الحروب الصليبية.. سلسلة حملات للسيطرة على الأراضي المقدسة ووقف المد الإسلامي
تاريخ النشر: 22nd, February 2024 GMT
سلسلة من الحملات العسكرية الأوروبية ذات طابع ديني، استمرت نحو قرنين من الزمان، فيما بين عامي 1096 و1291م، شملت 8 حملات رئيسية، تفاوتت في حجمها وقوتها ومقدار نجاحها، وكان مقصدها الأساسي بلاد المشرق الإسلامي.
انطلقت الحملات بدعوة من الكنيسة الكاثوليكية تحت شعار الصليب، بهدف تحرير الأراضي المقدسة من أيدي المسلمين واستعادة القدس، مع دوافع أخرى عديدة استعمارية واقتصادية غير معلنة، قصدت توسيع نفوذ الفرنجة عالميا وإيقاف التمدد الإسلامي نحو أوروبا، وخدمة مصالح أطراف شتى تحت غطاء ديني.
أثبت الواقع التاريخي للحملات الصليبية وجود دوافع عديدة استترت خلف الدافع الديني المعلن، فمنها السياسي والاقتصادي والاجتماعي، إضافة إلى مصالح شخصية للأفراد والجماعات المختلفة، ويمكن إجمال أسباب تلك الحروب كالآتي:
الدافع الديني:عبر تخليص القدس من أيدي المسلمين، وتهيئة جو آمن للحجاج المسيحيين في الأراضي المقدسة، وقد أعلنه البابا أوربان الثاني عندما ألقى في مدينة كليرمون عام 1095م خطابا حماسيا مطولا، حضره جمع غفير من رجال الدين والفرسان والنبلاء وعامة الناس، حرّض فيه على ما سماه "الحرب المقدسة" وحث على الزحف إلى المشرق الإسلامي لتحرير القدس، على خلفية ما ادعاه من "اضطهاد يتعرض له الحجاج المسيحيون في بيت المقدس".
وحملت دعوة البابا وعودا بالغفران لكل من يشارك في الحرب، ووزع صلبانا قماشية ليخيطها المشاركون في الحرب على ثيابهم، وكانت هذه الدعوة في الواقع سبيلا لترسيخ نفوذ الكرسي الرسولي في روما، وبسط سيطرته على الكنيسة الشرقية، وزيادة هيمنته في العالم المسيحي.
الدافع السياسي:من خلال توسيع النفوذ الأوروبي السياسي، وتأسيس إمارات في بلاد المشرق، وهو أحد البواعث الخفية التي ضغطت وراء الكنيسة لإنفاذ تلك الحملات، وكانت لدى البابا أوربان طموحات سياسية توسعية.
وكان للكنيسة نفوذ على ملوك وأمراء أوروبا، الذين وافقت فكرة التوسع هوى عندهم، فرغبوا في تأسيس إمارات لهم في مناطق أخرى بعد أن ضاقت أوروبا بالصراعات الإقطاعية، وتلهف الفرسان للمشاركة، التي فتحت شهيتهم على إمكانية الحصول على أراض جديدة ومكاسب مادية وألقاب رفيعة.
الدوافع الاقتصادية:بهدف الحصول على خيرات وثروات بلاد المشرق، وتحسين الأوضاع الاقتصادية المتدهورة في أوروبا، التي عاشت حالة مزرية من الفقر والبطالة والجوع، وكانت تصلهم الأخبار عن حالة الرخاء التي تتمتع بها بلاد المسلمين، التي كان يشار إليها بأنها "أرض تفيض باللبن والعسل"، فكان طموحهم الحصول على تلك الخيرات والتمتع بها.
كما دعم تجار مدن جنوب أوروبا كالبندقية وبيزا وجنوة ومرسيليا الحملات، بنقل المقاتلين بأساطيلهم، وتوصيل الإمدادات لهم، بهدف الحصول على أرباح طائلة، والسيطرة على المراكز التجارية المهمة في بلاد المشرق، والاستفادة من الخدمات الإضافية التي تمنح لهم.
الدافع الاجتماعي:عن طريق التخلص من نظام الإقطاع وتبعاته، فقد كان الفلاحون والعبيد يعانون من الطبقية في ظل نظام الإقطاع، ويعيشون حياة بائسة، تفتقر إلى الحقوق الأساسية، فضلا عن الظلم والتسخير والفاقة وتدني مستوى المعيشة، فوجدت تلك الطبقة الفرصة سانحة للهرب، وتأسيس حياة جديدة في بلاد أخرى.
السبب المباشر:أما السبب المباشر فهو الانتصار الحاسم الذي حققه السلاجقة بقيادة السلطان ألب أرسلان في معركة "ملاذ كرد" على الدولة البيزنطية عام 1071م، وما نجم عنه من الاستيلاء على العديد من المناطق التابعة للبيزنطيين.
فقد أرعب التوسع المطرد للسلاجقة الإمبراطور البيزنطي أليكسيوس الأول، فاستغاث بالبابا لمساندته في محاربة السلاجقة، بحجة تحرير الأراضي المقدسة من أيدي المسلمين، وقد استجاب البابا أوربان الثاني، ودعا إلى حرب دينية على المسلمين، واستجابت أوروبا، التي خشيت أن يفتح سقوط بيزنطة الطريق أمام سلاجقة الروم للتمدد إلى أوروبا.
