أسلحة جديدة للحوثيين: هل ينجر صراع البحر الأحمر إلى مراحل متقدمة؟
تاريخ النشر: 22nd, February 2024 GMT
تتصاعد حدة المواجهات العسكرية بين جماعة الحوثيين والتحالف الدولي في البحر الأحمر وخليج عدن، مع دخول أسلحة جديدة للحوثيين على خط المعركة.
وبالتزامن مع إطلاق الاتحاد الأوروبي مهمة "أسبيدس" (الردع)، بهدف ردع الحوثيين وإيقاف هجماتهم ضد السفن، يؤكد الحوثيون استمرارهم في استهداف السفن الإسرائيلية أو المتجهة إلى الموانئ الإسرائيلية، بالإضافة إلى استهداف السفن الأميركية والبريطانية، بعد الغارات التي بدأها البلدان على أهداف للجماعة منذ 12 يناير/كانون الثاني الماضي.
دخول أسلحة جديدة للحوثيين في المعركة
وفي السياق، دخلت أسلحة جديدة للحوثيين في المعركة، وآخرها مركبة مسيّرة تحت الماء تستخدم لأول مرة.
وأعلنت القيادة العسكرية المركزية الأميركية (سنتكوم)، في بيان الأحد الماضي، أنها نفذت السبت الماضي، "خمس ضربات بنجاح في إجراء للدفاع عن النفس ضد ثلاثة صواريخ كروز مضادة للسفن، ومُسيّرة تحت الماء، وسفينة مسيّرة سطحية في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، المدعومين من إيران في اليمن".
أعلنت واشنطن تدمير مُسيرة تحت الماء، وسفينة مسيرة سطحية في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين
وبحسب البيان فإن "هذا هو أول استخدام ملحوظ من قبل الحوثيين لمركبة تحت الماء غير مأهولة منذ بدء الهجمات في 23 أكتوبر/تشرين الأول الماضي".
إسقاط مُسيّرة أميركية فوق الحديدة
استخدام المركبة المسيّرة تزامن مع نجاح جماعة الحوثيين بإسقاط مُسيرة تابعة للقوات الجوية الأميركية من طراز "أم كيو9" (MQ-9) في سماء محافظة الحديدة الساحلية غرب البلاد فجر الاثنين الماضي.
وأكد البنتاغون، أمس الأربعاء، تحطم مسيّرة أميركية من طراز "أم كيو-9" قبالة سواحل اليمن بعدما أصيبت على ما يبدو بصاروخ أطلقه الحوثيون.
وقالت نائبة المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية سابرينا سينغ، في بيان، إنه "في 19 فبراير/شباط (الحالي) أُسقطت مسيّرة أم كيو-9 أميركية، أو سقطت قبالة سواحل مناطق يسيطر عليها الحوثيون في اليمن، في البحر الأحمر". ولفتت إلى "مؤشرات أولية تفيد بأنها أسقطت بصاروخ أرض - جو أطلقه الحوثيون".
كما نجح الحوثيون باستهداف السفينة البريطانية "روبيمار" في خليج عدن بعدد من الصواريخ البحرية، وحققوا "إصابة مباشرة ومؤثرة"، وفقاً لما أعلنه المتحدث باسم القوات المسلحة التابعة إلى الحوثيين العميد يحيى سريع في بيان الاثنين الماضي.
وحتى الآن لم يعرف حجم الضرر الذي ألحقته الضربات الأميركية والبريطانية بالترسانة العسكرية للحوثيين، والتي تتهم إيران بدعمهم، خاصة أن الجماعة لا تمتلك إلا القليل من القواعد العسكرية الثابتة، حيث تقوم بنقل ترسانتها من موقع إلى آخر، وهو ما يزيد من صعوبة استهدافها بالضربات.
هذه التطورات من شأنها جر الصراع في البحر الأحمر وخليج عدن إلى مراحل متقدمة، مع تكثيف الحوثيين هجماتهم، وإصدار رئيس المجلس السياسي للحوثيين مهدي المشاط، أخيراً، قراراً ينص على اعتبار أميركا وبريطانيا "دولاً معادية للجمهورية اليمنية".
ويقول المحلل والخبير العسكري العقيد وضاح العوبلي، لـ"العربي الجديد"، إنه "عندما نتحدث عن عمليات جماعة الحوثيين فنحن ملزمون بالنظر إلى ما هو أبعد من الجماعة، ويتجاوزها على البعدين الإقليمي والدولي وفقاً لمعطيات صراع النفوذ الإقليمي القائم، أو ذلك الصراع المتعلق بمخاض بروز أقطاب وقوى دولية على المسرح الدولي".
