شابٌ يعمل في أحد المطاعم التي تم مقاطعتها يقول: حاليًا أبحث عن عمل في مكان آخر؛ لأنه لا يريد أن يكون داعمًا لهذه المطاعم بالعمل فيها، ولكن توجد لديه التزامات مادية ومديونية ولم يجد عمًلا آخر في موقع آخر فما نصيحتكم له؟

نصيحتي له أن يجتهد في السعي والبحث والتماس عمل آخر، والحقيقة أن هذه المسألة أيضا من المسائل التي كشفت عنها هذه الأحداث فإن هذه الشركات المؤيدة للعدوان والظلم والطغيان وللكيان الغاصب لم يسأل وكلاؤها الذين أخذوا هذه الوكالات وفتحوا لهم فروعًا في بلاد المسلمين -ابتداءً- عن الحكم الشرعي في أن تكون لهم مثل هذه الوكالات التي يفتحون بها هذه المحلات؛ لأن هذه التوجهات لدى هذه الشركات لم تكن خفية، وما كانت مقتصرة في إظهار عدائها للإسلام وأهله وفي مناصرة الظلم والطغيان وفي كون بعضها أصلا شركات تابعة للصهاينة البغاة المعتدين الظالمين، لم يكن هناك خفاء في أمرها، ولكن الناس وخصوصًا هؤلاء الذين يتسابقون إلى الحصول على توكيلات وفتح فروع لا يفكرون إلا في تجميع الثروات، لا يلتفتون إلى الحكم الشرعي وإلا فإن الذي تطمئن إليه نفسي أن أخذ وكالات لهذه الشركات المعادية للإسلام والمسلمين والتي عرفت من مواقفها السابقة أنها مؤيدة للظلم مؤيدة للطغيان والعدوان مؤيدة للفجور في أبشع صوره ومستهزئة بالدين أنه لا يصح أصلا أن تفتح لها فروع في بلاد المسلمين.

وليس شيء منها مما لا بديل له أصلا حتى يقال إن الضرورة تلجئ وإن للضرورة أحكامها، لا. هذا غير صحيح، فالحقيقة أن في ذات وجودها إشكالا شرعيا -ابتداء- أما وقد كشفت اليوم هذه الأحداث ما يجب أن يصار إليه من موقف شرعي إزاءها، فالحقيقة هي أنه يجب أن يكون للمسلمين سواء كان ربا لعمل أوكان من العمال أن يلتمس الرزق الحلال الطيب، وألا يكون سببا لظلم إخوانه وأن يكون سببًا لتطهير المسلمين من مثل هذه الرذائل ومثل هذا الدنس، إضافة إلى أنها ليست صحية في الحقيقة فهي مدمرة للصحة.

في قوله تعالى: «وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَٰلِكَ سَبِيلًا» السؤال ما هي الطريقة الصحيحة التي نطبّق بها الآية الكريمة حيث نجد اليوم البعض يجهر بالصلاة السرية وغيرهم لا نسمع منه سوى تكبيرة الإحرام وهكذا؟

أولًا ينبغي لنا أن نفهم معنى الآية الكريمة، فإن الآية نزلت في توجيه رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- في الفترة المكية، ومن المفسرين من يرى بأن المقصود هوالدعاء وأن الصلاة هنا يقصد بها الدعاء؛ لأن الآية الكريمة ورد قبلها « قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَٰنَ ۖ أَيًّا مَّا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ ۚ وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَٰلِكَ سَبِيلًا» لكن هذا القول هو قول الأقل منهم، وأكثر قول السلف والمفسرين المقصود هو الصلاة المعهودة.

