موقع النيلين:
2025-03-16@18:48:20 GMT

لا وطنَ للعبد!

تاريخ النشر: 22nd, February 2024 GMT


تأسست الدّول باعتبارها شخصا معنويا سياسيا منظّما كأرقى تنظيم بشري لصون الحقوق وتحقيق مصالح شعوبها في الحرية والكرامة والعيش الكريم.

وبهذا الغرض النبيل تطور الأمر  في الدول من التسيير الفردي إلى تسيير المؤسسات إذ تضمن ديمومة خدمة الإنسان من دون ارتباط الحكم بشخص أو مجموعة أشخاص إلى مؤسسات ثابتة لا تتغير ولا تتبدل إلّا بالقدر الذي يضمن أداء خدمة المواطن ضمن قواعد العدل والصّرامة والإنصاف.

لهذا السبب تصبح الخدمة العامّة شرفا وتكليفا؛ تصبح شرفا لأنّ الذي يقوم بالخدمة العامّة يكون نتاج خيار المواطن وإرادته، وتكليفا لأنّ مناطه المسؤولية، فإذا قصّر في القيام بالواجب الذي يتطلبه التكليف استُبدِل بغيره بالطرق القانونية التي تحكم طبيعة نشأة مؤسَّسات الدولة وطرق تسييرها.

هذه القواعد والمبادئ التي أصبحت في الدولة المعاصرة ثابتة ومعلومة، ما زالت في بعض الدول المتخلِّفة محطّ جدل وشك وتذبذب، بل صارت أحيانا محل تحايل لا يُؤخذ بها إلّا صوريا على سبيل التّذرع والتغطية، إذ تصبح الخدمة العامة غطاءً لتمرير أولوية خدمة الذّات، أو المسار المهني، أو الفئة، أو الجهة، أو أيًّا ما كانت هذه الجهة إقليما، أو تنظيما، أو طائفة، أو ما شابه ذلك.

وعندما تُسيَّر شؤون الدولة وتُسخَّر إمكاناتها لخدمة شخص، أو طائفة، أو جهة، أو فئة، أو نخبة، أو حزب، أو جماعة، أو تيار، وتتأخَّر بذلك عن واجب خدمة شؤون المواطنين بل وتحجبها أحيانا، عندها تُصبح الوطنية وسيلة مخادعة، ويصبح الواجب الوطني عند المواطن غير ذي شأن، بل أسوء من ذلك يفقد المواطن شعور الانتماء تدريجيا إلى الحد الذي يرى فيه أنّ الهجرة إنقاذٌ له وأُفقٌ لتحسين ظروف حياته بل وإنجاز متميّز ومتفرِّد.

وتبعا لذلك، يتغير مفهوم “رجل الدولة” من ذلك الشخص الذي يُكلَّف بتحمُّل واجبات أثقل لحُسن تأهيله في تقدير المصلحة العامة والتّفاني في تحقيقها إلى اعتبار مركزه امتيازا له يؤهِّله لنيل حقوق تفضيلية على بقيّة أبناء شعبه، وعندما يعمّ هذا المفهوم تصبح الدولة غنيمة في أيدي هؤلاء الذين يصفون أنفسهم بـ”رجال دولة”.

إنّ خدمة مصالح الناس ابتغاء إسعادهم وتحسين ظروف حياتهم من أجلِّ العبادات في المفهوم الشرعي، وهي تاجٌ على رأس الوطنيين الصادقين الذين يرَوْن في مسؤولية الدولة تكليفا وأمانة لا مركزا للإثراء والإطراء وربما للاعتداء والاستكبار. وعليه سُمِّي المسؤول مسؤولا لأنّه يُسأل عن أمانته في خدمة الآخرين. والمسؤولية بهذا المعنى ليست مركزا تفضيليا تجعل صاحبها مخدوما لا خادما كما يفهمها البعض اليوم.

وما لم تأخذ هذه المعاني طريقها إلى التجسيد العملي بفعل الوعي أو بسلطان القانون، فإنّ الرِّباط الوطني يصبح هشّا، وربما ينذر بالزوال والاندثار لا قدّر الله.

وقد وصل الدّاءُ في بلدان كثيرة من عالمنا العربي والإسلامي إلى درجة التّحقير والتّهميش لمن يعيد التذكير بهذه الأصول البديهية في تولّي المسؤولية وإدارة الشّأن العام.

وأعتقد أنّ الأولوية اليوم هي لمعالجة هذا الموضوع بجدية وصرامة لأنها الخطوة الصحيحة الأولى لإعادة التقويم والقضاء على داء “القفازة” الذي أصبح عُملة شائعة في التعامل العامّ وكاد أن ينزع الثّقة نهائيا في الانتماء الوطني والحضاري لشعوبنا ودولنا.

قيل قديما (لا وطن للعبد) ومِن ثمَّ فإن الذي يشعر أنّه مُستعبَد في حرية رأيه ومسكنه ومعاشه وعلاجه وكل متطلبات حياته لا يمكن أن يلعب دور المواطن الصالح المُبدِع المُنتِج، وقد تزداد خطورة إصابته فلا يشعر معها بالانتماء، ويسهل بذلك احتواؤه والتّلاعب به، وقد يُستَغلُّ وضعه لتوظيفه ضد وطنه وقومه، والتاريخُ القديم والحديث مليء بالنّماذج المصابة بهذا الداء، وأخشى أن تتوسع دائرته مع انتشار ثقافة (إذا مِتُّ ضمآنا فلا نزل القطر).