أهمية جيوسياسية لليمن في جبهات الصراع
ويضيف أنه "في مثل هذه الظروف والمعطيات يمثل اليمن عبر موقعه المطل على باب المندب، وممر الملاحة العالمي في البحرين الأحمر والعربي، أهمية جيوسياسية ثمينة يمكن توظيفها في جبهات هذا الصراع".
خليل العمري: استخدام الحوثيين لمركبة مُسيرة تحت الماء يشير إلى تصعيد عسكري في البحر الأحمر
ويلفت المحلل العسكري إلى أنه "يمكن للمتابع أن يفهم أن ما ظهر وسيظهر من أسلحة أو ما يمثله تسارع ظهورها المتدرج، يرتبط بشكل مباشر بصراع على هذا المستوى، أي صراع على المستوى الدولي، لا تمتلك فيه جماعة الحوثيين سوى المسرح والواجهة الإعلامية لقراءة البيانات على منصة قاعدة عسكرية لقوات جهة أو جهات دولية أخرى".
ويشير العوبلي إلى أن "الحوثيين، ومن يقف وراءهم، يريدون إرسال رسائل، تحديداً إلى أميركا وبريطانيا، مفادها بأنهم ماضون في التصعيد، وأنه ما زال بجعبتهم مفاجآت جديدة على غرار المركبة البحرية المسيرة".
ويتوقع أن "تكشف الأيام المقبلة عن صواريخ سطح بحر جديدة، تشق مسارها إلى الهدف فوق سطح الماء للحيلولة دون اكتشافها وتعقبها من قبل رادارات المنظومات الاعتراضية المحمولة على البارجات والفرقاطات".
ويرى أن "مسألة صمود الحوثيين مرتبطة ارتباطاً مباشراً بما يمكن أن تذهب إليه الأطراف الأخرى من إجراءات وقرارات رداً على هذه العمليات. أما في حال استمرار حالة التردد والتدليل الدولي، وتضارب المواقف وحسابات المصالح المتناقضة، فإنه يمكن إيجاد مخرج مناسب يحفظ ماء وجه جميع الأطراف، بما فيها أميركا".
استخدام مسيرة تحت الماء يضاعف التهديدات للسفن
من جهته، يقول المحلل السياسي خليل العمري، لـ"العربي الجديد"، إن "استخدام الحوثيين لمركبة مُسيرة تحت الماء يشير إلى تصعيد عسكري في البحر الأحمر، ما قد يضاعف من التهديد لأمن الملاحة الدولية ويُعرّض السفن التجارية والمدنية للخطر".
ويضيف أنه "يُمكن النظر إلى استخدام هذه الأسلحة الجديدة كرسالة تحدٍ من الحوثيين للإدارة الأميركية والدول الغربية، بعد تصنيفهم كجماعة إرهابية".
ويوضح العمري أن "استخدام المركبات المسيّرة تحت الماء يظهر امتلاك الحوثيين لخبرات متقدمة في مجال التصنيع العسكري، مدعومة من الخبراء الإيرانيين. ولكن القوة البحرية للحوثيين تعد محدودة بالمقارنة مع قدرات التحالف الدولي. ومع ذلك فإن استخدام المركبات المسيرة يُمكن أن يُشكل تهديداً كبيراً للسفن الحربية".
توقع بمزيد من مفاجآت الحوثيين
ويشير إلى أن "من المُحتمل أن تُقدم الجماعة مزيداً من المفاجآت، من خلال الكشف عن أسلحة جديدة للحوثيين خلال الأيام المقبلة، مثل طائرات مسيرة أو غواصات صغيرة، بالإضافة إلى الألغام البحرية شديدة التدمير التي سبق للجماعة استخدامها في حربها مع قوات التحالف (الذي تقوده السعودية)، سواء في المخا أو الحديدة أو ميدي".
ويلفت المحلل السياسي إلى أن "التحالف الدولي يواجه صعوبة في مواجهة الحوثيين، نظراً لطبيعة تضاريس اليمن وتحصن الجماعة في المناطق الجبلية، حيث أظهرت الضربات الجوية، التي نفذها التحالف الدولي، عدم فاعليتها في الحد من قدرات الحوثيين، نظراً لعدم وجود قواعد عسكرية ثابتة للجماعة".
ويؤكد العمري أن "قدرة الحوثيين على الصمود تعتمد على عدة عوامل، أهمها: الدعم الإيراني، وطبيعة تضاريس اليمن، واعتماد استراتيجية حرب العصابات، والتحشيد الشعبي".
