من أنّ الحرب ضد حزب الله ستتحول إلى حرب متعدّدة الجبهات. وستُطلَق الصواريخ في اتجاه إسرائيل من سوريا، العراق واليمن، وربما من إيران. كما أنّه ثمة خطر كبير في أن تشتعل الضفة الغربية، وستجد "إسرائيل" نفسها في حرب لم تشهدها من ذي قبل.
وكذلك يتعيّن على إسرائيل، بحسب ميلمان، الأخذ في الاعتبار أنّ حرباً طويلة الأمد على عدّة جبهات ستؤدي إلى صعوبات في التزود بالغذاء والعتاد، كما ستؤدي إلى تقويض العلاقات مع الحلفاء، وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأميركية.
وخلص ميلمان في مقاله إلى القول بأنّ سيناريو الرعب هذا هو تجسيد للتدمير المتبادل الأكيد، لذلك، يجب فعل أيّ شيء للحؤول دون حدوثه، وهذا ممكن فقط من خلال ترتيبات دولية شاملة، بمشاركة الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي والسعودية والإمارات ودول عربية "معتدلة". (الميادين)
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: الآلاف من حزب الله
إقرأ أيضاً:
تعقيب على مذكرات محمد سيد أحمد الحسن
بقلم عبد الله رزق ابو سيمازه
على مشارف المائة (حيث ولد حوالي عام ١٩٣٠)، توفي السيد محمد سيد أحمد الحسن، بعد حياة عمرها بالكدح، وبالكفاح والنضال، كناشط وفاعل إيجابي في وسطه الاجتماعي والسياسي، كما تعكس ذلك مذكراته التي أعدها وحررها، ابنه المهندس عادل سيد أحمد، تحت عنوان: (في سياق الأحداث: مذكرات محمد سيد أحمد الحسن)، والتي يمكن النظر إليها، أيضا، كأمثولة في البر بالوالدين.
ورغم تقدمه في السن، فقد حافظ الراوي، وهو يملي مذكراته، على ذاكرة متقدة، مكنته من استعادة تفاصيل ما عاشه او عايشه من الوقائع والأحداث المهمة، والاسماء والتواريخ، بكثير من الدقة.
تعكس المذكرات، من ناحية، الحياة الثقافية والاجتماعية والسياسية، لمنطقة حيوية من مناطق الخرطوم، هي منطقة الديوم، جنوب السكة حديد، وتوثق، من ناحية أخرى، مساهمة صاحب السيرة، محمد سيد أحمد الحسن، في تلك الحياة، بكل تنوعها وعنفوانها. وقد اؤتي محمد سيد أحمد، وهو الذي لم يتلق تعليما نظاميا كافيا ومتقدما، حظا كبيرا من الكاريزما وقوة الارادة، والمهارات و الجدارات القيادية التي اهلته لأن يكون في الطليعة دائما : رئيسا لفرع الحزب الشيوعي بالمنطقة منذ أن انتمي للحزب، وسكرتيرا للمديرية، ورئيسا للنادي و للجمعية التعاونية والخيرية، وقائدا نقابيا بارزا، ومن قبل، شغل موقع مرشد لجماعة الاخوان المسلمين... (لحسن الحظ، فان الجماعة، على عهد مؤسسها، حينذاك، على طالب الله، لم تكن حزبا سياسيا، وإنما كانت مجرد جمعية دينية تحض على مكارم الأخلاق.)
شكل نشاط محمد سيد أحمد ضمن الحزب الشيوعي، في المنطقة، جانبا كبيرا من المذكرات، والتي غلب عليها طابع القصص والحكايات القصيرة والنوادر، حيث يتجلى التاريخ، الذي يصنعه الناس العاديون، وهم يمارسون حياتهم العادية، دون جلبة او ضوضاء، او كثير ادعاء، فيما اختار لها المحرر، المهندس عادل سيد أحمد، قالب الانترفيو (Interview)، بدلا من السرد، كشكل فني، ربما لم يكن معهودا، في كتابة المذكرات.
