تعيش مصر ـ كسلطة الآن ـ مرحلة من أسوأ مراحلها من حيث السياسة، ومن حيث التصريحات التي تهيل التراب على تاريخ عريق للدبلوماسية المصرية، فقد كان في جلسة ضمن مؤتمر ميونيخ للأمن، حيث تداخلت تسيبي ليفني وزيرة خارجية إسرائيل السابقة، وتكلمت عن حماس، كلاما من الطبيعي خروجه منها، بحكم وظيفتها السابقة، وموقفها كشخصية سياسية في الكيان الصهيوني.
لكن من غير الطبيعي ما قام به سامح شكري وزير خارجية مصر بالتعقيب عليها، بتأييدها في كل ما قالته، وكأنها تمثل السلام والبراءة، بينما أعداؤها يمثلون العنف، ثم يخرج ما بداخله ويمثله ويمثل نظامه، بأن كان الأولى حساب من أعطى هذه القوة والتمويل لحماس، وهو ما لم يحدث للأسف، حسب قوله.
الملاحظ أن التصريحات السياسية، والأخبار التي تخرج منذ طوفان الأقصى، لا تمثل تاريخ مصر المعروفة باتزان كبير في هذه التصريحات، والتي كانت مصر تحرص لفترة على أن يكون منصب وزير الخارجية يشغله شخص يليق بالمكان والمكانة لمصر، حيث ارتبطت مصر لفترة طويلة بوضع أشخاص في هذا المنصب الخطير يليقون به.
وتكون تصريحاته منضبطة إلى حد كبير فيما يتعلق بسياق القضية الفلسطينية، لكن شكري أخرج ما يعبر عنه وعن نظامه في الموقف الحقيقي من غزة وأهلها، ولم يكن منتظرا منه مناصرتهم، أو مناصرة مقاومتهم، لا سمح الله، على حد قول أبي عبيدة، الذي أصبحت كلمته نموذجا يستدعى لمثل هذه المواقف المخزية.
إذا كان الكيان سعيدا بتصريحات سامح شكري، وبات ليلتها قرير العين، أن هناك صوتا يخرج من كبرى العواصم العربية، يؤيد إجرامه، ويقف إلى جانبه في محافل دولية، وهو كيان غير محتاج لمثل هذه الوقفة، فقد وقفت معه كبرى الدول الغربية، وعلى رأسها أمريكا، بالمال والسلاح والفيتو.هذا الموقع السيادي المهم، منصب وزير الخارجية المصري، سبقه إليه أشخاص في مختلف العهود، كانوا يضعون نصب أعينهم القضية الفلسطينية، بل رأينا وزير خارجية مصر وقت السادات، يقدم استقالته، لإقدام السادات على معاهدة كامب ديفيد. وظل خطاب الخارجية المصرية متوازنا إلى حد ما، إلى أن جاء أحمد أبو الغيط وبدأت التصريحات تخرج عن إطار العروبة والمصرية المعروفة، حتى صرح تصريحه الخائب، حين قال: من سيخطو خطوة من أهل غزة نحو مصر، سنقطع رجله. وصار المصريون يتندرون على أقواله، ويطلقون على اسمه: أبو الغائط، لا الغيط.
تصريحات شكري، لم تخرج ما بداخله وحده، بل دلت على نظرة هذا النظام لأهل غزة ومقاومتها، وجعلت الشعوب تشعر بريبة شديدة تجاه هذا الجار الكبير، هل يؤتمن نظامه في أن يكون طرفا في مفاوضات بين أهل غزة والكيان الصهيوني، وإلى أي جهة سيميل، إذا كان وزير خارجيته يلقى تسيبي ليفني بالابتسامات، بينما التجهم والغلظة تكون لأهل غزة.
وفي ظل هذه التصريحات وغيرها مما علقنا عليه من قبل، يخرج معدن الشعب المصري الأصيل، في رجل عامي مصري على فطرته، بائع فاكهة، يرى شاحنات تحمل بعض ما يستحق أهل غزة من إغاثة، فيجري مسرعا، يلقي بعض حبات اليوسفي (البرتقال) على الشاحنة، ورغم أنه ربما لا تصل هذه الحبات من البرتقال لأهل غزة، إلا أن مضمون الرسالة وصل، وعبر تعبيرا كبيرا، أهاج المشاعر الجياشة، من الشعبين: المصري والفلسطيني.
