اجابت دار الإفتاء المصرية، عن سؤال ورد اليها مضمونة:"ما حكم تأخير الصائم غُسل الجنابة إلى ما بعد المغرب؛ خشية دخول الماء إلى حلقه؟".

لترد دار الإفتاء موضحة: أن صيام مَن أخَّر الغُسل من الجنابة إلى ما بعد المغرب صحيحٌ؛ سواء كانت هذه الجنابة بسبب الجماع قبل الفجر أو الاحتلام أثناء النهار أو قبله، مع العلم أن هذا التأخير خلاف الأَوْلى؛ لأنه يُستحب له التعجيل بالغُسل عمومًا، ويتعيَّن إذا خيف تأخير الصلاة عن وقتها بسبب التأخر في الغُسل؛ لما يترتب على ذلك من حصول الإثم خصوصًا، مع العلم أن الْـمُتطهِّر من الجنابة لو وصل إلى حلقه شيء من الماء بلا قصدٍ؛ فإن صومه صحيحٌ ولا شيء عليه، وهو أمين على نفسه في ذلك.

ليلة النصف من شعبان.. جبر الله فيها خاطر سيدنا النبي دعاء ليلة النصف من شعبان.. ردده من الآن ليوم الأحد يغفر الله لك الذنوب


الصوم هو الإمساكُ عن الْـمُفطرات في الوقت المخصوص له، ولا يتحقَّق هذا الإمساك بدخول شيءٍ ذِي جِرْمٍ من المنافذ المفتوحة إلى الجوف، وإلَّا كان ركن الصيام منعدمًا؛ ولا سيَّما أنَّ أداء العبادة بدون ركنها لا يُتصوَّر؛ لقوله تعالى: ﴿ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ﴾ [البقرة: 187]، ولِمَا رواه الإمام البخاري في "صحيحه" موقوفًا عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «الصَّوْمُ مِمَّا دَخَلَ وَلَيْسَ مِمَّا خَرَجَ»، ووصله ابن أبي شَيْبَة في "مصنفه" عن وكيع عن الأعمش عن أبي ظَبْيَان عن ابن عباس رضي الله عنهما في الحجامة للصائم قال: «الْفِطْرُ مِمَّا دَخَلَ وَلَيْسَ مِمَّا خَرَجَ، وَالْوُضُوءُ مِمَّا خَرَجَ وَلَيْسَ مِمَّا دَخَلَ»، كما ذكر ذلك الحافظ ابن حجر العَسْقَلاني في "فتح الباري" (4/ 175، ط. دار المعرفة)، و"تغليق التعليق" (3/ 178، ط. المكتب الإسلامي).

وحقيقة الصيام بالإمساك عن المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس أمر متفق عليه بين الفقهاء؛ يُنظر: "بدائع الصنائع" للإمام الكاساني الحنفي (2/ 90، ط. دار الكتب)، و"الشرح الصغير" للإمام الدردير المالكي (1/ 698-699، ط. دار المعارف)، و"تحفة المحتاج" لابن حجر الهَيْتَمِي الشافعي (3/ 413، ط. المكتبة التجارية الكبرى)، و"المغني" لابن قُدَامة الحنبلي (3/ 105، ط. مكتبة القاهرة).

والفقهاء متفقون على أنَّ الاغتسال من الجنابة واجبٌ، وأنَّه لا يجوز للْجُنب أن يؤدي الصلاة أو أن يمس المصحف، أو أن يدخل المسجد إلا بعد أن يغتسل؛ لقول الله تعالى: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا﴾ [المائدة: 6]، وقد نقل الإجماع على وجوب الغُسل من الجنابة غير واحد من العلماء، منهم العلَّامة ابن القَطَّان في "الإقناع" (1/ 97، ط. الفاروق الحديثة).

ومع كون الغُسل من الجنابة واجبًا إلا أنَّ تَرْكَه أو تأخيره مدةً لا يُؤثر على صحة الصيام؛ فقد اتفق الفقهاء على أنَّ الطهارة من الجنابة ليست شرطًا من شروط صحة الصيام التي لا يصح الصيام إلا بها، وأنَّ من أصبح جُنُبًا فإن صومه صحيح. ينظر: "الحاوي الكبير" للماوَرْدِي (3/ 414، ط. دار الكتب العلمية)، و"الإقناع" لابن القَطَّان (1/ 237).