ويرى أن "استخدام الحوثيين لأسلحة جديدة في البحر الأحمر يمثل تحدياً كبيراً للتحالف الدولي، فالتحالف الدولي بحاجة لاعتماد نهج شامل للتعامل مع الأزمة اليمنية، وتغيير استراتيجيته في مواجهة الحوثيين، من خلال التركيز على الحلول السياسية والاقتصادية، بدلاً من الاعتماد على الحل العسكري فقط، خصوصاً أن التحالف الأميركي حارس الازدهار، والتحالف الأوروبي أسبيدس، عبارة عن تحالفات ردع تكتيكية غير فعالة في مواجهة الحوثيين".
المصدر: الموقع بوست
كلمات دلالية: اليمن الحوثي أمريكا حرب طائرات مسيرة فی البحر الأحمر جماعة الحوثیین التحالف الدولی م سیرة إلى أن
إقرأ أيضاً:
ترامب ... وانتهاج سياسة ومشاريع الرومان !
صدر عن مؤسسة راند الأمريكية التابعة لوزارة الدفاع الأمريكية عقب أحداث 11 سبتمبر 2001م , تقريرا يحث الولايات المتحدة الأمريكية على احتلال السعودية والاعتراف بالمنطقة الشرقية - القطيف - كدولة مستقلة عن المملكة العربية السعودية .
اذلال وتحقير
صورة تداولها وشاهدها سكان العالم القديم , فلقد نقشت صورة الملك النبطي الحارث الثالث 87- 62 ق . م , حليف روما آنذاك على العملة الرومانية وهو منكس الرأس وحاملا في يده سعفة تعبيرا عن استسلامه . فما اشبه تلك الصورة بما شاهده العالم اليوم عبر وسائل الإعلام المختلفة نفس الاسلوب المتبع بسياسة التحقير والاذلال التي قام به الرئيس الأمريكي ترامب ونائبه تجاه حليف لهم الرئيس الاوكراني زيلنسكي في البيت البيضاوي .
أدوات لا حلفاء
أدرك دولة الانباط نفوذ الرومان المتزايد في المنطقة منذ منتصف القرن القاني ق. م , وادركوا طمع الرومان في الاستيلاء عليها في يوم ما, ومن ثم لجأ الأنباط مثلما فعل اليهود إلى سياسة جديدة وهي اقامة جسور من الصداقة مع الرومان وتحريضهم على القدوم إلى الشرق الأوسط , ولقد بدأت الصداقة الرومانية - النبطية في عهد الملك " الحارث الثالث 87- 62 ق. م " والذي نجح في انتزاع سوريا من أيدي ملوك السلوقيين الضعفاء , وفي عهده استولي القائد الروماني " بومبى " على سوريا عام 63 ق. م ,
وليس من المستبعد أن يكون ذلك قد تم بمساعدته , وعندما حوصر " يوليوس قيصر " في الاسكندرية عام 47 ق. م من قبل البطالمة وجه نداء إلى ملك الأنباط " مالخوس " لتقديم العون اليه , فأرسل اليه قوة من الفرسان هي التي ساعدت يوليوس قيصر على الافلات من هزيمة محققة , كذلك قدم الأنباط مساعدتهم للرومان حينما استولوا على مصر غي عام 30 ق. م ,
حيث قاموا بحرق أسطول الملكة " كليوباترا " حتي يمنعوها من الهرب جنوبا في البحر الأحمر , وكأنهم كانوا ينتقمون من تدمير بطليموس الثاني لأسطولهم عام 278 ق. م , وبعد موت مالخوس تولى الملك " عبادة الثالث 28 – 9 ق. م " والذي تعاون مع الرومان واشترك في حملة " أيليوس جاليوس " حاكم الرومان في مصر لغزو اليمن عام 24 ق. م , حيث قدم الانباط الدعم العسكري ألف مقاتل ودعم لوجستي عبر وزيره سيلايوس النبطي كدليل للحملة الرومانية على اليمن , كذلك شارك في تلك الحملة خمسمائة يهودي .
وقد رضى الأنباط بذلك الدور لأنهم اعتقدوا أن الرومان سوف يكافئونهم بأن يطلقوا يدهم في تجارة البحر الأحمر وينفردون بها خاصة بعد قيامهم بمسانده روما في السيطرة على سوريا ومصر ومن ثم مشاركتهم في التحالف الروماني لغزو اليمن والسيطرة على موانئها كميناء المخا وعدن وعلى طرق التجارة البحرية في البحر الأحمر والمحيط الهندي .
