مناسك العمرة بالتفصيل.. ومحظورات يشترك فيها الرجال والنساء
تاريخ النشر: 22nd, February 2024 GMT
مناسك العمرة، للعمرة أركان يجب على المعتمر أن يفلعها أثناء أدائه العمرة لتكون صحيحة شرعاً، واختلف الفقهاء الأربعة أبو حنيفة ومالك، والشافعي، وابن حنبل، في تحديدها مع اتّفاقهم بأنّ الإحرام يقدّم على جميع الأعمال.
مناسك العمرة بالتفصيلأولًا: الإحرام: يعتبر الإحرام نيّة الدّخول في رحلة العمرة، ومن المحبّب أن يتلفّظ المسلم المعتمر بقول «لبّيك عمرة لبّيك عمرة» وذلك عند إحرامه.
أما ملابس إحرام المرأة فليس لها لباس محدد لـ الإحرام كما يعتقد البعض، ولكن لا يجوز لها لبس القفّازين أو ارتداء النّقاب كما بيّن النبيّ عليه الصّلاة السلام حيث قال: «لا تنتقب المحرمة ولا تلبس القفّازين».
ثانيًا: الطواف
الطواف يكون سبعة أشواط على مدار الكعبة، حيث يبدأ كلّ شوط من هذه الأشواط من أمام الحجر الأسود، وينتهي عند ذلك الحجر، أمّا الكعبة فتكون على يسار المعتمر أثناء مرحلة الطواف، كما أنّه يسنّ للمعتمر أن يقوم بمسارعة المشي مع تقارب الخطوات، ويكون ذلك في الأشواط الثلاثة الأولى تحديدًا.
ثالثًا: الصلاة عند المقام
الصلاة عند المقام من السنّة للشّخص المعتمر عندما يتوجّه للصّلاة في المقام أن يبدأ بتلاوة قوله تعالى «وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى»، ومن السنّة كذلك أن يصلّي المعتمر ركعتين بعد إتمامه طوافه، ويستطيع بعد الصلاة أن يشرب من ماء زمزم ويلمس الحجر الأسود .
رابعًا: السعي
يكون السعي عبارةً عن سبعة أشواط، تبدأ عند الصفا وتنتهي عند المروة، كما أنّه من السنّة النبويّة الشّريفة أن يقول المعتمر عندما يقترب من الصّفا "إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوْ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ" وذلك في بداية الشّوط الأول. وإن وصل المعتمر الصّفا يرى الكعبة فيرفع يديه للدعاء ويقول: «الله أكبر الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده لا شريك له أنجز وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده».
خامسًا: حلق شعر الرأس أو تقصيره
يعتبر الحلق أو التّقصير من واجبات العمرة إلّا أن الحلق أفضل من التّقصير وذلك للرّجل، أمّا المرأة فليس شرطًا عليها أن تقصّر شعرها، ولا يجوز لها الحلق.
أولًا: محظورات الإحرام للرجال :1- تغطية الرأس: يحرم على الرجال عند إحرامهم تغطية الرأس أو بعضه إلا لعذر، أما الاستظلال بمظلة أو بجدار أو شجرة فلا مانع دون أن تلامس رأسه.
2- لبس المخيط والمحيط: مثل القميص والجبة والسروال، والمحظور هو اللبس المعتاد أما لو وضع المُحرم القميص على بطنه خشية أن يصاب بالبرد مثلًا دون اللبس، فلا بأس به، وكذلك يحرم المصبوغ الذي له رائحة، كما يحرم لبس الخف الذي يستر أصابع القدمين والعقب. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«لاَ يَلْبَسِ الْقَمِيصَ وَلاَ الْعِمَامَةَ وَلاَ السَّرَاوِيلَ وَلاَ الْبُرْنُسَ وَلاَ ثَوْبًا مَسَّهُ الْوَرْسُ أَوِ الزَّعْفَرَانُ، فَإِنْ لَمْ يَجِدِ النَّعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسِ الْخُفَّيْنِ وَلْيَقْطَعْهُمَا حَتَّى يَكُونَا تَحْتَ الْكَعْبَيْنِ» متفق عليه.
يحرم على المرأة لبس النقاب أو البرقع والقفازين؛ لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عنه بقوله: «ولا تنتقب المرأة المحرمة، ولا تلبس القفازين» رواه البخاري.
