صنعاء- عند التاسعة من مساء الثالث من فبراير/شباط الجاري، دوى انفجار عنيف في مجمع دار الرئاسة بالعاصمة صنعاء، شعر بسام أن منزله يوشك أن يقع على رأسه، وهو ما ذكّره بندوبه التي أُصيب بها جراء تهشم النوافذ في حادث مماثل قبل سنوات.

بعد دقائق، كان يتصفح خبرا قالت فيه جماعة الحوثيين إن "المقاتلات الأميركية والبريطانية جددت قصفها على المدينة".

يقول بسام، الذي يسكن بالقرب من المجمع الرئاسي الممتد على مساحة واسعة، إن "مقاتلات التحالف العربي سبق أن قصفت المكان نفسه على مدى 8 أعوام، فما الذي يمكن أن يبقى هناك؟".

 

وبعد أكثر من شهر على القصف الجوي المستمر، تُجادل واشنطن بأن عملياتها ستوقف هجمات الحوثيين على السفن في البحر الأحمر وبحر العرب، بينما يشنّ الحوثيون منذ 19 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، هجمات على سفن تجارية يشتبهون بأنها مرتبطة بإسرائيل أو متجهة إلى موانئها، ويقولون إن ذلك يأتي دعما لقطاع غزة الذي يشهد حربا تشنها إسرائيل منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

الأهداف والخسائر

حتى الأسبوع المنصرم، أحصت جماعة الحوثيين 403 غارات، في حين تكتمت على طبيعة الأهداف والخسائر، عدا عن بيانات محدودة أفادت فيها بتشييع ما لا يقل عن 23 شخصا معظمهم من الضباط.

ولم تسفر الضربات عن سقوط مدنيين، إذ يعود ذلك إلى طبيعة الأهداف العسكرية. ويقول شهود عيان إن الغارات تستهدف مواقع قصفتها قوات التحالف، مثل قاعدة الديلمي الجوية وجبل عطان ومجمع الرئاسة، وفي مدينة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، التي شهدت كثافة للضربات الجوية، يقول شاهد عيان إن معسكرات الحوثيين وتحركاتهم وآلياتهم في المدينة معروفة للجميع، غير أنها لم تُستهدف.

لكن مصدرا عسكريا في القوات الموالية للحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، يقول إن الضربات استهدفت -في الغالب- منصات إطلاق صواريخ وطائرات مسيّرة، مشيرا إلى أنها أسفرت عن قتلى من الجماعة ومن الخبراء الأجانب.

ودرجت الحكومة اليمنية، التي تخوض مواجهات منذ نهاية 2014 مع الحوثيين الذين سيطروا على العاصمة صنعاء، على اتهام إيران وحزب الله بدعمهم بالأسلحة والخبراء. كما قال تحليل لوكالة استخبارات الدفاع الأميركية إن الحوثيين استخدموا صواريخ مختلفة وطائرات بدون طيار إيرانية المنشأ.

ولم ترد القيادة المركزية للقوات الأميركية على استفسار الجزيرة نت حول ما الذي استهدفته خلال الأيام المنصرمة، لكن بياناتها المنشورة تشير إلى أنها دمرت قاذفات صواريخ أرض جو وصواريخ كروز مضادة للسفن وطائرات مسيّرة وسفنا سطحية متنقلة غير مأهولة.

ويقول الخبير العسكري محمد الكميم، للجزيرة نت، إن "الضربات الجوية ليست ذا قيمة عسكرية تحد من قدرات الحوثيين، وإن أكبر ما يمكن أن تفعله هو أن تضعف من قدرات هجماتهم في البحر الأحمر".

جهود السلام

وبدت الضربات الجوية غير ناجعة، إذ صعّد الحوثيون من هجماتهم على السفن مستخدمين أسلحة متطورة، من بينها سفينة تحت الماء، كما أسقطوا طائرة من طراز "إم كيو 9" (MQ9) الأميركية، وأغرقوا سفينة في بحر العرب مؤخرا، لتدرج واشنطن الجماعة في ما تسميها "قائمة الإرهاب"، في مسعى منها للسيطرة على سلوك الجماعة.

