سلسلة من الحملات العسكرية الأوروبية ذات طابع ديني، استمرت نحو قرنين من الزمان، فيما بين عامي 1096 و1291م، شملت 8 حملات رئيسية، تفاوتت في حجمها وقوتها ومقدار نجاحها، وكان مقصدها الأساسي بلاد المشرق الإسلامي.

انطلقت الحملات بدعوة من الكنيسة الكاثوليكية تحت شعار الصليب، بهدف تحرير الأراضي المقدسة من أيدي المسلمين واستعادة القدس، مع دوافع أخرى عديدة استعمارية واقتصادية غير معلنة، قصدت توسيع نفوذ الفرنجة عالميا وإيقاف التمدد الإسلامي نحو أوروبا، وخدمة مصالح أطراف شتى تحت غطاء ديني.

الدوافع والأسباب

أثبت الواقع التاريخي للحملات الصليبية وجود دوافع عديدة استترت خلف الدافع الديني المعلن، فمنها السياسي والاقتصادي والاجتماعي، إضافة إلى مصالح شخصية للأفراد والجماعات المختلفة، ويمكن إجمال أسباب تلك الحروب كالآتي:

الدافع الديني:

عبر تخليص القدس من أيدي المسلمين، وتهيئة جو آمن للحجاج المسيحيين في الأراضي المقدسة، وقد أعلنه البابا أوربان الثاني عندما ألقى في مدينة كليرمون عام 1095م خطابا حماسيا مطولا، حضره جمع غفير من رجال الدين والفرسان والنبلاء وعامة الناس، حرّض فيه على ما سماه "الحرب المقدسة" وحث على الزحف إلى المشرق الإسلامي لتحرير القدس، على خلفية ما ادعاه من "اضطهاد يتعرض له الحجاج المسيحيون في بيت المقدس".

وحملت دعوة البابا وعودا بالغفران لكل من يشارك في الحرب، ووزع صلبانا قماشية ليخيطها المشاركون في الحرب على ثيابهم، وكانت هذه الدعوة في الواقع سبيلا لترسيخ نفوذ الكرسي الرسولي في روما، وبسط سيطرته على الكنيسة الشرقية، وزيادة هيمنته في العالم المسيحي.

الدافع السياسي:

من خلال توسيع النفوذ الأوروبي السياسي، وتأسيس إمارات في بلاد المشرق، وهو أحد البواعث الخفية التي ضغطت وراء الكنيسة لإنفاذ تلك الحملات، وكانت لدى البابا أوربان طموحات سياسية توسعية.

وكان للكنيسة نفوذ على ملوك وأمراء أوروبا، الذين وافقت فكرة التوسع هوى عندهم، فرغبوا في تأسيس إمارات لهم في مناطق أخرى بعد أن ضاقت أوروبا بالصراعات الإقطاعية، وتلهف الفرسان للمشاركة، التي فتحت شهيتهم على إمكانية الحصول على أراض جديدة ومكاسب مادية وألقاب رفيعة.

الدوافع الاقتصادية:

بهدف الحصول على خيرات وثروات بلاد المشرق، وتحسين الأوضاع الاقتصادية المتدهورة في أوروبا، التي عاشت حالة مزرية من الفقر والبطالة والجوع، وكانت تصلهم الأخبار عن حالة الرخاء التي تتمتع بها بلاد المسلمين، التي كان يشار إليها بأنها "أرض تفيض باللبن والعسل"، فكان طموحهم الحصول على تلك الخيرات والتمتع بها.

كما دعم تجار مدن جنوب أوروبا كالبندقية وبيزا وجنوة ومرسيليا الحملات، بنقل المقاتلين بأساطيلهم، وتوصيل الإمدادات لهم، بهدف الحصول على أرباح طائلة، والسيطرة على المراكز التجارية المهمة في بلاد المشرق، والاستفادة من الخدمات الإضافية التي تمنح لهم.

