مزايا متعددة ونقطة تحول مهمة... كيف أثرت وسائل الدفع الإلكتروني على الاقتصاد العراقي؟
تاريخ النشر: 22nd, February 2024 GMT
الاقتصاد نيوز - بغداد
شكلت عملية التحول التدريجي صوب استخدام وسائل الدفع الإلكتروني، نقطة تحول اقتصادية مهمة في العراق، لا سيما مع الدعم الحكومي الذي يشدد على ضرورة انتهاج هذا النوع من التعاملات في جميع الدوائر الحكومية والخاصة، الأمر الذي يصفه مختصون بـ"المهم"، مؤكدين أن التحول صوب استخدام "النقود الإلكترونية" المتمثلة ببطاقات الدفع، والتخلي عن التعامل النقدي، يحمل مزايا عدة، بضمنها القضاء على العديد من حالات الفساد، وامتصاص الكتلة النقدية المكتنزة لدى المواطنين، فضلا عن إمكانية الحد من ارتفاع التضخم بعد استخدام المبالغ البسيطة في عمليات البيع والشراء عبر نقاط البيع الإلكترونية، بحسب الصحيفة الرسمية.
ويمثل ذلك التحول الإلكتروني لاستخدام النقود في التعاملات اليومية، أهمية قصوى في التوجهات الحكومية، التي تبذل جهودا كبيرة في إتمام ذلك التوجه، لاسيما بعد أن "ألزم مجلس الوزراء في وقت سابق، المؤسسات التربوية الخاصة والجامعات والكليات الأهلية، ومحطات تجهيز الوقود والمراكز والمحال التجارية بأنواعها، والمطاعم والصيدليات والعيادات الطبية الخاصة والمذاخر ومنافذ التسويق بالجملة والمفرد كافة، وأصحاب المهن وغيرها التي تقتضي الدفع لمصلحتها في حدود أمانة بغداد ومراكز المحافظات والأقضية في أنحاء العراق جميعا، بأن يكون هناك حد أدنى من مبالغ متحصلاتها النقدية عن طريق نظام نقاط البيع الإلكتروني (POS).
وعلى الرغم من قصر الفترة الزمنية التي تقرر وفقها بشكل رسمي البدء فعليا باستخدام وسائل الدفع الإلكتروني (POS) في البلاد، غير أن" البنك الدولي يرى أن البنية التحتية لأنظمة الدفع الإلكتروني بالعراق الأفضل في المنطقة "، مشيدا خلال لقاء جمع محافظ البنك المركزي، علي محسن العلاق، بمدير مكتب البنك الدولي في العراق ريتشارد عبد النور بٰـ"إجراءات المركزي في تسهيل التحويلات المالية لشرائح مختلفة في العراق ".
وكان العلاق، قد أكد أن" البنك المركزي والحكومة يعطيان أولوية كبيرة لموضوع الدفع الإلكتروني لما له من انعكاسات اقتصادية مهمة والارتقاء بمستوى المعاملات بعيدا عن الاستخدام المفرط للنقد "، مبينا أن" الاقتصاد العراقي اقتصاد نقدي بامتياز وعملية الدفع الإلكتروني تهدف إلى تقليل درجة اقتصادية النقد بشكل كبير ".
وأضاف محافظ المركزي أن "رئيس الوزراء داعم بشكل كبير لعملية التحول للدفع الإلكتروني ويعقد اجتماعات متعاقبة ومستمرة في سبيل تعضيد الإجراءات المتعلقة بهذا الموضوع، وقطعنا شوطا مهما في ترتيب الدفع الإلكتروني على مستوى الجباية والدفع في مؤسسات الدولة".
الاستغناء" التدريجي "عن النقود الورقية، يشكل وفقا لعضو جمعية الاقتصاديين العراقيين، الباحث الاقتصادي مقدام الشيباني، أهمية بالغة قادرة على تحقيق حزم من النتائج الإيجابية، لاسيما أن نشر أدوات الدفع الإلكتروني في جميع المتاجر، سيسهم في التخلي تدريجيا عن استخدام النقد، وذلك ستكون له نتائج كبيرة للاقتصاد الوطني.