وقيل بأن المقصود القرآن في الصلاة «ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها» أي بقراءة القرآن ولا أرى أن هذين القولين متعارضان؛ إذ المقصود هو الجهر بالقرآن في الصلاة؛ فإن فعل رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- حينما كان يجهر فإن ذلك كان يثير المشركين فيدفعهم إلى أن يسبوا كتاب الله عز وجل ومن أنزله، وأن يسبوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فنهي عن هذا القدر من المجاهرة التي تدفع إلى مثل هذا الفعل الشنيع والعياذ بالله، ونهي عن المسارة ولا تخافت بها، والخفت أوالمخافتة يقصد بها المبالغة في الإسرار، ووجّه إلى أن يسلك مسلكا وسطا بحيث لا تثور حفيظة المشركين لكن من شاء السماع من المؤمنين معه أو ممن كان يسترق السمع من المشركين فإن ذلك يتاح له ولذلك قال ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا فالمقصود بابتغاء السبيل بين الجهر والإخفات.

والإخفات هو أن يكون قصدًا لا هو بالجهر الذي يثير حفيظة المشركين ويعلمهم بأحواله فيتعرض بسبب ذلك للقرآن الكريم سبا وشتما ولله تبارك وتعالى ولرسوله والمؤمنين ولا بالمسارة بالإخفات الذي يمكن أن يمنع الراغبين في الانتفاع من سماع القرآن الكريم وسماع رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلـم- وهو يتلوه في صلاته، أما فيما يتعلق بالشطر الثاني الذي هو بنى عليه السؤال فإن الصلاة السرية المطلوب من المصلي فيها هو أن يحرك لسانه وشفتيه بما يسمع نفسه فقط بما يسمع أذنيه، ورخّص بعض الفقهاء نظرا لصعوبة أن يتمكن من إسماع نفسه دون أن يسمع من كان ملاصقا له فرخص في هذا القدر، مع ذلك ليحرص على أن يكون إسماعه لنفسه في الصلاة السرية أما في الصلاة الجهرية فبقدر ما يسمع المصلين مع المصلين خلفه وذلك يعتمد على أحوال المسجد والجماعة والله تعالى أعلم.

في قوله تعالى في سورة الحق «وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ ۚ قَلِيلًا مَّا تُؤْمِنُونَ (41) وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ ۚ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ» لماذا خصّ الله تعالى الشاعر بكلمة تؤمنون وخص الكاهن بكلمة تذكرون؟

لأن كون القرآن أبعد ما يكون عن الشعر لا يخفى على أحد، فالشعر له طابعه وله خصائصه وصفاته وهؤلاء يعلمون يقينا أنه ليس من الشعر، فلم يدعهم إلى نسبته إلى الشعر إلا كذبهم وجحودهم وكفرانهم، ولذلك قال وما هو بقول شاعر قليلا ما تؤمنون ولا بقول كاهن قليلا ما تذكرون، وكان يمكن لهم أن يعرفوا أنه ليس بقول كاهن، ولذلك ناسب هذا الوصف ما يتعلق بنسبة القرآن إلى الكهانة، كما ناسب هناك الكفر والجحود والتكذيب في حق نسبة القرآن إلى الشعر أن يقال لهم قليلا ما تؤمنون.

كيف الخلاص من الأموال التي بقيت في الذمة عندما ينساها الإنسان؟على سبيل المثال الشراء من شخص ولم يدفع له؟

نعم في ذمته، والمسألة واضحة ولها أحوال فإذا كان يعرف الشخص الذي اشترى منه فإن عليه وجوبا أن يؤدي إليه ذلك الحق وأن يسعى قدر استطاعته إلى الوصول إليه، وإن كان الله تعالى قد اختاره فليؤد ذلك الحق إلى ورثته هذا إن كان يعلم صاحب الحق الذي اشترى منه.

