مآلات التغيير السياسي في رسالة المقاومة
تاريخ النشر: 22nd, February 2024 GMT
زين العابدين صالح عبد الرحمن
أن حالة السكون السياسي في المجتمع؛ مدعاة لغياب العمل المحكوم بالرؤية والفكرة. و متغيرات الأحداث في حرب البلاد المستمرة لابد أن تحدث تغييرا في الواقع الاجتماعي، و أيضا في خلق معادلة جديدة في الساحة السياسية تدفع بقطاعات واسعة من الشباب و غيرهم من السياسين إلي المشاركة الفاعلة في بناء الأمة، و أيضا المشاركة في صناعة القرار.
الآن تجيء رسالة الفريق أول شرطة محجوب حسن سعد مدير عام الشرطة سابقا، و التي بعثها إلي السادة رئيس و اعضاء مجلس السيادة ،و أيضا موجهة إلي الولاة بولايات السودان المختلفة، و إلي كل مواطن، و كل من يحمل السلاح ضد المتمردين .. و الرسالة معنونة بأسم "المقاومة الشعبية" التي استنفرت في مناطق السودان المختلفة.. تؤكد الرسالة (أن المقاومة الشعبية تعتبر الناطق الرسمي بإسم الشعب السوداني.. باعتبار أن الشعب في سنده للقوات المسلحة و الدعوة إلي المقاومة الشعبية لحماية نفسه و اسرته و ممتلكاتهم و اعراضهم، و الاستجابة الواسعة التي وجدت من قبل الناس في كل أقاليم السودان المختلفة جعلتهم يتحرروا من انتماءتهم الأولية و المناطقية و الحزبية إن كانت يمينا أو يسارا و الحديثة و القديمة و تكوين بنية واحدة لمناصرة الجيش و هزيمة التمرد) الهدف من الرسالة أن تنظم المقاومة الشعبية نفسها و تختار قياداتها في مناطقها ثم تصعد لتختار قيادة المقاومة في الإقليم و من ثم أختيار قيادة اتحادية تعبر عن المقاومة الشعبية.
و تقول رسالة الفريق أول سعد أن المقاومة يجب أن تكون هي المفوضة رسميا لمخاطبة العالم و المنظمات الإقليمية و الدولية، باعتبار أن قيادتها تم أختيارها ديمقراطيا من قبل الشعب في مناطقه المختلفة، من الحي إلي الولاية ثم المركز الاتحادي، و بالتالي هؤلاء الذين يحق لهم الحديث بأسم الشعب. و ليس سماع فئة صغيرة لا تجد السند الشعبي . أن المقاومة الشعبية كفكرة تستطيع أن تدفع بنفسها في ظل غياب الأحزاب السياسية و تقدم الرؤىة الموضوعية عبر الحوار المفتوح في تجاوز الأزمة و الحرب في البلاد. و كما ذكرت أن عجلة السياسية ربما يصبها الوهن و الضعف و تتوقف لكي تعدل من سيرها، و لكنها لا ترجع للوراء، و الأفكار وحدها هي التي تساعد على الخروج من الأزمة و تساعد على التغيير. و أي فكرة بتتطور بالحوار و تقديم الألإكار و ليس الرفض السلبي الذي لا يخدم الفكرة. أن المنعطف الذي تمر به البلاد قد بين أن الأحزاب السياسية تحتاج إلي إعادة بناء و تغيير في القيادات التي تكلست و اصبح وجودها نفسه أزمة. فالمقاومة الشعبية فكرة ناضجة ليست بديلا عن الأحزاب و لكنها تملأ الفراغ الذي يخلفه ضعف الأحزاب.
