كان غسان أبو ستة -وهو بريطاني من أصل فلسطيني- يعتقد أنه واجه الأسوأ، بعد ما يقرب من 30 عاما من العمل في "معالجة" الناجين من الحرب في سوريا واليمن والعراق وجنوب لبنان، ولكنه اكتشف بعد 45 يوما في قطاع غزة -خلال الحرب الحالية- مستوى غير مسبوق من الرعب بين الأطفال المبتوري الأطراف والمشوهي الوجوه، والعدد الهائل من الجرحى من كل صنف.

هكذا افتتحت صحيفة ليبراسيون حديثها مع الطبيب المتخصص في الجراحة التجميلية، غسان أبو ستة (54 عاما) الذي انطلق ضمن فرق "أطباء بلا حدود" واجتاز حاجز رفح لتوصيل المساعدات الإنسانية وعبور الناس، يوم 9 أكتوبر/تشرين الأول 2023، قبل أن يقصفه الجيش الإسرائيلي بساعتين، ليغرق المنطقة الصغيرة في دوامة من الموت لا نهاية لها.

يقول أبو ستة -الذي خدم في غزة خلال الحروب الثلاث السابقة، والذي يعتبر أن هجوم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على جنوب إسرائيل "نتيجة منطقية لـ16 عاما من الحصار" الذي تفرضه إسرائيل على قطاع غزة "كنت أعلم أن أعمالا انتقامية ستكون، وإن كنت لأتخيل شيئا شبيها بما حدث في حرب 2014، ولذلك شعرت أن علي واجبا يجب أن أؤديه".

وأوضحت الصحيفة -في تقرير من ليا ماسيغين- أن الجراح الذي كان يقضي معظم وقته في مستشفى الشفاء الذي تحول إلى مخيم للنازحين، حيث سيارات الإسعاف كانت تصل كل دقيقتين محملة بـ 5 أو 6 جرحى، أكد أنه لم يعالج لا هو ولا زملاؤه أي عضو من حماس معتقدا أن لديهم نظامهم الصحي الخاص في شبكة أنفاقهم.

جحيم غزة

وهذا الطبيب الذي يتضمن عمله التطوعي إصلاح وجوه وأطراف المدنيين الذين احترقوا أو تمزقوا بسبب القنابل، ونصفهم من الأطفال، يصف "جحيم" قطاع غزة، حيث الأحياء المدمرة بالكامل والحفر التي يتراوح عمقها بين 15 و20 مترا في المناطق السكنية، ورائحة الجثث المتحللة تحت جبال الأنقاض.

وبسرعة كبيرة، واجه مقدمو الرعاية نقصا خطيرا في الأدوية بسبب الحصار، حتى لجؤوا إلى إجراء عمليات البتر دون تخدير بمعدل 5 أو 6 مرات في اليوم، وذلك للمرة الأولى في مسيرة أبو ستة الطويلة، بعد أن ترأس خلال 9 سنوات قسم الجراحة التجميلية بالجامعة الأميركية في بيروت، حيث أمضى 40% من وقته في علاج جرحى الحرب من سوريا والعراق.

أبو ستة: جزء من "جحيم" قطاع غزة عبارة عن أحياء مدمرة بالكامل وحفر يتراوح عمقها بين 15 و20 مترا في المناطق السكنية، ورائحة الجثث المتحللة تحت جبال الأنقاض.

وبسبب انهيار النظام الصحي، غادر قطاع غزة يوم 21 نوفمبر/تشرين الثاني -على عجَل- الرجل الذي ولد في الكويت لأب فلسطيني وأم لبنانية عائدا إلى لندن حيث عائلته وعيادته.

ولكنه لا يزال متأثرا بهذه التجربة المؤلمة في قطاع غزة، ولا تزال الصور تطارده، وقد غمرته مشاعر الذنب، وسافر إلى لاهاي للإدلاء بشهادته كجزء من تحقيق المحكمة الجنائية الدولية في جرائم الحرب.

ويؤكد الطبيب، بشكل قاطع، أنه عالج جروحا سببها الفوسفور الأبيض "إنه يسبب حروقا شديدة، وغالبا ما تصل إلى العظام، وكان المرضى يعانون من حروق دائرية سوداء" كما يذكر أنه عالج أشخاصا أصيبوا بصواريخ هيلفاير المسماة أيضا "قنابل النينجا" التي تسبب شفراتها بتر أطراف من تصيبهم.

وبعد يومين من حديث محكمة العدل الدولية عن "الخطر الجسيم" المتمثل في وقوع إبادة جماعية في غزة، قامت نحو 10 دول بتعليق تمويلها لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) خط الدفاع الأخير عن 2.3 مليون من سكان غزة "لقد ذهلت تماما. يبدو الأمر كما لو أن الحكومة البريطانية كانت تعلم أن هناك إبادة جماعية محتملة وكانت مستعدة للمشاركة فيها".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: قطاع غزة أبو ستة

إقرأ أيضاً:

توسيع الحرب في الضفة ومخطط التهجير

حكومة الحرب العنصرية المتطرفة تستمر في تصعيد عدوانها الواسع في الضفة الغربية بعد ارتكابها جرائم حرب في قطاع غزة وتدمير مظاهر الحياة في مناطق شمال غزة بدأت بتصعيدها الغير مسبوق وتوسيع حربها الشاملة على شعبنا الفلسطيني في الضفة الغربية لتنفيذ مخططاتها الرامية لتهجير المواطنين والتطهير العرقي، وفرض سياسة الأمر الواقع ضمن مخططات التهجير الخطيرة التي تهدد مستقبل المنطقة برمتها جراء الاعتداء والتدمير الوحشي الذي تتعرض له مدن ومخيمات الضفة الغربية، وخاصة في منطقة الشمال، وأن مثل هذه السياسات ستؤدي إلى تدهور الأوضاع في الضفة كما هو الحال في قطاع غزة .

