لندن- في جلسة عاصفة، صادق مجلس العموم البريطاني، أمس الأربعاء، على مشروع قرار تقدم به حزب العمال يدعو إلى وقف إنساني فوري لإطلاق النار في قطاع غزة، دون التصويت على القرار بعد انسحاب كل من نواب حزب المحافظين والحزب الوطني الأسكتلندي بسبب خلافات حول تدبير عملية التصويت من قبل رئيس المجلس.

وكان الوطني الأسكتلندي سباقا لطرح مشروع القرار للتصويت، قبل أن يقدم -في وقت لاحق- كل من حزبي العمال والمحافظين تعديلات عليه، طالب من خلالها العمال بوقف إنساني فوري لإطلاق النار مع الإقرار بحق إسرائيل في استئناف القتال في "حال ارتكبت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) أعمال عنف ضدها" بحسب نص القرار.

أما حزب المحافظين فسحب تعديلا تقدم به يدعو فقط إلى هدنة إنسانية فورية في قطاع غزة.

مواقف ستارمر الداعمة لسياسات الاحتلال ضد أهالي غزة كانت محل انتقادات حادة (رويترز) نجاة من التمرد

وشهد البرلمان انقساما حادا بشأن التصويت على المشاريع الثلاثة التي تقدمت بها الأحزاب البريطانية، ليعكس حدة الخلاف في صفوف الطبقة السياسية بشأن التدبير السياسي للموقف من الحرب الإسرائيلية على غزة.

وبدا أنها حملة انتخابية مبكرة تقودها الأحزاب المتنافسة من داخل البرلمان لمخاطبة شريحة واسعة من حواضنها الشعبية التي تعتبر التعاطي مع الحرب على القطاع أحد المحددات الأساسية لحسم قرارها الانتخابي.

وبتبني مجلس العموم هذا القرار، يكون زعيم حزب العمال كير ستارمر -المتبرم من الدعوة بشكل صريح إلى وقف فوري لإطلاق النار دون شروط في غزة- قد نجا من موجة تمرد جديدة في صفوف كوادره الحزبية.

يأتي ذلك بعد أن أدى طرح الوطني الأسكتلندي في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي قرارا مماثلا إلى استقالة 10 نواب في صفوفه، وإثارة غضب الجاليات العربية والمسلمة التي تُعد خزانا انتخابيا تقليديا للحزب، بعد أن أظهرت استطلاعات للرأي تراجعا ملحوظا لدعمها المحتمل لحزب العمال في الانتخابات البرلمانية المقبلة.

وكانت مواقف ستارمر الداعمة للسياسات الإسرائيلية ضد أهالي غزة مثار انتقادات حادة للحزب، فيما يُعد التعديل الذي تقدم به قطعا للطريق على مشروع قرار الوطني الأسكتلندي الذي يُوصف بالمتقدم مقارنة بنص مشروع قرار حزب العمال، ومحاولة لمنع تعميق الانقسامات في صفوفه في الوقت الذي يستعد فيه لخوض انتخابات يطمح لتصدرها.

رفض شعبي

وخلال الأسابيع الماضية ومع تصاعد الرفض في صفوف الشارع البريطاني لاستمرار عمليات القتل التي يرتكبها جيش الاحتلال بحق المدنيين في غزة، بدأت مواقف زعيم الحزب في التململ في محاولة لجسر الهوة مع القواعد الشعبية.

وأكد ستارمر -في كلمة له أمام مؤيدي حزب العمال في أسكتلندا الأسبوع الماضي- أنه يؤيد وقفا إنسانيا فوريا لإطلاق النار في غزة، بعد أن عبر مؤيدو الحزب في أسكتلندا عن قلقهم من انعكاس موقف قيادته من الحرب على قرار الناخبين في الانتخابات المقبلة.

ويأتي ذلك في الوقت الذي يبدو فيه الوطني الأسكتلندي (خصمه السياسي) على انسجام تام مع مواقفه السابقة الرافضة لاستمرار الحرب الإسرائيلية على القطاع.

ورغم هذا الانزياح في المواقف، اتهم نواب بريطانيون ستارمر باستغلال أزمة إنسانية بحجم تلك التي يعيشها أهالي غزة، في لعبة سياسية انتخابية. بينما رأى آخرون أن تأييد أي قرار لوقف القتال في غزة لن يؤدي إلى تحول سريع بالأزمة، ولكنه سيجعل البرلمان في قلب الجهود الدولية للضغط لإنهاء فوري لهذه الحرب.

