يقول الراحل القمّص مكسيموس كابس راعي كاتدرائية مار جرجس الكبادوكي للأقباط الكاثوليك بالجيزة أن السيد المسيح ولا رسله الأطهار فرضوا طقوسًا معينة للعماد ولم يكن في الكنيسة في الثلاثة أجيال الأولى طقوس محددة، لأنه كان زمن اضطهاد الوثنية للمسيحية ولذلك كان يعطي سرّ العماد خفية دون احتفالات ظاهرة خوفًا من الوثنية.

 
وعندما أعطيت الهدنة للكنيسة بدأ الآباء يفكرون في صلوات معينة تليق بمكانة هذا السر، ولو إنها كانت صلوات مختصرة ولكنها تقوية وهادفة. 


وتعددت الطقوس حسب تعدد الكنائس فكل كنيسة كانت تختار من الصلوات ما يناسبها. فالصلوات ليست جوهرية لصحة العماد ولكنها تعتبر مثل هالة تقوية تحيط بالسر وتظهر مكانته. 
 وكان الاولون يعتمدون في أي مكان فيه ماء كما ورد في أعمال الرسل: «فَفَتَحَ فِيليبُّسُ فاهُ، وابْتدأَ مِنْ تِلكَ الكِتابَةِ، فَبَشَّرَهُ بِيسوع.  

 

وفيما هُما مُنْطَلِقانِ في الطَّريقِ، انْتَهَيا الى ماءٍ، فَقالَ الخَصِيّ: "هُوَذا ماءٌ، فما المَانِعُ مِنْ أَنْ أَعتَمِد؟ فقال فيلبُّسُ: "ذلك لكَ إنْ كنت تُؤْمنُ بكلِّ قلبك". فأَجابَ: "إنّي أُومنُ أنّ يسوعَ المسيحَ اء مخلصا وأَمرَ بأَنْ تقِفَ المَركَبَة؛ ونَزَلا كِلاهُما الى المَاءِ، فيليبُّسُ والخَصِيُّ، فعَمَّدَه. ولمَّا صَعِدا مِنَ الماءِ خَطِفَ روحُ المسيح فِيليبُّسَ، فلم يُبْصِرْهُ الخَصِيُّ مِنْ بَعْد؛ فَمَضى في طَريقِهِ فَرِحًا أَمَّا فِيليبُّسُ فَوُجِدَ في أَشْدودَ، فأَخذَ يَجولُ ويُبشِّرُ جَميعَ المُدُنِ، حَتَّى انْتَهى الى قَيْصَرِيَّة» (8:35 – 38) 
ليس من الضروري أن يكون هذا المكان مخصصًا للمعمودية ودون أن يكون هناك تبريك لماء المعمودية أو أية طقوس أخري. 
وفي الجيل الرابع عندما نالت الكنيسة حريتها وبدأ المسيحيون يبنون الكنائس خصّصوا جزءًا من الكنيسة وكرسوه للمعمودية.

 

 وفيه كان يقبل أولًا الموعوظون الذين يتعلمون الديانة المسيحية حتى إذا ما انتهي تعليمهم وثبت إيمانهم يعمدون بالماء. 
هذا المكان كان يختلف من كنيسة إلى أخري حتى في ذات الطقس الواحد. ففيه يوجد مكان لتعميد الكبار ومكان لتعميد الاطفال فالكبار عادة كانوا يعمدون بالرش في أغلب الكنائس وأمّا الأطفال فتارة كانوا يعمدون بالرش وتارة بالتغطيس. 
وكلا العمادين بالرش أو بالتغطيس صحيح فلم يسبق للكنيسة في العصور الأولى أن فرضت نوعا معينا ولا طريقة معينة. أما الذين يقولون انه يجب التغطيس في جرن المعمودية وان بعض كنائس الكاثوليك ليس عندها جرن للمعمودية فأقول: 
في الأجيال الثلاثة الأولي حيثما لم تكن هناك كنائس على الاطلاق هل كان هناك جرن للمعمودية؟ 
فإذا كانت الكنيسة غير موجودة فهل وجد الجرن وهل جميع العمادات التي كانت في هذه الأجيال الثلاثة باطلة لأنّه لم يكن هناك جرن للمعمودية وهل عماد الخصي باطل لأنّه تعمّد في مجري ماء ولم يعمد في جرن المعمودية. 
إن من يتشدقون بهذه الأقوال لا يفهمون شيئًا عن الديانة عليهم أن يتعلموا الأهم في الدين من أن يتكلموا بالتوافه. 
ثم يجب أن نعلم أن كل وعاء مجوف يسمي جرنًا فهناك بعض الكنائس عندما كانت تعمل هذا الجرن من الفخار المحروق أيّ "ماجور" ويوضع في "مصطبة" ويكرس للعماد. 

 

 