أما عن تأخير غُسل الجنابة لما بعد المغرب؛ فمع كون التأخير من دون عذرٍ قد يلحق بسببه صاحب الجنابة إثمُ ترك الصلاة أو ضياع وقتها، إلا أنه لا يؤثر على صحة الصوم كما قررنا.

قال الإمام النووي في "شرح صحيح مسلم" (3/ 219، ط. دار إحياء التراث العربي): [غُسل الجنابة ليس على الفور وإنما يتضيق على الإنسان عند القيام إلى الصلاة، وهذا بإجماع المسلمين] اهـ.

فيظهر من ذلك أنه لا يجب غُسل الجنابة على الفور، وقد استثنى الفقهاء من ذلك ما إذا كان الاغتسال من الجنابة بغرض إدراك وقت الصلاة، فإنه يكون واجبًا حينئذٍ.

قال العلامة الشَّبْرَامَلِّسِي الشافعي في "حاشيته على نهاية المحتاج" (1/ 210، ط. دار الفكر): [قوله: (ولا يجب فورًا أصالة) خرج به ما لو ضاق وقت الصلاة عقب الجنابة أو انقطاع الحيض، فيجب فيه الفور؛ لا لذاته، بل لإيقاع الصلاة في وقتها] اهـ.

لكنَّ الأَوْلى بالجُنب المسارعة إلى تعجيل الغُسل من الجنابة وعدم تأخيره؛ لما يُخشى من أثر تأخيره على النفس من كثرة الوساوس ونحوها؛ وحتى يقوم الصائم بالتقرب إلى الله خلال زمن الصيام بكل القُرَب وهو على أكمل حالٍ؛ من ذكر، وقراءة قرآن، ونحوها.

قال العلَّامة مَيَّارة المالكي في "الدُّر الثمين" (ص: 166، ط. دار الحديث): [وتأخير غُسل الجنابة يثير الوسواس، ويُمكِّن الخوف من النفس، ويُقلل البركة من الحركات] اهـ.

وقال العلَّامة منصور البُهُوتي الحنبلي في "كشاف القناع" (2/ 372، ط. دار الكتب العلمية): [(فلو أخَّره) أي: الغُسل (واغتسل بعده) أي: بعد طلوع الفجر الثاني (صح صومه) لما تقدم من حديث عائشة وأم سلمة... (وكذا إن أخَّره) أي: الغُسل (يومًا) فأكثر (لكن يأثم بترك الصلاة) أي: تأخيرها عن وقتها] اهـ، ولذا فإنه ينبغي على الإنسان أن يسارع بالتطهر من الجنابة، حتى ولو وصل إلى حلقه شيء من الماء من دون قصدٍ -كما هو مبرر صاحب السؤال في عدم الغسل- لأن ذلك لا يؤثر على صومه، كما نص عليه بعض الفقهاء، وهو أمين على نفسه في ذلك.

قال الإمام ابن قُدَامة في "المغني" (3/ 123، ط. مكتبة القاهرة): [وإن تمضمض، أو استنشق في الطهارة، فسبق الماء إلى حلقه من غير قصد ولا إسراف، فلا شيء عليه] اهـ.

وبناءً عليه: فإن صيام مَن أخَّر الغُسل من الجنابة إلى ما بعد المغرب صحيحٌ؛ سواء كانت هذه الجنابة بسبب الجماع قبل الفجر أو الاحتلام أثناء النهار أو قبله، مع العلم أن هذا التأخير خلاف الأَوْلى؛ لأنه يُستحب له التعجيل بالغُسل عمومًا، ويتعيَّن إذا خيف تأخير الصلاة عن وقتها بسبب التأخر في الغُسل؛ لما يترتب على ذلك من حصول الإثم خصوصًا، مع العلم أن الْـمُتطهِّر من الجنابة لو وصل إلى حلقه شيء من الماء بلا قصدٍ؛ فإن صومه صحيحٌ ولا شيء عليه، وهو أمين على نفسه في ذلك.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: دار الإفتاء المصرية ما بعد المغرب الجنابة إلى قال ال

