بايدن يستطيع أن ينهي حرب غزة الآن
تاريخ النشر: 22nd, February 2024 GMT
سرايا - لنتخيل هذا المشهد.. "رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو يشن غارات على مدنيين يقتلون بالآلاف، ورئيس أمريكي يشعر بالصدمة والذهول لمنظر الدماء على شاشة التلفزيون، ويتصل هاتفياً بنظيره الإسرائيلي وفي غضون دقائق يتوقف القصف".
اتصل به. وأوقف المجزرة
هذا السيناريو تخيله كاتب العمود في صحيفة "غارديان" البريطانية مهدي حسن، متسائلاً: "هل هذا يبدو جنوناً؟ وربما تبسيطاً؟ وسطحياً حتى؟"
ومع ذلك، حصل هذا المشهد عام 1982، وما بدا أنه توغل محدود في جنوب لبنان من قبل الجيش الإسرائيلي حينها، بقيادة وزير الدفاع آرييل شارون، تحول إلى حصار امتد أشهراً لبيروت وهجوماً شاملاً على منظمة التحرير الفلسطينية.
وبين يونيو (حزيران) وأغسطس (آب)، قطع الإسرائيليون الطعام والمياه والكهرباء عن العاصمة اللبنانية، في محاولة متوحشة لتدمير المنظمة، التي تحصن مقاتلوها في شبكة من الأنفاق تحت المدينة.
"الخميس الأسود"
وفي 12 أغسطس، وفي ما عرف بعد ذلك بـ"الخميس الأسود"، قصفت الطائرات الإسرائيلية بيروت لمدة 11 ساعة متواصلة، مما أدى إلى مقتل أكثر من مئة شخص، في اليوم نفسه، اتصل الرئيس الأمريكي رونالد ريغان الذي شعر بالرعب، برئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك مناحيم بيغن "للإعراب عن غضبه" والتنديد "بتدمير ونزيف دماء لا حاجة لهما". وقال ريغان: "مناحيم، هذه هولوكوست".
نعم، لقد استخدم رئيس أمريكي كلمة الهولوكوست في محادثة هاتفية مع زعيم إسرائيلي.
ورد بيغن باستهزاء قائلاً: "أعتقد أنني أعرف ما هي الهولوكوست". لكن ريغان لم يتراجع وأصر على "ضرورة" وقف النار في بيروت.
20 دقيقة المدة التي استغرقها بيغن كي يتصل بريغان مجدداً ويبلغه أنه أمر شارون بوقف القصف، وانتهى الأمر، وعندما ترك ريغان سماعة الهاتف من يده قال لأحد مساعديه:"لم أكن أعلم أنني أمتلك هذا النوع من القوة".
تقديم الزمن 42 سنة
وبتقديم الزمن 42 سنة إلى الأمام، فإن الهجوم الإسرائيلي على غزة استمر ضعف الوقت الذي استمر الحصار الإسرائيلي لبيروت.
وفي عام 1982، قيل أن ريغان تأثر لرؤية طفل لبناني جريح. وحتى الأسبوع الماضي، قتل في غزة 12300 طفل، وقطعت أطراف وجرح الآلاف، في خلال 4 أشهر.
وقال المحامي الإيرلندي بلين ني غرالايغ أمام محكمة العدل الدولية الشهر الماضي إن "الأسرة الدولية تواصل خذلان الشعب الفلسطيني على الرغم من فظائع الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني التي يتم بثها مباشرة من غزة إلى هواتفنا المحمولة وأجهزة الكمبيوتر وشاشات التلفزيون، إنها أول إبادة جماعية في التاريخ حيث يبث ضحاياها دمارهم في الوقت الحقيقي، في أمل يائس وعبثي حتى الآن، في أن العالم قد يفعل شيئاً ما".
ويقول الكاتب: "لننسَ العالم. في امكان جو بايدن على غرار ريغان من قبله، إنهاء المجزرة بمكالمة هاتفية واحدة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو. وهو أيضاً يمتلك هذا النوع من السلطة".