وإن كان لا يعلم صاحب الحق واجتهد قدر استطاعته في التعرف عليه وفي تذكره ولكن لم يصل إليه، فإن عليه في هذه الحال أن يدفع ذلك المال إلى فقراء المسلمين بنية التخلص. وإن أمكن له إذا كان يظن أنه يمكن الوصول إلى صاحب الحق بطريقة أوبأخرى

فليوثق ذلك في وصيته ليوصي بذلك فإن يأس وغلب على ذلك، فإنه يتعذر الوصول إلى صاحب المال فحينئذ يدفعه كما تقدم إلى الفقراء والمساكين والله تعالى أعلم.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: صلى الله علیه وآله الله تعالى رسول الله فی الصلاة أن یکون

إقرأ أيضاً:

الدكتور عبد الله الغنيم يلتقي بجمهور معرض الكويت وحديث عن مسيرته الفكرية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أضاء معرض الكويت الدولي الـ 47  للكتاب على اسهامات وانجازات شخصية المعرض  الدكتور عبد الله الغنيم في مجالات البحث العلمي والثقافة.
 واستعرض الدكتور الغنيم خلال جلسة حوارية أقيمت في قاعة كبار الزوار ضمن فعاليات النشاط الثقافي المصاحب للمعرض، مسيرته العلمية ومحطات من حياته كان لها الأثر الكبير في تشكيل رؤيته الثقافية والفكرية بحضور نخبة من المثقفين والمهتمين وزملائه وأقربائه.
وأدار الجلسة الدكتور يوسف البدر الذي استعرض مساهمات الدكتور الغنيم لا سيما إسهاماته في رئاسة مركز البحوث والدراسات الكويتية حيث قاد العديد من المبادرات التي تهدف إلى توثيق تاريخ الكويت وتراثها الثقافي والحضاري.  
  وتحدث الدكتور الغنيم عن مسيرته الحافلة في مجالات البحث العلمي والتأليف إضافة إلى إسهاماته في توثيق التراث الكويتي وتعزيز الهوية الثقافية، مؤكدا أهمية الكتاب والمعرفة في بناء المجتمعات.  
  وقال الدكتور الغنيم، إن بحوثه ودراساته تندرج في ثلاث مسارات رئيسية يربط بينهما جميعا التراث العربي بعناصره الموسوعية المختلفة.
  وقال، إن المسار الأول هو “جغرافية شبه الجزيرة العربية” والثاني “التراث الجغرافي العربي بوجه عام والجانب الطبيعي بوجه خاص” والثالث “المخطوطات الجغرافية العربية فهرسة وتحليلا وتحقيقا”.
  وأكد أن الجزيرة العربية بتنوع اشكال سطحها وطبوغرافيتها استهوته منذ أن كان في العاشرة من عمره وفي رحلاته الى الحج مع والده حيث كانت الأولى سنة 1957 والثانية في السنة التي تلتها مبينا انه كان ينظر في الطريق الى رمال الدهناء وجالات نجد وحرات الحجاز.
  وقال أنه جمع في تلك الفترة كل ما يمكن الحصول عليه من معلومات حول تلك الأرض وزاد ذلك بعد ان أنهى دراسته الثانوية وانتقل للدراسة الجامعية في القاهرة.
  واشار الى أول بحث ينشر له وحمل عنوان “الدحلان في شبه الجزيرة العربية” وقد نشر في مجلة رابطة الأدباء بالكويت عام 1969 وهو العام الذي تخرج فيه من الجامعة. 
  واشار الى رسالته الماجستير التي كان موضوعها “الجغرافي العربي ابو عبيد البكري مع تحقيق الجزء المتعلق بالجزيرة العربية من كتابه المسالك والممالك” مبينا انه قرأ من أجل تلك الدراسة معظم ما كتبه القدماء والمحدثون عن جزيرة العرب او عن المملكة العربية السعودية. 
  وقال ان عمله في الماجستير أثمر عدة كتب منها كتاب “مصادر البكري ومنهجه الجغرافي” ويشتمل الكتاب على دراسات تفصيلية تتعلق بالجزيرة العربية كما جاءت في كتابي “المسالك والممالك” و"معجم ما استعجم للبكري".