لكن الرومان عندما وصلوا إلى المياه الشرقية بدأوا يغيرون فكرتهم ومع ظهور الاسطول الحربي الروماني في مياه البحر الأحمر ببوارجه الحديثة بدأ الرومان يتبعون سياسة تقليم أظافر حلفائهم حتى لا يتحولوا إلى خطر يهدد مصالحهم في هذا المنطقة - بل الأصح بعد أن انتهي دورهم والغرض منهم - لذلك بدأت دولة الأنباط تنكمش لتعود إلى حدودها الطبيعية بعد منتصف القرن الأول الميلادي خاصة أن " السلام الروماني " كان قد استتب تماما في البحر الأحمر ووصلت روما إلى اتفاق مع البارثيين , ولم يعد هناك حاجة إلى الأنباط بعد أن أصبح طريق الملاحة إلى الهند آمنا ومؤمنا . فيما بقت اليمن دولة قوية وندا للرومان ولعبت دورا في السياسة الاقليمية والدولية في ذلك الوقت ممثلة بدولة حمير التي ورثت السلطة عن دولة سبأ .
عقود استثمارية
اتخذ الرومان اجراءات أمنية ضد حليفتهم الأنباط فوضعوا حامية رومانية في ميناء " ليوكي كومي " النبطي له سلطات عسكرية وادارية لجمع المكوس لصالح الأمبراطورية الرومانية حيث فرضا الرومان ضريبة قدرها 25% على بعض السلع القادمة من الشرق . فسياسة الرومان لا يمكن فصل التجارة عن السياسة فكلاها مرتبط ومتأثرا بالأخر , فالقادة الرومان في حملاتهم العسكرية كانوا يفكرون بعقلية التجار , كما ان المعسكرات الرومانية كانت تتحول إلى اسواق وبعضها تحول بالفعل إلى مدن فيما بعد .
وقاموا بتغيير طريق القوافل بين الخليج والبحر الأبيض ليمر عبر مدينة " بالمورا " بعيدا عن أرض الأنباط طريق بري أبعد نحو الداخل عن نفوذ الأنباط , وكان هذا تخطيطيا دقيقا لأضعاف الانباط اقتصاديا , وبالفعل بدأت دولة الأنباط تتدهور اقتصاديا وسياسا في عهد آخر ملوكهم " رابيل الثاني 71- 106م ". لذلك ندرك عقلية الرئيس الامريكي ترامب التي تنطلق من الاستفادة التجارية واستثمار موانئ وثروات أرض حلفائه وغيرهم مقابل حمايتهم كما فعل الرومان تماما مع الانباط ! .
مشروع تييريوس
في عام 106 م , رأي الامبراطور الروماني " تراجانوس " بعد السيطرة على أهم أسواق التجارة الشرقية القادمة من الخليج ونهر الفرات إلى البحر المتوسط وايضا التجارة القادمة من مواني البحرالأحمر , إلى انهاء وجود دولة مستقلة للأنباط وتنفيذ مشروع الأمبراطور " تييريوس القديم 14- 37م " في نفس العام الذي استولى فيه على بلاد البارثيين ودخل عاصمتهم " طيسفون " ( المدائن ) .
وهكذا تحولت دولة وبلاد الأنباط إلى " ولاية بلاد العرب الرومانية " وانتهي بذلك سفر طويل من علاقات الرومان بالانباط انتهى بالتخلص التدريجي منهم لتنفرد روما بالسيادة المطلقة على البحر الأحمر . لأن سياسة الرومان الدفاعية لم تكن لتسمح بوجود حليف قوى قد يتحول إلى خطر عليهم مستقبلا وهي نفس السياسة التي جعلت روما تدمر قرطاجة وكورنثة ولكن بفارق ان الاخيرتان قاومتا الهيمنة والسيطرة الرومانية , فيما الانباط واليهود لم يكونوا حلفاء لروما كون سياستها لا تعترف بحلفاء بل كانوا ادوات لها لتحقيق اهدافها ومصالحها في المنطقة , بدأ بسحق اليهود في عام 70م , وبعد 36 عاما انهت دولة الأنباط من الخارطة السياسية والجغرافية وضمتها كولاية رومانية تابعه لروما .
لذلك نجد اليوم أن السياسة الأمريكية نابعه من انتهاج سياسة ومشاريع روما القديمة والقائمة على استغلال الحلفاء سياسيا وعسكريا واقتصاديا ثم التخلي عنهم بمجرد انتهاء دورهم كأدوات وليس حلفاء ! .