احتفل مؤاخرا في بازيليك القديس بطرس، بإحياء الذكرى الأولى لمجموعة الرجال “ شهداء ليبيا ”  الذين تم اختطافهم وقطع رؤوسهم على شاطئ في سرت على يد رجال الميليشيات التابعة لتنظيم الدولة الإسلامية. وكان البابا فرنسيس قد أدرجهم في قائمة الشهداء الرومانيين في ١١ مايو الماضي.
وقال الكاردينال كورت كوخ، عميد دائرة تعزيز وحدة المسيحيين، إنَّ شهداء الكنيسة "ليسوا ظاهرة هامشية، بل يشكلون نقطة ارتكازها الأساسية"،  في كابلة الجوقة في بازيليك القديس بطرس، الاحتفال بالذكرى الأولى في الكنيسة الكاثوليكية للواحد والعشرين شهيدًا الذين قتلوا في ليبيا، والذين أدرجهم البابا فرنسيس في قائمة الشهداء الرومانيين في ١١مايو الماضي.

تم اختطافهم في سرت من قبل مجموعة من رجال الميليشيات التابعة لما يسمى بتنظيم الدولة الإسلامية، وقطعت رؤوسهم على الشاطئ في الجزء الغربي من المدينة في ١٥ فبراير ٢٠١٥؛ وكانوا عمالًا مهاجرين في ليبيا: عشرون من الجنسية المصريّة، يجمعهم الانتماء إلى الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، وواحد غاني، وهذا الأخير لم يكن مسيحيًا، ولكن عندما طُلب منه أن ينكر المسيح، أجاب: "إلههم هو إلهي".

ذكّر الكاردينال كوخ بكلمات يسوع في إنجيل يوحنا: "إذا اضطهدوني فسيضطهدونكم أيضًا"؛ وشدّد على أن الاستشهاد هو "جانب أساسي من المسيحية". وقد "ظهر هذا الأمر مرارًا عبر تاريخ الكنيسة". وهذا ما يتم تأكيده أيضًا "في عالم اليوم، حيث يوجد عدد أكبر من الشهداء مقارنةً بزمن اضطهاد المسيحيين في القرون الأولى": إنَّ ٨٠٪ من جميع الذين يضطهدون اليوم بسبب إيمانهم هم مسيحيون. ولذلك فإن الإيمان المسيحي حاليًا هو "الدين الأكثر تعرّضًا للاضطهاد. وقد أصبحت المسيحية مرة أخرى كنيسة شهيدة، إلى حد لا مثيل له". كذلك، أكد الكاردينال كوخ أن آلام يسوع هي "الاستشهاد الأول"، وهي في الوقت نفسه "النموذج المثالي لاستشهاد المسيحيين الذين يعيشون في اتباعه ويبذلون حياتهم محبّة به". وكما أن المسيح "خضع بالكامل لإرادة الآب السماوي من أجلنا نحن البشر وضحى بحياته على الصليب بسبب محبته اللامتناهية لنا، كذلك إن الشهيد المسيحي لا يسعى إلى الاستشهاد، ولكن إذا جاء الاستشهاد لا محالة فهو يأخذه على عاتقه كنتيجة لأمانته لإيمانه". في الواقع، لاحظ الكاردينال كوخ أن الموت ليس هو ما يجعل المسيحي شهيدًا، وإنما نيته وبالتالي استعداده الداخلي. فإذا "أخذنا يسوع المسيح كقدوة، فإن علامته المميزة ستكون المحبة": فالشهيد يضع موضع التنفيذ "انتصار المحبة على الكراهية والموت". وتضحيته "تظهر أنها فعل المحبة الأسمى تجاه الله وتجاه الإخوة والأخوات في الإيمان".