ثالثًا: المحظورات التي يشترك فيها الرجال والنساء :1- حلق شعر الرأس أو نتفه أو قصه:وذلك لقول الله تعالى: «وَلَا تَحْلِقُوا رُؤوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ» البقرة/196، وقاس الفقهاء باقي شعر البدن على شعر الرأس، وإذا كان به مرض وأزاله فعليه الفدية ولا إثم عليه، ويجدر التنبيه هنا إلى أنه يجوز تسريح الشعر إن لم يخف سقوطه وإلاّ فلا، ويحرم أيضًا إزالة الأظافر، لكن لو انكسر ظفره وأزال هذا الكسر فلا شيء عليه.
2- التطيب:لا يجوز للمحرم استعمال الطيب في البدن أو في ملابس الإحرام، ودليل ذلك ما ورد أن محرِمًا سقط عن بعيره فمات، فقال عليه الصلاة والسلام في حقه: «اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْنِ، وَلاَ تَمَسُّوهُ طِيبًا، وَلاَ تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ، وَلاَ تُحَنِّطُوهُ، فَإِنَّ اللَّهَ يَبْعَثُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا» متفق عليه.
3-عقد النكاح: يحرم على المحرم النكاح في حق نفسه أو لغيره عن طريق التوكيل، والعقد باطل إذا تم على هذه الصورة. قال عليه الصلاة والسلام: «إِنَّ الْمُحْرِمَ لَا يَنْكِحُ وَلَا يُنْكَحُ» رواه مسلم. أي لا يقوم به بنفسه ولا بغيره.
4- قتل الصيد البري أو الإشارة إليه أو الدلالة عليه أو الإعانة على مسكه، أما صيد البحر فيجوز لقوله تعالى: «أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا» المائدة/96.5.
المباشرة والجماع: يحرم على المحرم أن يباشر زوجته باللمس والتقبيل بشهوة، سواء ليلًا أو نهارًا، فإن فعل ذلك فقد وقع في الإثم، ووجب عليه ذبح شاة توزع على مساكين الحرم.
أما إذا جامع زوجته قبل التحلل الأول فقد فسد حجه، وعليه القضاء على الفور، ويذبح بدنة، وذلك لقوله تعالى:«الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ» البقرة/197.
الفدية في الحج:إذا ارتكب المحرم محظورًا من محظورات الإحرام عالمًا متعمدًا مختارًا فإنه يترتب عليه ما يلي:أ.إذا ارتكب محظورًا من المحظورات التالية: (تقليم الأظافر ولبس المخيط والطيب وتغطية الرأس وحلق الشعر)؛ فإن عليه واحدًا من الأمور الآتية على التخيير:
1.إخراج ثلاثة آصع من الطعام توزع على ستة مساكين، لكل مسكين نصف صاع.
2.صيام ثلاثة أيام.
3.ذبح شاة.
ب.إذا كان المحظور صيدًا؛ فيجب على المحرم ذبح ما يشبهه من الأنعام، فإن لم يكن له شبيه، فيجب أن يتصدق بقيمته على فقراء الحرم، أو الصيام عن كل مدٍّ يومًا، لقوله تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا» المائدة/95.
ج.إذا كان المحظور الذي ارتكبه المحرم جِماعًا قبل التحلل الأول؛ فإن عليه بدنة مع القضاء على الفور، وإذا كان الجماع بعد التحلل الأول فحجهُ صحيح وعليه شاة.د.ما لا فدية فيه كإجراء عقد النكاح، لكن يأثم بذلك.
أدعية العمرةسنّ للمسلم التسبيح والتكبير والتهليل قبل الإحرام بالعمرة، ويُسنُّ أن يبتدئ الطواف بالتكبير: فقد ثبت من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنه (أن النبي صلى الله عليه وسلم طافَ بالبيتِ وهو على بعيرٍ، كلَّما أَتَى على الرُّكْنِ أشارَ إليهِ بشيٍء في يدهِ وكَبَّرَ).
يسن للمعتمر أن يقول بين الحجر الأسود والركن اليماني: (ربَّنا آتِنا في الدُّنيا حَسنةً وفي الآخرةِ حَسنةً وقِنا عذابَ النَّارِ).يُسنُّ للمعتمر إذا بلغ السعي، وتحديدًا عند الوقوف على جبلَي الصفا والمروة أن يقرأ قول الله سبحانه وتعالى: (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ).
ورد عن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- أنه دعا عند الصفا فقال: (لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ له، له المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ وَهو علَى كُلِّ شيءٍ قَدِيرٌ، لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ، أَنْجَزَ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الأحْزَابَ وَحْدَهُ).