هراء مخادع
وتضيف الصحيفة "لا تصدق أي شخص يقول لك العكس، وخصوصاً أولئك الذين يقولون عبر الإعلام إن أمريكا تكتشف حدود النفوذ الذي تتمتع به على إسرائيل، وهنالك في الكونغرس من يجادلون بأن الرؤساء الأمريكيين لا يملكون ما يكفي في مواجهة إسرائيل كما يعتقدون، وهناك في البيت الأبيض من يزعم بأنهم غير قادرين على ممارسة تأثير مهم على أقرب حليف لأمريكا في الشرق الأوسط من أجل تغيير المسار".
ورأى الكاتب أن كل هذا "مخادع"، إنه على حد تعبير الناقد الإعلامي آدم جونسون عبارة عن "تظاهر بالعجز" مدعم "بتسريبات ذاتية" صادرة من البيت الأبيض تفيد بأن الرئيس "قد يكون وقد لا يكون منزعجاً" حيال سلوك إسرائيل.
وبحسب الصحيفة فإن الحقيقة هي أن القائد الأعلى لأغنى دولة في تاريخ العالم ليس عاجزاً، مثله مثل أي قائد أعلى سبقه.
ويضيف: "كيف نعرف ذلك؟ أولاً، لأن هناك أعضاء في مؤسسة الدفاع الأمريكية يقولون ذلك، لنأخذ بروس ريدل مثالاً. لقد أمضى ريدل ثلاثة عقود في وكالة الاستخبارات المركزية ومجلس الأمن القومي، وقال ريدل في مقابلة مؤخراً:يومياً، نزود إسرائيل بالصواريخ والمسيّرات والذخيرة، التي تحتاجها من أجل المضي في حملة عسكرية رئيسية مثل الحملة التي تشنها في غزة".
ومع ذلك، يعترف ريدل بأن "الرؤساء الأمريكيين كانوا خجولين في ما يتعلق باستخدام قوتهم، وذلك لأسباب خاصة بالسياسة المحلية".
وثانياً، نعرف بأن بايدن يمتلك رافعة أساسية في مواجهة المؤسسة العسكرية الإسرائيلية- وفق ما يقول الكثير من المراقبين.
وفي آواخر أكتوبر 2023، تراجع وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت عن قرار بعدم إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة قبل الإفراج عن الرهائن الموجودين لدى حماس، وبرر ذلك بالقول إن "الأمريكيين يصرون ولسنا في موقع يمكننا من رفض طلبهم، إننا نعتمد عليهم في الطائرات والعتاد العسكري، ماذا يفترض أن نفعل؟ أن نقول لهم لا؟"
اتصل به وأوقف المجزرة
وفي الشهر الذي تلاه ذهب الميجور جنرال المتقاعد اسحق بريك أبعد من غالانت، إذ قال: "كل صواريخنا وذخائرنا والقنابل الذكية وكل الطائرات والقنابل، كلها تأتي من الولايات المتحدة، ولحظة يقفلون ذلك، لا يمكنك المضي في القتال، ليست لديك القدرات، كل شخص يدرك بأننا لا نستطيع القتال في هذه الحرب من دون الولايات المتحدة".
وخلص الكاتب: "أيها السيد الرئيس لا فائدة من التنفيس عن الإحباط في مجالسك المحلية، والقول لمساعديك فقط إن الحرب يجب أن تتوقف. قل ذلك لنتانياهو، اتصل به، وأوقف المجزرة".
إقرأ أيضاً : قصف إسرائيلي يقطع الاتصالات بمستشفى الأمل في خان يونسإقرأ أيضاً : مسؤولون أمميون ودوليون يدعون إلى منع وقوع كارثة أسوأ في غزةإقرأ أيضاً : هآرتس: "إسرائيل" تلوم الجميع إلا نفسها
المصدر: وكالة أنباء سرايا الإخبارية
كلمات دلالية: الوزراء لبنان الدفاع اليوم الرئيس الوزراء رئيس غزة غزة الشعب الشعب غزة العالم بايدن رئيس الوزراء أمريكا الكونغرس الرئيس العالم الدفاع بايدن الدفاع غزة ذهب الرئيس ذهب العالم المدينة لبنان أمريكا الكونغرس اليوم بايدن الدفاع غزة الشعب رئيس الوزراء الرئيس
إقرأ أيضاً:
نكبة جديدة تلوح في الأفق..(البلاد) تسلط الضوء.. إسرائيل ترسخُ احتلالًا طويل الأمد في جنوب سوريا
البلاد – دمشق
في مشهد يعيد إلى الأذهان النكبة الفلسطينية، تتقدم إسرائيل بخطى محسوبة نحو ترسيخ احتلال طويل الأمد لجنوب سوريا، في استغلال واضح للفراغ الأمني والسياسي بعد انهيار نظام الأسد أواخر العام الماضي. المشهد هناك لا يوحي فقط بتدخل عسكري تقليدي، بل بتغيير جذري في طبيعة السيطرة على الأرض، حيث تبدو تل أبيب عازمة على خلق “فلسطين أخرى” على امتداد الحدود السورية-الإسرائيلية.