الدافع الاجتماعي:

عن طريق التخلص من نظام الإقطاع وتبعاته، فقد كان الفلاحون والعبيد يعانون من الطبقية في ظل نظام الإقطاع، ويعيشون حياة بائسة، تفتقر إلى الحقوق الأساسية، فضلا عن الظلم والتسخير والفاقة وتدني مستوى المعيشة، فوجدت تلك الطبقة الفرصة سانحة للهرب، وتأسيس حياة جديدة في بلاد أخرى.

السبب المباشر:

أما السبب المباشر فهو الانتصار الحاسم الذي حققه السلاجقة بقيادة السلطان ألب أرسلان في معركة "ملاذ كرد" على الدولة البيزنطية عام 1071م، وما نجم عنه من الاستيلاء على العديد من المناطق التابعة للبيزنطيين.

فقد أرعب التوسع المطرد للسلاجقة الإمبراطور البيزنطي أليكسيوس الأول، فاستغاث بالبابا لمساندته في محاربة السلاجقة، بحجة تحرير الأراضي المقدسة من أيدي المسلمين، وقد استجاب البابا أوربان الثاني، ودعا إلى حرب دينية على المسلمين، واستجابت أوروبا، التي خشيت أن يفتح سقوط بيزنطة الطريق أمام سلاجقة الروم للتمدد إلى أوروبا.

الحملات

ضمت الحروب الصليبية عديدا من الحملات، واشتملت على 8 حملات رئيسية:

الحملة الأولى (1096-1099م)

بدأ البابا أوربان الثاني ورجال الكنيسة بحملة مكثفة استمرت حوالي 8 أشهر لحشد الجيوش، التي ضمت أكبر عدد من الفرسان والأمراء، وأسفرت عملية التعبئة عن حملتين، هما:

حملة العوام: وضمت جموعا غفيرة من الفلاحين والفقراء وقطاع الطرق بقيادة الأسقف بطرس الناسك، الذي انطلق بهم إلى القسطنطينية عام 1096، والتقوا هناك بمجموعة أخرى من الصليبيين بقيادة والتر الملقب المفلس، ونهبوا وسلبوا وأفسدوا طوال مسيرهم، مما دفع بالإمبراطور البيزنطي إلى إرسالهم نحو آسيا الصغرى، حيث التقوا السلاجقة، الذين هزموهم هزيمة نكراء، حتى لم يبق منهم إلا القليل. حملة الأمراء: اشتملت على 4 قوات: جيش فرسان شمال فرنسا واللورين، وجيش فرسان غرب فرنسا ونورمانديا، وجيش جنوب فرنسا والبروفنسال، وجيش فرسان النورمان، وفي مسيرتهم انضم إليهم كثيرون من ألمانيا والنمسا والمجر وغيرها، وقُدر عدد الجيوش بما بين 60 و100 ألف مقاتل، انطلقوا نحو القسطنطينية، ومنها إلى آسيا الصغرى، حيث حاصروا نيقية عاصمة السلاجقة، وتمكنوا من الاستيلاء عليها عام 1097.

واستمر الصليبيون في طريقهم إلى الشام، وواصلوا انتصاراتهم حتى استطاعوا السيطرة على أجزاء واسعة من الشام، واستولوا على معظم مدن الساحل، وتمكنوا من احتلال القدس عام 1099. وأثناء حروبهم سفكوا دماء المسلمين واليهود وارتكبوا مذابح وفظائع، بل لم يسلم منهم المسيحيون المحليون، فقد استولوا على أديرتهم وطردوهم من كنائسهم.

وبعد فترة وجيزة من تحقيق هدفهم، عادت الغالبية العظمى من الصليبيين إلى أوروبا، أما الذين بقوا فقد أسسوا أربع إمارات هي: إمارة الرها وإمارة أنطاكية وإمارة بيت المقدس وإمارة طرابلس، وبنوا قلاعا حصينة، وأصبحت لهم اليد العليا في البلاد.

