مكرم خُوري – مَخّوُل رغم أن قرار تعيين نيافة المطران عطالله حنا مؤخرا وكيلا بطريركيا في عكا وجوارها قد يفرح القلب للوهلة الأولى، وذلك الفرح موضع تفهم واحترام لأهالي محافظة عكا، إذ كان سيكون رد الفعل المفعم بالغبطة مشابها حتى لو كان التعيين في أية محافظة في فلسطين وذلك نظرا لما يتمتع به نيافة المطران عطاالله حنا من شعبية ومحبة، الا أن المتابع المتعمق للشأن الفلسطيني المقدسي عموما والفلسطيني العربي المسيحي خصوصا بما في ذلك التآمر على بيع ممتلكات الكنيسة والطائفة في العقود الأخيرة؛  وتنكيل الاحتلال بالمسيحيين علانية؛ والاعتداء (حرائق وتكسير وعنف جسدي) على مقدساتهم ومخططات تهجيرهم، يعي تماما أن قرار النقل (وإن افترضنا أن بعض من صادق عليه تصرف ببراءة وآخر فرح لنقله الى عكا والجليل) ما هو الا مكيدة “مخابراتية سلمية” متقنة رافقها نص ديباجة معسول للمجمع الكنسي الذي اتخذ القرار لإبعاد المطران عطالله حنا عن القدس باتخاذ قرار هو عبارة عن تحويله الى “المنفى الداخلي”.