الحملاتضمت الحروب الصليبية عديدا من الحملات، واشتملت على 8 حملات رئيسية:
الحملة الأولى (1096-1099م)بدأ البابا أوربان الثاني ورجال الكنيسة بحملة مكثفة استمرت حوالي 8 أشهر لحشد الجيوش، التي ضمت أكبر عدد من الفرسان والأمراء، وأسفرت عملية التعبئة عن حملتين، هما:
حملة العوام: وضمت جموعا غفيرة من الفلاحين والفقراء وقطاع الطرق بقيادة الأسقف بطرس الناسك، الذي انطلق بهم إلى القسطنطينية عام 1096، والتقوا هناك بمجموعة أخرى من الصليبيين بقيادة والتر الملقب المفلس، ونهبوا وسلبوا وأفسدوا طوال مسيرهم، مما دفع بالإمبراطور البيزنطي إلى إرسالهم نحو آسيا الصغرى، حيث التقوا السلاجقة، الذين هزموهم هزيمة نكراء، حتى لم يبق منهم إلا القليل. حملة الأمراء: اشتملت على 4 قوات: جيش فرسان شمال فرنسا واللورين، وجيش فرسان غرب فرنسا ونورمانديا، وجيش جنوب فرنسا والبروفنسال، وجيش فرسان النورمان، وفي مسيرتهم انضم إليهم كثيرون من ألمانيا والنمسا والمجر وغيرها، وقُدر عدد الجيوش بما بين 60 و100 ألف مقاتل، انطلقوا نحو القسطنطينية، ومنها إلى آسيا الصغرى، حيث حاصروا نيقية عاصمة السلاجقة، وتمكنوا من الاستيلاء عليها عام 1097.واستمر الصليبيون في طريقهم إلى الشام، وواصلوا انتصاراتهم حتى استطاعوا السيطرة على أجزاء واسعة من الشام، واستولوا على معظم مدن الساحل، وتمكنوا من احتلال القدس عام 1099. وأثناء حروبهم سفكوا دماء المسلمين واليهود وارتكبوا مذابح وفظائع، بل لم يسلم منهم المسيحيون المحليون، فقد استولوا على أديرتهم وطردوهم من كنائسهم.
وبعد فترة وجيزة من تحقيق هدفهم، عادت الغالبية العظمى من الصليبيين إلى أوروبا، أما الذين بقوا فقد أسسوا أربع إمارات هي: إمارة الرها وإمارة أنطاكية وإمارة بيت المقدس وإمارة طرابلس، وبنوا قلاعا حصينة، وأصبحت لهم اليد العليا في البلاد.
الحملة الثانية (1147-1149م)بعد مضي ما يقارب 3 عقود على الوجود الصليبي في المشرق الإسلامي، بدأ نجم عماد الدين زنكي حاكم إمارة الموصل يلمع، وأخذ يبرز بوصفه أقوى حاكم مسلم في المنطقة، واستطاع توسيع إمارته فضم حماة وحمص، ثم تمكن من استرداد إمارة الرها عام 1144م.
وعندئذ دعا البابا إلى حملة جديدة، للوقوف في وجه القوة الإسلامية الصاعدة، فكانت الحملة الصليبية الثانية، التي بدأت عام 1147م، وتكونت من جيشين عظيمين، ضم كل واحد منهما نحو 70 ألف جندي، أحدهما بقيادة إمبراطور ألمانيا كونراد الثالث، والثاني بقيادة ملك فرنسا لويس السابع.
وانطلق الجيشان إلى الشام، وبدأ الصليبيون بمهاجمة دمشق، وحاصروها، لكن السلطان نور الدين زنكي، الذي تولى حكم الموصل وحلب بعد وفاة والده عماد الدين، سيّر جيوشه إلى دمشق، وهزم الصليبيين، الذين تقهقروا إلى أوروبا يجرون ذيول الخيبة بعد فشل حملتهم، وبقيت الرها في ظل الحكم الإسلامي، وفي غضون بضع سنوات، ضم نور الدين دمشق، وجعلها قاعدة له.
وكان الملك الناصر صلاح الدين الأيوبي في تلك الآونة قد ألغى الحكم الفاطمي في مصر، واستقل بالحكم فيها، وبعد وفاة نور الدين زنكي، وحّد إمارات الشام ومصر وأسس الدولة الأيوبية، وتصدى للصليبيين.
ودارت بينه وبين الصليبيين معارك أشهرها معركة حطين التي وقعت عام 1187م، وكانت معركة فاصلة، هُزم فيها الصليبيون، ومهدت الطريق لتحرير مدن الشام، فقد مضى صلاح الدين على إثرها ففتح طبرية وعكا والناصرة وقيسارية وحيفا وصفورية ونابلس وجبيل وعسقلان والرملة وغزة وبيت لحم والخليل، حتى انتهت مسيرة النصر بتحرير بيت المقدس.
الحملة الثالثة (1189-1192م)كانت استعادة المسلمين لبيت المقدس ضربة موجعة للصليبيين، فدعا البابا غريغوري الثامن إلى حملة جديدة، لكنه ما لبث أن توفي، فواصل خليفته البابا كليمنت الثالث المهمة، فاستجابت أوروبا بحشد جيوش شاركت فيها ألمانيا بقيادة الإمبراطور بارباروس وفرنسا بقيادة الملك فيليب الثاني وبريطانيا بقيادة الملك ريتشارد (قلب الأسد). ولكن بارباروس غرق في أحد أنهار آسيا الصغرى قبل أن يصل إلى الشام، ولم يكمل الطريق من جيشه إلا نحو ألف جندي.