الحملة الثانية (1147-1149م)

بعد مضي ما يقارب 3 عقود على الوجود الصليبي في المشرق الإسلامي، بدأ نجم عماد الدين زنكي حاكم إمارة الموصل يلمع، وأخذ يبرز بوصفه أقوى حاكم مسلم في المنطقة، واستطاع توسيع إمارته فضم حماة وحمص، ثم تمكن من استرداد إمارة الرها عام 1144م.

وعندئذ دعا البابا إلى حملة جديدة، للوقوف في وجه القوة الإسلامية الصاعدة، فكانت الحملة الصليبية الثانية، التي بدأت عام 1147م، وتكونت من جيشين عظيمين، ضم كل واحد منهما نحو 70 ألف جندي، أحدهما بقيادة إمبراطور ألمانيا كونراد الثالث، والثاني بقيادة ملك فرنسا لويس السابع.

وانطلق الجيشان إلى الشام، وبدأ الصليبيون بمهاجمة دمشق، وحاصروها، لكن السلطان نور الدين زنكي، الذي تولى حكم الموصل وحلب بعد وفاة والده عماد الدين، سيّر جيوشه إلى دمشق، وهزم الصليبيين، الذين تقهقروا إلى أوروبا يجرون ذيول الخيبة بعد فشل حملتهم، وبقيت الرها في ظل الحكم الإسلامي، وفي غضون بضع سنوات، ضم نور الدين دمشق، وجعلها قاعدة له.

وكان الملك الناصر صلاح الدين الأيوبي في تلك الآونة قد ألغى الحكم الفاطمي في مصر، واستقل بالحكم فيها، وبعد وفاة نور الدين زنكي، وحّد إمارات الشام ومصر وأسس الدولة الأيوبية، وتصدى للصليبيين.

ودارت بينه وبين الصليبيين معارك أشهرها معركة حطين التي وقعت عام 1187م، وكانت معركة فاصلة، هُزم فيها الصليبيون، ومهدت الطريق لتحرير مدن الشام، فقد مضى صلاح الدين على إثرها ففتح طبرية وعكا والناصرة وقيسارية وحيفا وصفورية ونابلس وجبيل وعسقلان والرملة وغزة وبيت لحم والخليل، حتى انتهت مسيرة  النصر بتحرير بيت المقدس.

الحملة الثالثة (1189-1192م)

كانت استعادة المسلمين لبيت المقدس ضربة موجعة للصليبيين، فدعا البابا غريغوري الثامن إلى حملة جديدة، لكنه ما لبث أن توفي، فواصل خليفته البابا كليمنت الثالث المهمة، فاستجابت أوروبا بحشد جيوش شاركت فيها ألمانيا بقيادة الإمبراطور بارباروس وفرنسا بقيادة الملك فيليب الثاني وبريطانيا بقيادة الملك ريتشارد (قلب الأسد). ولكن بارباروس غرق في أحد أنهار آسيا الصغرى قبل أن يصل إلى الشام، ولم يكمل الطريق من جيشه إلا نحو ألف جندي.

وقد قصد الجيش الصليبي عكا فحاصرها واستولى عليها عام 1191م، غير أن الملك فيليب تعلل بمرضه وعاد إلى فرنسا، وبقي في الميدان ريتشارد قلب الأسد وحده، فاحتل بعض مدن الساحل، ولكن الحملة فشلت في تحقيق هدفها الرئيسي بالاستيلاء على القدس. وأسفرت عن "صلح الرملة" بين الصليبيين وصلاح الدين عام 1192م، الذي تضمن هدنة، وكان من بنوده:

احتفاظ الصليبيين بمدن الساحل من صور إلى يافا. ضمان حرية حج المسيحيين إلى بيت المقدس دون تقديم ضرائب. بقاء قس من الصليبيين في القدس. حرية تنقل كل طرف في الأراضي التي يسيطر عليها الآخر. الحملة الرابعة (1202-1204م)

بعد فشل الحملة الثالثة، أدرك الصليبيون أهمية مصر في نجاح وصولهم إلى القدس، إضافة إلى أهمية موانئها للنشاط التجاري، فقرروا الاستيلاء عليها، ودعا البابا إنوسنت إلى "الحرب المقدسة".