كما لفت الشيباني إلى أن الحكومة منحت امتيازات لجميع أصحاب المتاجر بالإعفاء من الضريبة حال استخدام وسائل الدفع الإلكتروني، وهذا يشكل حافزا مهما، مشيرا في الوقت ذاته إلى ما وصفها بـ"النقطة الجوهرية "التي يمكن أن تحققها عملية الدفع الإلكترونية،
وأوضح إمكانية امتصاص قرابة 92 % من الكتلة النقدية المدخرة في المنازل بعد التحول التام صوب التعامل الإلكتروني للعملة، إذ سيتمكن الجهاز المصرفي من استثمارها في دعم المشاريع الإنتاجية التي تسهم في استمرار دورة المال وتقليل نسب التضخم وأيضا تسهم وبنسبة عالية في القضاء على الروتين والفساد في مؤسسات الدولة، مشددا على ضرورة إصدار قرارات عقابية على المؤسسات والجهات العامة والخاصة المتلكئة في تنفيذ ونشر أدوات الدفع الإلكترونية.
يذكر أن رابطة المصارف الخاصة أحصت في تصريح للوكالة الرسمية أعداد أجهزة الدفع الإلكتروني وبطاقات الدفع خلال عام 2023، مؤكدة أن هذا الموضوع يشهد تحولا كبيرا.
وقال المدير التنفيذي لرابطة المصارف، علي طارق: إن" ملف الدفع الإلكتروني يسير بتقدم مستمر بفضل دعم وتوجيهات رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، والإصرار الحكومي على تحقيق هذا الهدف حفز جميع المؤسسات سواء الحكومية أو الخاصة أو المؤسسات المالية بالتعاون في مجال توفير أدوات الدفع الإلكتروني للمواطن عبر القطاعين العام والخاص ".
وأشار إلى أنه" بعد صدور قرار مجلس الوزراء بتعميم الدفع الإلكتروني العام الماضي تحقق تقدم كبير جدا وقفزة بما يتعلق بأعداد نقاط البيع سواء في القطاع الخاص أو الحكومي، إذ ارتفعت خلال نصف سنة فقط من نحو 7 آلاف جهاز إلى 24 ألف جهاز في نهاية العام نفسه 2023 "، متوقعا،" زيادة أعداد أجهزة الدفع الإلكتروني بشكل أكبر خلال عام 2024 ".
ولفت إلى أنه" تم إصدار ما يقارب مليونان ونصف المليون بطاقة في عام 2023 بين بطاقات مسبقة الدفع أو بطاقات مرتبطة بحساب لتفعيلها بهذا المجال ".
المصدر: وكالة الإقتصاد نيوز
كلمات دلالية: كل الأخبار كل الأخبار آخر الأخـبـار وسائل الدفع الإلکترونی
إقرأ أيضاً:
صحيفة إيرانية: طريق التنمية العراقي خطوة نحو التكامل الاقتصادي الإقليمي
الاقتصاد نيوز - متابعة
ذكرت وسائل الإعلام العراقية أن العراق قام بأول رسو للسفن التجارية في ميناء الفاو. يهدف هذا المشروع إلى تنمية العراق وتقليل اعتماد البلاد على النفط الخام، وسيدخل حيز التشغيل بكامل طاقته بحلول عام 2050 على ثلاث مراحل. ومع الانتهاء من هذا المشروع سيبدأ مسار من ميناء الفاو وينتهي في تركيا ومن هناك إلى أوروبا عبر الطريق البري في مختلف محافظات العراق.
وقالت صحيفة دنياي اقتصاد في تقرير لها، إن هذا الممر يزيد من الأهمية الاستراتيجية للعراق كدولة مجاورة لإيران ويخلق منافسة بين ممر الشمال-الجنوب الإيراني ومشروع طريق التنمية العراقي. وكبديل لطرق النقل التقليدية، يربط مشروع طريق تطوير العراق دول الخليج بتركيا بهدف إنشاء شبكة مواصلات عبر الحدود للعراق.
مشروع تطوير الطريقيرتبط أساس هذا المشروع بمشروع ميناء الفاو. ويعد هذا أحد المشاريع المهمة التي تنفذها الحكومة العراقية لتحسين البنية التحتية للبلاد وتعزيز التنمية الاقتصادية. من المتوقع أن يتطلب مشروع الميناء، الذي يقع في جنوب العراق والمتاخم لدول الخليج، ويعمل كقناة حيوية لربط الخليج بالبحر الأبيض المتوسط، استثمارًا بقيمة 1.2 مليار دولار.
في المجمل، يتضمن المشروع إنشاء ميناء جديد قادر على استقبال السفن الكبيرة ومرافق لوجستية كاملة والبنية التحتية ذات الصلة. من المتوقع أيضا أن تصل الطاقة السنوية لهذا الميناء إلى 12 مليون طن. بعد الانتهاء من مراحله الأخيرة، فإن الهدف من مشروع ميناء الفاو هو تحسين قدرات النقل لموانئ العراق، وتقليل التكاليف اللوجستية، ومواصلة تعزيز التنمية الاقتصادية في العراق والتبادلات الاقتصادية والتعاون مع الدول المجاورة مثل تركيا.