في ظل تصاعد عدوان الاحتلال وإجراءاته في الضفة الغربية خاصة في محافظات شمال الضفة الغربية ومخيماتها وتدمير البنية التحتية والمنازل والمنشآت والتهجير القسري لسكانها، وفرض القيود على الحركة بين المدن والبلدات والقرى الفلسطينية، حيث يوسع الاحتلال ويصعد عدوانه في الضفة الغربية، واستمرار الانتهاكات الإسرائيلية بحق المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، وتدمير مخيم جنين وتصعيد العدوان وتهجير المواطنين وإتباع السياسات العدوانية التي تنفذها قوات الاحتلال في الضفة الغربية، أدت إلى استشهاد 70 مواطنا منذ بداية العام الحالي، ومئات الجرحى والمعتقلين، إضافة إلى نسف مربعات سكنية كاملة في مخيمي جنين وطولكرم، ونزوح آلاف المواطنين، وتدمير هائل للبنية التحتية.

إن هذا العدوان دليل واضح على أن عملية التطهير العرقي لم تنته، وتأتي امتدادا لجرائم الاحتلال التي ارتكبتها عصابات جيشه في قطاع غزة وان وسقوط عدد من الضحايا والجرحى، إضافة إلى حرق منازل المواطنين واستمرار عمليات الترحيل القسري للفلسطينيين من وطنهم، لن ولم تنال من إرادة وعزيمة وإصرار الشعب الفلسطيني المتمسك في حقوقه والمدافع عن مستقبل أجياله، وأن تمسكه في أرضه وبقاءه صامدا يشكل عمق حضارته وتاريخه وهو يرفض بشكل قاطع لأي محاولات لتهجيره من قطاع غزة أو الضفة الغربية ويتمسك بحقوقه وإقامة دولته ولن يقبل بأي مخططات سواء بالتهجير أو الوطن البديل وان كل مشاريع الاحتلال الوهمية حتما ستنتهي ولن يكون لها أي تأثير على المستقبل الفلسطيني.

وبات من الضروري تظافر كافة الجهود للعمل الفوري من قبل كل الدول وأحرار العالم لرفض وإدانة السياسة الأمريكية الداعية الى تهجير الشعب الفلسطيني ورفض المحاولات الأميركية التي تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية وضرب التمثيل الفلسطيني في إطار منظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا وقائد نضاله وكفاحه من أجل الحرية والاستقلال.

لا يمكن لإدارة الرئيس ترامب استمرار صمتها ويجب ان تتدخل قبل فوات الأوان، لوقف العدوان الإسرائيلي المتواصل على شعبنا وأرضنا، الذي سيؤدي إلى تفجر الأوضاع بشكل لا يمكن السيطرة عليه، وسيدفع ثمنه الجميع، ولا بد من الإدارة الأمريكية ضرورة الضغط الدولي على إسرائيل لضمان وقف إطلاق نار دائم ومستدام، وإنهاء احتلالها للأراضي الفلسطينية، وبدء تنفيذ خطط الإغاثة والاستجابة الطارئة في قطاع غزة وصولا لإعادة الإعمار.

ويجب على مجلس الأمن الدولي تحمل مسؤولياته في تطبيق قرارات الشرعية الدولية، وأهمية عقد جلسة طارئة وعاجلة لمجلس الأمن الدولي، لوقف العدوان الإسرائيلي المتواصل على الشعب الفلسطيني وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وتمكين الشعب الفلسطيني من استعادة حقوقه المشروعة، بما في ذلك حقه في تقرير المصير وإقامة دولته المستقلة على حدود الرابع من حزيران عام 1967، وعاصمتها القدس الشريف.

الدستور الأردنية

مقالات مشابهة

  • ما الذي كشفه غالانت عن خطة هجوم البيجر وتداعيات الحرب في غزة؟
  • ترامب: إسرائيل ستسلم غزة لأمريكا بعد الحرب
  • الخارجية الصينية: غزة ليست ورقة مساومة سياسية
  • د.توبات يوضح تبعات ما بعد فصل الجراح من حزب العمال .. هل يفقد مقعده في المجلس؟
  • عراك بالأيدي في حزب العمال بعد قرار فصله النائب الجراح
  • غانتس يرحب بتصريحات ترامب عن نقل سكان قطاع غزة
  • توسيع الحرب في الضفة ومخطط التهجير
  • المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط: يجب إيجاد حل لمشكلة المكان الذي سيذهب إليه سكان غزة
  • إهمال طبي.. جراح يستأصل العضو الخطأ وينهي حياة مريضه
  • الشرع: الشعب السوري لن ينسى وقفة تركيا معه والمرحلة المقبلة تشهد تحولًا في العلاقات