وتجمعت الجيوش الصليبية في البندقية عام 1201م، للانتقال بأساطيلها إلى مصر، ولكن الحملة غيرت مسارها نحو القسطنطينية، لمساندة الإمبراطور البيزنطي إليكسيوس لاسترداد عرشه، وتمكن الصليبيون من السيطرة على القسطنطينية، وتسليمها للإمبراطور، لكن خلافا كبيرا نشب على التعويضات التي وُعدوا بها، فاحتلوا القسطنطينية عام 1204م، وعاثوا فيها فسادا، وعينوا عليها حاكما جديدا.

الحملة الخامسة (1218-1221م)

جدد البابا إنوسنت الثالث الدعوة إلى حملة صليبية، وبدأت أوروبا تجهز قواتها، التي وصلت تباعا إلى عكا، ومنها انطلق الصليبيون إلى مدينة دمياط المصرية الواقعة على البحر الأبيض المتوسط، فحاصروها حتى استولوا عليها عام 1219م، واستقروا فيها.

وفي عام 1221م بدأ الصليبيون الزحف جنوبا، وتصدى لهم الملك الكامل الأيوبي، واستطاع هزيمتهم هزيمة ساحقة، واستولى المسلمون على سفنهم ومعداتهم الحربية، ثم طاردوا فلولهم إلى دمياط، ودحروهم تماما عن مصر كلها، وأنشأ الملك الكامل في موضع المعركة قرية سماها المنصورة، تمجيدا للنصر الذي أحرزه المسلمون.

الحملة السادسة (1228-1229م)

لم يتقبل البابا الهزيمة، فدعا إلى حملة صليبية جديدة، كان على رأسها هذه المرة الإمبراطور الألماني فردريك الثاني، الذي خضع لضغوط البابا، وكان قد أوقع عليه عقوبة الحرمان الكنسي لتباطئه، فخرج الإمبراطور عام 1228م في جيش قوامه نحو 600 فارس.

وحاز الإمبراطور على مكاسب لم تحصل عليها أية حملة بعد الحملة الصليبية الأولى، فقد صالح فردريك عام 1229م الملك الكامل على أن يكون للصليبيين بيت لحم والقدس مع شريط من الأرض يصل بين القدس وعكا، في حين يبقى للمسلمين المسجد الأقصى وقبة الصخرة والمناطق الريفية، وبالمقابل تعهد فردريك بمنع أية حملة صليبية إلى المنطقة طوال عشر سنوات.

الحملة السابعة (1248-1254م)

بعد وفاة الملك الكامل، تولى ابنه الملك الصالح نجم الدين الحكم، وكانت الهدنة التي عقدها والده مع فردريك قد انتهت، وكان البابا غريغوري التاسع قد بدأ التحريض على الحرب مع الشرق منذ عام.

فحشد ملك نافار تيبالد الشامباني مجموعة من النبلاء، سار بهم إلى عكا، واستطاع تكوين جيش من ألف جندي، والتحموا مع الجيش المصري في قرية بين عسقلان وغزة عام 1239م، فحقق المسلمون انتصارا في المعركة، تمكن الملك الصالح على إثره من استعادة القدس عام 1244م.

وصعقت أوروبا لنبأ تحرير القدس، ودعا البابا غريغوري التاسع إلى الحرب المقدسة، واستجاب ملك فرنسا لويس التاسع، فقاد جيشه إلى دمياط واستولى عليها عام 1249م، وعسكر الملك الصالح بجيوشه في المنصورة، ولم يطل المقام حتى توفي الملك الصالح، وتولى الحكم ابنه توران شاه أثناء رباطه في أرض المعركة.

وطمع الصليبيون في النصر في أعقاب شيوع خبر وفاة الملك، فتقدموا نحو جيش المسلمين، ودارت معركة حاسمة في فارسكور عام 1250م، انتصر فيها المسلمون بقيادة توران شاه، وأسروا ملك فرنسا وعددا وافرا من جنوده، واضطر لويس التاسع إلى دفع فدية باهظة مقابل إطلاق سراحه، والدخول في هدنة مدتها 10 سنوات، والرجوع خائبا إلى أوروبا.