عبدالوهاب دربال – الشروق الجزائرية

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: الذی ی

إقرأ أيضاً:

صحة مطروح : لجان مفاجئة على المستشفيات لضمان وصول خدمة مميزة للمواطنين

شنت لجان مرور من الإدارة العامة للطب العلاجي والادارات الفنية بالمديرية مرور مفاجئ على مستشفيات (مطروح العام - التوليد والصحة الإنجابية - الاطفال التخصصي ) ،لمتابعة انتظام سير العمل والتأكد من الانضباط الإداري للاطقم الطبية ومدي توفر وجودة الخدمات الطبية المقدمة للمرضي وتوافر المخزون الاستراتيجي من المستلزمات الطبية والأدوية وفصائل الدم ومشتقاته وجاهزية المستشفى لحالات الطوارئ والحوادث.

يأتى ذلك استكمالا للمرحلة الثانية من الخطة الزمنية الخاصة بالمرور الميداني على جميع المستشفيات والوحدات الصحية بالمحافظة

و قامت لجنة مكبرة برئاسة الدكتورة سارة عبدالفتاح عضو إدارة الطب العلاجي وأعضاء من الإدارات الفنية بالمديرية بالمرور المسائى على مستشفى التوليد والصحة الإنجابية 

و قامت لجنة مكبرة برئاسة الدكتورة ليلي صلاح مدير إدارة الجودة وأعضاء من الإدارات الفنية بالمديرية بالمرور الصباحى على مستشفى مطروح العام 

و قامت لجنة مكبرة من الإدارات الفنية بالمديرية بالمرور المسائى على مستشفى مطروح العام برئاسة الدكتور سامي صالح مدير إدارة العلاج الطبيعي.

و تفقدت اللجان كافة الأقسام الحرجة والداخلية بالمستشفيات لمتابعة الحالة الصحية للمرضى ومدى رضاهم عن الخدمات الطبية المقدمة لهم.

كما تم المرور على معامل المستشفيات وبنك الدم والأشعة للتأكد من توافر المستلزمات وفصائل الدم ومشتقاته.

وأكدت اللجان علي ضرورة اتباع جميع العاملين الاحتياطات القياسية لمكافحة العدوي بشكل كامل حرصا علي تقليل نسب عدوي المستشفيات ، والالتزام بسياسات الجودة والتسجيل الطبى مع مراعاة مدي استحقاق صرف الحافز او الامتيازات الشهرية في حالة عدم الالتزام .

وتنفيذا لتعليمات السيد الدكتور إسلام عساف وكيل وزارة الصحة بمطروح وجهت لجان المرور بعمل نوبتجيات للعمل على متابعة ورضاء المنتفعين على مدار ٢٤ ساعة يومياً ، و الانتشار لرصد المشاكل والشكاوى في كل انحاء المستشفيات وخاصة الطواريء و العناية المركزة ، وحلها فى مهدها ورفع الأمر إذا لزم الأمر.

كما  تم عقد جلسة نقاشية مع لجنة المرور والفريق الإدارى بالمستشفيات التى تم المرور عليها  لمناقشة السلبيات ووضع حلول لها بصفة عاجلة وتلافيها وتذليل العقبات .

ووجه الدكتور وكيل الوزارة الي الادارات القائمة بالمرور علي المستشفيات ان تكون الجولات المرورية متزايدة في الفترات المسائية حتي فجر اليوم التالي ، بالتزامن مع مرور الدكتور وكيل المديرية و الساده مديري العموم .

و تؤكد مديرية الصحة أنها لم ولن تدخر أى جهد فى دعم المستشفيات بالإحتياجات نظرا للكثافة العاليه من المترددين عليها وأنها تقدم الدعم المطلوب لانجاح الجهود المبذولة في كافة المنشآت الصحية بالمحافظة، و تذليل كافه العقبات ، مع المحاسبه المشددة لأي تقاعس او اهمال ، حرصا على تقديم خدمة طبية تليق بأهالى المحافظة وزائريها .

مقالات مشابهة

  • إطلاق خدمة الحافلات تحت الطلب في الرياض عبر تطبيق درب .. صور
  • بيان مهم من المكتب الوطني للإعلامي لمستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي
  • ما الاختلاف الذي لمسه السوريون في أول رمضان بدون الأسد؟
  • مركز خدمة المواطن في مجلس مدينة السويداء يعود لتقديم عدد من خدماته
  • ???? عبد الرحمن عمسيب ، الرائدُ الذي لا يكذبُ أهلَه
  • "أبوظبي للتنقل" تحول خدمة حافلات إلى صديقة للبيئة
  • ما هو الإعلان الدستوري الذي جرى إقراره في سوريا وماذا منح للشرع؟
  • ما الإعلان الدستوري الذي جرى إقراره في سوريا وماذا منح للشرع؟
  • صحة مطروح : لجان مفاجئة على المستشفيات لضمان وصول خدمة مميزة للمواطنين
  • ما الذي سيفعله الرئيس الشرع لمواجهة إسرائيل؟