وأمام ذخائر الشهداء الواحد والعشرين - التي تم إحضارها إلى البازيليك لهذه المناسبة وقد قدّمها للحبر الأعظم قداسة البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية ورئيس الكنيسة الأرثوذكسية - ذكر الكاردينال كوخ بما سلّط عليه الضوء القديس يوحنا بولس الثاني، "مسكونية الشهداء" عندما أقام، خلال اليوبيل الكبير لعام ٢٠٠٠، في الكولوسيوم، احتفالًا لا يُنسى بحضور ممثلي مختلف الكنائس المسيحية والجماعات الكنسية. وبهذه المبادرة أظهر بوضوح أن "الشهادة المقدمة للمسيح حتى سفك الدم قد أصبحت إرثًا مشتركًا للكاثوليك والأرثوذكس والأنغليكان والبروتستانت"، كما نقرأ في الرسالة الرسوليّة Tertio millennio adveniente.

وأشار الكاردينال كوخ إلى أن المسيحيين اليوم "لا يتعرضون للاضطهاد لأنهم ينتمون إلى جماعة دينية معينة، بل لأنهم مسيحيون". وشدد على أن البابا فويتيلا قد اعترف في "مسكونية الشهداء" بـ "الوحدة الأساسية بيننا نحن المسيحيين، وكان يأمل أن يتمكن الشهداء من مساعدة المسيحية على إعادة اكتشاف الشركة الكاملة". كذلك، كما كانت الكنيسة الأولى مقتنعة بأن دماءهم يمكنها أن تكون بذار مسيحيين جدد، "هكذا يمكننا اليوم أيضًا أن نغذي الرجاء في الإيمان بأن دماء العديد من شهداء عصرنا قد تكون يومًا ما بذار وحدة مسكونية كاملة لجسد المسيح، الذي تجرحه انقسامات كثيرة." وأكد الكاردينال كوخ: "في دماء الشهداء، يمكننا أن نكون متأكدين، أننا قد أصبحنا واحدًا"، وشركة الشهداء "تتحدث بلا شك بشكل أكثر بلاغة من الانقسامات التي لا تزال اليوم تفرقنا".

وبهذا المعنى، فإن البابا فرنسيس "قد اعتبر دائمًا شهادة الشهداء الأقباط الأرثوذكس في غاية الأهمية". ومن خلال إدراجهم في قائمة الشهداء الرومانيين كـ "علامة للشركة الروحية التي توحد كنيستينا"، خلص الكاردينال كوخ إلى القول، أراد أن يُظهر أنهم "شهود الإيمان أيضًا في الكنيسة الكاثوليكية، وبالتالي فهم شهدائنا أيضًا".

خلال الصلاة المسكونية، رُفعت الصلوات لكي يمنح الرب، بشفاعة الواحد والعشرين شهيدًا، قوة روحه لكي يعلن اسمه، وللمضطهدين بسبب إيمانهم، فيجدوا القوة لكي يغفروا، وللكنائس الكاثوليكية والقبطية الأرثوذكسية التي تسير على درب الوحدة، لكي يعضد الرب الجميع في مسيرتهم نحو عيد الفصح. وقد أحيت الصلاة الجوقة القبطية الأرثوذكسية لكنيسة القديس جاورجيوس في روما، وكان من بين الحاضرين أمين سرِّ دائرة تعزيز وحدة المسيحيين، بريان فاريل؛ وأمين سر دائرة الكنائس الشرقية الأب ميشيل جلخ؛ والأسقف القبطي الكاثوليكي الفخري على أبرشية الجيزة (مصر) أنطونيوس عزيز مينا؛ والنائب العام لأبرشية روما القبطية الأرثوذكسية ثاوفيلوس السرياني؛ وكاهن رعية القديس مينا للأقباط الأرثوذكس في روما أنطونيو جبرائيل؛ بالإضافة إلى العديد من الممثلين المسكونيين، من بينهم ماثيو لافرتي، من المكتب المسكوني الميثودي في روما، وتارا كورلويس، من المكتب المسكوني للكنائس الإصلاحية في روما، وبساك تيبيرجيان، من الكنيسة الرسولية الأرمنية. وبعد الصلاة، تم عرض الفيلم الوثائقي الشهداء الواحد والعشرون: قوة الإيمان في مكتبة الأفلام في الفاتيكان. وقد تم تصوير الفيلم في قرية الشهداء الواحد والعشرين، تحت رعاية البابا تواضروس الثاني. وفي الختام، عُقدت طاولة مستديرة حول موضوع مسكونية الدم، شارك فيها الكاردينال كوخ والمونسنيور عزيز مينا والقس جبرائيل ومخرج الفيلم الوثائقي صموئيل أرمنيوس.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: شهداء ليبيا الكنيسة الكاثوليكية البابا فرنسيس