الحملة الثامنة عام 1270م

أراد الملك لويس التاسع استعادة هيبته، وتعويض الهزيمة التي تلقاها في مصر، فجهز حملة جديدة مقصدها تونس عام 1270، وقد قرر المستنصر بالله الحفصي أن يتخذ موقف الدفاع، فملأ سواحل قرية رادس بالجند، ولم تقع بين الطرفين معارك ذات أهمية، إذ أصيب لويس التاسع بحمى وفارق الحياة، فعقد الطرفان صلحا، على إثره غادرت الحملة إلى فرنسا، وكانت تلك هي خاتمة الحروب الصليبية.

تصفية الوجود الصليبي

كان توران شاه آخر ملوك الأيوبيين، وقد قامت عقبه دولة المماليك، وكانت دولة قوية حملت على عاتقها تطهير الشام من بقايا الصليبيين، ولما تسلم الظاهر بيبرس الحكم عام 1260، أنشأ قوة بحرية في كل من دمياط والإسكندرية، ثم بدأ الهجوم على الإمارات والحصون الصليبية بالشام، فاستطاع السيطرة على قيصرية وأرسوف وصفد ويافا، ثم استولى على أنطاكيا ومعظم المدن التابعة لها، كما هاجم إمارة طرابلس واستعاد حصن عكا وحصن الأكراد.

وواصل المنصور قلاوون عندما اعتلى السلطة عام 1279م دحر الصليبيين، فاستعاد اللاذقية وإمارة طرابلس. وخلفه ابنه الأشرف خليل على العرش، الذي سجل عهده نهاية الصليبيين في بلاد الشام، فقد قصد عكا واستولى عليها عام 1291م، وبعدها انفرط عقد المعاقل الصليبية، فتتابع سقوط مدنهم وحصونهم واحدا تلو الآخر: صور وصيدا وطرطوس وبيروت.

النتائج

تمخضت الحروب الصليبية التي استمرت زهاء قرنين عن جملة من النتائج، ظهرت في جوانب عديدة، أبرزها:

الجانب العسكري:

فشلت الحملات الصليبية فشلا ذريعا، فقد استطاع المسلمون دحر الجيوش الصليبية، واستعادة القدس والشام والمدن الأخرى التي تم الاستيلاء عليها.

الجانب الحضاري:

تأثرت الشعوب الأوروبية التي قدمت إلى ديار الإسلام بمظاهر المدنية والحضارة التي رأتها، فاقتبست منها ونقلتها إلى بلادها، وظهر ذلك في مجالات عديدة، منها: الجانب العسكري والزراعي والعلوم والأدب والفلسفة والفنون والعمارة، وكان ذلك أحد محفزات الغرب نحو النهضة الحديثة.

الجانب السياسي:

قضت الحروب الصليبية على نظام الإقطاع في أوروبا، حيث باع كثير من الإقطاعيين أراضيهم للمشاركة في الحملات، وشاركت طبقة العبيد والفلاحين في الحروب بأعداد كبيرة، وهي التي كانت مرتكزا أساسيا للنظام الإقطاعي، مما حد من نفوذ الإقطاعيين، وأدى إلى تقوية نفوذ العائلات الملكية، وتعزيز السلطة المركزية للملوك، التي حدت منها من قبل بشكل كبير السلطة الإقطاعية.

الجانب الاقتصادي:

عززت الحروب الصليبية النشاط التجاري الدولي بين الشرق والغرب، وأسهمت في انتعاش مدن جنوب أوروبا، مثل جنوة والبندقية وبيزا ومرسيليا.