نقول “سلميا” ونعني خلافا لوضع يتم فيه اعتقال المطران من قبل الاحتلال او حتى (محاولة) اغتياله جسديا من عناصر مشبوهة. فالمطران عطالله حنا مقاوم سلمي لا عنفي لكنه مقاوم (والمقاومة ألوان) يعرف السير في درب آلام السيد المسيح في أزقة القدس وتحت نقاط المطر متقنا استعمال الخطوات والعبارات ومعاني الكلمات.  إن هذا التفكير هو الذي جعلنا نتدخل بسرعة لتدارك الموضوع ولنفسر المعنى السلبي لقرار نقل نيافة المطران، وأبعاده الوطنية والقومية والدينية. ولذلك وبعد أن سارعت مجموعة غير قليلة من الناس شملت شخصيات اعتبارية بإرسال التبريكات للمطران استوعبنا أن هناك مكيدة استغلت النفوس الطيبة وأنقياء القلوب عبر تسويق المسار الجهوي (المناطقية – عكا والجليل) قررنا فتح حملة عالمية لتفسير الموضوع وتسليط الضوء على العملية. وبالفعل فنحن نقدر هذا التفاعل العالمي مع حملتنا والانضمام السريع لضخ الرسائل التي طرحناها.  نوضح أننا نحب الوطن العربي ككل، وبالتأكيد لسنا ممن يفضلون منطقة في فلسطين على منطقة أخرى جغرافيا واجتماعيا وطوبوغرافيا. فلكل منطقة خصوصيتها الجميلة الساحرة وأهلها الطيبين. ولذلك نقول أن فلسطين متساوية بكل ترابها من الشمال الى الجنوب ومن الشرق الى الغرب: إلا أن كنيسة القيامة هي أم الكنائس وهي في قلب قلب القدس. ولذا فهي أهم كنيسة عالميا. ومجرد أنها في القدس والعالم كله ينظر الى القدس وإلى كنيسة القيامة فهذا أهم ذخر للشعب الفلسطيني دوليا. والقدس هي استقبال السيد المسيح بالسعف في أحد الشعانين رغم اضطهاد المتجبرين؛ وهي (تواضع خميس الأسرار وغسل الأرجل) “العشاء الأخير” في (العليّة) رغم الخيانة والبيع بقرشين إسخريوطيين (يهوذا)؛ وهي ودرب الآلام والمهانة والوصول الى “الجلجلة”، وهي الحدث الجلل وصلب السيد المسيح، و “تمترس” قبره المقدس وقيامته المجيدة. والفلسطيني ما زال يتعذب ويهان ويستشهد ويقاوم منذ ذلك الحين، وسيستمر بذلك حتى دحر الاحتلال وتحرير كل المقدسات من الاستعمار بأنواعه. وَهبّة القدس منذ عامين عندما وصل الفلسطينيون من غرب فلسطين المحتل في (ذروة) نكبة 1948 ما هي إلا مثالا لهذا التواصل والاهتمام بالقدس لمركزيتها “بقيامتها وأقصاها”. والمطران عطالله حنا، هو المطران العربي الفلسطيني الأرثوذكسي الوحيد في القدس عاصمة فلسطين. والأرثوذكس هم الكنيسة المشرقية وأصل الكنيسة وهم الأغلبية (وإن كانوا مشردين كبقية الفلسطينيين في جميع أنحاء المعمورة). فكون أكثر من نصف الفلسطينيين لاجئين مشردين (بظروف متنوعة كل وفقا لوضعه) في جميع أنحاء المعمورة لا يعني أن عددهم اختفى وتبخر وأصبحوا في عداد المفقودين كما تتوهم عقول الاحتلال المنخورة بان تفريغ فلسطين والقدس على وجه التحديد من الفلسطينيين المسيحيين (والقول أنهم 1 بالمئة بينما هم نحو 25 بالمئة من مجمل الفلسطينيين عالميا) يعني التخلص من عامل التأثير المسيحي تجاه الحق الفلسطيني والاستفراد بالمسلمين لتحويلها الى حرب دينية يقوم الصهيوني فيها بتلطيخ سمعة الفلسطيني (المسلم) بسهولة عبر وصمه بالإرهاب. والمطران عطالله حنا هو استمرار للمطران ولاحقا البطريرك الدمشقي المقدسي صفرونيوس (القديس لاحقا) والذي استقبل مرحبا بالخليفة العربي الحكيم الفاروق عمر بن الخطّاب، وعقد معه بسلمية “العهدة العمرية”، وهو رمز الثبات القومي والتآخي والتسامح مع المجتمع (والعائلات) الفلسطينية المقدسية المسلمة التي ما زالت تفتح كنيسة القيامة كل صباح. إن الوضع السياسي (العلاقات الدولية) جعلت الاحتلال يتقاسم التأثير ونفوذ تعيين رجال الدين المسيحيين في القدس على وجه التحديد. ولكي ننتقص من مؤامرات الاحتلال ونشدد على أهمية دور المطران عطالله حنا القومية (وبالتحديد لأنه رج دين) ناشدنا وما زلنا نناشد الرئيس الفلسطيني (عبر الاعلام ومباشرة وعبر رئيس الوزراء الفلسطيني الدكتور محمد اشتية) وملك الأردن عبدالله الثاني (وفقا للوصاية الهاشمية) بالتدخل الحاسم في مساعدة البطريرك ثيوفيلوس (الذي وإن قام البعض باتهامه بأمور شتى الا أنه وبدون شك يخضع لضغوط جمة) في تغيير القرار وإبقاء نيافة المطران عطاللة حنا في القدس. ونحن على قناعة أن البطريرك سيدرك أن إبقاء المطران عطالله حنا في القدس هو المسار الصحيح.  فمع احترامنا ومحبتنا لكل بقعة في فلسطين، فـإن جامع الجزار في عكا، ليس المسجد الأقصى في القدس. وألا يحج الجميع الى القدس ليتقدس بالنور في سبت النور من شعلة القيامة؟!  يجب أن يبقى المطران عطالله حنا في القدس. فعندما يكون في القدس – يكون في كل فلسطين خادما للجميع. أكاديمي فلسطيني – بريطاني Twitter:   @ProfMKM

المصدر: رأي اليوم

كلمات دلالية: فی القدس

إقرأ أيضاً:

ما مصير طلبة مدارس أونروا بالقدس بعد حظرها؟

القدس المحتلة- منذ أن حَظَر الكنيست عملها في نهاية أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بدأت بلدية الاحتلال تسابق الزمن لاستقطاب طلبة مدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا) في شرقي القدس، تزامنا مع بحث أهالي الطلبة عن بدائل مناسبة، وسط مصير مجهول يكتنف الفصل الدراسي الثاني العام المقبل، حيث أمهل الاحتلال الوكالة ومنشآتها -بما فيها المدارس- حتى 30 يناير/كانون الثاني المقبل لإغلاق أبوابها نهائيا.