وقد قصد الجيش الصليبي عكا فحاصرها واستولى عليها عام 1191م، غير أن الملك فيليب تعلل بمرضه وعاد إلى فرنسا، وبقي في الميدان ريتشارد قلب الأسد وحده، فاحتل بعض مدن الساحل، ولكن الحملة فشلت في تحقيق هدفها الرئيسي بالاستيلاء على القدس. وأسفرت عن "صلح الرملة" بين الصليبيين وصلاح الدين عام 1192م، الذي تضمن هدنة، وكان من بنوده:
احتفاظ الصليبيين بمدن الساحل من صور إلى يافا. ضمان حرية حج المسيحيين إلى بيت المقدس دون تقديم ضرائب. بقاء قس من الصليبيين في القدس. حرية تنقل كل طرف في الأراضي التي يسيطر عليها الآخر. الحملة الرابعة (1202-1204م)بعد فشل الحملة الثالثة، أدرك الصليبيون أهمية مصر في نجاح وصولهم إلى القدس، إضافة إلى أهمية موانئها للنشاط التجاري، فقرروا الاستيلاء عليها، ودعا البابا إنوسنت إلى "الحرب المقدسة".
وتجمعت الجيوش الصليبية في البندقية عام 1201م، للانتقال بأساطيلها إلى مصر، ولكن الحملة غيرت مسارها نحو القسطنطينية، لمساندة الإمبراطور البيزنطي إليكسيوس لاسترداد عرشه، وتمكن الصليبيون من السيطرة على القسطنطينية، وتسليمها للإمبراطور، لكن خلافا كبيرا نشب على التعويضات التي وُعدوا بها، فاحتلوا القسطنطينية عام 1204م، وعاثوا فيها فسادا، وعينوا عليها حاكما جديدا.
الحملة الخامسة (1218-1221م)جدد البابا إنوسنت الثالث الدعوة إلى حملة صليبية، وبدأت أوروبا تجهز قواتها، التي وصلت تباعا إلى عكا، ومنها انطلق الصليبيون إلى مدينة دمياط المصرية الواقعة على البحر الأبيض المتوسط، فحاصروها حتى استولوا عليها عام 1219م، واستقروا فيها.
وفي عام 1221م بدأ الصليبيون الزحف جنوبا، وتصدى لهم الملك الكامل الأيوبي، واستطاع هزيمتهم هزيمة ساحقة، واستولى المسلمون على سفنهم ومعداتهم الحربية، ثم طاردوا فلولهم إلى دمياط، ودحروهم تماما عن مصر كلها، وأنشأ الملك الكامل في موضع المعركة قرية سماها المنصورة، تمجيدا للنصر الذي أحرزه المسلمون.
الحملة السادسة (1228-1229م)لم يتقبل البابا الهزيمة، فدعا إلى حملة صليبية جديدة، كان على رأسها هذه المرة الإمبراطور الألماني فردريك الثاني، الذي خضع لضغوط البابا، وكان قد أوقع عليه عقوبة الحرمان الكنسي لتباطئه، فخرج الإمبراطور عام 1228م في جيش قوامه نحو 600 فارس.
وحاز الإمبراطور على مكاسب لم تحصل عليها أية حملة بعد الحملة الصليبية الأولى، فقد صالح فردريك عام 1229م الملك الكامل على أن يكون للصليبيين بيت لحم والقدس مع شريط من الأرض يصل بين القدس وعكا، في حين يبقى للمسلمين المسجد الأقصى وقبة الصخرة والمناطق الريفية، وبالمقابل تعهد فردريك بمنع أية حملة صليبية إلى المنطقة طوال عشر سنوات.
الحملة السابعة (1248-1254م)بعد وفاة الملك الكامل، تولى ابنه الملك الصالح نجم الدين الحكم، وكانت الهدنة التي عقدها والده مع فردريك قد انتهت، وكان البابا غريغوري التاسع قد بدأ التحريض على الحرب مع الشرق منذ عام.
فحشد ملك نافار تيبالد الشامباني مجموعة من النبلاء، سار بهم إلى عكا، واستطاع تكوين جيش من ألف جندي، والتحموا مع الجيش المصري في قرية بين عسقلان وغزة عام 1239م، فحقق المسلمون انتصارا في المعركة، تمكن الملك الصالح على إثره من استعادة القدس عام 1244م.
وصعقت أوروبا لنبأ تحرير القدس، ودعا البابا غريغوري التاسع إلى الحرب المقدسة، واستجاب ملك فرنسا لويس التاسع، فقاد جيشه إلى دمياط واستولى عليها عام 1249م، وعسكر الملك الصالح بجيوشه في المنصورة، ولم يطل المقام حتى توفي الملك الصالح، وتولى الحكم ابنه توران شاه أثناء رباطه في أرض المعركة.
وطمع الصليبيون في النصر في أعقاب شيوع خبر وفاة الملك، فتقدموا نحو جيش المسلمين، ودارت معركة حاسمة في فارسكور عام 1250م، انتصر فيها المسلمون بقيادة توران شاه، وأسروا ملك فرنسا وعددا وافرا من جنوده، واضطر لويس التاسع إلى دفع فدية باهظة مقابل إطلاق سراحه، والدخول في هدنة مدتها 10 سنوات، والرجوع خائبا إلى أوروبا.