الجانب الديني:

أعلت الحروب الصليبية من شأن البابوية، وزادت من نفوذ الكنيسة في أوروبا، وفي الوقت نفسه، عمقت الكراهية بين المسلمين والمسيحيين، وزادت حدة الاستقطاب بين الشرق والغرب على أساس التباين الديني.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الحروب الصلیبیة الأراضی المقدسة الملک الکامل الملک الصالح بیت المقدس الحصول على إلى أوروبا علیها عام إلى حملة فی بلاد

إقرأ أيضاً:

هل انتصرت “إسرائيل” في حربها على غزة؟ 

#سواليف

النصر كمفهوم يعد إشكاليًا في #الحروب الحديثة والمعارك المسلحة، حيث تبرز تحديات في تعريفه من زوايا مختلفة مثل المستويات التكتيكية والاستراتيجية. يصعب تحديد الأهداف بدقة، وكذلك قياسها بعد تحديدها، مما يجعل الحرب ظاهرة اجتماعية معقدة.

دروس التاريخ تظهر أن مظاهر #السيطرة_العسكرية في #ساحة_المعركة لا تعني بالضرورة النصر في الحرب، وقد تُفضي بعض الحروب إلى نتائج غير مرضية رغم التفوق العسكري.

الحروب الحديثة مثل تلك في العراق وأفغانستان وفلسطين أكدت أن النجاح الاستراتيجي لا يُحقق بالقوة العسكرية وحدها، بل يتطلب معالجة أسباب الصراع العميقة.

مقالات ذات صلة التربية تعلن نتائج تكميلية التوجيهي لعام 2024 – رابط 2025/01/30

تغيرت طبيعة الحروب بعد الحرب الباردة بسبب التقدم التكنولوجي وظهور الجماعات الأيدلوجية التي تدافع عن هويتها. التصورات حول النصر و #الهزيمة قد تختلف عن الواقع. في 1969، خلص ريموند أوكونور في كتابه “النصر في الحروب الحديثة” إلى أن النصر التقليدي أصبح استثناء في الحروب الحديثة. ويقصد بمصطلح “الحرب الحديثة” الحروب التي نشبت بعد نهاية الحرب الباردة، والتي تغيرت فيها مفاهيم النصر والهزيمة.

يرى العديد من الباحثين في الشأنين السياسي والعسكري أن النصر هو تحقيق الأهداف المحددة مسبقًا، حيث يرتبط النصر بالأهداف التي تم تحديدها في بداية الحرب. في الحروب الحديثة، تتشابك المصالح السياسية والدبلوماسية والعسكرية، ما يجعل تحديد النصر أمرًا صعبًا. اليوم، يعتبر من الصعب خوض حرب دون النظر إلى ما بعد الحرب، حيث ترتبط أهداف الحرب بحلول دائمة ومرحلة ما بعد الحرب، وهي عملية قد تختلف وجهات النظر حولها بين الأطراف المتحاربة. في الوقت الحاضر، يكاد يكون من غير الممكن الخوض في تعريف الانتصار في الحرب دون النظر إلى فترة ما بعد الحرب. من الناحية النظرية، تتحقق أهداف الحرب في المرحلة الزمنية التي تلي وقف العمليات العسكرية، ويرتبط النصر ارتباطًا وثيقًا بمفاهيم إنهاء المعركة التي تهدف إلى إيجاد حلول دائمة.

يشير وليام مارتل في كتابه “النصر في الحرب، أسس الاستراتيجية الحديثة” الذي صدر عام 2012، إلى أن هزيمة الخصم عسكريًا ليست متطابقة مع تحقيق الهدف من الحرب، أي السبب الذي من أجله كانت الحرب. ولذلك، لفهم النصر، من الضروري وجود تمييز واضح بين الهدف السياسي (نهاية الحرب) والهدف العسكري (أحد الوسائل لتحقيق الهدف). يمكن النظر إلى النصر كنتيجة، أو كتعبير وصفي للوضع بعد الحرب، أو كطموح يعدّ هو المحرك لتحقيق أهداف محددة من خلال استخدام القوة.