زيارة استقصائية حديثة أجراها مراسلو صحيفة “وول ستريت جورنال” إلى المنطقة كشفت ملامح هذا التوسع الإسرائيلي، الذي لم يعد مجرد تدخل عسكري أو ضربات جوية متفرقة، بل أصبح منظومة متكاملة من السيطرة الأمنية والإدارية والاجتماعية. في قرية الحميدية، الواقعة داخل منطقة منزوعة السلاح سابقًا، تُسيطر إسرائيل الآن على كل شيء: من حركة المدنيين إلى الخدمات الطبية، ومن حجم الجنازات إلى توزيع الطعام.
موقع عسكري إسرائيلي حديث البناء يراقب القرية ليل نهار، بينما تُسيّر دوريات شبابية نقاط التفتيش، وتُقيّد الحركة، وتتحكم فيمن يغادر ومن يدخل، حتى في حالات الطوارئ الطبية. في رمضان، لم يتمكن الأهالي من زيارة أقاربهم لتناول الإفطار، وأُجبر شيوخ القرية على طلب إذن من ضباط الارتباط الإسرائيلي لنقل الحالات الحرجة إلى المستشفيات. في جنازات القرية، حُدد عدد المعزّين، واختُزلت أيام الحداد التقليدية إلى يوم واحد، في انتهاك فج للأعراف الاجتماعية والدينية.
في مقابل هذه القيود، عرضت إسرائيل طرودًا غذائية على سكان القرى الفقيرة، في محاولة مكشوفة لكسب ود الأهالي وتحسين صورة جيش الاحتلال. وبينما قبل البعض مضطرًا، رفض كثيرون، إدراكًا منهم أن ما يُمنح اليوم كمساعدة، سيتحول غدًا إلى أداة لإدامة الاحتلال.
منذ سقوط نظام الأسد في ديسمبر الماضي، صعدت تل أبيب من تدخلها العسكري. مئات الغارات الإسرائيلية دمّرت ما تبقى من الجيش السوري، فيما توسعت القوات البرية في منطقة الأمم المتحدة المنزوعة السلاح، التي ظلت قائمة لنصف قرن. رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو طالب علنًا بنزع سلاح الجنوب السوري، بينما صرّح وزير دفاعه بأن القوات الإسرائيلية باقية هناك “إلى أجل غير مسمى.”
اليوم، بات لإسرائيل وجود فعلي على مساحات ممتدة لمئات الأميال داخل الأراضي السورية، تُديرها عبر مواقع عسكرية متقدمة، وأبراج مراقبة، وممرات ترابية مغلقة. وهي تُعيد بذلك إنتاج نموذج “المناطق العازلة” الذي اعتمدته في غزة ولبنان، وتُطبّقه الآن في سوريا بغطاء أمني لكنه يحمل أهدافًا توسعية صريحة.
وفي تطور خطير، أعلنت المنطقة الشمالية في جيش الاحتلال الإسرائيلي رسميًا عن تنظيم زيارات إلى مواقع أثرية داخل الجنوب السوري خلال عيد الفصح اليهودي هذا الشهر، وفق ما أورد موقع “كيبا” العبري. هذه الخطوة، التي تتم بحراسة عسكرية مشددة، لا تعكس اهتمامًا بالتراث، بقدر ما تُعلن دخول الجنوب السوري مرحلة جديدة: مرحلة دمج الأراضي المحتلة في الوعي الإسرائيلي، وتحويلها إلى وجهات “سياحية آمنة” كما حدث في القدس والجولان.
بهذا المسار، لا تُوسّع إسرائيل نفوذها فحسب، بل تُعيد رسم خريطة سوريا بسياسة التدرج الهادئ… لتكتب نكبة جديدة في قرى ظلت لسنوات تنزف من الحرب، وتُركت الآن فريسة للاحتلال.