ويحرص المسلم أن يدعو في الطواف والسعي من الأدعية المأثورة عن النبي وما شاء من الدعاء، ويكثر من ذكر الله تبارك وتعالى، ويقرأ القرآن الكريم، فكل ذلك أجره عظيم عند الله تعالى، فلا يوجد أدعية مخصصة للطواف والسعي وردت عن النبي، يقول ابن تيمية رحمه الله: "ويستحب له في الطواف أن يذكر الله تعالى ويدعوه بما يشرع، وإن قرأ القرآن سرًّا فلا بأس.
أولاً: العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما كما أخبرنا بذلك الرسول عليه السلام بقوله: «العمرة إلى عمرة كفارة لما بينهما والحج المبرور ليس له جزاء إلى الجنة».
ثانيًا: العمرة بالإضافة إلى الحج أحد الجهادين، كما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «الغازي في سبيل الله، والحاجّ، والمعتمر وفد الله دعاهم فأجابوه وسألوه فأعطاهم».
ثالثًا: العمرة تُذهب الفقر وتغفر الذنوب: كما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: «تابعوا بين الحج والعمرة فإنّهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكيرُ خبثَ الحديد والذهب والفضة».
رابعًا: العمرة في رمضان تعدل حجّة كما أخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم.
خامسًا: المعتمر له أجر عظيم من الله تعالى لقوله عليه السلام لعائشة عند أدائها العمرة: «إنّ لك من الأجر على قدر نصبك ونفقتك»، وقوله أيضاً: «من طاف بالبيت ولم يرفع قدماً ولم يضع أخرى إلا كتب الله له حسنة وحط عنه بها خطيئة ورفع له بها درجة».
سادسًا: العمرة هي الحج الأصغر وسمّيّت بذلك لأنّها تتشابه مع الحج بالطواف، والسعي والحلق، أو التقصير، وانفراد الحج ببعض المناسك الأخرى.سابعاً: ركعة واحدة في الحرم المكي تعدل مئة ألف ركعة، كما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «صلاة في مسجدي أفضل من ألف صلاة فيما سواها إلا المسجد الحرام وصلاة في السمجد الحرام أفضل من مئة ألف صلاة فيما سواه».
فضل الحج وثوابهالحج المبرور هو الحج الذي لا يخالطه إثم، كما أن الحج سبب لغفران الذنوب: فعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من حج فلم يرفث، ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه»، وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تابعوا بين الحج والعمرة؛ فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد والفضة، وليس للحج المبرور ثواب إلا الجنة».
فضل الحج وثوابهوالحج كالجهاد فعن الحسن بن على رضي الله عنهما قال: «جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: إني جبان، وإني ضعيف. قال: هلم إلى جهاد لا شوكة فيه، الحج»، وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: يا رسول الله ترى الجهاد أفضل العمل، أفلا نجاهد؟ قال: «لكن أفضل الجهاد حج مبرور».
فوائد وفضائل الحج الدينية1- تحقيق الإخلاص لله -عز وجل- في النفس الإنسانيّة؛ فحين يرتدي الحاجّ لباس الإحرام، ويتجنّب ما يُظهر الترف والتزيُّن، فإنّ معاني الخشوع، والخضوع، والتذلُّل لله -سبحانه- تظهر بذلك؛ لِينال رحمته، ومغفرته.
2- شُكْر الله -تعالى- على ما مَنّ به على عباده من النِّعَم التي لا تُحصى، ومِن أجلّها نعمتا الصحّة، والمال؛ فالحاجّ يُجهد نفسه، ويُنفق ماله؛ في سبيل تحقيق القُرب من الله -سبحانه-؛ ولهذا فإنّ شُكر الله واجبٌ على المسلم.
3- أداء ما أوجبته الشريعة على المسلم من الأركان والفرائض التي يحبّها الله ويرضاها لعباده؛ فالحجّ رُكنٌ من أركان الإسلام، قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: «بُنِيَ الإسْلامُ علَى خَمْسٍ، شَهادَةِ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وأنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ ورَسولُهُ، وإقامِ الصَّلاةِ، وإيتاءِ الزَّكاةِ، وحَجِّ البَيْتِ، وصَوْمِ رَمَضانَ».
4- التدريب على مجاهدة النفس؛ ولذلك عدّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- الحجّ من الجهاد في سبيل الله، ويدلّ على ذلك ما ثبت في الصحيح من أنّه أجاب أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- حينما سألته عن الجهاد في حَقّ المرأة: «نعَم، عليهنَّ جِهادٌ، لا قتالَ فيهِ: الحجُّ والعُمرَةُ»
5- نَيْل الأجر العظيم على أداء الحجّ المَبرور المُؤدّى على الوجه المشروع، إذ أخرج الإمام البخاريّ في صحيحه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّه قال: «سَمِعْتُ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: مَن حَجَّ لِلَّهِ فَلَمْ يَرْفُثْ، ولَمْ يَفْسُقْ، رَجَعَ كَيَومِ ولَدَتْهُ أُمُّهُ».