الحملة الثامنة عام 1270مأراد الملك لويس التاسع استعادة هيبته، وتعويض الهزيمة التي تلقاها في مصر، فجهز حملة جديدة مقصدها تونس عام 1270، وقد قرر المستنصر بالله الحفصي أن يتخذ موقف الدفاع، فملأ سواحل قرية رادس بالجند، ولم تقع بين الطرفين معارك ذات أهمية، إذ أصيب لويس التاسع بحمى وفارق الحياة، فعقد الطرفان صلحا، على إثره غادرت الحملة إلى فرنسا، وكانت تلك هي خاتمة الحروب الصليبية.
تصفية الوجود الصليبيكان توران شاه آخر ملوك الأيوبيين، وقد قامت عقبه دولة المماليك، وكانت دولة قوية حملت على عاتقها تطهير الشام من بقايا الصليبيين، ولما تسلم الظاهر بيبرس الحكم عام 1260، أنشأ قوة بحرية في كل من دمياط والإسكندرية، ثم بدأ الهجوم على الإمارات والحصون الصليبية بالشام، فاستطاع السيطرة على قيصرية وأرسوف وصفد ويافا، ثم استولى على أنطاكيا ومعظم المدن التابعة لها، كما هاجم إمارة طرابلس واستعاد حصن عكا وحصن الأكراد.
وواصل المنصور قلاوون عندما اعتلى السلطة عام 1279م دحر الصليبيين، فاستعاد اللاذقية وإمارة طرابلس. وخلفه ابنه الأشرف خليل على العرش، الذي سجل عهده نهاية الصليبيين في بلاد الشام، فقد قصد عكا واستولى عليها عام 1291م، وبعدها انفرط عقد المعاقل الصليبية، فتتابع سقوط مدنهم وحصونهم واحدا تلو الآخر: صور وصيدا وطرطوس وبيروت.
النتائجتمخضت الحروب الصليبية التي استمرت زهاء قرنين عن جملة من النتائج، ظهرت في جوانب عديدة، أبرزها:
الجانب العسكري:فشلت الحملات الصليبية فشلا ذريعا، فقد استطاع المسلمون دحر الجيوش الصليبية، واستعادة القدس والشام والمدن الأخرى التي تم الاستيلاء عليها.
الجانب الحضاري:تأثرت الشعوب الأوروبية التي قدمت إلى ديار الإسلام بمظاهر المدنية والحضارة التي رأتها، فاقتبست منها ونقلتها إلى بلادها، وظهر ذلك في مجالات عديدة، منها: الجانب العسكري والزراعي والعلوم والأدب والفلسفة والفنون والعمارة، وكان ذلك أحد محفزات الغرب نحو النهضة الحديثة.
الجانب السياسي:قضت الحروب الصليبية على نظام الإقطاع في أوروبا، حيث باع كثير من الإقطاعيين أراضيهم للمشاركة في الحملات، وشاركت طبقة العبيد والفلاحين في الحروب بأعداد كبيرة، وهي التي كانت مرتكزا أساسيا للنظام الإقطاعي، مما حد من نفوذ الإقطاعيين، وأدى إلى تقوية نفوذ العائلات الملكية، وتعزيز السلطة المركزية للملوك، التي حدت منها من قبل بشكل كبير السلطة الإقطاعية.
الجانب الاقتصادي:عززت الحروب الصليبية النشاط التجاري الدولي بين الشرق والغرب، وأسهمت في انتعاش مدن جنوب أوروبا، مثل جنوة والبندقية وبيزا ومرسيليا.
الجانب الديني:أعلت الحروب الصليبية من شأن البابوية، وزادت من نفوذ الكنيسة في أوروبا، وفي الوقت نفسه، عمقت الكراهية بين المسلمين والمسيحيين، وزادت حدة الاستقطاب بين الشرق والغرب على أساس التباين الديني.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الحروب الصلیبیة الأراضی المقدسة الملک الکامل الملک الصالح بیت المقدس الحصول على إلى أوروبا علیها عام إلى حملة فی بلاد
إقرأ أيضاً:
محافظ عدن طارق سلام: اليمن بقيادة السيد عبد الملك الحوثي بات البوصلة التي تتجه نحوها أنظار العالم
يمانيون../
حذر محافظ عدن طارق مصطفى سلام، من التحركات الأمريكية الأوروبية في المحافظات الجنوبية والشرقية الواقعة تحت سيطرة الاحتلال الإماراتي السعوديّ.
وقال في حوار خاص مع صحيفة “المسيرة” إن المواطنين في تلك المحافظات باتوا اليوم يحشدون للتصدي لمشاريع المحتل التقسيمية وطرده والخلاص منه ومن أدواته الرخيصة
إلى نص الحوار:
-تحدثتم في وقت سابق من هذا الشهر عن تحركات أمريكية -أوروبية بعدن بالتزامن مع وصول سفراء أوروبيين إلى عدن وزيارات أوروبية مكثفة إلى الجنوب المحتل.. كيف تنظرون إلى هذه التحركات؟
بداية الأمر، التحركات الأجنبية الغربية ضد اليمن لم تتوقف كما أشرت منذ العدوان السعوديّ الأمريكي على بلادنا 2014 والمساعي الغربية الحثيثة ضد اليمن أرضاً وإنسانًا، وقد ظلت تحاك بمختلف وشتى الوسائل؛ من أجل إعادة اليمن إلى مربع الوصاية والهيمنة، وبرغم كلّ تلك المؤامرات والتحديات ظلت اليمن بقيادتها وشعبها وجيشها شامخة عصية أمام كلّ تلك المخاطر، والمؤامرات، وتمكنت -بفضل الله- من إجهاض كلّ مشاريع ومؤامرات العدوّ ، حتى جاءت معركة طوفان الأقصى، والتي كان لليمن فيها رأي مغاير ومختلف عن كلّ التوجهات الإقليمية والجيوسياسية، والمصالح والحسابات المختلفة.
