علي جمعة: النصف من شعبان وجهنا الله فيها من المسجد الأقصى للبيت الحرام
تاريخ النشر: 22nd, February 2024 GMT
قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، إن “ليلة النصف من شعبان، هى ليلة وجّه الله فيها وجوهنا من البيت المقدس إلى البيت المحرم بمكة، وأيضًا يبرز هنا بيت المقدس وكأنه محور حياة المسلمين وبداية مواسمهم ونهايتها، هذا هو الدين فأين المفر؟ هذه هي الحقيقة فكيف التألي على الله؟”.
في هذه الآيات البينات التي وجه فيها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المسلمين إلى البيت الحرام، ذكر لنا الله سبحانه وتعالى بيانًا شافيًا فيما نحن فيه الآن، وكأن القرآن قد نزل غضًا طريًّا على وإلى أمة المسلمين! نتلو الآيات ونأخذ منها العبرة ونقف عند القضايا ونوجّه أنفسنا في منهج حياتنا وبرنامج يومنا طبقًا لها .
يقول ربنا سبحانه وتعالى لأشرف خلقه صلى الله عليه وآله وسلم: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء } النبي ﷺ يدعو فلابد عليك أيها المؤمن أن تتمسك بالدعاء ؛وعِد على أصابع يديك مرات ومرات فهذا البرنامج الذي أراده الله للمؤمن ودعك من أقاويل المفسدين ومن تثبيط المثبطين ومن فلسفة المتفلسفين.. انظر ماذا يريد ربك منك {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء} فهو يدعو ويلح في الدعاء.
ويوم بدر أخذ ﷺ يدعو حتى أشفق عليه أبو بكر رضي الله تعالى عنه ويقول له: "كفاك يا رسول الله مناشدتك ربك إنه سيستجيب لك"، وكأنه قد غاب عن الأكوان وأصبح قلبه ﷺ لا يراها، وانفتح باب الحق وانغلق باب الخلق؛ فأخذ يدعو ولم يستجب لمناشدة أبي بكر، فنصر الله القلة القليلة على الكثرة الفاجرة الكافرة وأظهر الله عجائب قدرته وولى الكافرون فرارًا، ولم يكن هذا مجرد حادث، ولم تكن مجرد غزوة، وإنما كانت تأسيسًا لمبدأ رباني مع المؤمنين، وكانت عهدًا بين المسلمين وبين ربهم {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ}.
{قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ} لم يدعُ مرة أو مرتين بل قلّب وجهه في السماء قبلة الدعاء ومد يده إلى أن ظهر بياض إبطيه صلى الله عليه وآله وسلم، وبياض الإبطين لا يبدو إلا مع المغالاة في رفع اليد وكأنه يستغيث بربٍ كريم {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا} يؤكد ذلك {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} حكم يأمرنا جميعًا بأن نولي وجوهنا شطر المسجد الحرام، وكأن الله لا يترك فرصة إلا ويأمرنا بالاتحاد.
المصدر: صدى البلد
إقرأ أيضاً:
خطيب المسجد الحرام: اللسان ترجمان الأفكار والقلوب.. ويجب حفظه عن الغيبة والنميمة
قال إمام وخطيب المسجد الحرام الدكتور عبدالله الجهني، إن رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليمًا- كان أفصح العرب لسانًا، وأوضحهم بيانًا، وأعذبهم نطقًا، وأسدهم لفظًا، وأبينهم لهجة، وأقومهم حجة، وأعرفهم بمواقع الخطاب، وأهداهم إلى طرق الصواب، تأييدًا ولطفًا إلهيًا ، وعناية ربانية ، ورعاية روحانية، ولم يكن فاحشًا متفحشًا ولا لعانًا ولا طعانًا.
ترجمان الأفكار والقلوبوقال في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم في المسجد الحرام: إن اللسان رعاكم الله عضو من أهم أعضاء الجسد، وهو من نعم الله تبارك وتعالى العظيمة على عباده امتن به عليهم فهو ترجمان الأفكار والقلوب، وبه يُعَبِّرُ الإنسانُ عن مَكنونِ نَفْسِه، ويُظهِرُ ما يَحويه قَلبه وعَقلُه ونَفسه من الخَير أو الشَّرّ، ومِن الإيمان والكُفرِ، وغَيرِ ذلك من دواخل الإنسانِ، وقد أُمِرنا بإمساكِ اللِّسانِ عنِ السُّوء والشَّرّ".
وتابع: وكَفَّ اللسان وضبطه وحبسه هو أصل الخير كله، ومن ملك لسانه فقد ملك أمرَه وأحكمَه وضبَطَه، وما لم يستخدم العاقل لسانه فيما يرضاه الله تعالى من الكلام كان وبالًا وحسرة على صاحبه يوم القيامة.
وأكد الشيخ عبد الله الجهني، أن من أبلغ الوصايا وأقيمها وأجلها وأنفعها، حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه مرفوعًا، أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: «إذا أصبح ابن آدم، فإن الأعضاء كلها تكفر اللسان، تقول : اتق الله فينا، فإنما نحن بك، فإن استقمت استقمنا، وإن اعوججت اعوججنا».
وبين أنه ينبغي لكل مكلف أن يحفظ لسانه عن جميع الكلام إلا الكلام الذي تظهر المصلحة فيه، ومتى استوى الكلام وتركه في المصلحة، فالسنة الإمساك عنه قال صلى عليه وسلم: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت».
وشدد على أن من أعظم آفات اللسان العظيمة القول على الله بغير علم والكذب والغيبة والنميمة والبهتان وقذف المحصنات الغافلات، فزلة من زلات هذا العضو الصغير قد تؤدي بالإنسان إلى الهلاك والعطب، فليحذر العاقل مما يجري به لسانه ، من انتهاك حرمات المسلمين ، وإساءة الظن، والطعن بالنيات ، والخوض بالباطل فيهم، وعليه التعود على حفظ لسانه من الوقوع في القيل والقال، حينئذ سيعتاد عليه ويستقيم أمره، ويسهل عليه التحكم في لسانه وينجو من شرّه ولو أن عبدًا اختار لنفسه ما اختار شيئًا أفضل من الصمت ورحم الله امرأ حفظ عن اللغو لسانه، وعن النظر المحرم أجفانه، وعن سماع الملاهي آذانه، وعمر أوقاته بالطاعات وساعاته بكتب الحسنات وتدارك بالتوبة النصوح ما فات، قبل أن يصبح وجوده عدمًا، وصحته سقمًا، وعظامه رفاتًا وحياته مماتًا في برزخ لا يبرح من نزله حتى يلحق آخر الخلق أوله ، فحينئذ زلزلت الأرض زلزالها ، وأخرجت الأرض أثقالها، وجوزيت الخلائق بأعمالها ، ووفيت جزاء كسبها وأفعالها ، فطوبى لعبد قال خيرًا فغنم ، أو سكت عن الشر فسلم.
وختم أن من محاسن إسلام المسلم وتمام إيمانه ابتعاده عما لا يخصه ولا يهمه ولا يفيده وما لا يفيده من الأقوال والأفعال، وعدم تدخله في شؤون غيره، وعليه الحذر من المعاصي والفواحش ما ظهر منها وما بطن، فالعباد مجزيون بأعمالهم، ومحاسبون على أقوالهم وأفعالهم وكفى بالله محصيًا أعمال عباده ومجازيًا لهم عليها .