وقد اختلف النهج الذي تبنته الأحزاب السياسية البريطانية بشأن التعامل مع الأزمة في غزة.

سجال

واتهم الوطني الأسكتلندي -في نص القرار الذي طرحه للتصويت- إسرائيل بممارسة سياسة "العقاب الجماعي" ضد الفلسطينيين في غزة، مما جعل بقية الأحزاب البريطانية تتردد في دعم قرار ينطوي على لهجة انتقاد حادة للسياسات الإسرائيلية قد تُغضب شريحة واسعة من أنصار اليمين.

أما حزب المحافظين -الذي انخرط بقوة في السجال الدائر في البرلمان- فقد قرر في اللحظة الأخيرة سحب تعديل طرحه للتصويت في وقت سابق يطالب فقط بهدنة إنسانية فورية في القطاع، حيث زعم رئيس الوزراء ريشي سوناك أن إقرار وقف فوري لإطلاق النار دون خطة واضحة لحل سياسي دائم ليس من مصلحة الجميع.

وبالتزامن مع مناقشة مجلس العموم قرار وقف النار، تظاهر الآلاف أمام البرلمان بالعاصمة لندن لمطالبة النواب باتخاذ موقف جدي وحاسم ينهي دعم الحرب الإسرائيلية على غزة ويضع حدا لمعاناة سكانها.

وختام ليلة عاصفة في مجلس العموم، خرج ستارمر كأكبر منتصر بعد أن نجح في وأد تمرد كان سيعمق الخلافات داخل حزبه، قبل أشهر قليلة من انتخابات برلمانية حاسمة.

كما نجح في سد الطريق على مشروع قرار الوطني الأسكتلندي الذي كان سقفه أعلى، وطالب صراحة بوقف فوري لإطلاق النار دون تلاعب بالعبارات السياسية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الوطنی الأسکتلندی فوری لإطلاق النار مجلس العموم حزب العمال مشروع قرار بعد أن فی غزة

إقرأ أيضاً:

من التمرد إلى الاتفاق.. هدية فلول الأسد للثورة السورية

وجاءت هذه التطورات في ظل تصاعد الانتقادات المحلية والدولية لتجاوزات وقعت أثناء التصدي لهجمات الفلول، مما دفع الرئاسة السورية إلى تشكيل لجنتين، واحدة لتقصي الحقائق، وأخرى لتعزيز السلم الأهلي.

وبدأت الأحداث بهجمات عنيفة شنها فلول نظام الأسد على دوريات أمنية ومستشفيات في مدن الساحل السوري، مما أدى إلى سقوط قرابة 250 عنصرا من قوات الأمن، بالإضافة إلى العثور على مقابر جماعية تحتوي على عشرات القتلى.

اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4مجلس للأمن القومي بسوريا ولجنة تقصي الحقائق تبدأ عملها باللاذقيةlist 2 of 4الشرع يوقع مسودة الإعلان الدستوري في سورياlist 3 of 4هذا ما سيفعله الرئيس الشرع لمواجهة إسرائيلlist 4 of 4جدل بشأن وثيقة التفاهم الموقعة بين السويداء ودمشقend of list

هذه الهجمات، التي وصفت بأنها أقرب إلى محاولة انقلاب منظم، قادها اللواء الركن غياث سليمان دلا الضابط السابق في النظام المخلوع وقائد أركان الفرقة الرابعة التي كان يقودها ماهر الأسد، والذي قسم قواته إلى 3 مجموعات: "درع الأسد"، و"لواء الجبل"، و"درع الساحل".

ووفقا لتقارير أعدتها الجزيرة نت، فإن الهجمات كشفت عن وجود قيادات عسكرية وأمنية سابقة تابعة للنظام البائد تقف وراء التخطيط لهذه الجرائم، مدعومة من شخصيات فارّة خارج البلاد ومطلوبة للعدالة.

وقد وثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان مقتل 803 أشخاص من قوات الأمن الرسمية وفلول النظام والمدنيين خلال هذه الأحداث.

لجنة تحقيق ولجنة تعزيز

وفي أعقاب هذه الأحداث، أعلنت الرئاسة السورية تشكيل لجنة لتقصي الحقائق، ولجنة أخرى لتعزيز السلم الأهلي.