6- إظهار شعائر الله -سبحانه-، وتعظيمه بأعمال الحجّ، كالتلبية، والذِّكْر، والطواف، والوقوف بعرفة، والسَّعي بين الصفا والمروة، وغير ذلك من المَناسك.
7- تربية النفس الإنسانيّة، وتهذيبها، وتجديد الإيمان فيها، وتجديد العهد مع الله -سبحانه-؛ بالتزام أوامره، والتوبة إليه من الذنوب والمعاصي.
8- أداء أحبّ الأعمال إلى الله، كما ثبت في الصحيح عن الصحابيّ أبي هريرة -رضي الله عنه-: «سُئِلَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أيُّ الأعْمَالِ أفْضَلُ؟ قالَ: إيمَانٌ باللَّهِ ورَسولِهِ قيلَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قالَ: جِهَادٌ في سَبيلِ اللَّهِ قيلَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قالَ: حَجٌّ مَبْرُورٌ».
9- مغفرة جميع الذنوب والمعاصي، وإزالة ما عَلِق بالنفس منها؛ إذ أخرج الإمام مسلم في صحيحه أنّ النبيّ - صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- قال: «أما عَلِمْتَ أنَّ الإسْلامَ يَهْدِمُ ما كانَ قَبْلَهُ؟ وأنَّ الهِجْرَةَ تَهْدِمُ ما كانَ قَبْلَها؟ وأنَّ الحَجَّ يَهْدِمُ ما كانَ قَبْلَهُ؟»، كما ورد قوله - صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-: «تابعوا بينَ الحجِّ والعمرةِ فإنَّهما ينفيانِ الفقرَ والذنوبَ كما يَنفي الكيرُ خَبَثَ الحديدِ والذهبِ والفضةِ وليسَ للحجَّةِ المبرورةِ ثوابٌ دونَ الجنةِ».
10- الدعوة إلى سبيل الله؛ فالحجّ من أعظم الوسائل لنَشر الدعوة الإسلاميّة، وفرصةٌ للدُّعاة في امتثالهم أفضل أساليب الدعوة، وأكثرها نَفْعاً، وتأثيراً.
فوائد وفضائل الحج الدنيوية1- تحقيق التعارف بين المسلمين، حيث يجتمع المسلمون من كافّة الأقطار، فيكون ذلك الاجتماع مَظنّة تسخير بعضهم لبعضٍ بما يُحقّق النَّفْع العامّ لهم، قال -تعالى-: «وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ لِّيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّـهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ».
2- تبادل المعارف والخبرات بين المسلمين، بالإضافة إلى تحقيق المَودّة والرحمة فيما بينهم.
3- تعزيز العلاقات الاجتماعية بين المسلمين؛ إذ يتفقّدون أحوال بعضهم البعض، وتَرِقّ قلوبهم لبعضهم.
4- تدريب النفس على تحمُّل المَشاقّ والمصاعب؛ طاعةً وعبادةً لله -تعالى-، ولرسوله -عليه الصلاة والسلام-.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: مناسك العمرة اداء العمرة الطواف النبی صلى الله علیه وسلم علیه الصلاة والسلام ى الله علیه وسل قال رسول الله مناسک العمرة رضی الله عنه الله تعالى عن النبی علیه الص یحرم على ن النبی إذا کان لا شریک النبی ص ر الله
إقرأ أيضاً:
تأملات قرآنية
#تأملات_قرآنية
د. هاشم غرايبه
يقول تعالى في الآية 38 من سوة الحج: “إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُور”
إن من يرى كيف بلغ الإسلام مغارب الأرض ومشارقها، فلم تعد بقعة في الأرض تخلو من مسلمين، ويدرك كيف تمكن في نفوس المؤمنين بالله، حتى باتت لا تقدر عليهم أعتى القوى،…لا شك سيحمد الله الذي صدق وعده للمؤمنين الأولين الذين دخلوا الإسلام متسترين خوف أن يتخطفهم الناس، فربط على قلوبهم إذ قال: “وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا” [النور:55]، فصبروا على دينهم حتى اشتد ساعده، ثم انتشر حتى وصل ديارنا وأكرمنا الله بان هدى أجدادنا إليه، فصرنا بفضله تعالى مسلمين.