و تقول رسالة الفريق أول محجوب حسن سعد عن الفترة الانتقالية بعد وقف الحرب، التي شاركت فيها المقاومة الشعبية بحفظ الأمن في مناطقها ( أن المقاومة الشعبية تعتبر هي حاضنة الدولة السودانية الحقيقية، و قوات الشعب المسلحة هي المؤسسة القومية التي يفرض عليها الدستور و العرف و المنطق السليم بأن تكون و لوحدها على سدة حكم البلاد حتى يتم دحر التمرد من كل أرجاء الوطن.. و مطلوب منها أيضا بسط الأمن الشامل و الاستقرار الشامل لكل الوطن، و من بعد ذلك الاعداد للانتخابات بسند دولي و إقليمي فنيا و إداريا و ماليا.. لذلك لابد من تنظيم المقاومة التي سوف يقع عليها وحدها عبء إعادة بناء الدولة... و الانتظار الآن لترتيب و تنظيم نفسها) إذاً الرؤية التي تقدم بها الفريق أول شرطة حسن تفتح منافذ للحوار الوطني، و ليس بين القوى السياسية وحدها أنما مع كل أبناء الوطن لإي أي بقعة صغيرة كانت، هو يريد أن يرجع الحق للشعب عبر مكوناته الصغيرة في الأحياء و الولاية و المركز. و اعتقد أن الشعب الذي يقوم بالثورة و الانتفاضة ثم يسلمها للسياسيين و لا يجد منهم غير الفشل وجب عليه أن يتحمل المسؤولية حتى يضع قاطرة التحول الديمقراطي في الطريق السليم و يمنعها من الانحراف.
صحيحا أن الفكرة ربما تجد المعارضة والتشكيك و الاتهامات لكنها فكرة ترجع الحق لاصحابه، ربما يكون لهم الحل أفضل من صفوة لم ترث منها البلاد غير الفشل. أن الفكرة ولدة من الواقع الذي تدفع فيه الجماهير الفاتورة الكبيرة و يجب عليها أن تتحمل مسؤولية الخروج من الشرنقة. نسأل الله حسن البصيرة.
zainsalih@hotmail.com
//////////////////
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: المقاومة الشعبیة أن المقاومة الفریق أول
إقرأ أيضاً:
بين لساتك الدقير وبندقية البرهان..!
ليس ما نطرحه مجرد مقاربة توفيقية عابرة، بل خلاصة تجارب متراكمة، ورؤى متأنية، وحقائق مرصودة بدقة، تؤكد حقيقة واحدة بالغة الخطورة والأهمية:
إن الفوضى المصاحبة للاحتجاجات — من حرق الإطارات، وقلع بلاط الأنترلوك، واستخدام أعمدة الكهرباء في إغلاق الطرق، والإفراط المتكرر في الإضرابات كوسائل ضغط سياسي — هي ممارسات لا رشيدة، لا تخدم مصلحة وطن، بل تفتح الأبواب لرياح مدمّرة قد تقتلع البلاد من جذورها، بعنف بالغ وقسوة مريعة.
وفي المقابل، فإن استخدام البندقية كأداة لفرض الإرادة، أو لقهر الآخر، أو لابتزاز سلطة قائمة من أجل مطامع سياسية أو مكاسب مالية، لا يُنتج إلا مزيدًا من العنف المتصاعد، ويؤدي إلى تراكم كثيف لغاز “ثاني أكسيد الاحتباس السياسي”، الذي يخنق الأشجار المثمرة، ويحوّل الأرض إلى قفر لا تنبت فيه سوى أشواك المسكيت، التي تمتص بجشع كل خيرات البلاد.
السودان — هذا الوطن الجميل، بثقله التاريخي، وعمقه الجغرافي، وثرائه الإنساني — يحتاج إلى حرية حقيقية، تبدأ بصون كرامة الإنسان، وتضمن له حق الاختيار، والتعبير، والعيش الكريم، وتنتهي عند حدود صارمة تمنع الإضرار بالآخرين، وتوقف تمامًا تلويث المناخ العام بغاز أول أكسيد الكربون، ذلك الغاز السام، الذي لا يُرى ولا يُشم، لكنه يفتك بالمجتمع بهدوء قاتل.
السودان، بثرواته الوفيرة، وموارده النادرة، وسكانه الكُثُر، وبنيته الاجتماعية المعقدة، وتناقضاته الداخلية المتفاعلة، وجيرانه المتحفزين على طمع ونهم، لا بد له من بندقية وطنية، ذات كفاءة قتالية عالية، وعقل استراتيجي مدرك، وسند شعبي راسخ، تحرس تلك الخيرات، وتغلق المنافذ الخفية التي يتسلل منها دعاة الفوضى، ومهندسو الخراب، وتجار التمزق والانهيار.
فحماية الوطن — هذا الوطن العزيز المُنهك — لا تُنجز بالعبث، ولا بالابتزاز، بل بالوعي الكامل، والانضباط الصارم، والبصيرة النافذة، التي ترى بوضوح ما بعد دخان اللساتك وحرائق البنادق.
ضياء الدين بلال
إنضم لقناة النيلين على واتساب