إقرأ أيضاً:

تشييع جثامين شهداء العدوان الصهيوني على الحديدة

الثورة نت/ يحيى كرد

شيع في مدينة الحديدة اليوم جثامين شهداء الواجب، وهيب عبدالله محمد غالب و محمد إبراهيم جنيد و ماجد أحمد قحطان و منير سالم أحمد سالم و عبدالنبي محمد حسن. وزكريا شراعي، الذين استشهدوا أثناء تأديتهم لواجبهم الوطني في خدمة الوطن، جراء القصف الإسرائيلي لمينائي الحديدة وأرس عيسى ومحطتي كهرباء الحالي ورأس كثيب.

حضر التشييع وزير الكهرباء والمياه، علي سيف حسن ونائبه عادل بادر ووكيل أول المحافظة أحمد البشري، ووكلاء المحافظة ومدير عام مؤسسة الكهرباء مشعل الريفي، وعدد من القيادات والشخصيات الاجتماعية، وأهالي وزملاء وأصدقاء الشهداء. وعبر المشيعون عن إدانتهم بأشد العبارات لسقوط هؤلاء الشهداء المدنيين الأبرياء الذين كانوا يؤدون واجبهم الوطني في موانئ ومحطات الكهرباء المحافظة.

وأكد المشيعون على السير قدماً على نهج الشهداء في مواجهة قوى الطغاة والدفاع عن الوطن وسيادته، واستمرار دعم ومساندة أبناء الشعبين الفلسطيني واللبناني. وثمنوا تضحيات شهداء القصف الإسرائيلي والقيم والمبادئ الإنسانية والوطنية التي ضحوا من أجلها في سبيل الواجب الوطني.

وشدد المشيعون على أن العدوان الإسرائيلي على الوطن لن يثني أبناء الشعب اليمني وقيادته وقواته المسلحة عن موقفهم الثابت في دعم ومساندة الشعب الفلسطيني واللبناني حتى إيقاف العدوان ورفع الحصار.

وقد رويت جثامين الشهداء الثرى في روضة مقبرة الشهداء بمدينة الحديدة.

مقالات مشابهة

  • مصر وموريتانيا : نحرص على الحفاظ على وحدة وسيادة ليبيا واستعادة الأمن والاستقرار بها
  • الكنيسة القبطية الكاثوليكية تدعو الشعب للصلاة من أجل السلام في العالم
  • الكنيسة الكاثوليكية بمصر توجه دعوة للصلاة من أجل السلام في العالم
  • بمناسبة انتفاضة تشرين المجيدة : الشهداء اكرم منا جميعاً
  • الأنبا مارك يشارك في احتفالات الكنيسة الأرمينية الأرثوذكسية بتكريس زيت الميرون
  • تشييع جثامين شهداء العدوان الصهيوني على الحديدة
  • سولير لـ الدبيبة: فرنسا داعمة لاستقرار ليبيا واستمرار الحوار لضمان وحدة البلاد
  • رئيس النواب المصري: مستمرون في جهود تعزيز الاستقرار في ليبيا
  • الكنيسة الكاثوليكية تحتفل باليوم العالمي الـ110 للمهاجرين واللاجئين في القدس
  • 7% من شهداء العدوان على قطاع غزة من المسنين