منذ اليوم الأول لانبثاق الدعوة، تحالف الطغاة مع المترفين وانضم إليهم ذوو النفوس الضعيفة المنقادة الى الشهوات، وشكلوا معسكرا شرسا ناصب منهج الله العداء، ولم يتركوا في سبيل القضاء على دعوة الدين الى الإصلاح وتزكية النفوس سلاحا إلا استخدموه.
ولأن الله لا يخلف وعده، لذلك فانتصار الإسلام أمر محتوم، سواء كان متبعوه أقوياء ممتلكين لوسائل القوة والغلبة، أو مستضعفين في الأرض ليس لهم من حول ولا قوة، فالنصر من عند الله أولا، وليس شرطه التفوق في القوة ثانيا.
لا شك أن سر ثبات المؤمنين رغم قلة عددهم وضعف إمكانياتهم مقابل تفوق جحافل الباطل، يعود الى محبة الله لهم، ورأفته بهم.
ولأن الله رحيم بعباده جميعا، فهو لا يكره أحدا منهم، لكن يكره أفعال الظالمين منهم، والتي وصفها بصيغة المبالغة (خوّان) أي الخائن المقيم على الخيانة.
السؤال هنا لماذا اعتبر الله الكافر خائنا وليس عاصيا؟.
عندما خلق الله نفوس البشر من ذرية آدم، وذلك قبل تخلقهم الفعلي في الحياة الدنيا كأجساد، سألهم: “أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ” فأقروا بذلك: ” قَالُوا بَلَىٰ ۛ شَهِدْنَا”، فرد عليهم تعالى بأن ذلك عهد عليهم لا ينكرونه يوم القيامة: “أن تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَٰذَا غَافِلِينَ” [الأعراف:172].
قد يقول قائل: إنني لا أذكر أنني قد سُئلت هذا السؤال من قبل.
الجواب أن النفوس لم تكن مجسدة بحواس تسمع وتنطق، لذلك فقد كان ذلك الإشهاد بصورة فطرة مودعة في النفس، والفطرة مُلزِمة، ليس متاحا للنفس قبولها أو رفضها، من هنا سمي ذلك إقرارا.
بناء على ذلك فقد اعتبر الله تعالى من يخون العهد الذي عاهدت به النفوس خالقها بأن تؤمن به خالقا وإلهاً، خائنا، وعندما ترفض النفس بعد تجسدها وخروجها الى الوجود الدنيوي بصورة الإنس الإيمان، ثم لا تكتفي بذلك بل تحارب منهج الهداية وتسعى لرد المؤمنين عن إيمانهم، تكون قد أصرت على الخيانة المكررة، لذلك سمى الله الكافر خوانا وليس خائنا فقط.
لذا فالجدل في هذه المسألة، ينحصر في أنه هل الإيمان فطري أم مكتسب؟
المؤكد لعلماء الإنسان، أن الحاجات الفطرية الأساسية والثانوية، يجري إشباعها حسب قوة الدوافع تسلسليا، وأهمها ما يؤمن حياته بتوفير القوت، ثم أمنه وسلامته مما يهدد حياته، ثم بقاء نوعه بالتناسل والتكاثر، بعد ذلك يتفكر بسبب وجوده ومن الذي أوجده، وعندما يلاحظ أن كل الأشياء سواء الجمادات أو الأحياء محكومة بأنظمة صارمة تحكم كل علاقاتها ببعضها، يستنتج حتمية وجود من أوجدها ونظم علاقاتها، وهو بالقطع الضابط لدوام ذلك، هذا الاستنتاج نابع من تلك الفطرة الإيمانية المكنونة في النفس البشرية.
ولعل ذلك يرد على الإعتقاد البائس لمنكري وجود الله، بأن البشر هم الذين اخترعوا الآلهة.
إن من رحمة الله بعباده ومحبته لهم أنه ما خلقهم إلا ليسعدهم، ففي الدنيا سخّر لهم كل شيء، وهداهم لنيل ثوابه العظيم في الآخرة، أنه لم يكتفِ بما أودعه فيهم من فطرة إيمانية، بل أتبعها بهدي مباشر منه، عبر رسل وأنبياء أرسلهم تترى، لهدي البشر الذين رفضوا الإستجابة للفطرة، لذلك كان الإيمان استجابة فطرية أولا، ثم قناعة معززة بالأدلة العقلية والإثباتات المادية (المعجزات) ثانيا.
بعد كل ذلك، أليس صحيحا: “إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ” [غافر:61]؟.