كان اليمن -بفضل الله- وحكمة قائد الثورة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي -سلام الله عليه- هي البوصلة التي توجهت نحوها الأنظار، والآراء؛ نتيجة الموقف اليمني البطولي والفريد، بالإضافة إلى موقف الإخوة المجاهدين في المقاومة الإسلامية في كلّ من لبنان والعراق وإيران ومختلف الفصائل المساندة والمجاهدة، وبفضل هذا التغييرات والمواقف الجديدة التي فرضتها اليمن على اللعبة والمؤامرة ضد الأمّة، والشعب الفلسطيني المظلوم سعت القوى الدولية المختلفة راكضة للدفاع عن المصالح الأمريكية والإسرائيلية والغربية التي تضررت بفعل الضربات اليمنية، ولذا فإن التحركات الغربية الجديدة في اليمن تعمل على محاولة إعادة البوصلة التي دارت عجلتها ولم يتمكن العدوّ الأمريكي والإسرائيلي من وقفها عن مسارها الجديد الذي فرضه الشعب اليمني.
-ما تفاصيل التحركات الأوروبية الأمريكية في المناطق المحتلة؟
المساعي، والتحركات الغربية الأجنبية، والخطط والمؤامرات، التي تدار وتناقش من خلف الكواليس وعلى الطاولات لا شك أنها قد انكشفت وتعرت أمام رجال الله و القيادة الثورية والسياسية الحكيمة والمخلصة والتي أصبحت اليوم -بفضل الله- هي من تضع الخطط وهي من تدير اللعبة، على عكس ما يتوقعه العدوّ؛ فبعد أن وجد الأعداء أنفسهم عاجزين أمام بسالة وعنفوان الشعب اليمني المساند للمقاومة في غزة عملوا على محاولة لملمة وترتيب صفوف مليشياتهم الإجرامية على خطوط التماس، وحشدوا الآليات والأسلحة المختلفة والمتنوعة من الأمريكية والإسرائيلية والبريطانية وقاموا باستدعاء قادة المرتزِقة ووضعهم أمام الصورة الجديدة والمهمة التي كلفوا بها؛ من أجل حماية إسرائيل والدفاع عنها، حتى أنهم جاءوا بالمرتزق طارق عفاش وجالوا به مختلف العواصم المطبعة وتنقل بين عدد من القواعد الأمريكية والتقى بقادة وجنرالات أمريكيين وإسرائيليين؛ من أجل توجيه المرتزِقة وتحريكهم ضد قوات الجيش اليمني الذين يخوضون معارك ضارية وبطولات عظيمة ضد كيان العدوّ سواء في البحر أو الجو أو من خلال أدواتهم الرخيصة المتواجدة على الأرض.
-أشرت إلى وصول عدد كبير من القوات الأمريكية والأجنبية للمحافظات المحتلة “مؤخرًا” بالتزامن مع تلك التحركات والهدف تفجير الوضع العسكري.. ما حجم هذه القوات؟
التواجد الأجنبي في اليمن حاضر وبقوة منذ العام 2015 ومنذ سيطرة الاحتلال السعوديّ الأمريكي على المحافظات الجنوبية اليمنية، وتعزز ذلك التواجد بفعل الارتباطات والمصالح التي منحت للدول الأجنبية مقابل مشاركتها في العدوان على اليمن، وكانت تلك المنح والمزايا التي يقدمها المرتزِقة للدول الأجنبية في اليمن هي الضوء الأخضر الذي مكن العدوّ الأمريكي والبريطاني والفرنسي والإسرائيلي وغيرهم من القوات الأجنبية والغربية من التمادي والتوسع في أنشطة أعمالها العدائية والعدوانية ضد اليمن، ومما لا شك فيه أن هذه القوات قد تضاعفت قوتها وتزايدت أعدادها بفعل المجريات الجديدة في المعركة التي تخوضها اليمن مع المجاهدين في غزة ضد الاحتلال الصهيوني الأمريكي والأطماع الغربية في المنطقة.
لاحظنا مؤخراً النشاط الأمريكي والاسرائيلي المريب في المحافظات المحتلة وحجم التحشيدات العسكرية والاستخباراتية واللوجستية ناهيك عن مستوى الدعايات والحملات الإعلامية الرخيصة التي لم تتوقف ضد اليمن والشعب اليمني منذ اللحظات الأولى لمعركة الإسناد اليمني للإخوة المجاهدين في غزة.