لكن صاحب المذكرات لم يكن مجرد كادر سياسي في حزب ثوري. فهو، مثل مالكولم إكس، ثقف نفسه بنفسه، عبر اطلاع واسع، ليبرهن بأن القراءة المثابرة، تعين في تغيير الفرد، وبما تفتحه أمامه من آفاق للمعرفة غير نهائية، تمكنه من المساهمة على نحو فعال في تغيير مجتمعه. فالراوي، ومنذ ان غادر مسقط رأسه في المقل، في أقصى شمال البلاد، قاصدا الخرطوم، وهو صبي يحمل في دواخله مشروع رجل عصامي، قد توفر على عقلية متفتحة، وطاقة ديناميكية، يسرت له النجاح باستمرار في سوق العمل، بالذات، الميدان الحيوي للنشاط الفاعلية. فهو لم يكتف بالعمل في شركة شل، لكنه ارتاد ميادين أخرى للعمل، انعكس في ترقي وضعه الاجتماعي، حتى ان بعض زملائه في الحزب استنكف التعامل معه بحجة انه أصبح برجوازيا، ويعيش في مستوى حياتي مترف: البيت الفخم المزود بالثلاجة والتلفزيون بجانب السيارة.. الخ
ولان محمد سيد أحمد، صاحب السيرة، قد شغل، من جهة، والي حد كبير بحياة الفكر، على حد تعبير إتش دي لورانس، وحياة الكدح وبالكفاح، والنضال، في جبهاته المتعددة: فرع الحزب، النقابة، الجمعية التعاونية، النادي.. الخ، من الجهة الأخرى، فقد غابت من مذكراته ملامح الحياة الثقافية والفنية والرياضية لمنطقة الديوم، والتي كانت عاصمة لفن الغناء، خاصة، موازية لأم درمان.
غير بعيد من هذا السياق، َوردت، عرضا، الإشارة لبيت العزابة، دون تفصيل. وبيت العزابة، والذي قد يكون وكرا حزبيا، تنعقد فيه الاجتماعات، وتخرج منه المنشورات، ويختفي فيه الملاحقون والمطاردون من قبل الأجهزة الأمنية. فهو ظاهرة او كينونة اجتماعية - ثقافية - سياسية شديدة الاثارة. وقد اشتهرت بيوت العزابة، في المدن الكبيرة خاصة، باحتضانها القعدات، التي يؤمها سياسيون وأدباء ومغنون، وجمعت، بجانب شريحة الأفندية، فسيفساء من أبناء الطبقة الوسطى، حيث وفرت لهم إطارا لممارسة حيواتهم السرية. بجانب ذلك كانت مختبرا لكثير من ناشئة الفنانين لإنضاج تجاربهم وتلمس خطاهم على طريق الفن..
وعلى الرغم مما توفر لصاحب المذكرات من قدرات وخبرات ومعرفة ووعي، إلا أن القارئ قد يلاحظ انه، كناشط سياسي، كان ينقصه الطموح. فلم يتطلع لان يكون عضوا في اللجنة المركزية للحزب الشيوعي، الشفيع احمد الشيخ، مثلا. ولم ينخرط بقوة في الصراع الداخلي، لترجيح كفة اي من طرفي الصراع، أثر الخلاف الذي أحدثه الموقف من انقلاب ٢٥ مايو ١٩٦٩، وما ترتب عليه من صراعات وانقسام في الحزب. وقد انتهى به هذا الاستنكاف الصراع، والذي ربما كان منطلقه رؤية مثالية للحزب وللشيوعية، موغلة في الرومانسية الثورية، الي أن يرى في الانقسام نهاية الحزب، ومبرر، من ثم، لاعتزاله العمل العام.
خلت المذكرات، بشكل لافت للنظر، من تعليق صاحب المذكرات على فوز السكرتير العام للحزب الشيوعي، محمد ابراهيم نقد، في دائرة الديوم وحي الزهور، في انتخابات عام ١٩٨٦، والذي قد يري فيه محصلة تراكمية لجهوده ونضالات مع زملائه من الشيوعيين، وتتويجا لتلك الجهود والنضالات الممتدة.
عبد الله رزق ابو سيمازه
القاهرة - الخميس ٣٠ يناير ٢٠٢٥م.
amsidahmed@outlook.com