ترى الكاتبة دومينيك إده أن هناك مسألتين ضروريتين لمواجهة جحيم غزة، هما وقف إطلاق النار في القطاع والإطاحة بالمسؤولين عن هذه المأساة، لا بالسلاح بل بالضغط الهائل من الداخل والخارج، مؤكدة أن ذلك لا يتم إلا بإيقاظ الضمائر المخدرة، بدءا بالضمائر الأكثر حسما، كضمائر الإسرائيليين.

وانطلقت الكاتبة -في مقال لها بمجلة لوبس الفرنسية- من وصف الحال في غزة، من عشرات آلاف القتلى والبنى المدمرة، وآلاف الجرحى المحرومين من المستشفيات، والذين تبتر أطرافهم دون تخدير، ناهيك عن نزوح مئات الآلاف من سكان غزة وانتشارهم على الطرق، وهم يرتجفون من الخوف والبرد والجوع، يجرون أنفسهم منهكين في قطعان مثل الحيوانات، لتصل إلى أن هذه الأرقام المذهلة والصور لا يبدو أنها تؤثر في عالم يرى في عيون هؤلاء أن هناك ما هو أسوأ من فقدان الحياة، وهو الاستمرار في العيش بدونها.

نصف قرن من المجازر

واستغربت الكاتبة كيف يكون هذا ممكنا، وعشرات الأطباء من كافة الدول ومن كافة الأطياف يؤكدون أن ما يحدث ليس حربا بل مشروع إبادة، لتتساءل أي عقل مستنير لا يزال يتصور للحظة أن هذه حربا على حركة المقاومة الإسلامية (حماس)؟ وهل ندرك في أوروبا، وفي فرنسا على وجه الخصوص، أننا ندفع الإنسانية إلى الفراغ؟

وتقول إنه "بالنسبة لأشخاص من أمثالي يتذكرون نصف قرن من المجازر في لبنان وسوريا والعراق وفلسطين فإن السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 يشكل جزءا من تدهور إقليمي مروع، مليء بالمجازر، خاصة في لبنان وفلسطين، ومن أشهرها مذبحة دير ياسين التي ارتكبها مقاتلو منظمة الإرغون بقيادة مناحيم بيغن عام 1948″.

ومع أنه لا أحد يعرف المخرج في هذا الوقت من الأزمة، فإننا نعلم أنه يمر بمبدأ التمييز بين المحتل الغاصب والمحتلة أرضهم، والمستوطن والمغصوبة أرضه، ومن أجل التحرك نحو السلام، علينا أن نحدث فرقا، وذلك بخلق مساحة للطرف الآخر، كما تقول الكاتبة اللبنانية.

وتستطرد دومينيك إده ما كتبته أميرة هاس في صحيفة "هآرتس" عن هجوم رفح الذي أعلن عنه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، قائلة "إذا اضطر ما يقرب من مليون فلسطيني إلى الفرار للمرة الثالثة أو الرابعة إلى المواصي فإن الكثافة ستكون نحو 62 ألفا و500 شخص لكل كيلومتر مربع، مما يعني أن الأشخاص لن يتمكنوا إلا من الوقوف أو الركوع، ومحكوم عليهم بالتناوب في النوم، لتستنتج أن احتمال الانقراض هذا هو ما يجب أن نتخيله لدفع بيادق السلام.

ولهذا تدعو الكاتبة إلى العودة إلى المناقشة التي كانت متعثرة منذ عام 1948، حين كان العديد من اليهود قلقين من إنشاء دولة لشعبهم في بيئة أجنبية وحتى معادية، كما كتب ألبرت أينشتاين وسيغموند فرويد وغيرهما، مؤكدا أن جذور المشكلة لا يمكن حلها بالسلاح ولا المال، بل بوضع حد لخطاب الإنكار.

إشارات الاعتراف

ونبهت دومينيك إده إلى أن الأسلوب الذي يتمثل في وصف أي شخص يعارض سياسات إسرائيل بأنه معاد للسامية نمط من الإرهاب الفكري الذي يواصل تعميق الكراهية وتقويض الحوار، ومثل ذلك توجيه الإهانة إلى أي شخص يجرؤ على ذكر قوة جماعات الضغط المؤيدة لإسرائيل في الولايات المتحدة، خاصة أن الصهيونية ومعاداة السامية كلمات لم تعد تعني أي شيء.