-برأيكم.. ما حاجة أمريكا للتواجد بهذه الأعداد في اليمن إذا كان المخطط يعتمد على توجيه المرتزِقة لأية معركة قادمة لحسابها وحساب المشروع الصهيوني الشرق أوسطي؟
المعركة اليوم لم تعد تدار خلف الستار، أو من تحت الطاولة.. معركة غزة وبطولات المجاهدين التي يجترحها الأبطال كلّ يوم والتضحيات العظيمة التي يقدمها الشعب الفلسطيني واللبناني في سبيل الدفاع عن شرف الأمّة ومقدساتها عرت وفضحت وكشفت كلّ تلك المؤامرات والخطط، أصبحت المعركة اليوم مواجهة مباشرة مع العدوّ الأمريكي الإسرائيلي، ولم يعد أولئك سوى أدوات أو كلاب استكشافية يطلقها العدوّ أمامه لتمهد له الطريق، وليكونوا كبش فداء تحركاته التي تتمركز في كلّ من المخاء والمهرة وحضرموت وسقطرى وغيرها من المحافظات المحتلة، والتي باتت اليوم معسكرات تحتضن تلك القوات الأمريكية والإسرائيلية التي تطمح لتحقيق أهدافها وغاياتها الدنيئة على حساب الشعب اليمني وثرواته وحقوقه المشروعة.
-برأيكم.. ما حظوظ هذ التحركات، في هذا الوقت الذي باتت فيه صنعاء بقوتها تواجه أسياد أولئك المرتزِقة، وتتوعدهم بالزوال؟
كلّ تلك المساعي والتحركات المرصودة قد حُكِمَ عليها بالفشل إلى ما لا نهاية؛ لأنها استخدمت، وجربت بالمستوى المهين الذي لا يمكن لها أن تستعيد قوتها، بالإضافة إلى غياب المشروع والرؤية والهدف، ومع تجاذب المصالح والأطماع والمؤامرات ضد اليمن من قبل قوى العدوّ الصهيوني جعل من أولئك المرتزِقة أعداء لأنفسهم ودينهم قبل أن يكونوا أعداء لأنفسهم؛ ولذا فأي تحرك لهم اليوم هو يأتي في إطار ما يخطط له العدوّ من تحركات لردع الموقف اليمني المساند لغزة، وسيواجه بضربات قاصمة، وتصدٍ كبير بفضل الله، وبفضل العزيمة والإيمان الذي يتحلى به الشعب اليمني من الشمال إلى الجنوب، ومن الشرق إلى الغرب، ووعيه وإدراكه بحجم هذا العدوّ، وخطورة مشروعة الإجرامية ضد الأمّة.
-ألا يظهر تصادم مشاريع الانتقالي، المحرمي، الإخوان، وجماعة عفاش، كعامل انتكاس واقعي لمليشيا أمريكا، إسرائيل، السعودية، الإمارات، والأوروبيين؟
هذا من جانب، وهو غياب الرؤية والهدف وتجاذب المصالح والأطماع والولاءات، بالإضافة إلى ذلك وهو الأهم الزخم الشعبي اليمني المتعاظم مع القضية الفلسطينية، والدعم اليمني المساند سواء على المستوى الشعبي، أو العسكري، أو السياسي ضد كيان العدوّ الصهيوني ومؤامراته.. أضف إلى ذلك مستوى وحجم الاستعدادات الكبيرة، ومستوى التطوير الكبير في السلاح، والإمكانيات التي باتت اليمن تمتلكها مؤخراً، كلّ تلك المعطيات ستسهم -بفضل الله- في ردع ذلك العدوّ قبل أن يفكر بالتحرك في إطار المشروع الأمريكي الإسرائيلي الغربي الذي يحاك ضد اليمن، وسيدفن تحت رمال هذه التربة الطاهرة التي لا تقبل العمالة والخنوع والارتهان لأعداء الأمّة ومجرميها.
-كيف ينظر أبناء المحافظات الجنوبية اليمنية للتحركات الأمريكية وتحركات المرتزِقة في ظل الظروف المعيشية الصعبة التي يواجهها أبناء الجنوب؟
الشارع اليمني اليوم متأزم أكثر من أي وقت مضى بفعل المعاناة والأزمة التي يعيشها المواطنون في المحافظات المحتلة؛ نتيجة تراكم الأزمات الاقتصادية والانهيار الكارثي للريال اليمني، والتي انعكست على أوضاع المعيشة للمواطنين، وتسببت في ارتفاع أسعار السلع الغذائية الأساسية مع انقطاع المرتبات عن الموظفين منذ أكتوبر الماضي، وكلّ هذه العوامل والأسباب تنذر بانفجار وشيك للوضع بعد أن وصلت المعاناة إلى مرحلة لا تطاق، وبات المواطن اليمني يحلم بتوفير قوت يومه الأساسي كالخبز والماء.
-ولكن ما تأثير هذا على المرتزِقة وأدوات تحالف العدوان؟
لا شك، أنه وبعد هذا الوقت أصبح المواطن اليمني في المحافظات الجنوبية المحتلة جلَّ تركيزه واهتمامه موجه صوب قوات الاحتلال السعوديّ والإماراتي والأمريكي، ولم تعد تلك الأدوات في نظرهم سوى جماعات مرتزقة رخيصة باعت الأرض والعرض والشرف مقابل المال المدنس، ولذا فإن الأصوات والاحتجاجات التي نسمعها، ونشاهدها اليوم كلها مطالبة برحيل الاحتلال والتحالف من اليمن، وما يدركه الشعب اليمني أكثر من أي وقت مضى بأن رحيل المحتل هو المطلب الأساسي، وبرحيله لن يكون لأولئك المرتزِقة الرخاص الذين تسببوا بكل هذه المعاناة والأوضاع والقتل والترهيب والإجرام ضد الشعب اليمني أية قيمة أو أثر.