إقرأ أيضاً:

رئيس دينية الشيوخ: حب الشعب المصري لآل البيت يتفق مع صحيح الدين

كتب - محمود مصطفى أبوطالب:

قال الدكتور يوسف عامر رئيس لجنة الشئون الدينية والأوقاف بمجلس الشيوخ، النائب الأسبق لرئيس جامعة الأزهر، إن التكوين الثقافي والمعرفي للأديب نجيب محفوظ كان له بالغ الأثر في وصوله للعالمية، إضافة إلى دراسته في الفلسفة، وإدراكه للمذاهب الفلسفية واتجاهاتها المختلفة، وإطلاعه في علم النفس، وقراءته للآداب أثرا عميقا، وإدراكه للواقع، وتأثره بالبيئة المصرية التي عاشها.

وأضاف عامر خلال كلمته في الندوة التي عقدتها كلية الآداب بجامعة دمنهور، الخميس، عن الكاتب الكبير نجيب محفوظ، بالتعاون مع وزارة الثقافة، أن الأديب العالمي امتاز بتعبيره عن الهوية المصرية، وتصويره لها تصويرا دقيقا، يتجلى في وصف المواضع والأحياء الشعبية والمآذن والقباب، والحرف القديمة كمبيض النحاس وبائع العرقسوس...، ووصفه للأزياء والحلي والمصوغات، والأعراف والتقاليد.

ولفت رئيس لجنة الشؤون الدينية بمجلس الشيوخ، إلى أنه من جذور الهوية المصرية التي سجلها أدب نجيب محفوظ، الجانب الصوفي في وجدان الشعب المصري، الذي ظهر في محبة المصريين لآل البيت رضوان الله عليهم وتعلقهم الروحي بهم، وجسّد ذلك في أحد مشاهد "بين القصرين" والذي أوضح أن التبرك بآل البيت رضوان الله عليهم معناه معرفتهم بصلاحهم، وأن أضرحتهم مواطن للتبرك، وأن منزلتهم من الله تعالى عظيمة، ولذا تهفو القلوب إليهم، مشيرا إلى أن حب آل البيت رضي الله عنهم وأرضاهم الذي يتميز به الشعب المصري، متفق مع صحيح الدين، فها هو سيدنا أبو بكر رضي الله عنه وأرضاه يقول: «ارقبوا محمدا صلى الله عليه وسلم في أهل بيته".

وأوضح عامر أن الهوية المصرية تجلت في الحفاظ عليها في اللغة التي استعملها نجيب محفوظ في رواياته، إنها اللغة العربية في صورة سليمة جميلة سلسة عذبة، ولم نشعر معها أنه يضيق بها، أو أنه يشعر أنها لا تلبي حاجاته، وقراء نجيب محفوظ لم يشتكوا وعورة ألفاظه ولا صعوبتها، لقد وصف بها وبالغ في وصفه كما شاء، دون صعوبات تحول بينه وبين الوصول للقراء.

ولفت إلى أن ذلك يدل على أن الأديب الكبير يرى أن اللغة العربية السليمة معطاءة قادرة على أن تعطي الأجيال ما يشاءون دون أي عوائق، ما يعد حفاظا جليا من على الهوية، فالحفاظ على اللغة العربية حفاظ على الهوية.