النصر في الحروب يمكن تحليله على مستويات متعددة: التكتيكية، الاستراتيجية، والاستراتيجيات الكبرى. يشير التكتيك إلى كيفية توجيه القوات في المعركة، بينما الاستراتيجية تتعلق بكيفية استثمار العمل العسكري لتحقيق أهداف الحرب. أما الاستراتيجية الكبرى، فترتبط بالاستثمار في نهاية الحرب عندما تحقق أهدافها لتحقيق أهداف سياسية تشمل ما بعد الحرب، أو ما يُطلق عليه اليوم التالي. يميز وليام مارتل بين “النصر العسكري” الذي يشير إلى سيطرة عسكرية في ساحة المعركة، و”النصر الاستراتيجي” الذي يتعلق بإخضاع أحد الأطراف سياسيا وفكريا وثقافيا وتغيير قناعته بالمواجهة.

في ذات السياق، يعتبر بون بارثولومييس في دراسته “نظرية النصر” أن الحرب هي معركة إرادات بين خصوم، ولا تعني السيطرة العسكرية أن الطرف الآخر قد خسر. على هذا الأساس يرى بعض الخبراء العسكريين أن النصر والهزيمة ليسا ثنائيين، بل يمكن تقييمها ضمن معايير متغيرة. يتوافق مع هذه الرؤية نسبيا ريموند أوكونور، والذي يعتقد أن تعريف الهدف وغاية الحرب أو النزاع المسلح هو مسألة سياسية. لذلك يجب أن يُنظر إلى النصر في سياق الهدف السياسي، فالنصر لا لا يعني “فقط من هزيمة قوات العدو؛ بل يجب أن يشمل تحقيق الهدف الذي من أجله تم خوض الحرب”.

في الحروب والمعارك مع حركات المقاومة، من الصعب جدا تحديد مفهوم النصر. لكن أغلب الخبراء في الشأن العسكري يرون أن المعايير الهامة وذات الصلة في هذا السياق قائمة على فكرة “الشعور بالأمان” والسؤال عن أي المجتمعين المتصارعين الذين يمكنهم العيش حياتهم في أمان بعيدًا عن الخوف من المستقبل. حتى في هذه الحالة، تكون ملاءمة المعايير محل تساؤل عندما لا تكون أهداف الحرب واضحة أو مفهومة. بينما في الحالة الفلسطينية، وتحديدا في الحرب الأخيرة، فإن معايير “الشعور بالأمان” و”تحقيق أهداف الحرب” يمكنها الاجتماع في ذات الإطار من التقييم على نتائج الحرب.

بالإضافة لما سبق، تتأثر التصورات عن النصر أيضًا بالعوامل النفسية والثقافية والسياسية. يعتقد جونسون وتيرني إلى أن المعتقدات المسبقة والثقافة الوطنية تلعب دورًا في كيفية تفسير الحروب باعتبارها انتصارات أو هزائم. علاوة على ذلك، التغطية الإعلامية ووسائل التواصل الاجتماعي تزيد من تعقيد التصورات المتعلقة بالنصر.إضافة إلى ذلك، تغيرت أهداف الحروب التي غالبًا ما تهدف إلى تغييرات اجتماعية وسياسية عميقة.

هذه التغييرات تجعل من الصعب تحديد النصر، لأنه يتطلب تحقيق توازن بين الأبعاد العسكرية والسياسية والاجتماعية.

في حربها على #غزة.. هل انتصرت ” #إسرائيل “؟

كان الهدف من التقديم النظري السابق لمفهوم النصر هو الحكم على نتائج الحرب الحالية من خلال الأطر النظرية العسكرية وليس من خلال الآراء والمواقف الأيديولوجية أو السياسية. في 16 أكتوبر 2023، حددت حكومة الاحتلال أهداف الحرب: الإطاحة بحكم حماس وتدمير قدراتها العسكرية والإدارية، إزالة تهديد المقاومة من قطاع غزة، تحرير الأسرى الإسرائيليين بالقوة العسكرية، وإزالة التهديد الأمني من غزة. وفيما يتعلق بإعادة المستوطنين للمستوطنات الشمالية، تم تحديد هذا الهدف وإضافته رسمياً لأهداف الحرب فقط في سبتمبر 2024. في هذا السياق، يعتقد جابي سيبوني، وهو مستشار عسكري لجيش الاحتلال الاسرائيلي، وكوبي ميخائيل الباحث في معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب، وأستاذ في المركز الدولي للشرطة والأمن في جامعة جنوب ويلز في المملكة المتحدة، أن عدم تحقيق هذه الأهداف يعني هزيمة على المستوى الاستراتيجي.