إذا كان الكيان سعيدا بتصريحات سامح شكري، وبات ليلتها قرير العين، أن هناك صوتا يخرج من كبرى العواصم العربية، يؤيد إجرامه، ويقف إلى جانبه في محافل دولية، وهو كيان غير محتاج لمثل هذه الوقفة، فقد وقفت معه كبرى الدول الغربية، وعلى رأسها أمريكا، بالمال والسلاح والفيتو.
فإن كان للكيان هذه الوقفات الرسمية، فإن موقف عم ربيع الصعيدي البسيط، كانت رسالته أبلغ وأقوى، ولا يمكن بحال من الأحوال أن يقارن الناس بين الموقفين، ولا بين الشخصين، لأنها لم تكن رسالة تحمل الشوق والحب لأهل غزة فقط، بل كانت تعلن على الدوام، أن مستقبل التطبيع بين بلادنا والكيان، مستقبل ضائع، بل هو سراب، وأن مجرد وضع سامح شكري وعم ربيع في سياق مقارنة لا سمح الله، لن ترجح فيه إلا كفة هذا المصري البسيط، بحبات برتقاله الرمزية والمعبرة عن الموقف الذي ينبغي أن تقوم به الدول نحو غزة وأهلها، لا الموقف المخزي الذي عبر عنه سامح شكري.
[email protected]
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه مصر الفلسطينية غزة مصر احتلال فلسطين غزة رأي مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة سامح شکری لأهل غزة
إقرأ أيضاً:
عن حزب الله.. ماذا أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي الجديد؟
أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي المعين "يسرائيل كاتس"، مساء اليوم الثلاثاء أنّ "الأولوية لإعادة الرهائن وتدمير حماس وحزب الله".,أقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، وزير الدفاع يوآف غالانت، وعيّن بدلاً منه إسرائيل كاتس الذي كان يشغل منصب وزير الخارجية.
وقال نتانياهو في اجتماع وزاري إن "التزامي الأسمى كرئيس وزراء إسرائيل هو الحفاظ على أمن إسرائيل وتحقيق النصر التام".
وأضاف "في خضم الحرب، أكثر من أي وقت مضى، هناك حاجة إلى ثقة كاملة بين رئيس الوزراء ووزير الدفاع".
وتابع نتانياهو "للأسف، رغم أن هذه الثقة كانت موجودة وكان هناك تعاون مثمر للغاية في الأشهر الأولى من الحملة، إلا أنه في الأشهر الأخيرة تآكلت هذه الثقة بيني وبين وزير الدفاع".
وقال إن "فجوات كبيرة بيني وبين غالانت فيما يتعلق بإدارة الحملة، وكانت هذه الفجوات مصحوبة بتصريحات وأفعال تتعارض مع قرارات الحكومة وقرارات المجلس الوزاري المصغر".
بعد دقائق من إعلان إقالة وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، أصدر وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير تعليقا يشيد فيه بقرار رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو.
وفي استكمال شرحه للأسباب، قال نتانياهو إنه حاول جسر الفجوات إلا أنها "اتسعت أكثر وأصبحت معروفة أيضا للجمهور بطريقة غير تقليدية، والأسوأ من ذلك، وصلت إلى علم العدو - حيث استفاد أعداؤنا من ذلك" على حدّ تعبيره.
ووصف أزمة الثقة بينه وبين غالانت بأنها تحولت لـ"مسألة عامة"، مبيناً "ليس أنا فقط من يقول هذا، بل أغلب أعضاء الحكومة ومعظم أعضاء المجلس الوزاري المصغر تقريباً يشاركونني نفس الشعور، بأنه لا يمكن الاستمرار على هذا النحو".
تشهد العلاقات بين رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، ووزير دفاعه، يوآف غالانت، توترا جديدا على خلفية خلافات بشأن إدارة الحرب، حسبما أفاد مراسل الحرة في تل أبيب.
أما سبب اختياره لكاتس، فيعود بحسب قوله إلى أن الأول "أثبت قدراته ومساهمته في الأمن القومي كوزير للخارجية ووزير للمالية، ووزير للاستخبارات لمدة خمس سنوات، والأهم من ذلك، كعضو في المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية لسنوات طويلة".
وتابع نتانياهو أن كاتس "معروف بقدرته على التنفيذ مع التزام بالمسؤولية والحزم الهادئ، وهذه الأمور مهمة جداً في إدارة الحملة" في إشارة إلى جبهات الحرب المفتوحة اليوم بين إسرائيل وخصومها من فصائل فلسطينية ومليشيات مسلحة موالية لإيران.