وخلال أقل من شهرين، سيعطل الاحتلال عديدا من المدارس والعيادات ومراكز الإغاثة التي افتتحتها الأونروا في القدس منذ تأسيسها، لتتخلص من عبء رأته دولة الاحتلال على الدوام مهددا لوجودها وسيادتها في القدس، ومعززا لقضية اللاجئين الفلسطينيين، حيث حاربت المدارس التابعة للوكالة بطرق مختلفة تمثلت في منع التراخيص، وتقليص الخدمات، ودعم البدائل، وشن حملات قانونية وسياسية وإعلامية مضادة.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2في يومهم العالمي.. معلمو اليمن يواجهون أزمات معقدةlist 2 of 2لماذا يفضل المهاجرون المدارس الإسلامية لتربية أبنائهم في أميركا؟end of list

واستغلت بلدية الاحتلال هذا الحظر لتجهز على مدارس الوكالة، وتستقطب روادها ليجلسوا على مقاعد المدارس التابعة لوزارة المعارف الإسرائيلية، والتي تدرس المنهاج الإسرائيلي، حيث قدمت إغراءات لأولياء أمور الطلبة تمثلت في التواصل الشخصي الفردي لإقناعهم، واستعراض الخدمات زهيدة الثمن، وتأمين المواصلات لبعض الطلبة.

الاحتلال حظر وكالة الغوث في القدس نهاية أكتوبر/تشرين الأول الماضي (الأوروبية) أساليب الاستقطاب

لم تكن مهمة البلدية يسيرة رغم سطوتها في شرقي القدس، حيث سارع عشرات الأهالي فور سماعهم قرار الحظر بنقل أبنائهم إلى مدارس أخرى تدرس المنهاج الفلسطيني، في حين لم تستطع طواقم البلدية الوصول إلى البيانات الشخصية لكافة طلبة مدارس الأونروا لإقناع ذويهم فرديا، كما وجدت صعوبة في إقناع بعض مدراء المدارس للتحوّل إلى المنهاج الإسرائيلي، بسبب تحريفه الهوية الوطنية، وضعفه الأكاديمي مقارنة بالمنهاج الفلسطيني خصوصا في مادة اللغة الإنجليزية.

وفي السياق ذاته، أكد أحد مديري المدارس في القدس (فضّل عدم نشر اسمه) أن بلدية الاحتلال ماضية، بإصرار غير مسبوق، على محاربة المنهاج الفلسطيني في المدارس الفلسطينية، من خلال الزيارات التفتيشية المفاجئة، وفرض المنهاج المحرّف، وقطع أو تقليص التمويل المالي على المخالفين. كما قال للجزيرة نت إن البلدية فكرت في إضافة ساعات نوعية إضافية لتقوية الطلبة في اللغة الإنجليزية داخل مدارسها لإقناع الأهالي.

وتابع "البلدية تسابق الزمن خوفا من انتقال مئات الطلبة إلى مدارس تقول إنها تحريضية وتعزز الهوية الفلسطينية، حيث تعتزم إقامة مبان مؤقتة بقيمة 15 مليون شيكل (4 ملايين دولار) إلى حين تشييد مبان جديدة لنقل الطلبة إليها، في ظل نقص في الغرف الصفية بواقع 2000 غرفة، كما نقلت فعليا بعضهم إلى مدارس قائمة أصلا، حيث نقلت 200 طالبة من مخيم شعفاط إلى مدرستين مختلطتين داخل المخيم، و50 طالبة إلى مدرسة داخل البلدة القديمة بالقدس تدرس المنهاج الإسرائيلي".

كلية قلنديا تابعة للأونروا وبها 344 طالبا (الجزيرة)

ووفق بيانات وكالة الأونروا فإن أكثر من 1800 طالب وطالبة فلسطينيين يدرسون في 7 مؤسسات تعليمية تابعة لها داخل حدود بلدية القدس، بينها 6 مدارس، وكلية للتدريب المهني في مخيم قلنديا (تضم 344 طالبا)، حيث تتوزع بقية المدارس كالتالي:

إعلان 3 مدارس في مخيم شعفاط شمال شرق القدس اثنتان للإناث وواحدة للذكور.  مدرسة ابتدائية للإناث في بلدة سلوان جنوبي المسجد الأقصى قرب باب المغاربة. وواحدة ابتدائية للذكور في حي وادي الجوز قرب سور القدس. وأخرى متوسطة للإناث في قرية صورباهر جنوبي القدس.