-مسؤول في المهرة يلوح بالتصعيد الشعبي ضد التحالف وحكومة المرتزِقة ويتحدث عن توجه المحافظة نحو تنفيذ خيارات مفتوحة تتجاوز توقعات التحالف…برأيكم ماذا يمكن أن تكون تلك الخيارات؟
لا شك أن هذه الأصوات والمواقف وإن كانت متأخرة إلا أنها تعكس الرغبة اليمنية في استعادة ما نهب وسلب واستبيح من قبل المحتل السعوديّ الإماراتي، وهي رسالة واضحة بأن المحتل محكوم عليه بالزوال سواء أكان ذلك اليوم أو غداً من خلال أعدائه، أو من خلال من تحالف معه بداية الأمر.
وكم نتمنى أن نسمع مثل هذه الأصوات والمواقف التي تكفر عن خطيئتها، وتعمل على تصحيح ما ارتكبته من أخطاء ومظلومية بحق الشعب اليمني، وتعمل على تصحيح ذلك الاعوجاج الذي تسبب في قتل وتشريد وتجويع ملايين اليمنيين ونهب الثروات وتدمير المقدرات الوطنية لأجل مصالح العدوّ، وتسهيل مشاريعها التدميرية على حساب الشعب اليمني وحقوقه المشروعة.
-هل هي مطالبات الحكم الذاتي أم مخططات تقسيم؟
لا أعتقدها مخططات حكم ذاتي بقدر ما هي خطط وضعت وأعدت في إطار مواجهة المخططات الرامية إلى جرها اليوم نحو التشرذم والانقسام، وحتى تظل اليمن ضعيفة منهزمة منكسرة أمام هذه الزخم والغزو الأجنبي والغربي في اليمن بما يمهد لكل قوة أو طرف أن تسيطر على منطقة، ويرجع اليوم إلى حكم السلطنات والمشيخات تحت إدارة وسيطرة المحتل الأجنبي الذي سيكون هو الوالي على تلك المنطقة.
-السعودية والإمارات تسعيان لتأزيم وضع المحافظات المحتلة أكثر فأكثر، حيثُ الصراع بينهما كبير.. وكلّ يوم يمر يمثل صورة أسوأ في حياة الناس هناك؟ كيف تقرأون هذا الصنيع من وكلاء الاستعمار من أعراب الجزيرة؟
مستوى الصراع بين السعودية والإمارات وصل إلى مستويات ومراحل متأزمة، وهو بلا شك قد ألقى بظلاله على مجريات الأوضاع المعيشية والاقتصادية التي تعيشها المحافظات المحتلة اليوم، فبعد أن اتضحت حقيقة كلّ طرف تجاه الآخر، وتعرت وانكشفت تلك المخططات الاحتلالية والمصالح والأطماع أمام الشعب اليمني، وباتت حقيقة تلك المؤامرات، حيثُ تأزم الوضع أكثر وخاف كلّ طرف من خسارة ما لديه أو تراجعه عما بدأ به، وهو ما تسبب اليوم بخلق واقع متأزم من الصراع اللامتناهي بين السعودية والإمارات وسعي كلّ طرف تثبيت نفسه على حساب الآخر، ولا شك أن هذه المهزلة ستنتهي قريباً ويجتث اليمنيون المحتل وأدواته الرخيصة إلى مزبلة التاريخ بعد أن يلقنهم دروساً قاسية في الرجولة والعزة والكرامة.
-ما مستوى إدراك رجل الشارع، والمواطن البسيط في المناطق المحتلة لدور المرتزِقة في تنفيذ أجندة المحتل؟
المواطن اليوم حائر بين الركض وراء لقمة عيشه، والنظر إلى ما يدور حوله من مؤامرات؛ ففي الوقت الذي يفترض فيه أن يتم توفير أو تحسين مستوى الخدمات المعيشية للمواطنين أصبح المواطن اليوم يسخر من مرتزِقة التحالف، ومن مستوى الوضاعة التي وصلوا إليها مع أسيادهم.. لقد فقد المواطن اليمني الثقة بالمحتل ومرتزِقته وبات اليوم يحشد للتصدي لمشاريع المحتل التقسيمية وطرده، والخلاص منه ومن أدواته الرخيصة.
-قبل أيام جرى الحديث عن حكم ذاتي لسقطرى؟ كيف تعلق على هذا؟
صراع النفوذ بين قطبي الاحتلال في المحافظات المحتلة ألقى بظلاله على مجريات الأحداث في تلك المناطق والأطراف الموالين لهم، فالإمارات التي باتت تشعر بالخطر من التمدد السعوديّ في حضرموت والمهرة وعدن ولحج وجدت نفسها أمام خيار استئصال سقطرى من المحيط اليمني وسلبها الهوية اليمنية، ناهيك عن الأهمية الجغرافية للجزيرة التي تتمتع بموقع استراتيجي هام، جعلها محل أطماع، وأنظار قوى الاستعمار ممثلة بأمريكا وإسرائيل، وما نراه اليوم من استحداثات عسكرية، وعمليات سلخ الهوية اليمنية جزء من ذلك المخطط.
-السعودية دفعت مؤخراً بتعزيزات عسكرية “ضخمة” باتجاه عدن ليست المرة الأولى.. ما الهدف من هذه التعزيزات؟
لا شك، أن ما يدور خلف الكواليس من تحركات مريبة ومشبوهة تعكس الوجه الحقيقي للسعودية الذي يعتمد على الخداع والغدر وهو ليس بخفي على أبطال الجيش اليمني، والأجهزة الاستخباراتية في صنعاء، وقد بات واضحاً وجلياً للجميع حقيقة الدور الخبيث الذي تقوده السعودية في هذا التحالف الغربي على اليمن، وكيف أنها جعلت من نفسها مطية لتلك المؤامرات على اليمن، والتي بلا شك ستكون وبالاً عليها، وجحيماً على أمنها واستقرارها الذي بات رهن إشارة الأبطال، وستجني ثمار ما تحصد من غدر، وعدوان هي وكلّ المتآمرين على اليمن.