إعلان

وأكد الرئيس السوري أحمد الشرع أن الحكومة لن تتسامح مع فلول النظام السابق الذين ارتكبوا جرائم ضد قوات الجيش ومؤسسات الدولة، مشددا على أن الخيار الوحيد أمامهم هو تسليم أنفسهم للقانون فورا.

من جهته، رحب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بالرسائل الحازمة للرئيس السوري، معتبرا أنها تتسم بالاعتدال والتهدئة، وتؤكد عزم الحكومة على معاقبة الخارجين عن القانون.

وفي خطوة اعتبرها مراقبون تحولا كبيرا في المشهد السوري، أعلنت الرئاسة السورية توقيع اتفاق يقضي باندماج قوات سوريا الديمقراطية (قسد) ضمن مؤسسات الدولة.

وجاء هذا الاتفاق بعد مفاوضات استمرت أكثر من شهرين، رفض خلالها الرئيس الشرع التفاوض بوجود ضابط أميركي ضمن وفد "قسد"، وتم التوصل في النهاية إلى اتفاق على 9 نقاط من أصل 12 كانت محل خلاف.

وعلق أستاذ العلوم السياسية في جامعة دمشق عبادة التامر على الاتفاق، قائلا إنه جاء في لحظة صعبة من عمر الدولة الجديدة التي واجهت تمردًا دمويا، مما يعطي دفعة قوية للحكومة.

المسألة الكردية

ونشرت الجزيرة نت تقريرا معمقا عن تاريخ المسألة الكردية في سوريا، تساءل فيه عن التفاصيل الفنية الدقيقة للاتفاق، خاصة فيما يتعلق بالنقاط الشديدة الإشكال، مثل المسؤولية عن حماية سجون ومخيمات عائلات تنظيم الدولة الإسلامية، ومصير المقاتلين الأجانب المطلوبين لتركيا.

وأكد الكاتب والباحث السوري عمر كوش أن أهمية الاتفاق تكمن في كونه يشكل ضربة لكل المشاريع الانفصالية في سوريا، والتي تقف وراءها قوى خارجية.

وفي سياق متصل، توصلت الحكومة السورية إلى اتفاق مع أهالي ووجهاء السويداء، التي تقطنها أغلبية درزية، يقضي بإلحاق الأجهزة الأمنية في السويداء بوزارة الداخلية السورية، وأن يكون عناصر الشرطة المحلية من أبناء المحافظة.

وفي المقابل، صعد الاحتلال الإسرائيلي من هجماته على سوريا، حيث استهدف مستودعات عسكرية في محافظة درعا.

إعلان

واعتبر مراسل الجزيرة نت أن التحولات الإيجابية في سوريا تضع العصا في دواليب مخططات تل أبيب لتقسيم الأراضي السورية، وتحبط مشاريع توفير الحماية للأقليات في الجنوب السوري.

وعلق الكاتب والباحث السياسي حسن الدغيم قائلا بأن إسرائيل تحاول خلق عبء جديد على القيادة السورية من خلال العزف على وتر الأقليات، مؤكدا أن الدروز تحميهم الدولة السورية ولا يحتاجون إلى من يأتي من الخارج ليحميهم.

14/3/2025

مقالات مشابهة

  • لوقف لإطلاق النار.. ترامب وبوتين يعتزمان إجراء محادثة هذا الأسبوع
  • بقايا عصابات ومليشيات التمرد بدأت الهروب من القصر الجمهوري
  • ترامب وبوتين يبحثان حرب أوكرانيا الأسبوع الحالي
  • ماذا يخفي خطاب قائد التمرد؟
  • رئيس الوزراء البريطاني: علينا زيادة الضغط الاقتصادي على روسيا في حالة رفضها التفاوض
  • إقالة المبعوث الأمريكي لشؤون الرهائن.. عاجل
  • وفد حماس يتوجه للقاهرة لبحث تطورات مفاوضات وقف الحرب: الاحتلال الصهيوني يتنصل عن اتفاق وقف إطلاق النار والمقاومة تدعو الوسطاء للضغط عليه
  • وزراء خارجية مجموعة السبع يشيدون بالاجتماع الذي عُقد بين الولايات المتحدة وأوكرانيا في المملكة
  • تفاصيل بنود مقترح ويتكوف والوسطاء ورد حماس وإسرائيل عليه
  • من التمرد إلى الاتفاق.. هدية فلول الأسد للثورة السورية