لكن التصنيف الأميركي يثير المخاوف من انهيار الجهود الساعية لتحقيق السلام الذي يُعتقد أنه بات وشيكا. وحذر المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ مجلس الأمن من تباطؤ وتيرة تلك الجهود التي رعتها الأمم المتحدة، إذ سيكون من الصعب التفاوض مع "جماعة مصنفة إرهابيا".

لكن المتحدث باسم الحوثيين محمد عبد السلام قال للجزيرة نت إن "التفاهمات مع السعودية، والهدنة التي رعتها الأمم المتحدة لا تزال قائمة، وملف البحر الأحمر مستقل عن الشأن السياسي، وإن حاولت أميركا وبريطانيا ربطهما". ويضيف "‏التأخير في توقيع الاتفاق ليس من طرفنا، بل من الطرف السعودي، وهو لا يصب في مصلحة التفاهمات الثنائية".

وتمني الحكومة اليمنية نفسها، وهي التي قبلت على مضض بالتفاهمات التي جرت بين الحوثيين والسعودية، بأن يتعطل هذا المسار، إذ إن التفاهمات قفزت على مطالبها المتمثلة في أن تكون المرجعيات الثلاث أساسا لأي حل.

ويقول عبد السلام إن "الولايات المتحدة وبريطانيا قد تستغلان هذا التأخير"، مضيفا "نرحب بالاستجابة السعودية لسرعة توقيع الاتفاق ونتمنى أن يكون ذلك قريبا"، وكان وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان قال -في تصريحات صحفية- إن بلاده مستعدة للتوقيع على خريطة الطريق الأممية في أقرب فرصة ممكنة.

مخاوف

من جانبها، تحذر الأمم المتحدة من أن التصنيف الأميركي قد يؤثر على تدفق المساعدات الإنسانية والواردات التجارية للبلد الذي مزقته الحرب، في الوقت الذي يحتاج فيه أكثر من 18 مليون شخص مساعدات عاجلة.

وتحدث مصرفيون للجزيرة نت عن مخاوفهم من إيقاف تدفقات الأموال لليمنيين من الخارج، التي تمثل مصدر دخل رئيسيا. في حين بدأت الشبكات المالية بإيقاف بعض خدماتها، كما ضاعفت المخاطر من كلفة التأمين على السفن، لتنعكس في زيادة هائلة على الأسعار.

وكانت الخارجية الأميركية قالت إن "واشنطن عملت مع قطاعي الشحن والمالية، بالإضافة إلى منظمات المساعدات الإنسانية، لتقليص التأثير على الشعب اليمني، وتوعيتهم بالمعاملات المسموح بها، على الرغم من العقوبات".

لكن المتحدث باسم الحوثيين محمد عبد السلام يقلل من هذه الخطوة، ويقول إنها "لن تقدم أي جديد، لأن أميركا استهدفت اليمن في الشأن الاقتصادي والمعاملات المصرفية والبنوك وغيرها منذ عام 2015 و2016، والهدف هو ثني اليمن وإضعافه بسبب موقفه المساند للشعب الفلسطيني".

ويضيف أن "الإجراءات الأميركية، سواء بالعمليات العسكرية أو التصنيف في قائمة الإرهاب، لن تغير موقفنا على الإطلاق، بل ستزيدنا ثباتا وتمسكا وصلابة في موقفنا المساند للشعب الفلسطيني المظلوم والتمسك به والاستمرار فيه".

غير أن اليمنيين الذين يكافحون أزمتهم اليومية لم يعودوا مكترثين للقصف أو العقوبات، ويقول المواطن بسام للجزيرة نت "لم يعد يهمنا، فليقصفوا أينما أرادوا، وليصنفوا من أرادوا".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: البحر الأحمر للجزیرة نت

إقرأ أيضاً:

أبرز هجمات الحوثيين بالصواريخ والمسيّرات على إسرائيل

أُصيب إسرائيليون جراء سقوط صاروخ أُطلق من اليمن على منطقة يافا قرب تل أبيب، فجر اليوم السبت، حيث دوّت صفارات الإنذار في مناطق عدة بإسرائيل.

وفيما يلي استعراض لأبرز الهجمات التي نفذتها جماعة أنصار الله (الحوثيين) اليمنية خلال الشهور الماضية بالصواريخ والمسيّرات، والتي تجاوز بعضها الدفاعات الإسرائيلية.