 وبعض الكنائس بنته من الطوب وطلته من الداخل بالملاط المكون من الجير والحمرة. وعندما ظهر الأسمنت طلوه من الداخل بالأسمنت. وبعض الكنائس صنعت هذا الجرن من الرخام وغيرها صنعته من المعادن والآن يمكن صنعه من البلاستيك. فمعدن الوعاء لا يغير شيئًا ومن هذه الأوعية الكبير والصغير. ولا نخفي أن كنائس اللاتين التي تستعمل العماد بالرش بها هذا الجرن فقط بطريقة مبسطة. 
وإذا افترضنا أن قرية أو مدينة لا توجد بها كنائس وبها بعض المؤمنين المحتاجين إلى العماد، هل نرفض تعميدهم لانه يوجد جرن مكرّس للمعمودية. أن الذين يفكرون بهذه الطريقة هم على درجة كبيرة من الجهل. 
وإذا اتفقنا أن غسل أرجل التلاميذ كان بمثابة عماد لهم كما سبق أن قلنا فبالتالي يجب أن نسلم بأن العماد بالرش على أيّ جزء من الجسم بشرط أن يكون باسم الآب والابن والروح القدس هو صحيح.
ودليل آخر على صحة العماد بالرش هو إذا وجد إنسان في مكان لا يوجد فيه ماء كاف للتغطيس فهل لا يجوز تعميده بالرش بالقليل من الماء الموجود؟ 
أن هذا السر ضروري للخلاص لمن يؤمن. والديانة يسر لا عسر. فكيف إذا كان السيد المسيح لم يضع شروطًا يتعسر على بني البشر أن يتمموها فهل يضع البشر شروطًا تجعل الأمور عسيرة؟

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: أقباط

إقرأ أيضاً:

التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية.. هيكل رباعي يجيب على تساؤلات العصر

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

في إطار سعيها لتجديد الفهم الديني وتعزيز الإيمان، تُقدّم الكنيسة الكاثوليكية "التعليم المسيحي" كمرجعٍ جامعٍ لعقيدتها، مُنظَّمٍ في هيكلٍ رباعيّ مترابط، يهدف إلى تقديم رؤية شاملة للإيمان المسيحي، مع إجاباتٍ تلائم تحديات العصر الحديث.  

 هيكلٌ رباعي يعكس جوهر الإيمان  
ينقسم التعليم المسيحي إلى أربعة أجزاء رئيسية متكاملة:  
1. اعتراف الإيمان (النؤمن): يركز على العقائد الأساسية المُعبَّر عنها في قانون الإيمان.  
2. الاحتفال بالسرّ المسيحي (الأسرار)

يستعمار دور الليتورجيا والأسرار المقدسة في حياة المؤمن.  
3. الحياة في المسيح (الوصايا والأخلاق): يطرح رؤيةً للسلوك المسيحي القائم على الوصايا والفضائل.

  4. الصلاة المسيحية (الأبانا): يُعمّق مفهوم الحوار مع الله عبر الصلاة، متخذًا من "الصلاة الربانية" نموذجًا.  

ويربط بين هذه الأجزاء خيطٌ واحد: فالإيمان المُعلَن (الجزء الأول) يُحتَفَل به في الطقوس الكنسية (الجزء الثاني)، ويُترجم إلى ممارسات أخلاقية (الجزء الثالث)، ويُغذّي العلاقة مع الله عبر الصلاة (الجزء الرابع).  

 جذور تاريخية... وأسلوب معاصر  
يستند هذا الهيكل إلى "التعليم الروماني" الصادر عام 1566، الذي اعتمد أربعة أركان: قانون الرسل، الأسرار، الوصايا العشر، والصلاة. لكنّ النسخة الحالية تُقدّم هذه المحاور بلغةٍ جديدة، تتواءم مع الأسئلة الفلسفية والروحية للقرن الحادي والعشرين، كما أوضح النص: «عَبْر أسلوبٍ معاصر يُجيب على تساؤلات عصرنا».  

ما الجديد في هذه النسخة؟  
يتميز هذا الإصدار بـ 545 صيغة مختصرة، صُممت لتسهيل حفظ النص وفهمه، ما يجعله أداةً عملية للمؤمنين في دراسة الإيمان وتطبيقه، كما يضع التعليم "سرّ المسيح" في قلب رسالته، مؤكدًا أن يسوع — بصفته  المتجسد — هو مصدر الإيمان، ومركز الأسرار، ونموذج الحياة الأخلاقية، وملهِم الصلاة.  

محوريّة المسيح: النبع الروحي للتعليم  
يُبرز النص أن سرّ المسيح هو "الينبوع" الذي تُستقى منه كل عناصر التعليم: من التجسد الإلهي عبر الروح القدس في مريم، إلى الفداء الذي يمنحه للبشرية. فالمسيح حاضرٌ في الكنيسة عبر الأسرار، وهو الداعم  بنعمته للسلوك المسيحي، و المُرشد — بروحه  للصلاة الموجهة إلى الآب.  

وبهذا، لا يكتفي التعليم بتوثيق التراث الكاثوليكي من الكتاب المقدس وتقليد الكنيسة وآبائها بل يسعى لإنعاش إيمان المؤمنين عبر ربط الماضي بالحاضر، في مسيرة روحية متجددة.

مقالات مشابهة

  • جماهير الأهلي ترفع لافتة للراحل أحمد رفعت خلال مباراة الزمالك
  • لجنة رئاسية فلسطينية: إسرائيل تصعّد حربها ضد الكنائس في القدس
  • التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية.. هيكل رباعي يجيب على تساؤلات العصر
  • الأرشمندريت جريجوريوس يترأس قدّاسًا ليتورجيًا في كاتدرائية الصويفية
  • طقوس المحافظات في استقبال الصيام بعد رؤية هلال رمضان 2025.. «موكب وزفة»
  • الكنيسة الكاثوليكية بمصر تشارك في اللقاء قبل الأخير لأسبوع الصلاة من أجل وحدة المسيحيين
  • “قمّة الخليج لشؤون تنظيم الدواء 2025” تختتم أعمالها في دبي
  • "راعي الأوّله" .. الدرعية تحتفي بمسيرة الإمام محمد بن سعود
  • البطريرك الأنبا إبراهيم إسحق يستقبل وفد هيئة الإغاثة الكاثوليكية
  • طقوس شيطانية أمام الأهرامات أم ماذا؟.. عالم آثار مصري يوضح