ومع اقتراب انقضاء الفصل الدراسي الأول، تبحث المقدسية آية محمد، وهي أم طالب في مدرسة تابعة للأونروا في مخيم شعفاط عن بديل مناسب وغير مكلف ماديا، حيث عبّرت للجزيرة نت عن استيائها وقلقها من إغلاق المدرسة.

وقالت: "كانت المدرسة أكثر من مجرد مكان للتعليم، أخشى أن يفقد طفلي ارتباطه بهويته الوطنية في مدارس تابعة للبلدية، كما أخشى من عدم العثور بهذا الوقت القصير على تعليم جيد بتكلفة معقولة، وسط ارتفاع تكاليف المدارس الخاصة، وعدا عن ذلك فإن انتقال طفلي المفاجئ قد ينجم عنه بعض الآثار النفسية والمجتمعية بسبب تغيير البيئة، واضطراره للتأقلم السريع".

مع اقتراب انهاء خدمات #الأونروا بموجب قانون تعسفي لطرد الوكالة من الأراضي المحتـ ـلة، دعا رئيس بلدية الاحتـ ـلال في #القدس موشيه ليون أولياء أمور الطلبة المقدسيين في مدارس "الأونروا" لتسجيل أبنائهم في مدارس البلدية.
الفلسطينيون رفضوا هذه الدعوة، معتبرين إياها خرقًا للقانون… pic.twitter.com/Mqz6m0zr3G

— قدس فيد (@quds_feed) November 29, 2024

مصير مجهول

وعند الحديث عن الحلول وسبل المواجهة، يرى رئيس الهيئة المقدسية لمناهضة التهويد ناصر هدمي أن القدس المحتلة تفتقر إلى قيادة موحدة تستطيع توحيد موقف المقدسيين، والبناء على إنجازاتهم.

ويضيف للجزيرة نت "كل ما تقوم به البلدية لا يتعارض فقط مع القانون الدولي، وإنما مع قانون دولة الاحتلال نفسها، نحن نعيش مرحلة من العربدة وخرق القانون من قبل مؤسسات الدولة، الوضع سيكون مختلفا لو كان لدى مدارس القدس جسم موحد يستطيع أن يتخذ قراراته، من بينها الامتناع الاحتجاجي عن التعليم، وامتناع الأهالي عن إرسال أبنائهم إلى المدارس التي تدرس المنهاج الإسرائيلي. نحن نعيش في ظروف استثنائية، وأهل القدس اليوم هم مفعول بهم".

يذكر أنه ووفق مؤسسة "فيصل الحسيني" المقدسية فإن عدد طلبة القدس في المراحل المدرسية (لا يشمل رياض الأطفال) وصل إلى نحو 98 ألفا و428 طالبا وطالبة، يذهب نحو 45 ألفا و500 منهم إلى 146 مدرسة تتبع للمظلة الفلسطينية (الأوقاف العامة، المدارس الأهلية، وكالة الغوث)، أما البقية فيذهبون إلى مدارس تتبع لبلدية الاحتلال، بينها مدارس تاريخية وضع الاحتلال يده عليها إبان احتلال شرقي القدس عام 1967، ومدارس مستأجرة، ومدارس حديثة نسبيا، وجميعها يدرس فيها المنهاج الإسرائيلي.

إعلان

مقالات مشابهة

  • الاحتلال يعتقل 4 أطفال ويهدم منزلين في القدس
  • مفتي القدس يشيد بدعم المغرب بقيادة جلالة الملك لصمود الشعب الفلسطيني
  • سرايا القدس : النفير هو أقل واجب أخلاقي وشرعي نحو حقن الدم الفلسطيني وإسنادًا لمخيم جنين
  • الاحتلال يجبر فلسطينييْن على هدم منزليهما بالقدس
  • اجتماع بصنعاء يناقش الخطة الإعلامية للمؤتمر الثالث – فلسطين قضية الأمة المركزية
  • ما مصير طلبة مدارس أونروا بالقدس بعد حظرها؟
  • سرايا القدس تعلن قصف تحشدات الاحتلال الإسرائيلي شمال غزة 
  • مركبة للاحتلال تدهس فلسطينيا شرق القدس – فيديو
  • سرايا القدس تقصف تجمعات لجنود الاحتلال في نتساريم بالصواريخ وقذائف الهاون
  • قوات الاحتلال تقتحم حلحول ومخيم بلاطة – فيديو