3 يونيو/حزيران 2024

أطلقت جماعة أنصار الله صاروخا أرض-أرض من منطقة البحر تجاه إسرائيل ولم تتمكن المنظومة الدفاعية من اعتراضه إلإ في مدينة إيلات.

19 يوليو/تموز 2024

قالت جماعة أنصار الله في اليمن إنها اخترقت بمسيّرة أجواء تل أبيب من جهة البحر وضربت وسط المدينة بالقرب من السفارة الأميركية، ما تسبب في مقتل إسرائيلي وإصابة عدد آخر. وأعلنت حينها أن المسيّرة يافا قطعت مسافة تقدر 2300 كيلومتر.

15 سبتمبر/أيلول 2024

أعلنت جماعة أنصار الله أنها استهدفت تل أبيب بصاروخ أرض-أرض اعترضته إسرائيل قرب كفار دانيال ومحطة قطار في مدينة موديعين.

29 أكتوبر/تشرين الأول 2024

سقوط طائرة مسيّرة تابعة لأنصار الله في منطقة مفتوحة بمدينة عسقلان، دون وقوع أضرار أو إصابات.

21 نوفمبر/تشرين الثاني 2024

أطلقت جماعة أنصار الله صاروخا باتجاه غوش عتصيون والبحر الميت تم اعتراضه قبل عبوره الأجواء الإسرائيلية.

إعلان 9 ديسمبر/كانون الأول 2024

أصابت طائرة مسيّرة أطلقها أنصار الله مبنى سكنيا في مدينة يفنه جنوب تل أبيب دون إنذار ودون وقوع إصابات.

19 ديسمبر/كانون الأول 2024

أعلنت الجماعة إطلاق صاروخين باليستيين من النوع "فرط صوتي" وإصابة أهداف عسكرية إسرائيلية بنجاح، فيما أعلنت السلطات الإسرائيلية حدوث أضرار بمدرسة شرق تل أبيب جراء سقوط الرأس المتفجر في الصاروخ رغم اعتراضه.

و"تضامنا مع غزة" بمواجهة حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية المستمرة على القطاع منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، والتي أدت إلى استشهاد وإصابة أكثر من 152 ألف فلسطيني، باشرت "أنصار الله" منذ نوفمبر/تشرين الثاني من العام نفسه استهداف سفن شحن مرتبطة بإسرائيل في البحر الأحمر بصواريخ ومسيّرات.

كما يشن الحوثيون بين الحين والآخر هجمات بصواريخ ومسيّرات على إسرائيل، بعضها استهدف تل أبيب، وتشترط لوقف هجماتها إنهاء حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة.

من جانبها، قالت صحيفة معاريف إن الحوثيين أطلقوا أكثر من 200 صاروخ وأكثر من 170 مسيّرة متفجرة على إسرائيل منذ بداية الحرب.

وأضافت الصحيفة أن الأميركيين والقوات الجوية والبحرية الإسرائيلية اعترضوا معظم الصواريخ والمسيّرات التي أُطلقت من اليمن.

مقالات مشابهة

  • قيادات يمنية تداعت الى الرياض.. حميد الأحمر يُبشر بسقوط ''انتفاشة الحوثيين'' ويقول أن زعيم المليشيات فوت على نفسه فرصة ثمينة
  • اعتراف الحوثيين بخسائر فادحة نتيجة الغارات علي صنعاء
  • "الموساد" يوصي بشن هجمات على إيران ردًا على هجمات الحوثيين على إسرائيل
  • خبير عسكري: الضربات الأميركية البريطانية تضر بقدرات الحوثيين لكنها لن توقف هجماتهم
  • البابا بعد انتقادات وزير إسرائيلي: الغارات الجوية على غزة وحشية
  • خبير عسكري: الضربات الأميركية البريطانية لن توقف هجمات الحوثيين
  • بابا الفاتيكان يدين الغارات الجوية الإسرائيلية على غزة
  • إيران تخترق دفاعات إسرائيل عبر هجمات الحوثيين
  • البابا فرنسيس: الغارات الجوية على غزة وحشية
  • أبرز هجمات الحوثيين بالصواريخ والمسيّرات على إسرائيل