  وعن دراسته للدكتوراة قال انه هدف الى هدفين رئيسين أولهما “دراسة اشكال سطح الأرض في شبه الجزيرة العربية بالاعتماد على التراث العربي القديم ومعالجة ذلك وفق منظور عصري” وثانيهما “جمع المصطلحات الجغرافية العربية في هذا الشأن واقتراح ما يمكن استخدامه في كتاباتنا الحديثة”. 
  وأشار الدكتور الغنيم الى دراساته الميدانية والإقامة في العديد من الدول من اجل البحث العلمي والاطلاع على أحدث المصادر الجيومرفولوجية ذات العلاقة بالصحاري والمناطق الجافة.
  وقال انه كان يبحث عن العلاقات السببية بين نشأة شبه الجزيرة العربية من الناحية الجيولوجية والأشكال الأرضية الماثلة أمامنا الآن ويحاول الربط أيضا بين تلك الاشكال والنشاط البشري.
  وأشار الدكتور الغنيم الى العديد من الأسماء الذين كان لهم الفضل في مسيرته وتتلمذ على يدهم منهم "علامة الجزيرة العربية" الشيخ حمد الجاسر رحمه الله والعلامة المحقق محمود شاكر رحمه الله والمرحوم محمد عبدالمطلب احد اعلام معهد المخطوطات العربية.
وحظيت المحاضرة بتفاعل كبير من الحضور الذين أعربوا عن تقديرهم للدور الكبير الذي لعبه الدكتور الغنيم في إثراء المشهد الثقافي الكويتي والعربي.  
  كما تطرق الدكتور الغنيم الى مركز البحوث والدراسات الكويتية وعن الوثائق التاريخية واهميتها مشيرا الى فترة الغزو العراقي على الكويت وجمع عدد كبير من الوثائق في تلك الفترة التي توصلوا من خلالها الى العديد من الحقائق، مبينا ان هناك العديد من الكتب التي صدرت بناء على تلك الوثائق.
  ويأتي اختيار الدكتور عبدالله الغنيم شخصية المعرض في دورته الـ47 تقديرا لعطاءاته الثقافية والعلمية الممتدة على مدار عقود ودوره في إثراء المكتبة الكويتية والعربية بمؤلفاته القيمة. 
  يذكر ان الأستاذ الدكتور عبدالله الغنيم محاضر وباحث مميز في مجال الفكر الجغرافي العربي وجيومرفولوجية شبه الجزيرة العربية وقد درس في هذين الموضوعين سنوات عدة تسنم خلالها مناصب مختلفة.
  وشغل الدكتور الغنيم العديد من المناصب سابقا فكان رئيسا لقسم الجغرافيا ثم عميدا لكلية الآداب بجامعة الكويت وترأس تحرير مجلة دراسات الجزيرة العربية والخليج التي تصدرها جامعة الكويت وعمل مديرا لمعهد المخطوطات العربية ووزيرا للتربية ووزيرا للتعليم العالي.
  وغاص الدكتور الغنيم في أعماق تاريخ الكويت وتراثها الحضاري بعد توليه رئاسة مركز البحوث والدراسات الكويتية منذ عام 1992 حتى الآن.

مقالات مشابهة

  • قرار تعيين شيخنا الفاضل الدكتور عمر بخيت وزيرا للأوقاف هو قرار موفق
  • فتاوى :يجيب عنها فضيلة الشيخ د. كهلان بن نبهان الخروصي مساعد المفتي العام لسلطنة عُمان
  • الدكتور عبد الله الغنيم يلتقي بجمهور معرض الكويت وحديث عن مسيرته الفكرية
  • فى وداع العالم الدكتور محمد المرتضى مصطفى
  • مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي يعلن جوائز دورته التاسعة.. بث مباشر
  • مفتي عُمان: مغاوير اليمن يتصدرون الإنجازات في خدمة القضية الفلسطينية
  • مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي يعلن جوائز دورته التاسعة |تفاصيل
  • مفتاح الجنة: عبادة بسيطة تقربك من رسول الله صلى الله عليه وسلم
  • مفتي سلطنة عمان: مغاوير اليمن يحققون الانجازات ويعملون بما يخدم القضية العادلة
  • مفتي عُمان: مغاوير اليمن يحققون الانجازات ويعملون بما يخدم القضية العادلة