اقرأ أيضا:

ارتفاع الحرارة ورياح.. الأرصاد تعلن طقس الساعات المقبلة

مواعيد تسليم الجوازات.. تنبيه من "السياحة" بشأن الحج 2025

لمعرفة حالة الطقس الآن اضغط هنا

لمعرفة أسعار العملات لحظة بلحظة اضغط هنا

مجلس الشيوخ الدكتور يوسف عامر آل البيت

تابع صفحتنا على أخبار جوجل

تابع صفحتنا على فيسبوك

تابع صفحتنا على يوتيوب

فيديو قد يعجبك:

الأخبار المتعلقة نقيب التمريض تلتقى مجدي يعقوب لبحث سبل دعم التمريض المصري أخبار سأظل صحفيًا.. البلشي: لن أدخل مجلس الشيوخ أخبار محمود مسلم معلقًا على مشاجرة قيادات سوهاج: "مشهد عبثي" أخبار بعد مسلسل منتهي الصلاحية.. تحرك برلماني بسبب المراهنات والألعاب الإلكترونية أخبار

إعلان

إعلان

أخبار

رئيس "دينية الشيوخ": حب الشعب المصري لآل البيت يتفق مع صحيح الدين

روابط سريعة

أخبار اقتصاد رياضة لايف ستايل أخبار البنوك فنون سيارات إسلاميات

عن مصراوي

اتصل بنا احجز اعلانك سياسة الخصوصية

مواقعنا الأخرى

©جميع الحقوق محفوظة لدى شركة جيميناي ميديا

خلال ساعات.. خبراء وبنوك يرجحون خفض المركزي للفائدة بهذه النسب حقيقة منع معتمرين من دخول مطار سفنكس الدولي.. بيان رسمي يكشف التفاصيل الذهب يتراجع عن مستواه القياسي خلال منتصف تعاملات اليوم 27

القاهرة - مصر

27 14 الرطوبة: 17% الرياح: شمال شرق المزيد أخبار أخبار الرئيسية أخبار مصر أخبار العرب والعالم حوادث المحافظات أخبار التعليم مقالات فيديوهات إخبارية أخبار BBC وظائف اقتصاد أسعار الذهب أخبار التعليم فيديوهات تعليمية رياضة رياضة الرئيسية مواعيد ونتائج المباريات رياضة محلية كرة نسائية مصراوي ستوري رياضة عربية وعالمية فانتازي لايف ستايل لايف ستايل الرئيسية علاقات الموضة و الجمال مطبخ مصراوي نصائح طبية الحمل والأمومة الرجل سفر وسياحة أخبار البنوك فنون وثقافة فنون الرئيسية فيديوهات فنية موسيقى مسرح وتليفزيون سينما زووم أجنبي حكايات الناس ملفات Cross Media مؤشر مصراوي منوعات عقارات فيديوهات صور وفيديوهات الرئيسية مصراوي TV صور وألبومات فيديوهات إخبارية صور وفيديوهات سيارات صور وفيديوهات فنية صور وفيديوهات رياضية صور وفيديوهات منوعات صور وفيديوهات إسلامية صور وفيديوهات وصفات سيارات سيارات رئيسية أخبار السيارات ألبوم صور فيديوهات سيارات سباقات نصائح علوم وتكنولوجيا تبرعات إسلاميات إسلاميات رئيسية ليطمئن قلبك فتاوى مقالات السيرة النبوية القرآن الكريم أخرى قصص وعبر فيديوهات إسلامية مواقيت الصلاة أرشيف مصراوي إتصل بنا سياسة الخصوصية إحجز إعلانك خدمة الإشعارات تلقى آخر الأخبار والمستجدات من موقع مصراوي لاحقا اشترك

مقالات مشابهة

  • رئيس دينية الشيوخ: حب الشعب المصري لآل البيت يتفق مع صحيح الدين
  • نجل فضل شاكر: أحمل رسالة من والدي وخبر براءته صحيح
  • مواقيت الصلاة اليوم الخميس 17 أبريل 2025 في المدن والعواصم العربية
  • هل الصلاة بدون وضوء بعد الاغتسال من الجنابة باطلة؟.. الإفتاء تجيب
  • موعد أذان المغرب.. مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 16 أبريل 2025
  • مدير جامعة وادي النيل يطمئن على سير الامتحانات بكلية الهندسة عطبرة
  • بالقاهرة والمحافظات.. مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 16-4 - 2025
  • حكم تأخير الصلاة بسبب الإنشغال في بعض الأعمال الضرورية
  • موعد أذان الظهر.. مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 15 أبريل 2025
  • بالقاهرة والمحافظات.. مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 15-4-2025