يشير دان داييكر، رئيس مركز القدس للشؤون الخارجية والأمنية ومدير مشروع الحرب السياسية، والذي شغل في السابق منصب الأمين العام للمؤتمر اليهودي العالمي، والباحث في المعهد الدولي للأمن ومكافحة “الإرهاب” في جامعة رايخمان، إلى أنه على عكس التفكير في جولات القتال السابقة والاعتماد على “شراء الهدوء” أو منطق “الهدوء يقابل الهدوء”، قررت “إسرائيل” تغيير قواعد اللعبة من الأساس والتحول إلى استراتيجية حاسمة. في هذا الإطار، فإن “النصر الكامل” هو تبني نهج هجومي وحازم هدفه تفكيك النظام القائم، أو بلغة استراتيجية؛ التغيير من الدرجة الثانية، الذي يعني تغيير النظام القائم، بخلاف التغيير من الدرجة الأولى الذي يعني تغييراً ضمن النظام القائم. لكنه يؤكد بأنه “بالرغم من 15 شهراً من القتال، لم تُحقق أهداف إسرائيل، إزالة التهديد، هزيمة حماس، وإعادة جميع الأسرى من أيدي العدو بالقوة العسكرية”.

بالنسبة للعقيدة العسكرية الإسرائيلية، هناك نوعان من الانتصار تم تعريفهما في ورشة لقادة هيئة الأركان العامة في جيش الاحتلال الإسرائيلي نظمها رئيس هيئة الأركان السابق أفيف كوخافي في أبريل 2019: الانتصار الذاتي أو الانتصار الموضوعي. الانتصار الذاتي هو انتصار إدراكي، في حين أن الانتصار الموضوعي هو انتصار واقعي. الانتصار الذاتي يعتمد دائمًا على الحكم الشخصي، بينما الانتصار الموضوعي يعتمد على الواقع، وليس على الحكم الإدراكي. يمكن الإشارة إلى أن “إسرائيل” لم تحقق الانتصار الموضوعي بعد أن فشلت في تحقيق أهداف الحرب الحاسمة التي ذكرت في سياق هذه المقالة، ولم تحقق الانتصار الإدراكي خاصة في ظل كم الانتقادات لطبيعة نهاية الحرب والتقارير التي تكشف عن عدم وجود حافز للمستوطنين للعودة إلى غلاف غزة أو مستوطنات الشمال.

مقالات مشابهة

  • توقعات بسقوط أمطار متفاوتة الغزارة غدا
  • للسيطرة على أسعار بيض المائدة.. إجراء عاجل من وزير الزراعة
  • قرار عاجل من وزير الزراعة للسيطرة على أسعار البيض
  • توقعات الطقس ليوم غد
  • أديبة تشيكية: الأدب أداة لتسليط الضوء على قضايا النساء
  • وصول الطائرة الإغاثية السعودية السادسة عشرة لمساعدة الشعب السوري التي يسيرها مركز الملك سلمان
  • وصول الطائرة الإغاثية السعودية السادسة عشرة لمساعدة الشعب السوري التي يسيّرها مركز الملك سلمان للإغاثة
  • مغادرة الطائرة الإغاثية السعودية السادسة عشرة التي يسيّرها مركز الملك سلمان للإغاثة لمساعدة الشعب السوري الشقيق
  • الشيباني: لا بد من استعادة هيبة الدولة ووقف النهب العلني للمال العام
  • هل انتصرت “إسرائيل” في حربها على غزة؟