تحديات مشروع ميناء الفاويتطلب مشروع ميناء الفاو استثمارا بقيمة 1.2 مليار دولار، وهو ما يشكل تحديا ماليا كبيرا. بالتالي، من المهم جدًا ضمان تقدم المشروع بعد معالجة مسألة التمويل.
فمن ناحية، يمكن للحكومة العراقية أن تطلب المساعدة من المؤسسات المالية الدولية مثل البنك الدولي وبنك التنمية للحصول على قروض أو منح منخفضة الفائدة. من المتوقع أيضًا أن تقدم دولة الإمارات وقطر دعمًا ماليًا قويًا لهذا المشروع. ويمكن متابعة خيارات التمويل الأخرى بما في ذلك القروض من البنوك الأوروبية والاستثمار التركي في هذا المشروع.
وبالنظر إلى موقع هذا المشروع في منطقة حساسة واستراتيجية في الشرق الأوسط، فإن المخاطر الجيوسياسية تثير قلق القائمين عليه. يعد ضمان السلام والاستقرار الإقليميين أمرًا بالغ الأهمية خلال مراحل تنفيذ المشروع. من الضروري تعزيز التواصل والتنسيق مع دول المنطقة للحفاظ على السلام والاستقرار المشترك، والمراعاة الكاملة لمصالح واهتمامات دول الجوار في تنفيذ المشروع لتقليل تأثير المشروع على المشهد السياسي في المنطقة.
لن يساهم ممر ميناء الفاو-العراق-تركيا إلى تعزيز علاقات العراق مع تركيا فحسب، بل سيعمل أيضًا على تعميق تفاعلها مع المنطقة برمتها. إذ سيكون لهذا المشروع دور في تعزيز التعاون الاقتصادي والسياسي الوثيق بين العراق وتركيا من خلال إنشاء جسر حيوي بين البلدين.
أضف إلى هذا، من المتوقع أن يتم دمج الممر في مبادرات إقليمية أوسع، مثل مبادرة الحزام والطريق، وبالتالي زيادة أهمية العراق الجيوسياسية. وباعتباره مشاركًا في مبادرة الحزام والطريق، سيستفيد العراق من العلاقات الوثيقة مع الصين، وتطوير البنية التحتية وفرص الاستثمار. هذه القضية لا تجعل آفاق العراق الاقتصادية أكثر وضوحا فحسب، بل تزيد أيضا من مكانته الدبلوماسية على الساحة الدولية.
لعبت تركيا دورًا مهمًا في نقل موارد الطاقة من القوقاز وروسيا إلى الأسواق الأوروبية المتعطشة للطاقة. والآن، أصبح هذا الطريق السريع الجديد بمثابة نقطة ترانزيت لشحنات الطاقة من الخليج إلى أوروبا والتي يربطها العراق برا. إذن، سيوفر العراق طريقا منخفض التكلفة ليس فقط للنفط والغاز العراقي، بل أيضا للنفط والغاز الإيراني والقطري.
الاستقرار الإقليميعلى ضوء ما أسلفنا، يتضح أن مشروع ميناء الفاو-العراق-تركيا ذو أهمية بالغة لتعزيز التكامل الإقليمي والنمو الاقتصادي والاستقرار الجيوسياسي للعراق. ما يعني أن بناء هذا الممر لا يخلق رابطًا مهمًا بين العراق وتركيا فحسب، بل يجلب أيضًا العديد من الفوائد والفرص للمنطقة بأكملها.
كذلك، فإن هذه ليست خطوة مهمة نحو التكامل والتنمية الاقتصادية الإقليمية فحسب، بل تساعد أيضا في تعزيز السلام والاستقرار في المنطقة. يقدم هذا المشروع مساهمة مهمة في التنمية المستدامة للمنطقة من خلال تعزيز الروابط التجارية وتعزيز العلاقات الثنائية وتعزيز الرخاء والتنمية في المنطقة على نطاق أوسع.
لكن وعلى الرغم من أنه من المتوقع أن يلعب مشروع ميناء الفاو – العراق – تركيا دورا إيجابيا في الربط الإقليمي والتنمية الاقتصادية، إلا أن هذا الممر يعد منافسا لطرق التجارة الإيرانية، وخاصة ممر الشمال-الجنوب، لأن هذا المشروع يمكن أن يفتح طريقا بديلا للروس إلى دول الخليج، ويقلل من الأهمية الاستراتيجية لإيران في المنطقة.