ولأن بقاء الناس لن يعتمد على توازن القوة العسكرية الذي أثبت فشله مرارا وتكرارا، فإن المطلوب الآن هو اكتشاف إشارات التعرف الجديدة، حيث يتوقف إنكار وجود الآخر والحلم بموته.

وخلصت الكاتبة إلى أن ما أسمته فظائع 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 لا تشكل حدثا معزولا من حيث التاريخ الإقليمي، بل هي النتيجة البغيضة لظاهرتين، الأولى عمى أغلبية الإسرائيليين الذين يحتمون بالحليف الأميركي القديم والأصدقاء العرب الجدد، في تحدٍ للحقائق، ويعتقدون أنهم يستطيعون العيش والتجارة والرقص بشكل طبيعي وعلى عتبة بابهم شعب حرموه وسحقوه وسلبوه كل حقوقه، والثانية هي فشل فلسطين في تجهيز نفسها بالقوى القادرة على التفكير في تحرير الشعوب.

ولقد وصلنا الآن -كما تقول الكاتبة- إلى النقطة التي يخيم فيها الخوف والتخويف في أذهان الجميع، لا بد أن يتوقف الجميع بمن فيهم إسرائيليون عن تأييد نظام همجي، والاستماع إلى صرخات المساعدة اليائسة من أولئك الذين يعيشون ويعملون في غزة، لأن المسألة لم تعد مجرد مسألة مذبحة ومعاناة لا تطاق، بل إنها مسألة جحيم.

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

رفع 503 حالات إشغال للكافيهات خلال حملة مكبرة بحي بولاق الدكرور

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

شن حى بولاق الدكرورحملة مكبرة برئاسة المهندس محمود فؤاد رئيس الحي، وبالتنسيق مع شرطة المرافق وللادارات المعنية بالحي، وذلك لرفع إشغالات وتعديات المقاهى والكافيهات والمحال التجارية على الطريق العام ورصد أى مخالفات ومواجهتها فى الحال لتحقيق الانضباط، وتمت الحملة بنطاق الحي بعدد من الشوارع منها :"شارع العشرين ، شارع الثلاثين ، وشارع الأربعين ، وشارع الملكة".

ووجه المهندس عادل النجار محافظ الجيزة رؤساءالأحياء والمراكزوالمدن بتكثيف الحملات لرفع الإشغالات من الشوارع والميادين وعدم السماح بتعدي أي منشأة تجارية أو مقهى أو محل أو كشك على الطريق العام، ورصد أي مخالفات ومواجهتها في الحال لتحقيق الانضباط.

وأسفرت الحملة عن مصادرة عدد 503 حالات إشغالات متنوعة وتم ايداعها بمخزن الحي إزالة ومصاطب بنهر الطريق ، وكلف المحافظ بسرعة الاستجابة للشكاوى الواردة من المواطنين والتعامل معها وحلها على الفور، مشددًا على مواصلة شن الحملات على مدار اليوم وعدم السماح بالتعدي على أرصفة المشاة وتوفير حرم آمن لسير المواطنين.

مقالات مشابهة

  • شاهد الشخص الذي قام باحراق “هايبر شملان” ومصيره بعد اكتشافه وخسائر الهايبر التي تجاوزت المليار
  • مقارنة ردة فعل بايدن على مذكرتي اعتقال بوتين ونتنياهو تبرزه كاتبة فلسطينية لـCNN
  • الذهب يتجه لتسجيل أفضل اداء اسبوعي منذ عام بفعل توترات حرب أوكرانيا
  • كاتبة صحفية: موقف المؤسسات الدينية من الطلاق الشفهي مرفوض
  • السماح للجامعات باعتماد الدرجات المدرسية لقبول طلبة الـ12
  • متحف الطباعة في طهران يوثق تاريخ الآلة الكاتبة
  • خالد الجندي يشيد بمجلة "وقاية" الصادرة عن وزارة الأوقاف
  • رفع 503 حالات إشغال للكافيهات خلال حملة مكبرة بحي بولاق الدكرور
  • معرض للحرف اليدوية والصناعات التراثية الفيومية بمجلة Csa بالقاهرة
  • ارتفاع أسعار النفط وسط مخاوف نقص الإمدادات بفعل التوترات الجيوسياسية