-في المقابل السعودية تتحدث عن اتصالات مع صنعاء لتنفيذ ما تم التوافق عليه من قبل.. كيف تقرأون هذا التحرك السعودي بالتزامن مع تصعيد أمريكي إسرائيلي في اليمن؟
السعودية بسياستها الحالية تكيل بمكيالين، الأول تراوغ في الشق السياسي، وتعمل على جعل نفسها وسيطة في الملف اليمني، وكأنها ليست الطرف المعتدي على اليمن، والآخر تحيك المؤامرات، وتحضر مع الأعداء في إدارة العدوان على اليمن، وهي بهذا السلوك تؤكد حقيقة ما عرفها اليمنيون عليه خلال الأزمنة الماضية، كحاضنة رئيسية للعداوة والمؤامرة على اليمن، وهذا ما يجب أن تخاف منه السعودية، والتي وضعت نفسها في موقف لا مفر منه أمام غضب وبطش الشعب اليمني الذي يقوم بواجباته الإنسانية والأخلاقية تجاه أمته ومقدساته، ولن يتهاون ويتساهل أمام أي طرف كان قد يتسبب بالأذى والضرر للشعب اليمني والأمّة.
-هناك كثير من الأصوات التي تدعو إلى مواجهة التجنيد للجماعات “التكفيرية”، فتكرار حضور هذه الجماعات في مناطق الصراعات في المنطقة يشير دائماً إلى ما يصاحبها من فوضى.. ما مستوى التخوف من حضور هذه الجماعات؟
هناك تخوف من تبعات هذا التمدد الوهابي الذي يعتمد على القتل والتكفير وتشويه الدين الإسلامي الحنيف، والأمر لا يقتصر على الفتاوى والخطب، بل امتد ليشمل وجود معسكرات تجنيد وقوات عسكرية باسم الدين تعمل على نشر تلك الأفكار المتطرفة والارهابية بهدف زعزعة الاستقرار، ونشر الفوضى والارهاب بين المواطنين في مخطط يعكس الأهداف الخفية للتمدد السعوديّ الخفي تحت غطاء الدين الذي بات يتوسع بكثرة في الآونة الأخيرة في المحافظات المحتلة.
حضورها يهدف إلى إغراق المحافظات المحتلة في وحل الإرهاب ومستنقع الفوضى كما يجري الآن في بعض مناطق شبوة وأبين، حيثُ تتمركز الجماعات الإرهابية المتطرفة، وتسيطر على بعض المناطق، بشكل كلي، وأيضاً بما يتوفر لها من إمكانيات ضخمة لمساعدتها في السيطرة على الأوضاع، وهو ما يجري له التخطيط حالياً ليشمل باقي المحافظات، من خلال نشر وإنشاء مراكز دينية متطرفة تعمل على دعم هذه الأفكار ونشرها ليخدم مصالح العدوّ ويمكنه من مواصلة احتلاله تحت غطاء مكافحة الإرهاب الذي أسسه وأوجده بنفسه.
-أخيرًا.. كيف تنظرون إلى مستقبل اليمن في ظل الأحداث والتطورات الجارية محليًّا وإقليميًّا ودوليًّا؟
لا شك، أن الموقف اليمني المساند والقوي تجاه القضية الفلسطينية قد أربك الأعداء وفضح مخططاتهم وعرى حقيقتهم المظلمة تجاه الأمّة والشعب، وما جرى، ويجرى من مؤامرات وتحركات ضد اليمن ليست إلا محاولات لوقف هذا الإسناد المتعاظم، ومساعٍ لإفشال العمليات البطولية التي تقوم بها المقاومة ضد كيان العدوّ في كلّ من غزة والبحر الأحمر ولبنان، وقد أثبتت الأيام أن هذه الحرب لن تتوقف، وأن جبهة الإسناد لن تتراجع ما لم يكن هناك وقف كلي للحرب على غزة، وتراجع الكيان الصهيوني في المضي نحو مشروعه التقسيمي للأمة، وأن الشعب اليمني وقيادته الحكيمة والربانية ماضون نحو تحقيق الأهداف المنشودة لهذه الأمّة في ردع العدوّ، وقض مضاجعهم، ولن تكون هناك أية قوة، أو تحالف، أو عدوّ يستطيع من وقف هذا المد الجارف من الغضب الشعبي اليمني تجاه ما يجري، ويحصل لإخواننا في غزة وفلسطين مهما كلفنا ذلك من ثمن.
وفيما يتعلق بالمرتزقة والعملاء نقول لهم إن الشعب اليمني قد عرف حقيقتكم، وبانت مؤامراتكم وعمالتكم للعدو الصهيوني الأمريكي، ولن تكونوا بمنأى عن ضرباته وعملياته البطولية التي ستنال منكم، حيثُ كنتم، ولا شك أنكم الآن تدركون حقيقة الوضع الذي أوقعكم العدوّ فيه، فلا أرض تقبلكم، ولا سماء تحميكم، ولا سلاح يدفع عنكم بأس وغضب الشعب اليمني المقاوم.
المسيرة – حاوره إبراهيم العنسي